St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   20-Resalet-Ya3koub
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

يعقوب 5 - تفسير رسالة يعقوب

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة يعقوب الرسول:
تفسير رسالة يعقوب: مقدمة رسالة يعقوب | يعقوب 1 | يعقوب 2 | يعقوب 3 | يعقوب 4 | يعقوب 5

نص رسالة يعقوب: يعقوب 1 | يعقوب 2 | يعقوب 3 | يعقوب 4 | يعقوب 5 | يعقوب كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الآيات 1-3:- هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، ابْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ الْقَادِمَةِ. غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ، وَثِيَابُكُمْ قَدْ أَكَلَهَا الْعُثُّ. ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ، وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ! قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ.

يكتب يعقوب للأغنياء الذين ظلموا الفقراء والمزارعين الذين يعملون في مزارعهم، وكلامه هنا يحمل معنى الإنذار بالويل أكثر من دعوة للتوبة، وذلك لأنهم نسوا تدبير حياتهم الأبدية وظنوا أنهم سيستمتعون بثرواتهم إلى الأبد، هذه التي جمعوها من ظلم الفقراء، فإن الله سيدين الذي أخفى وزنته فكم بالأولى الذي جمع ثروته من ظلم أخوته الفقراء، وكان الرسول يتكلم كما لو كان قد رأى ما حدث على يد تيطس الروماني بعد سنوات من كتابة الرسالة. فلقد أخرب تيطس أورشليم وسلب كل شيء. بل قبل أيام الحصار قامت ثورة يهودية ضد قيصر، وهذه الثورة كانت سببًا في حصار تيطس لأورشليم. وقرر الثوار في أورشليم مصادرة كل أموال وكنوز الأغنياء لاستعمالها في الحرب، واعتبروا أن إخفاء الأموال والكنوز جريمة لا تغتفر. وكانوا يذبحون الأغنياء ليستولوا على أموالهم متعللين بتهم باطلة. فكل من اكتنز أموالًا ذهبت كلها للثوار بل ذبحوه بسببها. ثم ذهب كل هذا للرومان بعد أن سقطت أورشليم. أليس من الغباء أن يظلم إنسان أخيه ليجمع ثروة يأخذها الآخرين.

وهذا الكلام موجه أيضًا لكل من يجمع أموالًا واضعًا في قلبه أن يعتمد على هذا المال لضمان المستقبل، ولضمان سعادته ناسيًا حياته الأبدية. لذلك قال السيد المسيح عن المتكلين على أموالهم أن دخولهم للسماء أصعب من دخول جمل من ثقب إبرة (مر 10: 17-25).

St-Takla.org Image: Unjust rich man, and oppressed poor people: "Come now, you rich, weep and howl for your miseries that are coming upon you! Your riches are corrupted, and your garments are moth-eaten. Your gold and silver are corroded, and their corrosion will be a witness against you and will eat your flesh like fire. You have heaped up treasure in the last days. Indeed the wages of the laborers who mowed your fields, which you kept back by fraud, cry out; and the cries of the reapers have reached the ears of the Lord of Sabaoth. You have lived on the earth in pleasure and luxury; you have fattened your hearts as in a day of slaughter. You have condemned, you have murdered the just; he does not resist you." (James 5: 1-6) - from: Christ's Object Lessons, by Ellen G. White, 1900. صورة في موقع الأنبا تكلا: غني ظالم وفقراء مظلومين: "هلم الآن أيها الأغنياء، ابكوا مولولين على شقاوتكم القادمة. غناكم قد تهرأ، وثيابكم قد أكلها العث. ذهبكم وفضتكم قد صدئا، وصدأهما يكون شهادة عليكم، ويأكل لحومكم كنار! قد كنزتم في الأيام الأخيرة. هوذا أجرة الفعلة الذين حصدوا حقولكم، المبخوسة منكم تصرخ، وصياح الحصادين قد دخل إلى أذني رب الجنود. قد ترفهتم على الأرض، وتنعمتم وربيتم قلوبكم، كما في يوم الذبح. حكمتم على البار. قتلتموه. لا يقاومكم!" (يعقوب 5: 1-6) - من كتاب دروس المسيح الموضوعية، إلين ج. وايت، 1900 م.

St-Takla.org Image: Unjust rich man, and oppressed poor people: "Come now, you rich, weep and howl for your miseries that are coming upon you! Your riches are corrupted, and your garments are moth-eaten. Your gold and silver are corroded, and their corrosion will be a witness against you and will eat your flesh like fire. You have heaped up treasure in the last days. Indeed the wages of the laborers who mowed your fields, which you kept back by fraud, cry out; and the cries of the reapers have reached the ears of the Lord of Sabaoth. You have lived on the earth in pleasure and luxury; you have fattened your hearts as in a day of slaughter. You have condemned, you have murdered the just; he does not resist you." (James 5: 1-6) - from: Christ's Object Lessons, by Ellen G. White, 1900.

صورة في موقع الأنبا تكلا: غني ظالم وفقراء مظلومين: "هلم الآن أيها الأغنياء، ابكوا مولولين على شقاوتكم القادمة. غناكم قد تهرأ، وثيابكم قد أكلها العث. ذهبكم وفضتكم قد صدئا، وصدأهما يكون شهادة عليكم، ويأكل لحومكم كنار! قد كنزتم في الأيام الأخيرة. هوذا أجرة الفعلة الذين حصدوا حقولكم، المبخوسة منكم تصرخ، وصياح الحصادين قد دخل إلى أذني رب الجنود. قد ترفهتم على الأرض، وتنعمتم وربيتم قلوبكم، كما في يوم الذبح. حكمتم على البار. قتلتموه. لا يقاومكم!" (يعقوب 5: 1-6) - من كتاب دروس المسيح الموضوعية، إلين ج. وايت، 1900 م.

شقاوتكم قادمة = كلمة قادمة لا تعني المستقبل البعيد، إنما تعني أنها على الأبواب.

غناكم قد تهرأ = كان غنى القدماء يتركز أساسًا في مخازن القمح والثياب. وكان لهم مخازن للثياب يضعون فيها روائح طيبة. ويُفهم كلام الرسول على أن هؤلاء الأغنياء فضلوا أن يأكل العث أموالهم ومقتنياتهم عن أن يتصدقوا بها للفقراء. ومما يزيد من شقاوة هؤلاء الأغنياء أنهم سيشاهدون بأعينهم فساد ثروتهم.

ذهبكم وفضتكم قد صدئا = فقدا قيمتهما وبريقهما. هذا حدث بالفعل أيام حصار أورشليم. بل قد وصل الحال أن الأمهات أكلن أولادهن إذ ليس طعام. فماذا كانت قيمة الذهب والفضة وقتئذ. كانوا بلا ثمن ولا قيمة فماذا يشترون بهم وليس طعام. حدث مثل هذا في مصر في أيامنا. فقد ألغت الحكومة المصرية عام 1952 مع بداية الثورة الأوراق النقدية فئات 100 جنيه، 50 جنيه، وحددت تاريخًا ينتهي بعده استبدال هذه الأوراق. فمن ذهب بعد هذا التاريخ وهو يمتلك ثروة من الأوراق فئة الـ100 جنيه كان كأنه يمتلك ورقًا ملونًا بلا قيمة. وفي أيامنا هذه انخفضت في يوم واحد قيمة الجنيه إلى النصف فكان كل مَنْ كان له نقود في البنوك، كأنه قد خسر نصفها. لقد صدئا.

هل يمكن أن يعلق أي عاقل أماله على مثل هذه الأشياء، وليس على الله الذي يعول الجميع. صدأهما يكون شهادة عليكم ويأكل لحومكم كنار = هذه الأموال التي جمعتموها وقد صارت بلا فائدة ستكون شاهدة على كل ما ارتكبتموه من أخطاء، فالله سيسأل لماذا لم تتصرفوا في أموالكم بطريقة صحيحة.

يأكل لحومكم كنار = من آلامكم على فقدانكم كل ممتلكاتكم ومن غيظكم ستكونون كمن يحترق لحمه بالنار. وأبديًا سيتعذب الجسد مع النفس. عمومًا محب المال لا يستريح هنا ولو إقتنى العالم، ولن يستريح في الأبدية، إذ لن يعاين الله.

قد كنزتم في الأيام الأخيرة = بينما كان عليكم أن تستعدوا للرحيل.

 

أية 4: - هُوَذَا أُجْرَةُ الْفَعَلَةِ الَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ الْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ الْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ إِلَى أُذْنَيْ رَبِّ الْجُنُودِ.

أربع فئات يصعد صراخهم لله:-

1. المقتول عمدًا (تك 4: 10).

2. صراخ المسكين (خر 2: 23).

3. صراخ الخطية (تك 18: 20).

4. صراخ الأجير المظلوم (هذه الآية).

ونلاحظ أن حب الاقتناء يفقد الإنسان رحمته بأخيه بل يدفعه لظلم الأجير. وموضوع أجرة الأجير منصوص عليه في (لا 19: 13).

 

أية 5: - قَدْ تَرَفَّهْتُمْ عَلَى الأَرْضِ وَتَنَعَّمْتُمْ وَرَبَّيْتُمْ قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي يَوْمِ الذَّبْحِ.

لقد خلق الله العالم لنستخدمه لا لكي نلهو فيه وبه عن الخالق. وحياة الانغماس في الترف تحرم الإنسان من ضبط نفسه. وبالتنعم يتربى القلب لكي يُذبح يوم الدينونة. وهؤلاء بالذات من عاشوا في جشع (هو 13: 6) + (مت 6: 25) + (1 تى 5: 6) + (لو 21: 34). إن من لم يستمع لصوت المظلوم هنا لن يسمعه الله ولن يسمع صرخاته يوم الدينونة. ومعنى الآية أنه كما أن الحيوان يُسَمَّن لأجل الذبح، إذ يُعِدّونه للذبح، هكذا أنتم وقد إتُخِمْتُم من كثرة ما قدمتموه لملذاتكم وشهواتكم تعدون أنفسكم لحكم الدينونة.

يوم الذبح =

1. نهاية تخمة الحيوان الذبح هكذا أيضًا تخمة الأغنياء وترفههم وهذا ما حدث حين ذبحوا أغنياء أورشليم، وهذا تكرر في كثير من الثورات الدموية كما حدث في روسيا وفي فرنسا.

2. هو إشارة ليوم الدينونة فالمظلوم يصعد صراخه إلى الله.

 

ما هو الخطأ في موضوع المال؟

1. أن يتكل الإنسان على أمواله فبهذا صارت له إلهًا (مر 10: 17-25). وبسبب هذا يحدث الصراع. أي أن يظن أحد أن الأموال الكثيرة فيها ضمان للمستقبل.

2. الظلم، أي يصرخ إنسان لله لأنه لم يحصل على حقه، والإنسان وكيل على ما بين يديه من أموال وسوف يسأله الله كيف تصرف فيها.

 

أية 6:- حَكَمْتُمْ عَلَى الْبَارِّ. قَتَلْتُمُوهُ. لاَ يُقَاوِمُكُمْ!

هذه الآية جعلت بعض المفسرين يرون أن أقوال الرسول في (يع 5: 1-6) موجهة لأغنياء اليهود الذين قتلوا المسيح البار (أع 7: 52)، وقتلوا المؤمنين من المسيحيين مثل إسطفانوس ويعقوب بن زبدى. وربما كانت هذه الآية نبوة عنه هو شخصيًا، إذ كان اسمه البار. وكان الشهداء لا يقاومون. بل أن اليهود جرّوا إلى المحاكم المساكين الأبرياء وحكموا عليهم بالموت ظلمًا. وحدث هذا بعد ذلك مرارًا عبر التاريخ، مثلًا أثناء اضطهاد الرومان. وقيل عن المسيح أنه "ظُلَمِ، أما هو فتذلل ولم يفتح فاه، كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه" (إش 53: 7) وعدم فتح الفم إشارة لأنه لم يقاوم أبدًا.

 

St-Takla.org Image: A vast field with crops: "Therefore be patient, brethren, until the coming of the Lord. See how the farmer waits for the precious fruit of the earth, waiting patiently for it until it receives the early and latter rain. You also be patient. Establish your hearts, for the coming of the Lord is at hand." (James 5: 7-8) - from: Christ's Object Lessons, by Ellen G. White, 1900. صورة في موقع الأنبا تكلا: حقل مثمر: "فتأنوا أيها الإخوة إلى مجيء الرب. هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين، متأنيا عليه حتى ينال المطر المبكر والمتأخر. فتأنوا أنتم وثبتوا قلوبكم، لأن مجيء الرب قد اقترب" (يعقوب 5: 7-8) - من كتاب دروس المسيح الموضوعية، إلين ج. وايت، 1900 م.

St-Takla.org Image: A vast field with crops: "Therefore be patient, brethren, until the coming of the Lord. See how the farmer waits for the precious fruit of the earth, waiting patiently for it until it receives the early and latter rain. You also be patient. Establish your hearts, for the coming of the Lord is at hand." (James 5: 7-8) - from: Christ's Object Lessons, by Ellen G. White, 1900.

صورة في موقع الأنبا تكلا: حقل مثمر: "فتأنوا أيها الإخوة إلى مجيء الرب. هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين، متأنيا عليه حتى ينال المطر المبكر والمتأخر. فتأنوا أنتم وثبتوا قلوبكم، لأن مجيء الرب قد اقترب" (يعقوب 5: 7-8) - من كتاب دروس المسيح الموضوعية، إلين ج. وايت، 1900 م.

الآيات 7، 8:- فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا الإِخْوَةُ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ. هُوَذَا الْفَلاَّحُ يَنْتَظِرُ ثَمَرَ الأَرْضِ الثَّمِينَ مُتَأَنِّيًا عَلَيْهِ حَتَّى يَنَالَ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ. فَتَأَنَّوْا أَنْتُمْ وَثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ، لأَنَّ مَجِيءَ الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَ.

هو يكلم هنا المضطهَدين من المسيحيين والمظلومين الذين يعانون من اليهود والوثنيين ويقول لهم أن عليهم أن يثبتوا بصبر واضعين أمام أعينهم أن الرب سيأتي ليجازي كل واحد بحسب عمله. فالثابت في الإيمان سينال أكاليل في ذلك اليوم.

الأكاليل تناظر الحصاد الذي هو ثَمَرَ الأَرْضِ الثَّمِينَ وهذا ينتظره الفلاح بصبر ولكن بفرح. وهذه الأكاليل سيحصلون عليها عند مجيء الرب للدينونة. ولكن حتى يوم مجيء الرب عليهم أن يصلوا ويطلبوا تعزيات الروح القدس المطر المبكر والمتأخر فالله لن يتركهم للإضطهادات بدون تعزيات.

أما الظالمين سيسمعون قول الرب "لي النقمة أنا أجازي يقول الرب" هذا الظالم يخسر على الأرض تعزيته ويخسر المجد في السماء. ومجيء الرب يبعث في المؤمنين طول الأناة والاحتمال، وهكذا إذ يتطلع المؤمن إلى يوم الرب يشتهيه عاملًا ومثابرًا بنعمة الرب كالفلاح الذي يترجى يوم الحصاد.

المطر المبكر = يأتي في بداية شهر نوفمبر بعد الزرع مباشرة. وهذا يساعد على تفتيح البذرة. والمطر المتأخر= يأتي قرب نهاية أبريل والسنابل على وشك الامتلاء وذلك يساعد على نضج المحصول. والمطر في فلسطين يأتي في ميعاده تمامًا. إذًا الإشارة إلى المطر المبكر والمتأخر هو قول زراعي يشير لفرحة الفلاح بالمطر حتى يكون هناك محصول في نهاية الموسم.

وروحيًا فالأمطار والأنهار والينابيع تشير للروح القدس الذي يعطينا التعزيات خلال رحلة حياتنا، في مقابل البحار التي تشير لملذات العالم بمياهها المالحة التي لا تروي. أما المياه الحلوة فهي تروي وتفرح وتشير لأفراح مؤكدة في نهاية الموسم الزراعي بالمحصول الوفير.

الله يقول عن نفسه أنه ينبوع المياه الحية (أر2: 13).

الروح القدس يقول عنه السيد المسيح أنه أنهار (يو7: 37 – 39).

الروح القدس مشبه بماء وسيول (أمطار) يسكبه الله (أش 44: 3، 4).

ولاحظ أن الفلاح في صبره إذ يراقب حقله كل يوم، يرسل له الله المطر ليساعد على نمو الزرع وهذا يملأ قلبه فرحًا. ليس هذا فقط بل إن المطر يضمن محصولًا أكيدًا وفيرًا في نهاية الموسم. والرسول يعني بالتشبيه أن عليهم أن يصبروا على إضطهاد اليهود لهم، والله سيرسل لهم تعزيات. وهذا عمل الروح القدس الذي يعطي التعزية خلال رحلة آلام هذه الحياة ويقودنا في رحلة الحياة ونفرح بثمار الروح فينا ويضمن لنا أبدية سعيدة. ويلهب أشواقنا خلال رحلة حياتنا لهذا اليوم. الروح القدس هو الذي يجعلنا نجاهد محتملين الآلام بفرح في انتظار هذا اليوم. محتملين الضيق بقلب ثابت (مز 126: 5).

المطر المبكر = يشير لعمل الروح القدس في المعمودية، التي هي موت وحياة مع المسيح، وهي اتحاد بالمسيح، فتزرع فينا حياته (رو6) = تفتيح البذرة.

المطر المتأخر = يشير لمعونة الروح القدس أي عمل النعمة التي تعطي قوة لكي نستمر في حالة موت عن خطايا العالم وننمو روحيًا = نمو النبات.

هذا التشبيه يُعطي معنى أننا الأرض فنحن مأخوذين من تراب الأرض، والبذرة هي حياة المسيح التي زُرِعَت فينا بالمعمودية، والروح القدس مشبه بالمطر الذي يُروي الأرض فتنمو حياة المسيح فينا، حتى نأخذ صورة المسيح (غل4: 19). وما يُساعد على نمو البذرة كما رأينا بعض التجارب، وهذه تشبه بالشمس الحارقة، وتعزيات الروح القدس هي كندى مرطب على الزرع فلا يحترق (إش18: 4).

ويقول البابا أثناسيوس الرسولي أن طريق الملكوت ضيق وكرب، فهو = تقديم أجسادنا ذبائح حية، وصلب الجسد مع الأهواء والشهوات. ولكن من دخل من هذا الطريق أي الباب الضيق يرى اتساعًا بلا قياس وعذوبة وعزاء، وهذا هو عمل الروح القدس.

 

أية 9:- لاَ يَئِنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَيُّهَا الإِخْوَةُ لِئَلاَّ تُدَانُوا. هُوَذَا الدَّيَّانُ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ.

كثرة الضيقات الخارجية والاضطهاد قد تجعل الإخوة في حالة تذمر، لذلك ينصحهم الرسول أن يترابطوا بالمحبة. لا يئن بعضكم على بعض = أي لا تتذمروا وتضجوا أحدكم على الآخر بل ليكن فيكم الصبر. لا تدينوا بعضكم البعض ولا تطلبوا الانتقام من بعضكم فيوم الرب قد اقترب، وهو الديان وحده، ومن يدين إخوته سيتعرض هو نفسه للدينونة. فهذا ليس وقت ندين بعضنا البعض بل وقت نبحث فيه عن إخوتنا الساقطين في الخطية ونصلي لأجلهم. وقوله واقف قدام الباب = أي الأيام اقتربت للمجيء الثاني للمسيح.

 

أية 10:- خُذُوا يَا إِخْوَتِي مِثَالًا لاِحْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ وَالأَنَاةِ: الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِاسْمِ الرَّبِّ.

لقد حدثتكم يا إخوتي عن وجوب الصبر والاحتمال للآلام، ويجب عليكم أن تعلموا أن هذه هي سمات المؤمنين دائمًا. فكل الأنبياء السابقين احتملوا الآلام بصبر لأنهم تكلموا باسم الرب... إرميا وإيليا وإشعياء... بل المسيح نفسه.

 

آية 11:- هَا نَحْنُ نُطَّوِبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ. لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ.

الصابرين = الذين احتملوا الآلام بصبر. ومن مثال أيوب نرى أنه احتمل التجربة بصبر، فهو افتقر أكثر من الشحاذين إذ صار عريانًا ونلاحظ أنه كان قد اعتاد حياة الغنى، واحتمل أمراضًا رهيبة حتى صارت رائحته كريهة. واحتمل موت أولاده في شبابهم في كارثة طبيعية، واحتمل سخرية البشر، وحتى أصدقاءه هربوا منه، بل من جاءوا يعزونه كانوا متعبون، بل إن زوجته لم ترحمه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومع كل هذا احتمل فنال الضِعْفْ. وهكذا لأي منا، فمن يحتمل الألم الآن تزداد تعزيته، ومجده في السماء (2 كو 1: 5) + (2 كو 4: 17) + (رو 8: 17).

 

أية 12:- وَلَكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ يَا إِخْوَتِي لاَ تَحْلِفُوا لاَ بِالسَّمَاءِ وَلاَ بِالأَرْضِ وَلاَ بِقَسَمٍ آخَرَ. بَلْ لِتَكُنْ نَعَمْكُمْ نَعَمْ وَلاَكُمْ لاَ، لِئَلاَّ تَقَعُوا تَحْتَ دَيْنُونَةٍ.

هذا التعليم هو تعليم الرب نفسه (مت 5: 33-37). ولماذا لا نقسم؟

1. من اعتاد على القسم يصير لا يميز بين القسم الحق والقسم الباطل

2. المهم استخدام اسم الله بكل توقير واحترام، فنحن لسنا أقل توقيرًا له من اليهود إذ كان الكتبة الذين ينسخون الكتاب المقدس يستحمون قبل كل مرة يكتبون فيها اسم الله، وكانوا يخافون من استعمال اسم الله.

3. القسم معناه إشهاد الله على عمل معين أو تعهد معين أو أنك تقول الصدق. وإذ كل الخليقة من أعلى السماء إلى أسفل الأرض، من عرش الله إلى الشعرة التي في رأس الإنسان جميعها تحكمها العناية الإلهية، لذلك فمن يقسم بالسماء أو الأرض أو بأي شيء فهو يرتبط بالقسم أمام الله. ومن منا يستطيع أن يرتبط بشيء، أو من منا متأكد من شيء. فقد أقسم بأن أفعل شيئًا وأموت قبل أن أفعله. بل إن الشيطان يستغل القسم خصوصًا أثناء الغضب، فنقسم على أشياء قد تكون خاطئة مثل الانتقام من أحد. أو كما حدث مع هيرودس إذ أقسم وهو غارق في لذته وسكره فأصبح ملتزمًا، وكان لا يريد أن يفعل ما فعله ويقتل يوحنا المعمدان.

4. لا يليق أن نقسم باسم الله أو بأي قسم كما قلنا في أمور زمنية.

5. ليكن كلا منا صادقًا حتى بدون قسم لكي لا نتعرض للدينونة.

 

أية 13:- أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ.

أعلى أحد بينكم مشقات فليصل = من هو في ضيقة أمامه طريقان:-

1. يظل يفكر ويفكر في حل، وإذ لا يوجد حل يدخل في يأس وكآبة لعجزه عن الحل.

2. يشرك الله معه في التفكير بالصلاة، فيقول يا رب حل مشكلتي، هل تتركني وتتخلى عني يا رب، أنت لا تتخلى أبدًا عن أولادك.. وهكذا. وبهذه الطريقة نسمع صوت الله "أنا بجانبك يا ابني" ويكون هذا مصدر عزاء حتى لو لم تحل المشكلة ويقول القديسون "انشغل بالمسيح (في الصلاة) ينشغل المسيح بأمورك الخاصة". فبدون صلاة نبحث عن حلول بشرية لمشاكلنا فنتوه. ولكن الصلاة تدخل إلى مقادس الله وتقتدر، وتعطي عزاء وسلام إلى حين يحل الله المشكلة.

أمسرور أحد فليرتل = ماذا نفعل في أفراحنا. ما أحلى ما قيل عن عرس قانا الجليل "وكانت أم يسوع هناك. ودعي أيضًا يسوع وتلاميذه إلى العرس" (يو2: 1، 2) ولما حدثت مشكلة، كانت أم يسوع هي التي حلت المشكلة بشفاعتها. أما أفراحنا لو كانت بطريقة عالمية ويسوع ليس فيها، فإذا حدثت مشكلة فمن يحلها. يجب أن يكون الرب يسوع المسيح هو المركز الذي تتجه إليه أنظارنا في كل الظروف، أضيق أم فرح، مرض أم صحة، نجاح أم سقوط. علينا في أفراحنا أن نسبح ونشكر الله الذي أعطانا هذا السرور. والكنيسة تعلمنا التسبيح دائمًا، وغالبًا ما نستخدم المزامير التي تثير فينا روح الصلاة فتسكن الشهوات وتهدأ. لأن عدو الخير يستغل فترات الفرح لإثارة الشهوات، ولإثارة المشاكل.أما المسرور الذي يرتل يتقدس فرحه ولا يكون فرحه سرورًا عالميًا ماديًا، فلا يتدنس بلذة الخطية.

عمومًا الله يحب أن يكون شريكًا لنا في أحزاننا وفي أفراحنا، والبديل أن عدو الخير يدخل فيها فيحول أحزاننا إلى مرار وصدام مع الله، ويحول أفراحنا إلى خلاعة ومساخر. فالمؤمن المتعقل يحول آلامه وأفراحه للقاء مع الرب. والصلاة تعطي عزاء وقوة للمتألم ولكل مَنْ هو في شدة، وتعطي ثباتًا لمن هو مسرور.

 

الآيات 14، 15 :- أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ، وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ.

قسوس (مترجمة خطأ شيوخ). بحسب القاموس فالكلمة اليونانية المستخدمة هي إبريسفيتيروس وتعني شيوخ أي كبار في السن. ولكن في بداية الكنيسة، استحدثت وظائف للخدمة مثل القسيس والأسقف وكلمة كنيسة نفسها. فمن أين يأتون بكلمات لهذه الوظائف. وجدوا في الكلمات اليونانية ما هو مناسب فاستخدموا لكلمة قسيس الكلمة اليونانية ابريسفيتيروس، وللأسقف الكلمة اليونانية التي تعني "ناظر"، وللكنيسة كلمة اككليسيا وهي تعني جماعة. ومع مرور الزمن أصبحت هذه الكلمات لها معانيها التي نعرفها الآن. بل لأن القسيس وظيفته أن يصلي عن الشعب، اشتق من كلمة ابريسفيتيروس كلمة ابريسفيا وتعني شفاعة. فهل نعود بعد قرون من الزمان لنعود بكلمة ابريسفيتيروس لتصبح كبار السن.

1. ولماذا إذا كان معنى الكلمة شيوخ، نترجمها مرة شيوخ ومرة قسوس كما جاء في (أع20 : 17) السبب أنه لو كانت الكلمة تتحدث عن وظيفة أو خدمة كما في (أع20: 17) نترجمها قسوس. وإذا كانت الكلمة تتحدث عن صلاة الكاهن عن الآخرين نترجمها شيوخ مثل هذه الآية (يع5: 14 + رؤ4: 4) وهذا واضح من الفكر البروتستانتي الذي يرفض فكرة أن الكهنوت فيه شفاعة فالقسيس خادم واعظ ولا يصلي عن أحد.

2. الـ24 قسيسا (شيخًا) بحسب الترجمات البروتستانتية:- يترجمون قسيسا هنا شيخا (Elder) لأنهم يرفضون فكرة أن القسوس يصلون عن الناس. والـ24 قسيسا لهم مجامر يقدمون فيها بخورا الذي هو صلوات القديسين (رؤ5: 8). وطالما عملهم تقديم الصلوات (النقي منها) أمام الله مشفوعة بصلواتهم عن البشر، نجد أن البروتستانت يترجمون الكلمة شيوخًا. ولكن نجد أنه من غير المعقول ولا المقبول أن يكون في السماء طغمات ملائكية تشيخ وتكبر سنا فيسمونهم Elders؟! وهل خلقهم الله صغارا في السن وقد شاخوا مع الزمن؟!

3. هل يقبل البروتستانت أن نسمي كنائسهم (جماعات): فالكلمة اليونانية تعني جماعة. فلماذا يسمونها كنيسة إلا لأن المعنى تغيَّر مع الزمن. إذًا قسوس صارت من بداية الكنيسة تشير للكهنة الذين يصلون عن الشعب ويقومون بخدمة الأسرار كما في هذه الآية. وإذا فهمنا الآية بمعنى شيوخ فتصير الآية بلا هدف، فإذا كان كما يقول البروتستانت (الذين ترجموها هكذا ليلغوا الكهنوت) أن الكل كهنة، فلماذا يدعو المريض شيوخ الكنيسة، ألا يصلح أي فرد من أفراد الأسرة لكي يدهنه بالزيت. وأي زيت هذا الذي سيدهن به، هل هو زيت عادي!!

الرسول هنا يحدثنا عن سر مارسته الكنيسة وهو سر مسحة المرضى ومازالت الكنائس الرسولية تمارسه. وعلى المريض أن يدعو الكاهن (القسيس) لممارسة هذا السر.

والكاهن هنا سيمارس سرين:-

1. سر الاعتراف:- لأن الخطية أحيانًا تكون سبب المرض الجسدي أو التعب النفسي، والتوبة عنها والاعتراف بها شيء أساسي (آية 16).

2. سر مسحة المرضى:- يدهن المريض بعد أن يعترف بزيت مصلى عليه، كما أمر المسيح تلاميذه (مر 6: 13) والصلاة تقتدر في فعلها. والأهم من شفاء الجسد شفاء الروح والخلاص الأبدي. وهي ليست هبة مطلقة للكنيسة، فبولس لم يستطع شفاء نفسه (2 كو 12: 7-9). ولا شفاء ابفرودتس الحبيب (في 2: 27) ولا تروفيموس (2 تى 4: 20). مع أن الخرق التي كانت على جسد بولس كانت تشفي المرضى.

ويعقوب هنا يتكلم عن أسرار تمارس، لكن الذي أسس السر هو الرب يسوع نفسه. وقد تسلمنا عن آباء الكنيسة صلوات سر مسحة المرضى التي يصليها الكهنة من أجل المريض، وفيها يبتهل الكاهن من أجل غفران خطايا المريض ومن معه من الحاضرين وخطايا الكاهن نفسه وجهالات كل الشعب. والكنيسة تطلب شفاء المريض ولكنها تقدم مشيئة السيد المسيح على مشيئتها، فقد يكون المرض لخير الشخص، ورغم مغفرة خطاياه يبقى في المرض لأجل تأديبه أو تزكيته أو لحكمة أخرى، كما ترك بولس الرسول في مرضه حتى لا يرتفع. لذلك تصلي الكنيسة في سر مسحة المرضى بفم الكاهن "أقم عبدك هذا من موت الخطية وإن أمرت بإقامته إلى زمان آخر فامنحه مساعدة ومعونة لكي يرضيك في كل أيام حياته. وإن أمرت بأخذ نفسه فليكن هذا بيد ملائكة نورانيين..". إذًا هي صلاة لشفاء كلي للإنسان، أي الشفاء للجسد والنفس والروح. فقد تكون إرادة الله من المرض شفاء الروح.

ويدهنون بزيت باسم الرب = فالسر هنا لا يعتمد على بر وقداسة الكاهن وصلاحه بل على "اسم الرب" فالعامل فيه هو الروح القدس. غير أن إيماننا في السر شرط أساسي = صلاة الإيمان تشفي المريض والرب يقيمه = وما يجب ملاحظته أن صلوات سر مسحة المرضى التي وضعها الآباء بإرشاد الروح القدس توجه أنظار المؤمنين المرضى جسديًا إلى خلاص نفوسهم، والاهتمام بالشفاء الروحي أي غفران الخطايا. وهذا يتفق مع قول الرسول = وإن كان قد فعل خطية تغفر له = وسلطان غفران الخطية لم يعط سوى للكهنة (يو 20: 22، 23).

دهن المريض بالزيت والصلاة من أجله ليسا كافيين لمغفرة الخطايا لذلك أضاف في الآية القادمة: اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ ويكون الإعتراف على يد الكاهن الذي إستدعوه من الكنيسة. ونلاحظ أن كلمة إعترفنا في "إن اعترفنا بخطايانا" (1يو9:1) ليس المقصود بالاعتراف هنا مجرد أن يعترف الإنسان بينه وبين نفسه لأنه لم ترِد إطلاقًا في الكتاب المقدس آية واحدة تقول بأن يعترف الإنسان في سره، بينما وردت عدة آيات تدل على أن الاعتراف يتم أمام آخر. والمفهوم أن هذا الآخر في العهد الجديد هو الكاهن الذي أعطاه الله حق مغفرة الخطية (يو23:20). وهكذا كان الإنسان في العهد القديم أيضًا يعترف بخطاياه. فيقول سليمان الحكيم "مَنْ يَكْتُمُ خَطَايَاهُ لَا يَنْجَحُ، وَمَنْ يُقِرُّ بِهَا وَيَتْرُكُهَا يُرْحَمُ" (أم13:28). وهكذا طلب يشوع من عخان أن يقر ويعترف بما فعل، ولم يقل له عخان سأعترف بيني وبين الله أو بيني وبين نفسي "فقال يَشُوعُ لِعَخَانَ: يَا ٱبْنِي، أَعْطِ ٱلْآنَ مَجْدًا لِلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ، وَٱعْتَرِفْ لَهُ وَأَخْبِرْنِي ٱلْآنَ مَاذَا عَمِلْتَ. لَا تُخْفِ عَنِّي" (يش19:7).

 

أية 16: - اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالّزَلاَّتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ لِكَيْ تُشْفَوْا. طِلْبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا.

يصاحب سر مسحة المرضى سر الاعتراف، وواضح أن الذي سيعترف هو المريض وليس الكاهن، المريض يعترف للكاهن وليس الكاهن هو الذي سيعترف للمريض.

ويقول القديس أغسطينوس تعليقًا على ذلك، أنه لو قلنا علِّموا بعضكم بعضًا فالمعلم هو الذي سيعلم التلميذ وليس العكس. والاعتراف هنا يكون لكاهن له سلطان أن يحل ويغفر (يو 20: 22، 23). والسؤال هنا كيف يمكن أن نفهم قول المسيح هذا "مَنْ غفرتم خطاياه تغفر له. ومَنْ أمسكتم خطاياه أُمْسِكَت" هل من حق أي إنسان أن يمسك خطايا الآخرين، وهل لا يوجد تعارض بين هذا القول في (يو 20: 22، 23) مع قول السيد " إن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضًا زلاتكم (مت 6: 15).

قطعًا لا يوجد تعارض فالمسيح لا يناقض نفسه. فالقول (يو 20: 22، 23) موجه للرسل وخلفائهم من طغمة الكهنوت. أما قول السيد في (مت 6: 15) فهو موجه لكل المؤمنين.

 

الآيات 17، 18:- كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا.

هنا نرى أن صلواتنا يجب أن تكون بإيمان حتى يستجيب الله. فالله استجاب لإيليا وهو إنسان تحت الآلام مثلنا فلماذا لا يستجيب لنا. ثلاث سنين وستة أشهر = في (1 مل 18: 1) نسمع "وبعد أيام كثيرة كان كلام الرب إلى إيليا في السنة الثالثة..." إلا أن التقليد اليهودي يذكر أن مدة انقطاع المطر كانت ثلاث سنين وستة أشهر، وهذا أيده السيد المسيح (لو 4: 25). وقال يعقوب هنا نفس الشيء. والحل بسيط جدًا، أن المطر كان منقطعًا قبل كلام إيليا، وجاء إيليا وأوقف نزوله، وكانت الفترة الإجمالية ثلاث سنين وستة أشهر. وإيليا لم يصلي لينقطع المطر انتقامًا لنفسه بل تأديبًا للملك وللشعب بسبب وثنيتهم. القصد أن علينا أن نؤمن أن الصلاة قوة روحية جبارة وهبها الله للإنسان بها يستطيع أن يفعل المعجزات.

 

الآيات 19، 20:- أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنْ ضَلَّ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ عَنِ الْحَقِّ فَرَدَّهُ أَحَدٌ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئًا عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ يُخَلِّصُ نَفْسًا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا. 

يختتم الرسول رسالته بأنه يدعوهم للاهتمام بالبحث عن الخروف الضال، والسبب أن من يفعل هذا يخلص نفسًا من الموت = هي نفس الذي كان ضالًا ويستر كثرة من الخطايا = الضال الخاطئ الذي يعود بالتوبة:-

1. سيمتنع عن الخطية بل عن كثرة من الخطايا إذ عرف المسيح.

2. إذ تاب وعاد وإعترف بخطاياه تستر خطاياه السابقة إذ أن دم المسيح يكفر عنها. فكلمة كفارة تعني COVER أي غطاء وستر.

3. هذا الخاطئ التائب لو كان قد إستمر في خطيته لكان سببا في عثرة الكثيرين، ولكان كثيرين قد هلكوا بسببه.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات يعقوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/20-Resalet-Ya3koub/Tafseer-Resalat-Yaakoub__01-Chapter-05.html

تقصير الرابط:
tak.la/zan692q