St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   20-Resalet-Ya3koub
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

يعقوب 4 - تفسير رسالة يعقوب

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة يعقوب الرسول:
تفسير رسالة يعقوب: مقدمة رسالة يعقوب | يعقوب 1 | يعقوب 2 | يعقوب 3 | يعقوب 4 | يعقوب 5

نص رسالة يعقوب: يعقوب 1 | يعقوب 2 | يعقوب 3 | يعقوب 4 | يعقوب 5 | يعقوب كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مقدمة:-

انتهى الإصحاح السابق بأن ثمر البر يزرع في السلام، والذي يعيش في منازعات لن يكون له ثمار. ويسترسل الرسول في تفكيره... وما الذي يُضيِّع السلام؟ ويجيب أنه الخصومات والحروب. ويعود ويتساءل ومن أين تأتي الخصومات والحروب؟ ويجيب أنه من الشهوات للعالم أو الملذات التي نريد أن نعيش من أجلها. وهذه هي قصة الشهوة مع الإنسان.

ما قبل السقوط:-

خلق الله الإنسان وله شهوة مقدسة أي مخصصة لله، أي متجهة نحو الله. فكان آدم يحب الله من كل قلبه، ويشتهي لقاءه كما يشتهي الحبيب لقاء حبيبه. فآدم مخلوق على صورة الله. والله محبة. والله يقول "لذاتي مع بني آدم" (أم 8: 31). وهكذا لأن آدم على صورة الله، كان يحب الله ويقول "لذاتي مع الله". وحيثما توجد المحبة يوجد الفرح. لذلك عاش آدم في فرح. في جنة عدن (عَدْنْ تعني فرح).

ما بعد السقوط:-

اتجهت نظرة آدم للأرض، فصار يشتهي ملذات الأرض، بل صار مستعبدًا لها. ففقد الفرح الذي كان يحيا فيه، ودخل الهم والغم لحياة الإنسان. ودخل تعظم المعيشة، ولم يعد الإنسان مكتفيًا بما عنده، بل يريد أكثر، وفي صراعه هذا على ملذات العالم دخلت الخصومات والحروب، ونسى الإنسان الله. ولاحظ أن لا شيء يشبع الإنسان. فتزوج سليمان 1000 من النساء. ولو كان قد شبع من 999 منهم ما تزوج رقم 1000.

ما بعد الفداء:-

حل الروح القدس الذي سكب محبة الله في قلوبنا (رو 5: 5). وكانت ثمار الروح القدس بهذا "محبة وفرح وسلام..." (غل 5: 22، 23) وبهذا أصلح الروح القدس ما أفسده الإنسان، فأعاد للإنسان الحالة الفردوسية الأولى. ألا وهي محبة الله التي ينشأ عنها الفرح. وكل من تذوق محبة الله سيحيا في هذا الفرح. كل من تذوق هذه المحبة وهذا الفرح اعتبر أن العالم نفاية (في 3: 8). بل تغيرت الشهوة فبدلًا من أن يشتهي الإنسان المال والعظمة والجنس... يقول بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا" (في 1: 23) ويقول القديس أغسطينوس "جلست فوق قمة العالم عندما صرت لا أشتهي شيئًا".

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

علاقتنا الآن مع الله:-

المسيح بعد فدائه لنا صار عريسًا لنا ونحن عروسه. حدث إتحاد بيننا وبينه. وهذا الإتحاد سيكمل في السماء حين نصير امرأته أي إتحاد نهائي أبدي بلا انفصال (رؤ19: 7). والمسيح ينتظر هذا اليوم ليفرح بعروسه. وانتظارًا لهذا اليوم، ونحن مازلنا في العالم يرسل إلينا تعزياته وذلك لنحتمل آلام هذا العالم (2كو1: 3-5). ويحصرنا بمحبته (2كو5: 14). وكل من يحاول أن يحيا مع الله سيتذوق هذه المحبة وهذه اللذة الروحية. وداود يدعونا إلى ذلك قائلًا "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز34: 8). أما من انشغل بالعالم عن الله، وصار لا يدرك أن الرب قادر أن يشبعه ويفرحه فهو يغيظ الله، إلهنا إله غيور، هو عريس نفوسنا. هل يحتمل عريس أن تقول له عروسه أنها متعلقة بآخر ولا تحبه هو. هذا حال كل من تعلق بملذات العالم وشهواته تاركًا الله، لا يعرف أن الله قادر أن يشبعه لهذا قيل هنا إن "محبة العالم هي عداوة لله" (يع4: 4). بل إن طبيعة ملذات العالم أنها كماء البحر لا تروي بل تميت من العطش فهي ماء مالح. لذلك فالله يتعجب من الذي تركه هو ينبوع الماء الحي لينقر لنفسه آبار مشققة لا تضبط ماء (أر2: 13). لذلك سمعنا في الإصحاح الأول أن الله في محبته يسمح ببعض التجارب حتى نزهد في محبة العالم ونرتمي في أحضانه لنكتشف محبته. ولاحظ أن اللذات التي يعطيها العالم هي لذات حسية أما اللذات التي يعطيها الله فهي لذات روحية وهي تفوق بما لا يوصف الملذات الحسية. ولكن هذا لمن يجاهد أن يلتصق بالله في حياة صلاة وعبادة وتسبيح، مثل هذا الإنسان سيكتشف أن العالم نفاية.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الروح والجسد

يقول بولس الرسول أن الجسد يشتهي ضد الروح. والروح ضد الجسد (غل5: 17).

والروح هو الروح القدس. الذي يثير فينا شهوات للسماء ولله.

والجسد يجذب للعالم وشهواته بإغراءات الخطية التي في العالم والتي تسكن في أجسادنا (رو7: 17). فهناك لذات محاربة في جسدي.

ولكن أيهما أقوى؟ نسمع هنا أن الله يعطي نعمة أعظم (يع4: 6). فالروح القدس يعطي قوة جبارة تساند وهي أعظم من الشهوة التي في جسدي. ولكن الروح القدس يعطي لَمْن يريد فيسأل "اسألوا تعطوا". لذلك يسأل المسيح "أتريد أن تبرأ". حقًا نحن بلا عذر (رو2: 1). ومن إستجاب للروح القدس عاش في سلام وفرح ولذة روحية لا يريد شيئًا من العالم، جلس فوق قمة العالم. أما من يستسلم لشهوة الجسد يقوده هذا للنزاع والحسد والخصومات والحروب بسبب بسيط هو أنه لا أحد يكتفي بما عنده، فأصل جميع الشرور في الدنيا هو شهوة الجسد. أما من ينتصر على شهوته يقهر إبليس المحارب له، فسلاح إبليس هو ملذات العالم ومن يرفضها يُفْقِد إبليس سلاحه. فالحرب هي في الحقيقة هي حرب داخلية، ومن ينتصر فيها ويهذب شهواته متعففًا عن شهوات الجسد يحيا في سلام.

ونلاحظ أنه قد قيل لإبليس (الحية) تأكلين التراب. وقيل لآدم إنك تراب. فمن يحيا في التراب خاضعًا لشهوة الجسد سيكون طعامًا لإبليس.

ولاحظ أن إبليس يستعمل سلاح ملذات العالم التي تشبع غرائز الجسد.

والروح القدس يعطي أولا العين المفتوحة التي ترى تفاهة هذه الملذات ويعطي تعفف وهذا من ثمار الروح (غل5: 22 ، 23) أي هي حالة من الشبع تجد النفس فيها أنها لا تريد هذه الشهوات (النفس الشبعانة تدوس العسل). وأنها في حالة من الفرح الروحي لا تحتاج معه شيئًا آخر. ولكن من هو الذي يستطيع أن يعتبر العالم نفاية؟ هذا هو الذي عرف المسيح وتلذذ بعشرته كما قال القديس بولس الرسول "بل إني أحسب كل شيء أيضًا خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي، الذي من أجله خسرت كل الاشياء، وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح،" (فى3: 8). هذا من قال عنه الرب أنه كمن وجد لؤلؤة كثيرة الثمن فباع ما يملكه من لآلئ (مت13). إذًا حتى نكتشف تفاهة الأرضيات علينا أولا إكتشاف ومعرفة شخص الرب يسوع، وهذا هو جهاد المخدع. ومن إكتشف فرحة هذه المعرفة وإكتشف تفاهة خطايا هذا العالم سيهرب من أي خطية تحرمه من هذا الفرح.

والروح يعطي معونة تجعل الانسان ينتصر بسهولة على حروب الشهوة ، وهذه المعونة هي النعمة . وهذه النعمة أعظم من قوة الشهوة التي تجذب للخطية .

ولكن لنفهم أن إبليس يعرض خدماته حتى دون أن يطلبه الانسان ، فهو بلا كرامة وكل همه جذب اكبر عدد ممكن للهلاك معه .

أما الروح القدس فهو يعطي لمن يطلب ....اسألوا تُعطوْا - مرة أخرى هذا هو جهاد المخدع. جهاد إكتشاف حلاوة شخص المسيح وعشرته خلال الصلاة ودراسة الكتاب.

 

أية 1:- مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟

الحروب = العداء المستمر. الخصومات = المشاجرات. لذاتكم المحاربة = الرغبة في المسرات الأرضية، وهذه تجذب الإنسان لأسفل عكس الروح الذي يحاول أن يجذب الإنسان للسماويات. وهذه اللذات هي مركز الصراع والحروب بين أمة وأمة وبين إنسان وإنسان بل هي تحارب الإنسان نفسه حربًا داخلية، فهي حين تجذبه بعيدًا عن السماويات فهي تفقده سلامه. ولاحظ أن الرسول كان يتكلم في الإصحاح السابق عن التشويش وعدم السلام. وهنا وضع السؤال، من أين تجئ الخلافات التي تسود بينكم؟ ويرجع الرسول السبب لشهوات الإنسان، وذلك لطبع الشهوة، أنها لا تكتفي بما عندها. فحينما يخضع الإنسان لشهواته ويفسح المجال أمام لذاته، ويعمل على إشباع نزواته تنشأ الخصومات. الرسول يحاول أن يذكرنا أن العلة الأولى للخطية ترجع للإنسان ذاته. فالمنازعات والخصومات تنبع لا عن مضايقات الغير بل عن ضعف الإنسان الداخلي وهزيمته في الحرب الخفية التي ميدانها النفس. وهذا معنى قول القديس أغسطينوس "جلست فوق قمة العالم عندما صرت لا أشتهي شيئًا". فإذا صار لا يشتهي شيء فهو لن يتصارع على شيء، وبالتالي فلا يوجد شيء يفقده سلامه.

فالإنسان المستسلم لشهواته هو إنسان مهزوم داخليًا. هناك قاعدة عامة، وهي أنه علينا أن لا نبحث عن سلامنا في الخارج، بل أساس المنازعات هو حرمان القلب من السلام الداخلي، والسبب هو الابتعاد عن السماويات والروح القدس الذي يجذب للسماويات. وعدم الإستماع للروح القدس يطفأه فيفقد الإنسان سلامه، فالسلام ثمرة للإمتلاء من الروح القدس. والروح القدس يثبتنا في المسيح، ولا سلام داخلي سوى في المسيح "لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ" (يو16: 33). أما العناد مع صوت الروح القدس، وهذا يأتي بالإستسلام للذات الجسد فهذا يفقد الإنسان حياته. اللذات تهاجم الإنسان الجديد المولود في المعمودية. أما من يقاوم ولا يستسلم (يقاوم شهوات جسده) فإنه وإن ضايقه الجميع وساءت الظروف المحيطة به وفقد كل شيء فهو لن يفقد سلامه الداخلي ولا يدخل الخوف قلبه، ولن يدخل في حروب مع أحد، إذ هو لا يريد شيئًا.

المرض والفشل أيضًا ليسوا أسباب لفقدان السلام، فالسلام هو عطية يعطيها الله ويملأ بها القلب بغض النظر عما في الخارج.

لكن هناك من يتصور أن لذة ما أو حصوله على أموال يضمن بها مستقبله ستأتي له بالسلام، وهذا خطأ. فمن يتصارع مع عائلته وكسب المعركة وأخذ كل الأموال لن يمتلئ سلامًا بهذه الأموال، أما من يترك الأموال لهم، ويرى الفرح في عيونهم سيمتلئ سلامًا. والسؤال الآن.. هل نأخذ السلام من يد المسيح أو نتصور أن له مصدر آخر أي ما نتصور أن فيه إشباع ملذاتنا.

وأيضا هناك خطأ آخر ... فمن يتصور أن مرض ما أو ضيقة ما تحرمه من السلام الداخلي أو الفرح الداخلي، فهذا مفهوم خاطئ. فبولس الرسول يقول عن السلام الذي يعطيه الله أنه يفوق (يتفوق على) كل عقل (كل حيرة أو ما يسبب ضيق أو حزن للعقل) ويقول أيضًا بنفس المفهوم "متحيرين لكن غير يائسين" ((فى4: 7 + 2كو4: 8). ففي وسط الضيقة نجد سلام من الله يملأ القلب. وهكذا يقول الرب يسوع أنه يعطي فرحًا يتغلب على كل سبب للحزن "لا ينزع أحد فرحكم منكم" (يو16: 22).

الفرح واللذة الحسية

خلق الله آدم ليفرح في (جنة عَدْنْ = عَدْنْ كلمة عبرية تعني فرح) وهذا الفرح كان ناشئا عن المحبة المتبادلة بين الله وآدم. وبعد الخطية طُرِد الإنسان من الجنة أي ما عاد يفرح. وكانت أول آية بعد السقوط والأكل من الشجرة المحرمة أن آدم وحواء عرفا أنهما عريانين. وهذا يعني أنهما إنشغلا بأجساد بعضهما البعض. وخدعهم الشيطان بأن اللذة الحسية هي الفرح. فهم ما عادوا يروا الله فهم إختبآ من الله. والله قد إحتجب عنهما لئلا يموتا، فضعفت المحبة ثم ازداد الضعف مع كثرة الخطية. والله إحتجب عنهما كما قال لموسى "لا يرانى الإنسان ويعيش" (خر33) . ومازالت هذه الخدعة الشيطانية تخدعنا إلى هذا اليوم أن اللذات الحسية هي مصدر الفرح ... وهذا خطأ كبير.

 

وشتان الفرق ما بين الفرح واللذة الحسية

الفرح

اللذة الحسية

عطية الله للإنسان. وينشأ عن المحبة المتبادلة بين الله والإنسان.

هي عطية الجسد. ويثيرها شهوة النظر والجسد وتعظم المعيشة.

هي دائمة كنور الشمس.

هي لحظية كنور البرق.

تنتصر على أي ألم أو ضيق خارجي (يو16: 22).

غير قادرة على الانتصار على الألم

لذلك طلب الله أن نحبه (تث6: 5) لنفرح.

يسهلها الشيطان كطعم ليسقط الإنسان ثم يذله بها ويطالبه بالثمن لحظة الموت.

 

أية 2:- تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ.

تشتهون ولستم تمتلكون: الرسول هنا يحارب شهوة حب الاقتناء، فالإنسان يظل طوال حياته يسعى ويسعى لكي يمتلك. وإن طال لامتلك الدنيا كلها لكن: -

1. لا ديمومة للامتلاك. فما عندي قد يتركني يومًا ما أو أتركه أنا وأموت.

2. الشهوات كالسراب، تجذب الإنسان ليجري وراءها فيضل الطريق ويزداد عطشًا دون أن ينال شيئًا فهي لذات مخادعة. ولذلك شبه العالم بالبحر بمائه المالح فهو لا يروي أحد ولا يطفئ عطش مهما شرب منه الإنسان.

3. طبيعة الشهوة أن يشعر الإنسان دائمًا بعدم الاكتفاء ويسعى للأكثر. فمثلًا لو أشبع سليمان 999 امرأة لما سعى لاقتناء المرأة رقم 1000.

4. التفسير السهل للآية أن الإنسان يشتهي ولكنه غير قادر أن يمتلك ما يشتهيه ربما لنقص المال، فيشعر بالحرمان. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والعجيب أنه يظل يعاني لأنه محروم من تفاهات هذا العالم، أما من يشتهي الله فيستطيع أن يمتلكه بسهولة لو طلب ذلك، كما قالت عروس النشيد "أنا لحبيبي وحبيبي لي (نش 6: 3). ونجد بطرس يقول للمقعد على باب الهيكل "ليس لي ذهب ولا فضة ولكن الذي لي فإياه أعطيك" (أع 3: 6). وما الذي كان لبطرس "باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش" والاسم أي قدرة وقوة يسوع. ما الذي يستطيع الذهب والفضة أن يعملاه بجانب امتلاك قوة يسوع. لو ظهر الرب لأحد الآن وقال له ماذا تشتهي، أخاف أن نطلب شيئًا من نفاية هذا العالم ولا نطلبه هو شخصيًا.

تقتلون وتحسدون ولستم تقدرون أن تنالوا = في محاولتكم أن تمتلكوا ما تشتهون تكونوا على استعداد أن تتقاتلوا، فالمال مثلًا يتصور البعض أنه حق ينبغي أن نتقاتل عليه. فتتخاصمون وتحاربون بعضكم البعض وتسوء العلاقات بينكم وبين الآخرين وتدخلون معهم في خصام وشجار وحروب. وإن لم يصل الأمر للقتال تكتفون بأن تحسدوا بعضكم أي تشتهون بمرارة وحقد. ويسترسل الرسول أنه مع كل هذا فأنتم غير قادرين أن تنالوا. ربما لأنه صراع يائس للحصول على شيء صعب الحصول عليه، أو ربما حصلتم على شيء ولكن فقدتم سلامكم وفرحكم وكأنكم ما حصلتم على شيء. وكان هناك طريق سهل للحصول على ما تطلبون، أن تطلبوا من الله ما تريدونه = لستم تمتلكون لأنكم لا تطلبون = فأنتم لا ترفعون صلواتكم إلى الله بما تحتاجون إليه، فالإنسان الذي يفيض قلبه بالكراهية لا يمكن أن يرفع قلبه بالصلاة. ولاحظ أن الله يستجيب لطلباتنا التي نقدمها في الصلاة إذا طلبناها بإيمان وإذا كانت بحسب مشيئته (1 يو 5: 14) ومشيئة الله هي خلاص نفوسنا (1 تى 2: 4) فالله سيعطينا ما لا يمنع خلاص نفوسنا. ما يفرح قلب الله ثقتنا فيه، وأن نطلب بدالة البنين كل ما نريده من الله، ثم إذ لا ندري الأصلح لنا، نصلي لله بثقة البنين في أبيهم ... لتكن مشيئتك .

فبولس طلب الشفاء بإيمان، والله قال لا.. لأن الشفاء كان يتعارض مع خلاصه. الرسول هنا يعاتب من لا يطلب من الله بل يحاول أن يأخذ حقه بالقوة.

ويحدث ما قاله الرسول في هذه الآية حينما تقوم خصومات في ظاهرها أنها من أجل الحق، لكن حقيقة دافعها هي اللذات المحاربة في الأعضاء أي حب الإقتناء أو الكرامة الزمنية أو أي دوافع أرضية أخرى. وهذه اللذات تدفع للبغضة والحسد. وكلمة تقتلون هنا ربما لا تصل للقتل حقيقة، بل تُفْهَم بمعنى الكراهية أو تمني موت الآخر لأرثه (1يو3: 15) أو قد تصل فعلًا للقتل، كما قتلت إيزابل نابوت اليزرعيلي لتمتلك أرضه... ولكن القصة انتهت بأن الكلاب نهشتها ولحست دمها.

 

أية 3:- تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ.

هنا نرى فئة تطلب لكنها لا تأخذ، فهي تطلب طلبات جسدية، والله لا يستجيب لصلاتهم لأنها ليست بحسب مشيئته وليست للبنيان، بل هي ضارة لمن يطلبها. فهناك من يطلب غنى وكرامة ليزداد تعلقًا بالأرض ولا يرتفع قلبه للسماء. لذلك طلب منا السيد " اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم". الله يريد أن نهتم بالسماء ونشعر بالغربة في هذا العالم "إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله" (كو 3: 1).

 

أية 4:- أَيُّهَا الّزُنَاةُ وَالّزَوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ فَقَدْ صَارَ عَدُّوًا لِلَّهِ.

أيها الزناة = في العهد القديم سميت عبادة الأوثان بالزنا، فهي زنا روحي أي خيانة عهد الله. والرسول هنا يستعمل نفس التسمية لمن ارتبط قلبه بالعالم تاركًا محبة الله، كل من يسعى وراء إنسان أو شهوة أو مادة رافضًا الإتحاد بالمسيح عريس النفس فهذا يسمى زنا. وبولس الرسول يشبه الكنيسة بعروس مخطوبة للمسيح (2كو11: 2) وهي عذراء عفيفة إذ لا تقبل محبة العالم وشهواته رجلًا لها، مكتفية بالمسيح يسوع عريسًا لها. فأي محبة لغير الله هي خيانة لله. وهم زواني لأنهم أحبوا غير الله. والله قادر أن يشبع النفس لذات روحية، ومن يذهب لغيره يعاديه. الله خلق العالم لنستعمله ولكن لا ننشغل به عن الله نفسه، ويصير هدفًا لنا ونعبده، ونرتبط بمغرياته ساقطين في فخاخه تاركين الله، ومن يفعل هذا فقد صار عابد وثن.

 

أية 5:- أَمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلًا: الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ؟ 

الكتاب يقول "لأني أنا الرب إلهك غيور" (خر20: 5 + 34: 14) + (تث4: 24 + 5: 9 + 6: 15) + (يش24: 19) + (حز39:25) + (زك8: 2)، وهذا معنى يشتاق إلى الحسد. فكلمة الحسد صحة ترجمتها الغيرة.

باطلًا = على غير أساس. فهل الكتاب يتكلم على غير أساس حين يقول أن الله يشعر بالغيرة على من أحبهم. بل هي الحقيقة أن الله يشعر بالغيرة على من أحبهم كعروس له.

الروح الذي حل فينا = هو الروح القدس الساكن فينا. وهو روح الله الغيور.

هنا نرى أن الروح، روح الله عنده رغبة حارة وشوق = يشتاق. هو اشتياق متدفق تجاه الذين اتحدوا بالمسيح. هي محبة تصل إلى حد الغيرة نحو العروس التي خطبها للمسيح. والروح يغير على الإنسان المؤمن من أن يتجه بقلبه للعالم كمنافس للمسيح. الله لو لم يكن محبًا للنفس لما غار عليها، ويشعر بالغيرة إن خطف إبليس النفس.

 

أية 6:- وَلَكِنَّهُ يُعْطِي نِعْمَةً أَعْظَمَ. لِذَلِكَ يَقُولُ: "يُقَاوِمُ اللَّهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً".

ولكن يعطي نعمة أعظم = العالم يجذبنا بقوة، ولكن الله في غيرته علينا لا يتركنا وحدنا حتى لا نخور في أنفسنا، بل يعطينا نعمة أي قوة جبارة أعظم من قوة جذب العالم. "فإنه حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا" (رو5: 20). ولكن من الذي يحصل على هذه النعمة؟ هذه لمن يريد ويطلب "أتريد ان تبرأ" + "اسألوا تعطوْا" . وهذه النعمة تُعْطى للمتضعين = أما المتواضعون فيعطيهم نعمة (إش57: 15) + (أم16: 18) + (1صم1: 3، 4، 8، 10).

يقاوم الله المستكبرين = هم الشياطين الذين يحاولون خطف أولاد الله منه . الله يقاوم الشياطين ويعطي نعمة ومعونة لأولاده الذين يسألونه لينقذهم من الفخاخ الشيطانية "عيناي دائما إلى الرب، لأنه هو يخرج رجليَّ من الشبكة" (مز25: 15) إذًا أنظر للرب وهو ينجيك من فخاخهم. وأيضًا "الفخ إنكسر ونحن نجونا" سبعينية (مز124: 7).

أما المستكبرين من البشر فهم قد إرتبطوا بروح إبليس المعاند وهؤلاء لا يطلبون الله بل هم يتبعون إبليس، ويقاومون عمل الله ويهاجمون الكنيسة وعقائدها. وهؤلاء يقاومهم الله كما يقاوم إبليس، وأنظر لنهاية أريوس.

والمتكبرون هم من يشعروا أنهم مصدر النعمة التي هم فيها وليس الله ، وهم ليسوا في احتياج لله ، فلا يسألوا الله شيئًا فلا يحصلون على شيء.

ماذا نعمل اذًا؟ يضع الرسول برنامجًا.

1. إخضعوا لله: أطيعوا وصايا الله.

2. قاوموا: اهربوا من الخطية وأماكنها.

3. اقتربوا: التصقوا بالله في الكنيسة وفي مخادعكم.

4. نقوا أيديكم.. طهروا قلوبكم.. نوحوا: التوبة.

5. اسألوا تعطوا: فلنسأل الله من قلوبنا. ولنفهم أن الشيطان هو بلا كرامة يعرض خدماته ويعرض خطاياه وإغراءات العالم على البشر حتى لو رفضناه، أما الروح يعطي نعمة أعظم لمن يطلب من قلبه. لذلك سأل المسيح مريض بيت حسدا " أتريد أن تبرأ"؟

 

St-Takla.org Image: Resist the devil (Satan) and he will flee from you (James 4:7), Arabic Bible Verse art صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ." (رسالة يعقوب 4: 7)، فن الآيات الكتابية

St-Takla.org Image: Resist the devil (Satan) and he will flee from you (James 4:7), Arabic Bible Verse art

صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ." (رسالة يعقوب 4: 7)، فن الآيات الكتابية

أية 7: - فَاخْضَعُوا لِلَّهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ.

فإخضعوا لله= بانسحاق وانكسار كما خضع الابن الضال. ومن يخضع لله، لا يكون لإبليس سلطان عليه بل يهرب منه. ولكي ننتصر على إبليس نحتاج أمرين:-

1. أمر سلبي بأن نقاومه بقدر الاستطاعة بالهروب من أماكن الخطية = قاوموا إبليس.

2. أمر إيجابي بأن نقترب لله فنتقوى (آية 8).

ويشبه ذهبي الفم الشيطان بكلب لا يبرح ملتصقًا بمائدة صاحبه ما دام يلقى إليه بين حين وآخر شيئًا منها. لكن إن كف عن ذلك فسيبقى إلى حين ثم ينقطع رجاؤه ويهرب من المائدة ليبحث عن مائدة أخرى، هكذا يلزمنا أن نقاوم إبليس على الدوام ولا نعطيه مكانًا فينا (أف 4: 27).

يهرب منكم = هذه تشير لضعف إبليس إذا قاومناه بإيمان.

 

أية 8:- اِقْتَرِبُوا إِلَى اللَّهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ. نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ.

اقتربوا إلى الله = بالصلاة والتسابيح ودراسة الكتاب والتصقوا بالرب سواء في مخادعكم أو في الكنيسة. فيقترب إليكم = سامعًا لطلباتكم ومستجيبًا لصلواتكم (لنلاحظ أنه يمكننا القول اقتربوا من إبليس يقترب منكم ويسهل لكم طريق الخطية) والاقتراب إلى الله يبدأ بالتوبة نقوا أيديكم.. طهروا قلوبكم ثم بالعشرة والحياة المقدسة المباركة مع الله. وما إن نرجع إلى الله يرجع الله إلينا (زك1: 3) + (رؤ3: 2) والله لا يسمع إلا لمن أيديه طاهرة، وقدم توبة واستمر في قداسته. وراجع (1تى 2: 8) + (مز24: 4) + (أش 1: 15)

نقوا أيديكم = من الأفعال القبيحة. هذه التي يراها الناس.

طهروا قلوبكم = هذه عن الأفعال الداخلية كالشهوات والأفكار الرديئة.

يا ذوي الرأيين = هذه عن من قلوبهم منقسمة بين محبة الله ومحبة العالم (ساعة لقلبك وساعة لربك) بينما الله يطلب القلب كله غير منقسم "يا ابني أعطني قلبك". إذًا طهارة القلب تعني وحدة الهدف وأن يكون الهدف هو الله. أما المنقسم قلبه بين محبة الله ومحبة العالم فهو من يعرج بين الفرقتيين (1مل 18: 21).

 

الآيات 9، 10:- اكْتَئِبُوا وَنُوحُوا وَابْكُوا. لِيَتَحَوَّلْ ضِحْكُكُمْ إِلَى نَوْحٍ وَفَرَحُكُمْ إِلَى غَمٍّ. اِتَّضِعُوا قُدَّامَ الرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ.

هذه دعوة للتوبة والبكاء بسبب خطايانا وبسبب عدم الأمانة مع الله، ولا شك أن التوبة تتحول إلى بركة، والدموع هي سلاح نحصل به على طلباتنا من الله (مز6: 6) + (نش 6: 5). وهذه الآية ليست دعوة لأن نحيا في غم، وهي ليست متعارضة مع دعوة بولس الرسول لأن نفرح "افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا افرحوا" (في 4: 4). بل التوبة بدموع هي طريق الفرح الحقيقي، فنحن لا نفتعل الفرح، بل حينما نبكي على خطايانا يسكب الله الفرح في قلوبنا. الله يفرح بالتائب ويملأه فرحًا، يحول أحزانه إلى أفراح " فأنتم كذلك عندكم الآن حزن. ولكني سأراكم أيضًا فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم (يو16: 22). إذًا البكاء والحزن على الخطية هما الطريق للفرح الحقيقي الذي يعطيه الرب.

والحزن ليس على شيء مادي نفقده، بل حزن توبة، حزن نابع من أن خطايانا سببت حزنًا لله. وبدون مشاعر الحزن والنفور من خطايانا لن نتركها. ونحن نحزن إذ نشعر وندرك نتائج خطايانا السيئة. ولاحظ أننا حين نشعر بخطايانا علينا أن ننسحق أمام الله = إتضعوا قدام الرب. فيرفعكم = في الحياة الحاضرة يهب لنا القدرة على عمل الفضائل ونرتفع عن الرذائل. وفي الحياة الآتية نرث مجدًا معدًا لنا. والدعوة للتواضع رأيناها في آية 6 فالتواضع والانسحاق هما الطريق لله.

 

الآيات 11، 12:- لاَ يَذُمَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ. الَّذِي يَذُمُّ أَخَاهُ وَيَدِينُ أَخَاهُ يَذُمُّ النَّامُوسَ وَيَدِينُ النَّامُوسَ. وَإِنْ كُنْتَ تَدِينُ النَّامُوسَ فَلَسْتَ عَامِلًا بِالنَّامُوسِ، بَلْ دَيَّانًا لَهُ. وَاحِدٌ هُوَ وَاضِعُ النَّامُوسِ، الْقَادِرُ أَنْ يُخَلِّصَ وَيُهْلِكَ. فَمَنْ أَنْتَ يَا مَنْ تَدِينُ غَيْرَكَ؟

نصيحة الرسول السابقة أن نتضع قدام الرب، ومن علامات عدم الاتضاع إدانة الإخوة وذمهم. فمن يدين الآخرين يأخذ وظيفة الله وحقه فهو الديان. والإدانة تحمل في طياتها الكبرياء والكراهية. لذلك فلأنسحق وأدين نفسي لا الآخرين. الذي يذم أخاه يذم الناموس ويدين الناموس = لأن الناموس يوصي بمحبة القريب، فكأنكم بتصرفكم هذا تحكمون على الناموس بأنه خطأ، أو كأن وصية الناموس بالمحبة ليست وصية سليمة. فهل ندين الناموس الذي وضعه الله. وقوله أيها الإخوة = حتى يدركوا أنه علينا أن نحتمل ضعفات بعضنا البعض. ومن يرفض الناموس ويدينه فهو يرفض واضعه لأنه واحد هو واضع الناموس = فلا يصح أن أضع أنا ناموسًا خاصًا بي وأنا تراب. واضع الناموس قال أنه عليَّ أن أحب الآخرين، فلأحبهم ولا أدينهم. ونلاحظ أنه لو ترك للإنسان أن يدين الآخرين فسيهلك الخطاة، ولكن الله بسابق علمه يرحمهم فهو يعرف أنهم سيقدمون توبة في المستقبل، ومن يضع الناموس هو وحده الذي له الحق أن يدين من يخالف هذا الناموس.

 

الآيات 13-16:- هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الْقَائِلُونَ: "نَذْهَبُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا إِلَى هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ تِلْكَ، وَهُنَاكَ نَصْرِفُ سَنَةً وَاحِدَةً وَنَتَّجِرُ وَنَرْبَحُ". أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ! لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلًا ثُمَّ يَضْمَحِلُّ. عِوَضَ أَنْ تَقُولُوا: "إِنْ شَاءَ الرَّبُّ وَعِشْنَا نَفْعَلُ هَذَا أَوْ ذَاكَ". وَأَمَّا الآنَ فَإِنَّكُمْ تَفْتَخِرُونَ فِي تَعَظُّمِكُمْ. كُلُّ افْتِخَارٍ مِثْلُ هَذَا رَدِيءٌ.

سر انجذابنا للشهوات وانشغالنا بالأرضيات هو عدم إدراكنا لحقيقة غربتنا على الأرض أو تناسينا لها. بل أن حياتنا هي بخار يظهر قليلًا ثم يضمحل.

ولضعفنا ولأننا مخلوقين علينا أن نحيا حياتنا في اعتماد واتكال على الله. ولاحظ أن الرسول يدعو للاتكال على الله وليس التواكل. هنا نرى شهوة الغِنَى وتعظم المعيشة دون تسليم لإرادة الله. ونلاحظ أنه ليس من الخطأ أن يذهب تاجر ليتاجر ويربح، ولكن الخطأ أنه يكون معتمدًا على قدراته وفكره وليس على الله مثل الغني الغبي (لو12: 16). مثل هؤلاء يتصرفون كما لو كانوا قد أمسكوا زمام المستقبل بأيديهم. ولقد كانت عادة التجار أن يذهبوا إلى مدن أخرى ويقضون حوالي عام ليتاجروا ويربحوا ثم يعودوا إلى بلادهم. والرسول يطلب منهم أن لا يعتمدوا ويتكلوا على ذواتهم بل يعتمدوا على بركة الرب ويقولوا إن شاء الرب وعشنا وعليهم وعلينا نحن أيضًا أن نقول هذا بالقلب لا بالفم (1كو 4: 19). وذلك بتسليم الإرادة والمستقبل لله قلبيًا. فكثيرين منا صاروا يقولون عبارة "إن شاء الله" بالفم دون تسليم المشيئة لله فعلًا، ودون الاتكال عليه بكل القلب.

 

أية 17:- َمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذَلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ. 

السبب أن معرفته تكون شاهدة عليه يوم الدين. وهنا الرسول يعطي تعليمًا لمن يسمعه أن يسعى لأن يعرف ويعمل الأعمال الحسنة لا أن يكتفي بالمعرفة فقط.

السبب أن معرفته تكون شاهدة عليه يوم الدين. وهنا الرسول يعطي تعليمًا لمن يسمعه أن يسعى لأن يعرف ويعمل الأعمال الحسنة لا أن يكتفي بالمعرفة فقط. الرسول يشرح هنا أن الخطية ليست فقط هي فعل الشر بل الامتناع عن فعل الخير. وهذه توجه لمن يعتذر عن القيام بخدمة الله. هذه هي المسيحية الإيجابية. الرسول هنا كأنه يقول "لقد علمتكم حسنًا. فلتعملوا حسنًا وخيرًا لكل واحد بقدر استطاعتكم حتى لا تخطئوا بسلبيتكم.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات يعقوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/20-Resalet-Ya3koub/Tafseer-Resalat-Yaakoub__01-Chapter-04.html

تقصير الرابط:
tak.la/x43f4r5