St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   08-Resalet-Corenthis-2
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

كورنثوس الثانية 2 - تفسير رسالة كورنثوس الثانية

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس:
تفسير رسالة كورنثوس الثانية: مقدمة رسالة كورنثوس الثانية | كورنثوس الثانية 1 | كورنثوس الثانية 2 | كورنثوس الثانية 3 | كورنثوس الثانية 4 | كورنثوس الثانية 5 | كورنثوس الثانية 6 | كورنثوس الثانية 7 | كورنثوس الثانية 8 | كورنثوس الثانية 9 | كورنثوس الثانية 10 | كورنثوس الثانية 11 | كورنثوس الثانية 12 | كورنثوس الثانية 13

نص رسالة كورنثوس الثانية: كورنثوس الثانية 1 | كورنثوس الثانية 2 | كورنثوس الثانية 3 | كورنثوس الثانية 4 | كورنثوس الثانية 5 | كورنثوس الثانية 6 | كورنثوس الثانية 7 | كورنثوس الثانية 8 | كورنثوس الثانية 9 | كورنثوس الثانية 10 | كورنثوس الثانية 11 | كورنثوس الثانية 12 | كورنثوس الثانية 13 | كورنثوس الثانية كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

آية 1:- "وَلكِنِّي جَزَمْتُ بِهذَا فِي نَفْسِي أَنْ لاَ آتِيَ إِلَيْكُمْ أَيْضًا فِي حُزْنٍ."

هذه الآية تتمة (للآيات 15، 23) من الإصحاح الأول. فالرسول لا يريد أن يذهب لهم، وفي وسطهم خطية بشعة تحزنه (راجع تفسير إصحاح 1كو 5). والرسول أعطاهم فرصة ليصلحوا أحوالهم ويتوبوا فيفرحوا، ويفرح بهم عند حضوره إليهم، ولا يحزنهم بنقده وحكمه عليهم وعقابه لهم بسبب هذا الزاني مع زوجة أبيه أو بسبب شقاقاتهم. والرسول اضطر لعقاب الزاني وتوبيخهم حتى لا تكون وسطهم خطية وعفونة تؤدي لهلاكهم.

 

آية 2:- "لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُحْزِنُكُمْ أَنَا، فَمَنْ هُوَ الَّذِي يُفَرِّحُنِي إِلاَّ الَّذِي أَحْزَنْتُهُ؟"

هو يشتاق لفرحهم، ولكنه لأجل توبتهم أحزنهم إلى حين، فهو يفرح بالتائبين القديسين، ففرحه هو في فرحهم، فبولس لن يزول حزنه ويتعزى إلاّ إذا زال حزنهم أولًا. وبولس لن يفرح إلاّ بتوبة الزاني الذي سبب له بولس آلامًا أحزنته بأن أسلمه للشيطان (1كو 5: 5). والخادم الحقيقي لا يعرف الفرح الحقيقي إلاّ في توبة أولاده وبحياتهم المقدسة.

 

آية 3:- "وَكَتَبْتُ لَكُمْ هذَا عَيْنَهُ حَتَّى إِذَا جِئْتُ لاَ يَكُونُ لِي حُزْنٌ مِنَ الَّذِينَ كَانَ يَجِبُ أَنْ أَفْرَحَ بِهِمْ، وَاثِقًا بِجَمِيعِكُمْ أَنَّ فَرَحِي هُوَ فَرَحُ جَمِيعِكُمْ."

كَتَبْتُ لَكُمْ = في (1كو 5) رسالة الرسول الأولى لهم كتب لهم ليصلحوا أحوالهم فيفرح بهم. فَرَحِي هُوَ فَرَحُ جَمِيعِكُمْ = ما يفرحني هو توبة الجميع والمحبة التي تسود الجميع. وهذا سيسبب فرحكم جميعًا. وهو واثق أن لهم نفس مشاعره. فالحب الحقيقي المتبادل يتسبب في فرح حقيقي لكل الأطراف، ففرحهم هو فرح له، وفرحه هو فرح لهم.

 

آية 4:- "لأَنِّي مِنْ حُزْنٍ كَثِيرٍ وَكَآبَةِ قَلْبٍ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ بِدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، لاَ لِكَيْ تَحْزَنُوا، بَلْ لِكَيْ تَعْرِفُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي عِنْدِي وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ."

الرسول هنا يظهر محبته ودموعه لأجلهم، فيبدو أن المقاومين صوروه لهم على أنه رجلٍ قاسٍ يسر بآلامهم. ومعنى كلام الرسول هنا أن المحبة الحقيقية ليست في أن أوافق على أخطائكم فبهذا تهلكون، بل هي في توبيخكم وإرشادكم للخطأ حتى تمتنعوا عنه، ولكنه كأب محب يئن مع أناتهم، يدعوهم للتوبة ويوبخ ويعاقب ولكن بدموع كثيرة. فالخادم الحقيقي يتكلم بالصدق حتى لو أحزن السامعين.

 

St-Takla.org Image: Forgive the offender (Corinthians sinner/adulterer) after repenting: "You ought rather to forgive and comfort him, lest perhaps such a one be swallowed up with too much sorrow. Therefore I urge you to reaffirm your love to him. For to this end I also wrote, that I might put you to the test, whether you are obedient in all things. Now whom you forgive anything, I also forgive. For if indeed I have forgiven anything, I have forgiven that one for your sakes in the presence of Christ, lest Satan should take advantage of us; for we are not ignorant of his devices" (2 Corinthians 2: 7-11) - Unknown illustrator. صورة في موقع الأنبا تكلا: مسامحة خاطئ/زاني كورنثوس بعد التوبة: "تسامحونه بالحري وتعزونه، لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط. لذلك أطلب أن تمكنوا له المحبة. لأني لهذا كتبت لكي أعرف تزكيتكم، هل أنتم طائعون في كل شيء؟ والذي تسامحونه بشيء فأنا أيضا. لأني أنا ما سامحت به - إن كنت قد سامحت بشيء - فمن أجلكم بحضرة المسيح، لئلا يطمع فينا الشيطان، لأننا لا نجهل أفكاره" (2 كو 2: 7-11). - لفنان غير معروف.

St-Takla.org Image: Forgive the offender (Corinthians sinner/adulterer) after repenting: "You ought rather to forgive and comfort him, lest perhaps such a one be swallowed up with too much sorrow. Therefore I urge you to reaffirm your love to him. For to this end I also wrote, that I might put you to the test, whether you are obedient in all things. Now whom you forgive anything, I also forgive. For if indeed I have forgiven anything, I have forgiven that one for your sakes in the presence of Christ, lest Satan should take advantage of us; for we are not ignorant of his devices" (2 Corinthians 2: 7-11) - Unknown illustrator.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مسامحة خاطئ/زاني كورنثوس بعد التوبة: "تسامحونه بالحري وتعزونه، لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط. لذلك أطلب أن تمكنوا له المحبة. لأني لهذا كتبت لكي أعرف تزكيتكم، هل أنتم طائعون في كل شيء؟ والذي تسامحونه بشيء فأنا أيضا. لأني أنا ما سامحت به - إن كنت قد سامحت بشيء - فمن أجلكم بحضرة المسيح، لئلا يطمع فينا الشيطان، لأننا لا نجهل أفكاره" (2 كو 2: 7-11). - لفنان غير معروف.

آية 5:- "وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ قَدْ أَحْزَنَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْزِنِّي، بَلْ أَحْزَنَ جَمِيعَكُمْ بَعْضَ الْحُزْنِ لِكَيْ لاَ أُثَقِّلَ."

هنا يتكلم عن الزاني مع زوجة أبيه وأنه بتصرفاته هذه سبب حزنًا للجميع (فإسرائيل كلها أصيبت بالفشل بسبب خطية عاخان). لكي لا أثقل = لن أطيل في الكلام عن هذه الخطية حتى لا أثقل عليكم وأسبب لكم ضيقًا.

 

آيات 6، 7:- "مِثْلُ هذَا يَكْفِيهِ هذَا الْقِصَاصُ الَّذِي مِنَ الأَكْثَرِينَ، حَتَّى تَكُونُوا ­ بِالْعَكْسِ ­ تُسَامِحُونَهُ بِالْحَرِيِّ وَتُعَزُّونَهُ، لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ مِثْلُ هذَا مِنَ الْحُزْنِ الْمُفْرِطِ."

لقد عَلِمَ بولس أن الكنيسة = الأكثرين، أدبت المخطئ، والرسول وجد أن القصاص كافٍ وأن الخاطئ قدم توبة. وهذا القصاص يعكس تقصيرهم السابق. وهنا نجد الرسول يبث روح الرجاء في هذا الخاطئ حتى لا ييأس ويبتلعه الشيطان، وربما يترك الإيمان = يبتلع هذا من الحزن المفرط = فالرسول الذي عاقب من قبل، ها هو هنا يسامح ويطلب منهم أن يسامحوا هذا الشخص وينظروا إليه برحمة. هو خاف أن يقع في أسر إبليس من الحزن الزائد. وهنا نرى حكمة الخادم في معاملة الخطاة، متى يعنف ومتى يشجع، والله " لا يترك عصا الأشرار تستقر على نصيب الصديقين". فلو طالت فترة العقوبة ربما ييأس الخاطئ ويزداد في خطيته. ولا بُد أن تظهر الكنيسة محبتها مع عقوبتها.

 

آية 8:- "لِذلِكَ أَطْلُبُ أَنْ تُمَكِّنُوا لَهُ الْمَحَبَّةَ."

لاحظ أن بولس حرم هذا الخاطئ من خلال عمل جماعي للكنيسة كلها (1كو 5: 4) والآن يحله بعمل جماعي أيضًا.

 

آية 9:- "لأَنِّي لِهذَا كَتَبْتُ لِكَيْ أَعْرِفَ تَزْكِيَتَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ طَائِعُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ؟"

هنا يقدم الرسول شفاعة عن هذا الخاطئ فيقول لهم، كما أطعتموني في ما سبق وأدنتم وعاقبتم هذا الشخص، فأرجو أن تطيعوني الآن وتسامحونه. أنا الآن أختبركم هل تطيعون أم لا، فهم إذا لم يطيعوا وأصروا على عقاب وعزل وحرمان الخاطئ، فهذا يعبر عن روح حقد وليس عن محبة. تزكيتكم = راجع تفسير (1بط1: 7) نجد أن التزكية هي تنقية الذهب بنار الفرن، اشارة لنقاوة قلب الإنسان. ومن علامات النقاوة الطاعة وعدم العناد.

 

آية 10:- "وَالَّذِي تُسَامِحُونَهُ بِشَيْءٍ فَأَنَا أَيْضًا. لأَنِّي أَنَا مَا سَامَحْتُ بِهِ ­ إِنْ كُنْتُ قَدْ سَامَحْتُ بِشَيْءٍ ­ فَمِنْ أَجْلِكُمْ بِحَضْرَةِ الْمَسِيحِ،"

هو من أجلكم = ربما طلب منه بعض من أهل كورنثوس عن طريق تيطس أن يسامح الزاني، وهذا يعني هنا أنه يجامل أهل كورنثوس ويسامح الزاني لأجلهم ولكن قوله بحضرة المسيح = أي تحت نظر المسيح وموافقته، فهو حاضر معنا دائمًا، هذه الجملة تعطي معنى أعمق. فنحن كلنا في حضرة المسيح، وحتى نستمتع بمحبته وغفرانه علينا أن نغفر أي تكون لنا نفس سماته. فأنا أطلب منكم أن تسامحوه من أجلكم أي لتفرحوا في حضرة المسيح بغفرانه، إذا غفرتم.

 

آية 11:- "لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ."

الشيطان سيدفعه لأن يترك الإيمان كما دفعه للزنا من قبل، فهو سيقول له، إن الكنيسة تكرهك وتضطهدك فلماذا لا تذهب للوثنيين الذين يحبونك، والذين يوافقونك على أن تزني مع مَنْ تريد. فالرسول يفعل ما يفعله من عقاب ومن سماح لأجل النفع الروحي وهو يتصرف بحكمة إذ يعرف حيل وخداع إبليس ومكره، ويعرف بإرشاد الروح متى يعاقب ومتى يسامح.

 

آيات 12، 13:- "وَلكِنْ لَمَّا جِئْتُ إِلَى تَرُوَاسَ، لأَجْلِ إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، وَانْفَتَحَ لِي بَابٌ فِي الرَّبِّ، لَمْ تَكُنْ لِي رَاحَةٌ فِي رُوحِي، لأَنِّي لَمْ أَجِدْ تِيطُسَ أَخِي. لكِنْ وَدَّعْتُهُمْ فَخَرَجْتُ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ."

لم تكن لي راحة = مع أن الكرازة كانت ناجحة، إلا ّ أن الرسول كان في اضطراب، يريد أن يقابل تيطس ليعلم منه تأثير رسالته الأولى على أهل كورنثوس، وهل أتت بثمارها للتوبة، هؤلاء أولاده ويريد أن يطمئن عليهم وهذا القلق الشديد على المخدومين لا بُد أن يكون في قلوب الخدام. ونجد أن الرسول خرج إلى مكدونية (في اليونان) بعد أن كان في ترواس (في تركيا) أي سافر بالبحر، ليبحث عن تيطس، ليسمع منه أخبارًا تطمئنه عن أهل كورنثوس وهذا حدث فعلًا وأتى له تيطس بأخبار مفرحة (2كو 7: 6، 7).

 

الآيات 14- 16:- استخدم الرسول هنا عادة رومانية معروفة. فكان القائد العسكري المنتصر العائد من المعركة، يعود إلى روما في موكب عظيم، وفيه يكلل القائد المنتصر وجنوده. وكان يدخل الموكب إلى المدينة ثم إلى الإستاد ووراء القائد جنوده المنتصرين ووراءهم طابور الأسرى. وعند دخولهم للإستاد كانوا يحرقون البخور احتفالًا بالنصر، وهنا يكلل القائد وجنوده ويحتفلون بهم ويرمون الأسرى للوحوش الجائعة. وبهذا تصير رائحة البخور التي أطلقوها هي رائحة حياة ومجد للمنتصرين، ورائحة موت للمهزومين

 

St-Takla.org Image: "Now thanks be to God who always leads us in triumph in Christ, and through us diffuses the fragrance of His knowledge in every place. For we are to God the fragrance of Christ among those who are being saved and among those who are perishing. To the one we are the aroma of death leading to death, and to the other the aroma of life leading to life. And who is sufficient for these things?" (2 Corinthians 2: 14-16) - from "The Forecourt of the Soul" book, by Frans van Hoogstraten, Romeyn de Hooghe, Engelbertus Solmans, Hendrik van Puer, 1698. صورة في موقع الأنبا تكلا: "ولكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين، ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان. لأننا رائحة المسيح الذكية لله، في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت، ولأولئك رائحة حياة لحياة" (كورنثوس الثانية 2: 14-16) - من صور من كتاب "حصن الروح"، تأليف: فرانس فان هوجستراتن، رومين دي هوغ، إنجيلبيرتوس سولمانز، هندريك فان بيور، إصدار 1698 م.

St-Takla.org Image: "Now thanks be to God who always leads us in triumph in Christ, and through us diffuses the fragrance of His knowledge in every place. For we are to God the fragrance of Christ among those who are being saved and among those who are perishing. To the one we are the aroma of death leading to death, and to the other the aroma of life leading to life. And who is sufficient for these things?" (2 Corinthians 2: 14-16) - from "The Forecourt of the Soul" book, by Frans van Hoogstraten, Romeyn de Hooghe, Engelbertus Solmans, Hendrik van Puer, 1698.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "ولكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين، ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان. لأننا رائحة المسيح الذكية لله، في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت، ولأولئك رائحة حياة لحياة" (كورنثوس الثانية 2: 14-16) - من صور من كتاب "حصن الروح"، تأليف: فرانس فان هوجستراتن، رومين دي هوغ، إنجيلبيرتوس سولمانز، هندريك فان بيور، إصدار 1698 م.

آية 14:- "وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ."

هنا يتصور بولس الرسول أن القائد المنتصر هو المسيح، وجنوده المنتصرين هم كل المؤمنين التائبين وهؤلاء لهم حياة، أمّا المهزومين فنصيبهم الموت.

شُكْرًا ِللهِ = فأنتم يا أهل كورنثوس يا من قدمتم توبة لقد انضممتم لموكب النصرة الذي يقوده المسيح. عجيب هو بولس الرسول، فبعد أن تكلم عن الخاطئ الزاني، وأنه سامحه، وتذكر توبة أهل كورنثوس، رأى أنه هو وكل من آمنوا وأهل كورنثوس والخطاة التائبين ومنهم هذا الزاني التائب، الكل سائرين في موكب نصرة المسيح. وخلال رحلتنا في حياتنا نتعرض للانحراف أحيانًا فإن قدمنا توبة ننضم لموكب النصرة، وإن رفضنا التوبة نهلك.

يُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ = خدام المسيح الأمناء كبولس هم رائحة المسيح الزكية بسبب المسيح الذي فيهم، وهذه الرائحة الخارجة منهم تجذب الآخرين = رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ = هذه كما قالت عروس النشيد "ما دام الملك في مجلسه أفاح نارديني رائحته" (نش1: 12). فإذا كان المسيح في شخص تفوح من هذا الشخص رائحة المسيح العطرة. فيجذب هذا الشخص الناس ويكون تعليمه مقبولا إذ تخرج منه رائحة المسيح "صرة المر حبيبي لي، بين ثدييَّ يبيت" (نش1: 13) والثديين هنا هما العهدين القديم والجديد، والروح القدس الذي أوحى بكلمات العهدين يضع كلماتهما في قلب هذا الشخص مقروءة ومعاشة يبيت = فتخرج رائحتها لكل الناس. فيعرف الناس المسيح ويؤمنون به. المسيح يقود خدامه للكرازة وبهم يُعرف اسم المسيح. والمسيح هو الذي يقود التائبين لموكب النصرة .

 

آية 15:- "لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ للهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ."

لأَنَّنَا = الذين نكرز بالإنجيل. رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الزكِيَّةِ = ("الذكية" صحتها "الزكية") بسبب المسيح الذي يحيا فيه (غل2: 20). المسيح نفسه غير منظور ولكن رائحته هي التي تظهر من بولس. والمعنى أن كلمة الله تقدم للبشر جميعًا وهناك من يقبل فيخلص، وهناك من يرفض فيهلك. قبول الكلمة يتوقف على الناس، فكلمة الله لا تلزم بل هي تحث وتدفع وتثير.

 

آية 16:- "لِهؤُلاَءِ رَائِحَةُ مَوْتٍ لِمَوْتٍ، وَلأُولئِكَ رَائِحَةُ حَيَاةٍ لِحَيَاةٍ. وَمَنْ هُوَ كُفْوءٌ لِهذِهِ الأُمُورِ؟"

 خدام المسيح كبولس هم رائحة المسيح الزكية يشتمها البعض فيتوب فتكون لهم رائحة حياة لحياة (واضح المقارنة مع العادة الرومانية، فحين يطلق البخور أمام القائد المنتصر تكون رائحة البخور هي رائحة حياة لحياة الجنود الذين انتصروا). ويشتمها البعض ويرفضها فتكون لهم رائحة موت لموت (مثل هؤلاء الأسرى حين يشتمون رائحة البخور يعرفون أنها ساعة موتهم إذ يلقونهم حالًا للوحوش). انتصار أهل كورنثوس رآه بولس انتصارًا للمسيحية كلها وموكب نصرة متصل، قائده المنتصر هو المسيح. نفس البخور يكون رائحة حياة للبعض ورائحة موت للبعض الآخر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فالشمس تعطي الصحة ولا تضر ذوي العيون الطبيعية لكنها تكون سبب ضرر لذوي العيون الضعيفة. الشمس تخرج بنورها نباتات لها رائحة جميلة وتخرج من كوم القاذورات رائحة كريهة وبولس هنا يشكر الله الذي جعله واسطة لنشر رائحة المسيح الزكية بكرازته. وهذا ما قيل عن المسيح نفسه أنه وضع لسقوط وقيام كثيرين (لو 2: 34). بينما هو أتى لخلاص الناس جميعًا. هكذا كلمة الكرازة من يقبلها ويعمل بها يتحرر من الخطية بسلطانها فتكون له حياة، ومن لا يقبل كلمة الله ستكون كلمة الله دينونة له (يو 12: 48) أي رائحة موت. ومن هو كفؤ لهذه الأمور = ولكن من الذي يستطيع أن يبلغنا هذه الأمور، ويحقق فينا رسالة الحياة. من الذي جعلنا رائحة زكية للمسيح فنكون رائحة حياة. لا تظنوا أنني أريد أن أتفاخر بنفسي وأقول أنني قد أعطيتكم حياة. أنا لست شيئًا، أنا لست كفؤًا لهذه الأمور لكن الله هو الذي عمل بي. لا أحد يعطي حياة سوى الله.

 

آية 17:- "لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ."

فليفتخر البعض كَالْكَثِيرِينَ بأنهم قادرين وأكفاء، لكننا لسنا مثلهم. هم غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ = هم يغشون ويضللون ويفتخرون أنهم كفؤ للخدمة، وأنا لا أفعل مثلهم، فهم لهم أغراض شخصية كزيادة أموالهم. أما أنا فلا أكرز إلاّ بدافع الإخلاص والغيرة. بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ = أي الله يحركني ويعطيني ما أقول. نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ = أهداف كلمات بولس ليست أنانية وشخصية، بل هو في صدق يتكلم أمام الله. والله يراقب ما يقول.

فِي الْمَسِيحِ = فالكلمات التي يقولها يعطيها المسيح الذي في بولس (غل 2: 20). هو يتكلم متحدًا وغير منفصل عن المسيح، بل المسيح يتكلم فيه. كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ = لا يبحث إلاّ عن مجد الله وخلاص نفوسهم لا يريد أي شيء لنفسه. وكل من يفعل مثل الرسول ويطلب مجد الله، ولا يطلب شيئا لنفسه، تفوح منه رائحة المسيح الزكية. وهذا معنى قول رب المجد "فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا" (مت6: 22). فالعين البسيطة هي التي تطلب مجد المسيح فقط وهذه النفس يسكن فيها المسيح نور العالم، فيصير جسد هذا الإنسان نيِّرًا.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات كورنتوس الثانية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/08-Resalet-Corenthis-2/Tafseer-Resalat-Koronthians-2__01-Chapter-02.html

تقصير الرابط:
tak.la/857fpwf