St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   36-Sefr-Obedia
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

عوبديا 1 - تفسير سفر عوبديا

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب عوبديا:
تفسير سفر عوبديا: مقدمة سفر عوبديا | عوبديا 1 | دراسة في نبوة عوبديا

نص سفر عوبديا: عوبديا 1 | عوبديا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الآيات (1-9): "رُؤْيَا عُوبَدْيَا: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ عَنْ أَدُومَ: سَمِعْنَا خَبَرًا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَأُرْسِلَ رَسُولٌ بَيْنَ الأُمَمِ: «قُومُوا، وَلْنَقُمْ عَلَيْهَا لِلْحَرْبِ». « إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ صَغِيرًا بَيْنَ الأُمَمِ. أَنْتَ مُحْتَقَرٌ جِدًّا. تَكَبُّرُ قَلْبِكَ قَدْ خَدَعَكَ أَيُّهَا السَّاكِنُ فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ، رِفْعَةَ مَقْعَدِهِ، الْقَائِلُ فِي قَلْبِهِ: مَنْ يُحْدِرُنِي إِلَى الأَرْضِ؟ إِنْ كُنْتَ تَرْتَفِعُ كَالنَّسْرِ، وَإِنْ كَانَ عُشُّكَ مَوْضُوعًا بَيْنَ النُّجُومِ، فَمِنْ هُنَاكَ أُحْدِرُكَ، يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ أَتَاكَ سَارِقُونَ أَوْ لُصُوصُ لَيْل. كَيْفَ هَلِكْتَ! أَفَلاَ يَسْرِقُونَ حَاجَتَهُمْ؟ إِنْ أَتَاكَ قَاطِفُونَ أَفَلاَ يُبْقُونَ خُصَاصَةً؟ كَيْفَ فُتِّشَ عِيسُو وَفُحِصَتْ مَخَابِئُهُ؟ طَرَدَكَ إِلَى التُّخْمِ كُلُّ مُعَاهِدِيكَ. خَدَعَكَ وَغَلَبَ عَلَيْكَ مُسَالِمُوكَ. أَهْلُ خُبْزِكَ وَضَعُوا شَرَكًا تَحْتَكَ. لاَ فَهْمَ فِيهِ. أَلاَ أُبِيدُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْحُكَمَاءَ مِنْ أَدُومَ، وَالْفَهْمَ مِنْ جَبَلِ عِيسُو؟ فَيَرْتَاعُ أَبْطَالُكَ يَا تَيْمَانُ، لِكَيْ يَنْقَرِضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَبَلِ عِيسُو بِالْقَتْلِ".

كبرياء أدوم:- آية (1) رؤيا = تعني أنها بالروح القدس. سمعنا خبرًا = لقد أصدر رب الجنود أمرًا وهذا لا يمكن تغييره. وهذا الخبر وصل في الرؤيا للنبي. وَأُرْسِلَ رَسُولٌ بَيْنَ الأُمَمِ = حين يريد الله أن يضرب بلدًا مثل أدوم يثير ضدها الأمم ليؤدبها. وهكذا يعمل دائمًا. فهو أرسل رسلًا إلى بابل لتؤدب أورشليم. ثم ها هو يرسل رسولًا ليقوم من يؤدب أدوم. والله أيضًا يقيم رسلًا في كل زمان ليبعد أعداء الكنيسة ويؤدبهم. هذا الرسول يقول لهم قوموا = لتنفيذ إرادة الله. وأمام إرادة الله قالوا لنقم عليها للحرب. آية (2) جعلتك صغيرًا = هم ظنوا أن جبالهم العالية تحميهم، وأنهم في حصون لا يطولها أحد. ولكنهم لم يكونوا أمة حربية مثل بابل أو أشور أو مصر، التي لها جيوش تهاجم. بل أن كل قوة أدوم في دفاعاتها. ولكن حتى هذه ستسقط لأن الله سيعاقبهم على كبريائهم. ومن يرتفع في عيني نفسه يسقط في عيون الآخرين، بل يصغر جدًا في عيني الله. فليست خطية قادرة على تحطيم الإنسان مثل الكبرياء. فإذا كانت حتى دفاعاته الطبيعية لن تحميه فيصير محتقر جدًا. وأي إنسان بدون حماية الله وعنايته، مهما كان كبيرًا يصير صغيرًا جدًا ومحتقرًا جدًا. وفي (3) محاجئ الصخر = أي الكهوف في الجبال. فتحصينات أدوم الطبيعية في جبالها جعلها تتكبر ولكن لم يكن هذا سوى خداع فلا شيء يحمينا سوى الله. رفعة مقعده = لأن بلادهم كانت على قمة الجبال. قال أحدهم عن منطقة أدوم "هل كان للأدوميين أجنحة ليصلوا بها لمساكنهم" ولذلك خدعهم قلبهم وقالوا من يحدرني إلى الأرض = هذا نفس قول إبليس (أش13:14، 14) مما يشير أن أدوم هنا رمز للشيطان في كبريائه الذي قال "أصير مثل العلي". وفي (4) مهما ارتفعوا فالله قادر أن يحدرهم. ومهما تَكَبَّرَ الشيطان فالله أعطانا الوعد أن ندوسه "تدوسوا الحيات والعقارب" والسيد المسيح قال "رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء" هذا الذي قال عن نفسه "أصعد إلى السماء" وآيات (5، 6) نبوة بخراب تام. فاللصوص قد يتركون شيئًا في المنزل فهم يسرقون حاجتهم ويتركون الباقي. وهكذا الـ: قَاطِفُونَ يقطفون بعضًا من الكروم ويتركون البقية= الـ:خُصَاصَةً. لكن الضربة الآتية على أدوم لن تترك له بقية ولا خصاصة. فقد أتى الأمم الذين أرسلهم الرب. وفتشوا عيسو وفحصوا مخابئه (فُتِّشَ عِيسُو وَفُحِصَتْ مَخَابِئُهُ) أي لم يتركوا شيئًا وأمام هذا الخراب يتعجب النبي قائلًا كيف هلكت؟! أي أن الهلاك الآتي كان هلاكًا تامًا. لذلك قال لنا السيد المسيح "اكنزوا لكم كنوزًا في السماء" فكل ما في الأرض مصيره للخراب والفناء وسيأكله السوس ويسرقه اللصوص. وفي (7) طردك إلى التخم كل معاهديك= لقد تعاهد أدوم مع العمونيين والموآبيين جيرانهم ومع العرب أيضًا. ولكن في وقت بليتهم لم يقف أحد بجانبهم = خدعك = لأنهم قدموا لك وعود بحمايتك لو جاء عليك خطر، ولكنهم هربوا وقت الشدة وتخلوا عنك. وبذلك غلب عليك مسالموك= فهم بخدعتهم لك تسببوا في هزيمتك لأنك اعتمدت عليهم. بل وصلت هزيمتك لطردك من بلادك إلى حدودك بل خارج حدودك (كسبايا) = طَرَدَكَ إِلَى التُّخْمِ. وهؤلاء الذين عاهدتهم وأكلت معهم خبزًا= أهل خبزك بخديعتهم لك وضعوا شركًا تحتك. وربما لأن أدوم اتكل على معاهداته مع جيرانه تحدى الأمم الكبيرة مثل بابل أو فارس، فأتى عليه هؤلاء ودمروه إذ خذله جيرانه. وكان تحدي أدوم لهذه الأمم العظيمة = لا فهم فيه = أي كان غباء وفي (8) لقد عُرِفَ أدوم بحكمائه وفهمائه ومنهم أليفاز التيماني (راجع سفر أيوب) فلماذا حدث له ذلك؟ لماذا سقط في هذا الغباء؟ لأن الله سحب منهم عطيته أي الحكمة فهم لا يستحقونها = ألا أبيد.. الحكماء من أدوم والفهم من جبل عيسو. وفي (9) إذا تخلى الرب عن أحد يرتاع ويفزع وينقرض = أي يبيد ويتخبط في مشورته كمن يتخبط في ظلام ويهلك فالرب نورنا.

 

الآيات (10-16):"« مِنْ أَجْلِ ظُلْمِكَ لأَخِيكَ يَعْقُوبَ، يَغْشَاكَ الْخِزْيُ وَتَنْقَرِضُ إِلَى الأَبَدِ. يَوْمَ وَقَفْتَ مُقَابِلَهُ يَوْمَ سَبَتِ الأَعَاجِمُ قُدْرَتَهُ، وَدَخَلَتِ الْغُرَبَاءُ أَبْوَابَهُ، وَأَلْقَوْا قُرْعَةً عَلَى أُورُشَلِيمَ، كُنْتَ أَنْتَ أَيْضًا كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَيَجِبُ أَنْ لاَ تَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ أَخِيكَ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ، وَلاَ تَشْمَتَ بِبَنِي يَهُوذَا يَوْمَ هَلاَكِهِمْ، وَلاَ تَفْغَرَ فَمَكَ يَوْمَ الضِّيقِ، وَلاَ تَدْخُلَ بَابَ شَعْبِي يَوْمَ بَلِيَّتِهِمْ، وَلاَ تَنْظُرَ أَنْتَ أَيْضًا إِلَى مُصِيبَتِهِ يَوْمَ بَلِيَّتِهِ، وَلاَ تَمُدَّ يَدًا إِلَى قُدْرَتِهِ يَوْمَ بَلِيَّتِهِ، وَلاَ تَقِفَ عَلَى الْمَفْرَقِ لِتَقْطَعَ مُنْفَلِتِيهِ، وَلاَ تُسَلِّمَ بَقَايَاهُ يَوْمَ الضِّيقِ. فَإِنَّهُ قَرِيبٌ يَوْمُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. كَمَا فَعَلْتَ يُفْعَلُ بِكَ. عَمَلُكَ يَرْتَدُّ عَلَى رَأْسِكَ. لأَنَّهُ كَمَا شَرِبْتُمْ عَلَى جَبَلِ قُدْسِي، يَشْرَبُ جَمِيعُ الأُمَمِ دَائِمًا، يَشْرَبُونَ وَيَجْرَعُونَ وَيَكُونُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا."

ظلم أدوم لأخيه يعقوب (ظُلْمِكَ لأَخِيكَ يَعْقُوبَ): في الآيات السابقة ظهرت خطية أدوم الأساسية وهي الكبرياء، وهذه الخطية كانت تجاه الله. وهنا تظهر خطيته تجاه إخوته. فمن المؤكد أن مَن يخطئ في حق الله، هو يخطئ أيضًا في حق أخيه. ويظهر هنا في آية (10) حقدهم القديم تجاه يعقوب، وهنا يستخدم اسم يعقوب ليذكرهم للأخوة بين أدوم ويعقوب. ونلاحظ أن هذه الأخوة تضاعف من خطيتهم فغدرهم كان ضد أخوة لهم. ونلاحظ أن خطايانا تجاه الناس هي خطايا تجاه الله أيضًا، ويعاقب الله عليها فهو ديَّان الأرض كلها. والعقوبة هنا هي يغشاك الخزي أي يغطيك. وتنقرض إلى الأبد. ونلاحظ أن الحقد يأكل صاحبه. وآية (11) يوم وقفت مقابله = يوم سبي يهوذا على يد نبوخذ نصر وقف أدوم ضد أخيه يهوذا في عداء. يوم سَبَتْ الأعاجم قدرته = الأعاجم هم البابليين الذين أخذوا في هذا اليوم قدرة يهوذا إلى السبي. وقدرة يهوذا هم شبانهم وجيشهم وفتيانهم. وكان منهم دانيال والثلاثة فتية. ودخلت الغرباء أبوابه أي اقتحم الغرباء المدينة ينجسونها ويلقون قرعة على غنائمها. وكان أدوم كواحد منهم (كُنْتَ أَنْتَ أَيْضًا كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ) = أي واحد من الغرباء السالبين. وفي (12) كان على أدوم أن لا يشمت في أخيه يوم ضيقه ولا يفغر فمه (وَلاَ تَفْغَرَ فَمَكَ يَوْمَ الضِّيقِ) = أي يتكلم عليه بالشر في يوم ضيقه. فأولًا يعقوب أخيه، وثانيًا لأن الدور قادم عليه أي على أدوم وسيخرب ويكون في ضيق هو أيضًا. وفي (13) لا تدخل باب شعبي = أي لا تدخل لتنهب وتقتل. ولا تمد يدًا إلى قدرته = أي لا تأخذوا من شبان يهوذا قدرتها عبيدًا. ولاحظ قوله شعبي = فالله يتألم لألم شعبه. وفي آية (14) للحرب قوانينها مثل عدم جواز قتل من ألقى السلاح ولكن أدوم كان يلقي القبض على الهاربين، وهذا ضد أي قوانين شريفة للحرب. المفرق = حيث كان الهاربون يصلون لمفترق طرق ليبحثوا عن أحسن الطرق للهروب فوجدوا الأدوميون متربصين بهم وقتلوا بعضهم وأسروا الباقين. وفي (15) قريب يوم الرب = يوم انتقام الرب من أدوم والأرجح أنه يوم سقوطه بيد نبوخذ نصر وكان ذلك بعد سقوط أورشليم بزمن قليل. ولكن الأدوميون وهم في نشوة الانتقام من يهوذا ظنوا أن يوم الله لن يأتي قريبًا. ونجد هنا قانون إلهي عادل كما فعلت يفعل بك = هذه مثل "بالكيل الذي به تكيلون يكال لكم" (مت2:7) وفي (16) الشرب هنا هو من كأس غضب الله. فالله أعطى شعبه أن يشرب هذا الكأس = كما شربتم على جبل قدسي = هذه موجهة لشعب الله. وسيشرب جميع الأمم أيضًا هذه الكأس بسبب خطاياهم أيضًا (أر15:25، 16). وهؤلاء سيشربونها وتكون لهم كأس إفناء = كأنهم لم يكونوا. أما شعب الله فتبقى منه بقية قد تطهرت.

 

الآيات (17-21): "« وَأَمَّا جَبَلُ صِهْيَوْنَ فَتَكُونُ عَلَيْهِ نَجَاةٌ، وَيَكُونُ مُقَدَّسًا، وَيَرِثُ بَيْتُ يَعْقُوبَ مَوَارِيثَهُمْ. وَيَكُونُ بَيْتُ يَعْقُوبَ نَارًا، وَبَيْتُ يُوسُفَ لَهِيبًا، وَبَيْتُ عِيسُو قَشًّا، فَيُشْعِلُونَهُمْ وَيَأْكُلُونَهُمْ وَلاَ يَكُونُ بَاقٍ مِنْ بَيْتِ عِيسُو، لأَنَّ الرَّبَّ تَكَلَّمَ». وَيَرِثُ أَهْلُ الْجَنُوبِ جَبَلَ عِيسُو، وَأَهْلُ السَّهْلِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَيَرِثُونَ بِلاَدَ أَفْرَايِمَ وَبِلاَدَ السَّامِرَةِ، وَيَرِثُ بَنْيَامِينُ جِلْعَادَ. وَسَبْيُ هذَا الْجَيْشِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَرِثُونَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ إِلَى صَرْفَةَ. وَسَبْيُ أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ فِي صَفَارِدَ يَرِثُونَ مُدُنَ الْجَنُوبِ. وَيَصْعَدُ مُخَلِّصُونَ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ لِيَدِينُوا جَبَلَ عِيسُو، وَيَكُونُ الْمُلْكُ لِلرَّبِّ."

خلاص صهيون (أَمَّا جَبَلُ صِهْيَوْنَ فَتَكُونُ عَلَيْهِ نَجَاةٌ): بعد أن تنبأ النبي بخراب أدوم يتنبأ بأخبار مفرحة عن صهيون، فالله لن يتركها في ذلها. فهو وإن كان قد أدبها فهو سيرحمها، فهو الذي يجرح ويعصب. وآية (17) صورة لرد صهيون إلى قوتها وقدسيتها وكرامتها. وعلى جبلها تكون نجاة وخلاص. وصهيون هي الكنيسة السماوية = جبل صهيون لأنها جسد إلهنا السماوي. والخلاص سيكون من خلال هذا الجسد. وهذا الجسد سكن فيه الروح القدس فصار مقدسًا = ويرث بيت يعقوب مواريثهم = وماذا يرث بيت يعقوب؟ في العهد القديم حينما عاد اليهود من السبي ورثوا أرضهم ثانية. أما في العهد الجديد فنسمع الوعد "فإن كنا أولاد فإننا ورثة أيضًا ورثة الله ووارثون مع المسيح" (رو17:8). وآية (18) إلهنا نار آكلة. والروح القدس إلهنا حلَّ على التلاميذ على هيئة ألسنة نار، وباسم إلهنا نحرق الشياطين وأعمالهم وكبريائهم وحسدهم = ويكون بيت يعقوب نارًا وبيت يوسف لهيبًا = والسيد أعطانا سلطانًا أن ندوس الحيات والعقارب. ولماذا ذكر يعقوب ويوسف؟ قد يعني هذا عودة يهوذا وإسرائيل في وحدة وقد يعني بيعقوب كل من آمن بالمسيح فله الوعد بأن يدوس الشيطان، ولكن بشرط أن يحفظ نفسه طاهرًا ويجاهد كيوسف. وأنظر إلى ضعف الشياطين ومن يتبعونهم ويضطهدون الكنيسة فهم ليسوا سوى قش. وفي (19، 20) هنا الكنيسة تضم الأمم من كل الشعوب وكل الألسنة. والوصف تم بلغة اليهود. وهم حين عادوا من السبي امتلكوا أرضهم ولكن هنا سيمتلكون ليس أرضهم فقط بل أرض من حولهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ويرث أهل الجنوب مملكة عيسو (وَيَرِثُ أَهْلُ الْجَنُوبِ جَبَلَ عِيسُو) فهي أقرب لهم. وأهل السهل في غرب البلاد يحتلون فلسطين (يَرِثُ.. أَهْلُ السَّهْلِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ). وسكان يهوذا يرثون أرض أفرايم التي كان يمتلكها العشرة أسباط ويرث بنيامين جلعاد. أما في آية (20) فنجد صورة للوحدة بين يهوذا وإسرائيل وهذه تشير للكنيسة التي تمتد وترث كل الأرض ليس أرض إسرائيل فقط بل كل العالم (أش18:49-23). وهنا نجد الكنيسة قد امتدت إلى صرفة التابعة لصيدا. وتمتد جنوبًا (مُدُنَ الْجَنُوبِ).... صَفَارِدَ  وهذه موقعها غير معروف وقد يكون في بابل (لكن اليهود يقولون أنها فرنسا أو أسبانيا وهم يتوهمون أنهم سوف يمتلكونهما بعد هلاك المسيحيين فيها، فهم يقولون أن الأدوميون هم المسيحيين) وسبي هذا الجيش.

وسبي أورشليم = هم المؤمنين بالمسيح الذين كانوا في سبي الشيطان وتحرروا وورثوا الأراضي. وكان أهل أورشليم المسبيين في صفارد هذه. وفي (21) مخلصون = هم الرسل الذين كرزوا ببشارة الخلاص لكل العالم. وبكلمة كرازتهم يدينوا عيسو، وعيسو رمز للشيطان "ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة" (1كو3:6) ونأتي لغاية النبوة والكتاب المقدس كله = ويكون الملك للرب. فلنصلي ليأتي ملكوتك. (قارن مع 1كو24:15-28 + عب8:2، 9).

هذه الآيات تشير لتأسيس كنيسة المسيح جبل صهيون التي ستُمَلِّك الرب يسوع على قلوب المؤمنين به. وهذه الكنيسة ستكون من اليهود والأمم، وهذا ما تم الإشارة إليه هنا بقوله وَيَكُونُ بَيْتُ يَعْقُوبَ نَارًا، وَبَيْتُ يُوسُفَ لَهِيبًا فبيت يعقوب يشير لليهود فيعقوب هو أبو الأسباط. وبيت يوسف يشير للأمم، فيوسف يمثل مملكة إسرائيل الشمالية والتي ذهبت للسبي في أشور لوثنيتها. فصارت بهذا رمزا للأمم (يوسف هو أبو أفرايم، وأفرايم كان إسما لإسرائيل فهو أكبر أسباطها) . وبالمسيح إستردت الكنيسة ميراث السماء = ويرث بيت يعقوب مواريثهم وقوله أن الكنيسة تصير نارا ولهيبا فهذا إشارة لعمل الروح القدس الذي سيرسله المسيح ليسكن في الكنيسة وفي المؤمنين ويعطيهم قوة لتحرق بيت عيسو (بَيْتُ عِيسُو.. فَيُشْعِلُونَهُمْ) الذي يكون بعمل المسيح قَشًّا = فهذا يعني أن المسيح بصليبه أضعف جدًا قوة الشيطان الذي رمزه عيسو. ولن يقوى الشيطان ولا مملكته من الصمود أمام الكنيسة الممتلئة بالروح = "أبواب الجحيم لن تقوى عليها" (مت16: 18). ولتأكيد فكرة دخول الأمم وأن الكنيسة سترث كل الأمم يقول: وَيَرِثُ أَهْلُ الْجَنُوبِ جَبَلَ عِيسُو، وَأَهْلُ السَّهْلِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَيَرِثُونَ بِلاَدَ أَفْرَايِمَ وَبِلاَدَ السَّامِرَةِ وَيَرِثُ بِنْيَامِينُ جِلْعَادَ. وَسَبْيُ هذَا الْجَيْشِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَرِثُونَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ إِلَى صَرْفَةَ. وَسَبْيُ أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ فِي صَفَارِدَ يَرِثُونَ مُدُنَ الْجَنُوبِ.

هنا نرى الكنيسة ترث السماء، يرث أهل الجنوب = جاءت كلمة الجنوب في أصلها اللغوي بمعنى العطش أو الجفاف أو الموت عطشا. وهكذا كان الأمم قبل المسيح. وهؤلاء بالمسيح ورثوا جبل عيسو . فإن كان الشيطان رمزه هو عيسو، فالشيطان كان نصيبه السماء قبل سقوطه = والجبل في علوه يرمز للسماء، وبالمسيح صار ما كان للشيطان ميراثا، صار نصيبا للكنيسة.

وكانت البشرية في حالة وضيعة = أهل السهل lowland الأراضي الواطئة، سترث الفلسطينيين الغلف المرفوضين الذين كانوا في عداوة مع الله وشعبه، هؤلاء سيصيروا مؤمنين ترثهم الكنيسة أي يصيروا من أولادها فيرثون معها ميراثها السماوي. [فالله يرفع المتضعين وينزل الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ] (لو1: 52).

ويرث بنيامين جلعاد = الكنيسة جعلها المسيح عن اليمين لترث جلعاد، وجلعاد جبل عالٍ جدًا يرمز للسماويات، ومراعيه خضراء رمزا للحياة. ومسيحنا هو الراعي الصالح الذي يقودنا لمراعٍ خضر ولحياة أبدية.

وَسَبْيُ هذَا الْجَيْشِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ = الجيش هو الكنيسة المرهبة للشيطان كجيش بألوية (نش)، هذه كانت في سبي الشيطان إلى أن حررها المسيح (يو8: 36). يَرِثُونَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ = الكنعانيين كانوا ملعونين وأتى المسيح ليصير لعنة لأجل كنيسته فيحمل هو اللعنة بدلا منها "المسيح افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنة لاجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من علّق على خشبة" (غل3: 13). ويُصيِّر من كانوا لعنة من الوارثين في الكنيسة. إلى صرفة = صرفة تذكرنا بالمجاعة في أيام إيليا، وقد يشير هذا لكل من كان ملعونا بسبب الخطية، فكان في مجاعة لكلمة الله. وهؤلاء جاء المسيح ليشبعهم.

وَسَبْيُ أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ فِي صَفَارِدَ يَرِثُونَ مُدُنَ الْجَنُوبِ = قد تشير لليهود الذين كانوا مسبيين في صفارد هذه، وهؤلاء سيعودوا من السبي ويستعيدوا مدن الجنوب. ولكن ترجح دائرة المعارف الكتابية أن صفارد هي ساردس في آسيا الصغرى. ولو صح هذا الكلام، فإن ساردس التي تعني لغويًّا البقية يكون في هذا إشارة لرجوع بقية اليهود في نهاية الأيام.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات عوبديا: مقدمة | 1

 

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/36-Sefr-Obedia/Tafseer-Sefr-Obedya__01-Chapter-01.html

تقصير الرابط:
tak.la/jfwjn98