St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   resurrection
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث

39- لا تلمسيني

 

سؤال

لماذا ظهر الرب لمريم المجدلية بعد القيامة، لماذا قال لها "لا تلمسيني" (يو 20: 17).. بينما سمح للقديس توما أن يلمسه؟ (يو 20: 27)، وسمح لباقي الرسل أن يلمسوه (لو 24: 39). فهل منعها من لمسه لأنها امرأة، وسمح لهم لأنهم رجال؟

 

جواب

والجواب على ذلك أن السيد الرب سمح لمريم المجدلية أن تلمسه قبل الرسل جميعًا. وقد ورد ذلك في أول لقاء لها معه بعد القيامة في (متى 28)(1).

لقد ذهبت مريم المجدلية مع مريم الأخرى إلى القبر، وأبصرتا القبر فارغًا، والحجر مدحرجًا من عليه، وبشرهما الملاك بقيامة الرب، وفي خروجهما قابلهما الرب وقال سلام لكما. وهنا يقول القديس متى الإنجيلي:

St-Takla.org Image: The Resurrection. Matthew, ch. 23 صورة في موقع الأنبا تكلا: القيامة متى الأصحاح 23.

St-Takla.org Image: The Resurrection. Matthew, ch. 23

صورة في موقع الأنبا تكلا: القيامة متى الأصحاح 23.

"فتقدمتا وأمسكتا بقدميه، وسجدتا له" (متى 28: 9). إذن مريم المجدلية قد لمست المسيح بعد القيامة.

ولم يمنعها الرب عن ذلك بسبب أنها امرأة. بل على العكس كلفها أن تمضي وتبشر تلاميذه بالقيامة وبمقابلة الرب في الجليل. وهذا شرف عظيم أن يكلف امرأة بتبشير الرسل.

ولكن الذي حدث بعد ذلك، أن مريم المجدلية استسلمت للشكوك التي كان قد نشرها رؤساء الكهنة حول القيامة.

كانوا قد ملأوا الدنيا شائعات أن الجسد قد سرق من القبر، بينما كان الحراس نيامًا. وكان من الممكن أن هذه الشائعات لا تترك تأثيرها مطلقًا في نفس مريم، لولا أنها رأت أن الرسل أنفسهم لم يصدقوا القيامة!

أما شكوك التلاميذ فواضحة من عدم تصديقهم لخبر القيامة، لقد ذهبت إليهم المجدلية، وبشرتهم بقيامة المسيح "فلما سمع أولئك أنه حي وقد نظرته، لم يصدقوا" (مر 16: 19-11).

ولما أخبرهم بقيامة الرب تلميذا عمواس، "لم يصدقوا ولا هذين" (مر 16: 12، 13). وكذلك لما أخبرهم النسوة بأمر القيامة "تراءي كلامهن لهم كالهذيان، ولم يصدقوهن" (لو 24: 9-11).

فلما رأت المجدلية أن رسل المسيح لم يصدقوها، ولم يصدقوا باقي النسوة، ولا تلميذيّ عمواس، بدأت تشك هي الأخرى...

إنها فتاة صغيرة، ربما ظنت ما رأته عند القبر حلمًا أو خيالًا. أم هي أقوى إيمانًا من الرسل؟! هذا غير معقول. وفكرت ربما يكون البعض قد سرقوا الجسد ونقلوه من موضعه! ليس الرسل وإنما آخرون، ربما البستاني مثلًا قد أخذه لسبب ما.

وطبعًا كل هذه شكوك ضد الإيمان لأنها رأت بنفسها القبر الفارغ، ورأت المسيح ولمسته وسمعت صوته، وسمعت بشارة الملاك ثم الملاكين...

وكما أنكر بطرس المسيح أثناء محاكمته ثلاث مرات، هكذا مريم المجدلية أنكرت قيامة الرب ثلاث مرات، وورد هذا الإنكار الثلاثي في أصحاح واحد (يو 20: 12، 13، 15).

 

1- المرة الأولى: حينما ذهبت إلى القديسين بطرس ويوحنا وقالت لهما: "أخذوا السيد من القبر، ولسنا نعلم أين وضعوه" (يو 20: 2). وهذا الكلام معناه أن الرب لم يقم من الأموات، ما داموا قد أخذوا جسده ووضعوه في مكان ما!

 

2- والمرة الثانية: حينما كانت خارج القبر تبكي. وسألها الملاكان: لماذا تبكين؟ فأجابت بنفس الكلام "أنهم أخذوا سيدي، ولست أعلم أين وضعوه" (يو 20: 13).

 

3- والمرة الثالثة: حينما ظهر لها السيد المسيح، وفي بكائها لم تبصره جيدًا وظنته البستاني، أو هو أخفي ذاته عنها... فقالت له "يا سيد، إن كنت أنت قد حملته، فقل لي أين وضعته، وأنا آخذه" (يو 20: 15).

فلما أظهر لها الرب ذاته، وتعرفت عليه، قالت له ربوني أي يا معلم".

منعها الرب أن تلمسه، توبيخًا لها على إنكارها الثلاثي لقيامته. وأيضًا لا يجوز أن تلمسه بهذا الإيمان: إنه شخص عادي مات، حملوا جسده ووضعوه في مكان ما..!

قالت لبطرس ويوحنا "أخذوا السيد من القبر، ولسنا نعلم أين وضعوه". وقالت للملاكين "اخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه". وقالت للرب وقد ظنته البستاني "إن كنت قد أخذته، فقل لي أين وضعته".. تكرار لادعاءات الجند، ليس فيه إيمان بالقيامة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.

فقال الرب" لا تلمسيني "أي لا تقتربي إلى بهذا الاعتقاد وبهذا الشك. بعد أن رأيتني قبلًا، وأمسكت قدمي، وسمعت صوتي، وكلفتك برسالة لتلاميذي، وبعد أن رأيت القبر، وسمعت شهادة الملائكة. لا تلمسيني في نكران، لأني لم أصعد بعد إلى أبي.

أما عبارة "لأني لم أصعد بعد إلى أبي".. فإن القديس ساويرس الأنطاكي، وكذلك القديس أوغسطينوس لم يأخذاها بالمعنى الحرفي وإنما بالمعنى الرمزي، لأنه كانت قد لمسته قبل ذلك. وقال القديسان في ذلك إن الرب يقصد من عبارته:

لا تلمسيني بهذا الإيمان، لأني لم أصعد بعد في ذهنك إلى مستوى أبي في لاهوته، بل تظنين أن جسدي ما زال ميتًا يحمله الناس حيث شاءوا.

وعلى أية الحالات، فقد عزاها، وفي نفس الوقت كلفها برسالة تبلغها إلى الرسل. ولا داعي لهذه التحيات. المهم في العمل الذي يبني الملكوت...

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) كان مكتوبًا في الكتاب المطبوع شاهد (متى 24) كخطأ مطبعي (طبعة إبريل 1990 - ص. 89)، ولكن السليم هو شاهد (متى 28). وستجد مرجعًا تفصيليًا بذلك في مقال بعنوان "ظهورات المسيح لمريم المجدلية بعد القيامة" للأنبا بيشوي هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/resurrection/touch.html

تقصير الرابط:
tak.la/j8d2jdj