St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   love
 
St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   love

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المحبة قمة الفضائل - البابا شنوده الثالث

106- الْمَحَبَّةُ لاَ تَنْتَفِخُ

 

الفصل الرابع: المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تُقَبِّح (1 كو 13: 4، 5)

 

المحبة لا تنتفخ

 

عبارة (لا تتفاخر) تعني لا تفتخر على غيرها، وعبارة (لا تنتفخ) تعني لا تعامل غيرها بانتفاخ، أي لا تتعالَى على الغير. فالذي يحب، يعامل من يحبه بمودة، وليس بعظمة. وقد قيل عن السيد الرب في محبته لنا، لما صار في شبه الناس:

(إن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم) (مت20: 28).

وهكذا في محبته لتلاميذه، انحني وغسل أرجلهم. وكان هذا أيضًا تعليمًا صالحًا لهم، إذ قال بعد ذلك (فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم، فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض. لأني أعطيتكم مثالًا، حتى كما صنعت أنا بكم، تصنعون أنتم أيضًا) (يو13: 14، 15).

ومحبة الله الآب، نقول عنه في القداس الإلهي:

(الساكن في الأعالي، والناظر إلى المتواضعات).

إن سُكْنَاه في الأعالي، هذا الذي سماء السموات لا تسعه (1مل8: 27). لم يمنعه هذا العلو من أن ينظر إلى البشر، الذي هو (تراب ورماد) (تراب ورماد) (تك18: 27). وهو (يعرف جبلتنا، يذكر أننا تراب نحن) (مز103: 14). إنها المحبة التي لا تتعالَى.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

محبة الله التي لا تتعالَى على أولاده في الحوار.

الله الذي يأخذ رأي أبينا إبراهيم في موضوع سادوم، ويقول (هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله؟!) (تك18: 17). ويدخل معه في حوار يسمح فيه لإبراهيم أن يقول له (حاشا لك يا رب أن تفعل مثل هذا الأمر، أن تميت البار مع الأثيم... حاشا لك. أديان الأرض كلها لا يصنع عدلًا) (تك18: 5). ولا يغضب الله، ويستمر الحوار...

نعم هو الله المحب الذي يشرك معه موسى هم جهة مصير الشعب الذي عبد العجل الذهبي، ويقول له (اتركني ليحمي غضبي عليهم وأفنيهم...) ولكن موسى لا يتركه. بل يقول له (أرجع عن حمو غضبك، وأندم على الشر بشعبك. أذكر إبراهيم وإسحق وإسرائيل عبيدك...) (خر32: 10-14). ويستجيب الرب لموسى.

الله الذي في محبته يتنازل ليظهر لعبيده ويكلمهم.

St-Takla.org Image: The Revelation to Saint John the Apostle صورة في موقع الأنبا تكلا: رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي و الرسول

St-Takla.org Image: The Revelation to Saint John the Apostle

صورة في موقع الأنبا تكلا: رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي والرسول

كما فعل مع سليمان، تراءى له مرتين: أحدهما في جبعون، والأخرى في أورشليم (1مل 3، 9). على الرغم من الله كلن يعرف بسابق علمه أن سليمان سوف يميل قلبه وراء آلهة أخرى بسبب نسائه (1مل11: 4).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ولعل من أبرز الأمثلة على عدم التعالي، أن السيد الرب في تجسده، دعا تلاميذه إخوته.

وفي ذلك يقول بولس الرسول عنه إنه (لا يستحى لأن يدعوهم أخوة، قائلًا: اخبر باسمك إخوتي) (عب2: 11، 12)... وأنه (كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء) (عب2: 17). بل أن الرب نفسه يقول للقديسة المجدلية وزميلتها (اذهبا قولا لأخوتي أن يمضوا إلى الجليل وهناك يرونني) (مت28: 10).

وهو نفسه يقول لتلاميذه، وقد أحبهم حتى المنتهى (يو13: 1)... (لا أعود أسميكم عبيدًا، لكني قد سميتكم أحباء) (يو15: 15)... ويستمر هذا الوعد في الأبدية، في أورشليم السمائية، مسكن الله مع الناس، حيث يكون الله في وسط شعبه (رؤ20: 3).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بل من أعظم الأمثلة المحبة التي لا تتفاخر ولا تنتفخ هي قول الرب لتلاميذه:

"ومَن يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها، يعملها هو أيضًا، ويعمل أعظم منها..." (يو14: 12).

عبارة عجيبة في تواضعها، يقف أمامها العقل البشري مبهوتًا... كما يقف العقل مبهوتًا أمام محبة الله للبشر، التي بسببها يتقدم السيد المسيح إلى يوحنا ليعتمد منه، معمودية التوبة، نيابة عنا...! أين هنا التفاخر والاتضاع...؟! بل المحبة التي تصعد على الصليب، لكي تحمل كل خطايا العالم، ويُحْصَى وسط آثمة (أش53: 6، 12)...

ليس فقط لا يوجد تفاخر، بل بالأكثر انسحاق...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وكما سلك السيد المسيح، سلك أيضًا تلاميذه بأسلوب المحبة التي لا تتفاخر ولا تنتفخ...

مهما كان الغضب المنصب عاليًا. فهوذا القديس بولس الرسول، يقول في توبيخه لأولاده في كورنثوس (اطلب بوداعة المسيح وحمله، أنا نفسي بولس، الذي في الحضرة ذليل بينكم. وأما في الغيبة فمتجاسر عليكم. ولكن اطلب أن لا أتجاسر وأنا حاضر) (2كو10: 1، 2). ويقول في حديثه مع شيوخ كنيسة أفسس (اسهروا متذكرين أني ثلاث سنين ليلًا ونهارًا، لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد) (أع20: 31).

عبارات عجيبة، يقولها الرسول العظيم الذي اختطف إلى السماء الثالثة، إلى الفردوس، وسمع كلمات لا ينطق بها (2كو12: 2-4)... ومع كل هذه العظمة لا يتفاخر ولا ينتفخ، بل يقول عن نفسه إنه ذليل، ومتجاسر وينذر بدموع.

وفي مجال الافتخار، يقول لا افتخر إلا بضعفاتي.

ويشرح كيف أن ملاك الشيطان لطمه بشوكة في الجسد، وانه تضرع إلى الله ثلاث مرات بسببها ولم يستجب الله صلاة في هذا الأمر، بل قال له تكفيك نعمتي (2كو12: 5-9).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لم يفتخر أحد من الرسل بمنصبه العظيم ولم ينتفخ.

بطرس الرسول يكتب في مقدمة سفر الرؤيا: (أطلب إلى الشيوخ الذين بينكم، أنا الشيخ رفيقهم، والشاهد لآلام المسيح) (1بط5: 1).

ويوحنا الرسول يكتب في مقدمة سفر الرؤيا (أنا يوحنا أخوكم، وشريككم في الضيقة، وفي ملكوت يسوع المسيح وصبره) (رؤ1: 9). يكتب بهذا الأسلوب في مقدمة الرؤيا التي رأى فيها السيد الرب، ورأى بابًا مفتوحًا في السماء، وعرش الله، وكثيرًا من القوات السمائية التي لم يرها رسول غيره، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى... ومع ذلك لا يتفاخر... بل يقول: أخوكم وشريككم...

وبولس الرسول يبدأ الكثير من رسائله بعبارة (بولس عبد ليسوع المسيح) (رو1: 1) (في1: 1).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بل بالأكثر، سمي الرسل رسالتهم خدمة...

فقال القديس بولس الرسول (هكذا فليحسبنا الإنسان كخدام للمسيح) (1كو4: 1). وقال إن الرب (أعطانا خدمة المصالحة) (2كو5: 18). (في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام في صبر كثير في شدائد في ضرورات) (2كو6: 4). وقال القديس بولس الرسول عن عملهم الكرازي إنه (خدمة الكلمة) (أع6: 4). وقال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف (أعمل عمل المبشر، تمم خدمتك) (2تي4: 5). وقال عن نفسه وعن زميله أبلوس (من هم بولس ومن هو أبلوس؟ بل خادمان آمنتم بواسطتهما) (1كو3: 5).

ولعل هذا كله تنفيذًا لوصية الرب لتلاميذه:

(مَن أراد أن يكون فيكم عظيمًا، فليكمن لكم خادمًا).

وأيضًا (ومن أراد أن يكون فيكم أولًا، فليكن لكم عبدًا) (مت20: 26، 27). وحسبما ورد في الإنجيل لمار مرقس الرسول (إذا أراد أحد أن يكون أولًا، فليكن آخر الكل وخادمًا للكل) (مر9: 35). وهذا هو عمل الرسولية، الذي لا يتفاخر ولا ينتفخ، بل في محبته لله ولملكوته، وفي محبته للمخدومين يكون آخر الكل وخادم الكل.

ويشبه هذا، صلاة القديس أوغسطينوس من أجل رعيته، التي قال فيها (اطلب إليك يا رب، من أجل سادتي عبيدك...).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وكما كان الآباء في محبتهم لا يتفاخر بالمناصب، كانوا أيضًا لا يتفاخرون بحياة القداسة.

ولا يتفاخرون ولا ينتفخون بالمواهب الإلهية.

ولا يظهرون أما الناس بمظهر من قد أعطاه الله ما لم يعطه لغيره. لأنه إلى جوار الكبرياء في هذا التفاخر، فإنه يوقع الآخرين أيضًا في صغر النفس وفي الغيرة المرة وكل هذا ضد مشاعر المحبة الحقيقية التي تهتم بغيرها أكثر مما تهتم بنفسه.

وهكذا نجد أن الرسل في علو مستواهم الروحي يقولون عن أنفسهم أنهم خطاة. فالقديس بولس الرسول يقول إن (المسيح يسوع جاء إلى العالم، ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا) (1تي 1: 15). ويقول (أنا الذي كنت قبلًا مجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا ولكنني رحمت لأني فعلت ذلك بجهل في عدم إيمان) (1تي 1: 13).

والقديس يوحنا الحبيب يقول (إن قلنا إنه ليس لنا خطية، نضل أنفسنا وليس الحق فينا) (1يو1: 8). والقديس يعقوب الرسول يقول (لا تكونوا معلمين كثيرين يا أخوتي، عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم، لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا) (يع3: 1، 2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المحبة لا تفتخر بالمواهب، بل تستخدمها في اتضاع لنفع وخدمة الآخرين.

هوذا القديس بطرس الرسول حينما أقام الرجل المقعد الأعرج من بطن أمه المستعطي عند باب الهيكل... وانذهل الناس من هذه المعجزة، قال لهم بطرس الرسول (ما بالكم تتعجبون من هذا، ولماذا تشخصون إلينا، كأننا بقوتنا أو بتقوانا قد جعلنا هذا يمشي) (أع3: 12). وأخذ يحول أنظارهم إلى السيد المسيح الذي أنكروه الذي بالإيمان باسمه تشدد هذا المقعد ومشى...

الذين يتفاخرون وينتفخون بالمواهب، لا يحبون غيرهم، بل لا يحبون أنفسهم أيضًا...

لأن التفاخر بالموهبة، قد يبعدها عن صاحبها، إن كانت موهبة حقيقية من الله. كما يدل ذلك أيضًا على أن الذي منحه الله الموهبة، لم يستطيع أن يتحملها فارتفع قلبه بسببها على غيره، وبدأ يتفاخر على مَن لم يأخذوها. وليس في هذا الأمر حب وليس فيه تواضع، وليس فهم للموهبة.

فالمواهب يمنحها الله الخير للناس، وليس للكبرياء...

الله يمنحك الموهبة، لمي في محبتك للناس، تستخدم الموهبة لخيرهم... كمواهب الشفاء مثلًا، أو إخراج الشياطين... أو مواهب الذكاء والمعرفة، التي تستخدمها في محبة لتعليم الآخرين وهدايتهم، وليس للتفاخر والانتفاخ. وإلا فإنك تكون قد تركت الهدف من الموهبة، وهو محبة الآخرين وخدمتهم، وتحولت إلى التمركز حول الذات بطريقة غير روحية...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قُلْنَا إن المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ، بسبب علو المركز، ولا بسبب المواهب، ولا بسبب العقل...

كذلك لا تتفاخر بسبب الغِنَى ولا التمايز المادي.

المفروض أن الغني يستخدم غناه لخير المحتاجين، وهكذا يكون قد أحبهم وكسب محبتهم له... ولكن لا يتفاخر عليهم وينتفخ، ويشعرهم بالضعة والمذلة. وإن أعطاهم، لا يجوز أن يعطيهم بارتفاع قلب، ولا بشعور أنه المعطي، وأنهم منه يأخذون. فهو فيما يعطي، إنما يتقاسم معهم مالًا، قد أرسله الله ليتوزع في حب، عليه وعليهم...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/love/puffed.html

تقصير الرابط:
tak.la/gdxk3qt