St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - الجزء الثامن: أسفار يشوع والقضاة وراعوث
تصدير للمؤلف
أ. حلمي القمص يعقوب

 

قال قداسة البابا شنودة الثالث:

خطورة النقد الكتابي

بعض مدرسي الكتاب والوعاظ في بلاد الغرب يجعلون أنفسهم قوَّامين على الكتاب المقدَّس: يراجعون ألفاظه، كما لو كانوا علماء في اللغة، وينتقدون ما يشاءون، ويحذفون ما يشاءون! كما لو كان الكتاب خاضعًا لعقولهم! وليست عقولهم هي التي ينبغي أن تخضع للكتاب.. كما أنهم جعلوا بعض أجزائه أقل أهمية من غيرها!

ونحن لا نقبل منهم هذا الوضع ولا نوافقهم عليه.

إما أن ينتقل بعض من فكرهم إلى داخل كنيستنا، فأمر عجيب ما كنا ننتظره إطلاقًا، وسنضطر إلى مواجهته، حتى لا ينتقل إلى بعض البسطاء الذين قد يقبلون ما يُقدم لهم من فكر بغير فحص.. !"(1).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ودعونا يا أبائي وأخوتي أن نربط هذه الفقرة العميقة بمنهج البحث في النقد الكتابي:

1- أن الذين يهاجمون كتابنا المقدَّس يصفون أصحاب النقد الكتابي بأنهم " علماء الكتاب" و"علماء المسيحية". أما قداسة البابا شنودة الثالث فيصفهم بدقة أنهم " مدرسي الكتاب والوعاظ " لأنهم لو كانوا علماء لعلموا أدركوا العصمة الشاملة الكاملة التامة للكتاب، وأن الكتاب بعهديه مُوحى به من الله جملة وتفصيلًا (راجع مدارس النقد جـ2 من س85 إلى س 96 ص 100 - 164).

2- هؤلاء النُقَّاد الذين يجعلون أنفسهم قوَّامين على الكتاب المقدَّس يتعاملون مع الكتاب المقدَّس كما يتعاملون مع أي كتاب أدبي أو أخلاقي، فيخضعونه للتقييم والنقد في ضوء العقل.

3- هؤلاء الذين ينتقدون ما يشاءون، فمنهم من يُنكر المعجزات الكتابية، ومنهم من يُنكر الشخصيات التاريخية مثل آدم وحواء ونوح والآباء البطاركة، ومنهم من يُنكر الحقائق التاريخية مثل السقوط والطوفان، وبلبلة الألسن.. ومنهم من يعتقد بأن العهد القديم ما هو إلآَّ شريعة للغاب.. وأن إله العهد القديم إله قاسي عنصري جزار.. ومنهم من يُنكر الميلاد العذراوي للسيد المسيح، ومنهم من يظن أن يسوع كشخصية تاريخية (يسوع التاريخ) يختلف عن الصورة التي أوضحتها الأناجيل (مسيح الإيمان) ومنهم من يُنكر قيامته من الأموات، بل منهم من يُنكر لاهوته، ومنهم من يُنكر الحياة الأخروية.. إلخ (راجع مدارس النقد جـ2).

4- في قول قداسة البابا " يحذفون ما يشاءون. كما لو كان الكتاب خاضعًا لعقولهم " فأنه يفضح حقيقة هؤلاء النُقَّاد الذي يسيّدون ويؤلّهون ويعبدون العقل، فما يقبله العقل يقبلونه، وما هو فوق مستوى العقل يرفضونه، ويحذفونه إن استطاعوا ذلك، أو يعتبرونه كأنه لم يكن.

5- في قول قداسة البابا " أنهم جعلوا بعض أجزائه أقل أهمية من غيرها " يشير إلى اعتقاد هؤلاء النُقَّاد بالنظرية الجزئية للوحي الإلهي، فما نطق به الله مثل الوصايا العشر هو مُوحى به، وما نطق به الكاتب قد لا يخلو من الأخطاء العلمية أو التاريخية أو الجغرافية، فالكاتب (في نظرهم) هو ابن عصره، يستمد معلوماته من البيئة المحيطة به، فقالوا: وماذا يدري موسى النبي الذي كتب قصيدة الخلق من علماء العصر في الطبيعة والجيولوجيا والفلك.. وأغفلوا تمامًا عمل الروح القدس في الوحي الإلهي، حيث كان يصاحب الكاتب من الحرف الأول إلى الحرف الأخير يعلمه ويرشده ويعصمه من الخطأ تمامًا وينير ذهنه ويساعده على إنتقاء الألفاظ.

6- في قول قداسة البابا " نحن لا نقبل منهم هذا الوضع.. وسنضطر إلى مواجهته " هو إعلان وتكليف لكل أبناء الكنيسة الأمناء للتصدي للنقد الكتابي من خلال مناهج التربية الكنسية، والعظات، والمؤتمرات، والإكليريكيات.. ومن أجل هذا كان هذا العمل المتواضع في " سلسلة ملف مفتوح " مدارس النقد والتشكيك والرد عليها.

وحقيقة أنني أشكر إلهي الصالح الذي أعانني كثيرًا، إذ قد تمت الإجابة على تسعمائة سؤال (إلاَّ سؤال) من قبل، واليوم نواصل المسيرة مستمدين من جوده العون والقوة والحكمة لاستكمال المسيرة حسبما تشأ المشيئة الإلهية..

إلهي الصالح.. كم أشكرك على البركة التي منحتني إياها من خلال هذه الدراسة الشاقة الشيقة.. يا ليت هذه الدراسة تظل بركة للأجيال، لا تطويها الأيام، ولا تذوب في بحر النسيان، بل يأتي من يستكملها وينميها ويصقلها. حقًا يا إلهي، مادامت إرادتك قد شاءت ظهور هذه المادة، مادة النقد الكتابي، للنور، فدعني ألتمس من عنايتك أن تظل هذه الشعلة متقدة ويُستكمل ضياءها حتى السفر الأخير، سفر الرؤيا، لكيما تضئ لكل السائرين في الدرب، العابرين إلى الملكوت.. أولئك الذين يواجهون شكوك عدو الخير المتزايدة، إذ لا يكف عن إلقاء المعاثر أمام بني الملكوت.

شكرًا لكل من قدم لي يد المعونة بصلاة صادقة، أو مرجع هام، أو مشاعر حلوة، أو تشجيع لصغار النفوس.. شكرًا لطلبة الإكليريكيات ومعهد الكتاب الذين تفاعلوا بشدة مع هذه المادة، وقد شرَفت بإيراد فقرات من أبحاثهم التي قاموا بها، ناسبًا كل فقرة لكاتبها بحسب الأمانة العلمية.

وإنني أتطلع يا إلهي إلى اليوم الذي تجد فيه هذه المادة اهتمامًا من قلوب تأكلها الغيرة، فتجدُّ في البحث والدرس، متشبهة بالآباء المدافعين، لكيما تُخرِج لنا جددًا وعتقاء، وتكشف لنا عن كمال وجمال كتابنا المقدَّس.

وفي هذا الجزء الثامن من سلسلة ملف مفتوح - مدارس النقد والتشكيك والرد عليها - نجيب على الأسئلة العديدة التي أثارها النُقَّاد من مدرسة النقد الأعلى، واللاهوت الليبرالي، وذلك من خلال الأبواب الآتية:

الباب الأول: النقد الكتابي في سفر يشوع.

الباب الثاني: النقد الكتابي في سفر القضاة.

الباب الثالث: النقد الكتابي في سفر راعوث.

 

ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد

آمين

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) اللاهوت المُقارن 6: النقد الكتابي ص 5


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/index8-preface.html

تقصير الرابط:
tak.la/jxmchw7