St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - الجزء الرابع: سفر التكوين "2" هل أخذ سفر التكوين من الأساطير
تصدير للمؤلف
أ. حلمي القمص يعقوب

 

أشكر إلهى الصالح الذي أنعم علىَّ بهذه الفرصة لإستكمال سلسلة ملف مفتوح، والخاصة بالرد على النقد الكتابي، ففى الجزء السابق (الثالث) تناولنا (أصل الكون - أصل الإنسان) وفي هذا الجزء الرابع مازلنا ندور في فلك سفر التكوين، ولم ننتهِ بعد، وبعد أن وعدتك بأن هذا الجزء (الرابع) سيشمل الرد على ما تبقى من إدعاءات باطلة وإنتقادات مغرضة موجهة لسفر التكوين، (هل أُخذ سفر التكوين من الأساطير؟ - أسئلة على الطريق) وجدت أن الكتاب سيكون ضخمًا مما يمثل صعوبة للقارئ، لذلك أستميحك يا صديقى لتخصيص هذا الجزء للإجابة عن سؤال رئيسى وهو هل أُخذ سفر التكوين من الأساطير؟ على أن نستكمل هذا البحث (الخاص بسفر التكوين) في جزء خامس إن شاءت نعمة الرب وعشنا.

وبداية لا يسعنى إلاَّ تقديم شكرى العميق:

لنيافة الحبر الجليل الأنبا بولا أسقف طنطا

الذي تعب معى كثيرًا في مراجعته للكتاب السابق، وهذا الكتاب أيضًا، وحقيقة قد استفدت كثيرًا من توجيهاته، وتصحيحه لكافة الأخطاء، بعد أن راجع هذا البحث بالكلمة والحرف بدقة بالغة.

حقًا ما أكثر الكتب التي تهاجم العهد القديم، ولاسيما سفر التكوين سفر البدايات، وما أكثر الإدعاءات بأن الكتاب المقدَّس قد أخذ من أساطير الأولين، فراحوا يربطون بين الأساطير وبين ما ورد في سفر التكوين من قصص الخلق، والفردوس، والسقوط، وقايين وهابيل، والطوفان، وبرج بابل والأباء البطاركة إبراهيم وإسحق ويعقوب، ودمار مدينتى سدوم وعمورة، والهاوية والعالم السفلى، وقصة يوسف.. إلخ لقد وقعت عيناى على عشرات المراجع التي تهاجم الكتاب المقدَّس على أنه مجموعة خرافات وأساطير، ولم تقع عينى على مرجع واحد يرد على هذه المهاترات، ولذلك نحاول في هذا الكتاب عرض أكبر عدد من الأساطير التي قالوا أن سفر التكوين أخذ منها، ليرى القارئ ويحكم، وهدفنا الوحيد هو توضيح الحقائق.

يقول د. محمد بيومى مهران "أن الانطباع العام الأول الذي يبقى في نفس قارئ التوراة ككتاب تاريخ أنها لا تكاد تزيد عن كونها مجموعة من الخرافات والقصص في جو أسطوري حافل بالإثارة للعقل والمنطق"(1).

ويقول فراس السواح "وقصارى القول أن كتاب التوراة، وهو المأثرة الثقافية الوحيدة للشعب اليهودي، قد نشأ وتطوَّر إنطلاقًا من أرضية ثقافية سورية وبابلية ومصرية..

لقد بدأت المشابهات بين التوراة وآداب الشرق القديم تظهر، عندما بدأت الحضارات القديمة للمنطقة تتكشف من تحت التراب بواسطة الحفريات الأثرية.. وأصبح في وسع القائلين بالمعجزة التوراتية أن يدركوا أن آداب التوراة لم تظهر كاملة النمو، وإنما مدَّت جذورها عميقًا لتشرب تسع؟؟ حضارات معاصرة لها وأخرى سابقة عليها، وأن التربة التي أيدت مؤلفى التوراة بمادتهم الأدبية كانت تربة كنعان وآرام وأرض الرافدين"(2).

وحقًا أن هناك نقاط تشابه وتلاقى بين قصص الكتاب والأساطير، ويرجع السبب في هذا لوجود أصل واحد لكل قصة، وقد إنتشرت أصول هذه القصص بواسطة نوح وأبنائه سام وحام ويافث في جميع أرجاء الأرض، ومع مرور الزمن أخذت الشعوب هذه الأصول، وأضافوا إليها ما شاءوا من خرافات فكانت الأساطير، بينما حفظ لنا الكتاب المقدَّس هذه الأحداث نقية كما حدثت بالضبط. لأن روح الله القدوس قد عصم الكاتب أثناء كتابة الأسفار المقدَّسة، فجاءت عصمة الكتاب عصمة شاملة بلا أدنى خلل، ونحن نؤكد أنه لا يوجد تطابق كامل على الإطلاق بين أي قصة كتابية وبين مثيلاتها مما ورد في الأساطير المختلفة، ولكن أعين النقاد تسلط الضوء على بعض التشابهات وتغفل تمامًا الكثير من الاختلافات.

أليست هناك أمورًا عديدة متشابهة بين الديانات المختلفة مثل الصلوات والأصوام والسجود والنذور.. إلخ فهل يعنى هذا أن نخلط الحابل بالنابل، ونقول أن هذا أخذ من ذاك..؟! كلاَّ، وبنفس المنطق نقول ليس معنى وجود تشابهات الكتاب المقدَّس والأساطير يعنى أن الكتاب أخذ من الأساطير.. شتان بين الحق والباطل!!

شتان بين كتاب واحد فريد صمد أمام هجمات الشيطان وبين أساطير لا تصمد أمام طفل صغير، وهذه الأساطير التي صدقتها البشرية في طفولتها، هل من المعقول أن يقبلها العقل الآن..؟! هذا ضرب من المستحيل.

وفي هذا الكتاب نستعرض معًا بصورة مبسطة ومختصرة أكبر عدد من هذه الأساطير، محاولًا على قدر طاقتى أن أمسك القلم عن أي إستفاضة، حتى لا نصرف من وقتنا الثمين أكثر مما ينبغي في هذه الأساطير، وصدقنى يا صديقى أنني لم أخض غمار هذا التيار إلاَّ حفاظًا على إيمان أولادنا، حتى لا تخدعهم الحية القديمة بإدعاءتها بأن الكتاب المقدَّس حوى في أحشائه الخرافات والأساطير، ولنكن مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا، وفي هذا الكتاب نناقش معًا الفصول الآتية:

الفصل الأول: تمهيد.

الفصل الثانى: قصة الخلق والأساطير.

الفصل الثالث: قصة السقوط والأساطير.

الفصل الرابع: قصة الطوفان والأساطير.

الفصل الخامس: قصص الأباء والأساطير.

الفصل السادس: سفر التكوين وأسفار أبو كريفا.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تاريخ الشرق الأدنى القديم - تاريخ اليهود {مذكرة كلية الآداب - جامعة الاسكندرية 1972م}

(2) مغامرة العقل الأولى ص112


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/index4-preface.html

تقصير الرابط:
tak.la/43tna7z