St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

754- كيف يوصي الله شعبه بأن يستعبد الإنسان أخيه "تستعبدونهم إلى الدهر" (لا 25: 46)؟ وهل يستند المسيحيون على هذا النص في خطف المسلمين والزنوج من أفريقيا واستعبادهم في أمريكا وأوربا؟(1)

 

ويقول أحمد ديدات " الرق والعبودية... بقرار إلهي {وتستملكونهم لأبنائكم من بعدكم ميراث ملك. تستعبدونهم إلى الدهر. وأما أخوتكم بنو إسرائيل فلا يتسلط إنسان على أخيه بعنف} (لا 25: 46) ومن الواضح أنه ليس أوضح ولا أقطع من هذه النصوص نصوص توضح أن الكتاب المقدَّس قد كرَّس الرق الأبدي والعبودية المستمرة والتمييز العنصري بين الأجناس في آن واحد فأضفوا عليها الشرعية بتوصية صريحة من الكتاب المقدَّس. ويزعمون ما يزعمون"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Exorcism of the demon-possessed slave girl of Philippi by Saint Paul (with Saint Silas in the back) (Acts 16: 16-19), fresco from the Basilica of Saint Paul, Rome, Italy. صورة في موقع الأنبا تكلا: إخراج الروح الشرير من عرافة فيلبي بواسطة القديس بولس الرسول (ويُرى القديس سيلا في الخلف) (أعمال الرسل 16" 16-19) - فريسكو في كنيسة القديس بولس، روما، إيطاليا.

St-Takla.org Image: Exorcism of the demon-possessed slave girl of Philippi by Saint Paul (with Saint Silas in the back) (Acts 16: 16-19), fresco from the Basilica of Saint Paul, Rome, Italy.

صورة في موقع الأنبا تكلا: إخراج الروح الشرير من عرافة فيلبي بواسطة القديس بولس الرسول (ويُرى القديس سيلا في الخلف) (أعمال الرسل 16" 16-19) - فريسكو في كنيسة القديس بولس، روما، إيطاليا.

ج: 1- كان نظام الرق منتشرًا في العالم القديم، وكان السادة يعتمدون على العبيد في الرعي والزراعة والحروب، وقد أنتصر إبراهيم على الملوك ورد سبي لوط بواسطة غلمانه، وكان اقتناء العبيد مفيد للسادة، ومفيد للعبيد أيضًا حيث يضمنون قوتهم وكسوتهم علاوة على المأوى وكان السادة الأتقياء يعاملون العبيد معاملة حسنة، حتى أنهم كان يأتمنون الأمناء منهم على ممتلكاتهم وأسرارهم، مثلما ائتمن إبراهيم لعازر الدمشقي، وائتمن فوطيفار يوسف الصديق على بيته وممتلكاته. بل كان العبد أحيانًا يرث سيده الذي لم ينجب ابنًا، وأيضًا كان للإماء الجواري عملهن فدبورة جارية رفقة كان يعقوب يعتبرها أمًا له، وعندما ماتت بكاها الكل ودفنوها تحت بلوطة البكاء، وهذا يُظهر مدى تقديرهم لهذه الجارية التي صارت في مرتبة الأم البديلة.

 

2- لم يرد الله أن يحدث ثورة في المجتمع فيأمر بتحرير العبيد فجأة فتنشب الثورات والمنازعات في المجتمع. إنما أراد الله أن يتدرج بالبشرية خطوة خطوة، لذلك أوصى شعبه بأن لا يستعبدوا أخوتهم طوال الحياة، إنما تكون فترة العبودية بحد أقصى ست سنوات يطلق العبد بعدها حرًا سواء في السنة السابعة أو سنة اليوبيل أيهما أقرب، وسمح لهم باستعباد الشعوب الأخرى التي باعت نفسها لعبودية الشيطان، فيستعبدونهم طوال الحياة، وفي استعبادهم لهم ينقذونهم من عبودية الأصنام، واستعباد شعب الله لهم لهو أهون كثيرًا من استعبادهم للشيطان.

 

3- يقول القمص تادرس يعقوب " إن كان الله قد ترفق بشعبه وطالب الأخوة ما استطاعوا أن يحرروا أخوتهم من العبودية، فلماذا سمح لهم باستعباد الشعوب الغريبة..؟ الله لم يأمر بالعبودية، لكنه سمح لهم بها في حدود معينة تحت ظروف خاصة، وهي تأديب الساقطين في الشر، حتى يدركوا عبوديتهم المرة للخطية وذلهم الداخلي لعدو الخير. لذلك قيل {ملعون كنعان. عبد العبيد يكون لأخوته} (تك 9: 25)"(3).

 

4- وضعت المسيحية الأساس الروحي للتخلص من الرق والعبودية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فدعت فليمون السيد ليقبل عبده الهارب أنسيمس " لا كعبد فيما بعد بل أفضل من عبد أخًا محبوبًا" (فل 16) فهي دعت العبد أخًا، بل أخًا محبوبًا، ودعت المسيحية الجميع للحرية الروحية " لأن من دُعي في الرب وهو عبد فهو عتيق الرب. كذلك أيضًا الحُر المدعو هو عبد للمسيح" (1 كو 7: 12) ففي المسيحية " ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حُر. ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع" (غل 3: 28) ووضعت المسيحية أسس العلاقة الصحيحة والحسنة بين السادة والعبيد " أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم... خادمين بنية صالحة كما للرب... مهما عمل كل واحد من الخير فذلك يناله من الرب... أيها السادة أفعلوا لهم هذه الأمور تاركين التهديد عالمين أن سيدكم أنتم أيضًا في السموات وليس عنده محاباة" (أف 6: 5 - 9) وفي القرن التاسع عشر عندما تم انتخاب "أبراهام لينكولن" رئيسًا للولايات المتحدة عام 1860م قال في خطبته الشهيرة " أن بيتًا منقسمًا على نفسه لا يمكن أن يبقى دائمًا، وأمريكا لا يمكن أن تستمر طويلًا إذا كان نصفها حرًا ونصفها الآخر عبدًا " وفي أول يناير عام 1863م ألغى لينكولن الرق، وظل الجدل دائرًا في الكونجرس حتى تم اعتماد القرار عام 1865م. أما ما يثيره الناقد بشأن خطف المسيحيين في أوروبا وأمريكا للمسلمين والزنوج في أفريقيا واستعبادهم، فهو اتهام باطل لا يتمشى مع الحرية والديمقراطية اللتان تتمتع بهما تلك البلاد، وحتى لو حدث هذا منذ عدة قرون مضت، فأنها تصرفات خاطئة، أرتكبها أصحابها بغض النظر عن الدين، ولا يمكن أن نحمل هذه الأخطاء على الكتاب المقدَّس، بل أن الوصية الإلهية منذ العهد القديم كانت واضحة وصريحة وحاسمة وقاطعة أن الذي يختطف إنسانًا يُقتل " ومن سرق إنسانًا وباعه أو وُجد في يده يُقتل قتلًا" (خر 21: 16) فالله لم يقل لهؤلاء أذهبوا إلى أفريقيا واجلبوا منها أناس تستعبدونهم، بل كان هذا تصرفًا خاطئًا ضد الحق الإلهي الذي يوصي بمحبة الأعداء، ولماذا ركز الناقد على هذا التصرف الشاذ ولم يشد بالرجل المسيحي أبراهام لينكولن صاحب الفضل في إلغاء نظام الرق في العالم، ذاك الرجل الذي قال " يا للعجب. في وسعي أن أفهم رجلًا يصوب نظره إلى الأرض ويكون ملحدًا، غير أنني لا أستطيع أن أدرك كيف يصوب نظره إلى السماء ثم ينكر وجود الله".

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) البهريز جـ 1 س182.

(2) ترجمة علي الجوهري - عتاد الجهاد ص 64.

(3) تفسير سفر اللاويين ص 264.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/754.html

تقصير الرابط:
tak.la/3a3msvk