St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

434- كيف يسكر نوح ويتعرى؟ أليس الأنبياء أصحاب قدوة حسنة؟ كيف يختار الله أنبياء بهذا المستوى الهابط من الأخلاق؟

 

يقول علاء أبو بكر " إذا كان الرب قد اختار الأنبياء والقضاة الذي يمثلون حكمة وهديه على الأرض، فكيف ولماذا ولمصلحة مَن مِن البشر أن يختارهم فاسقين؟ وهل من المحبة أن يختار أشر خلقه لهداية عباده..؟ أن يحدث هذا مع كل الأنبياء تقريبًا، فهذا دليل يوصم هذا الإله بأنه مصر على إضلال خلقه، وحرقهم في نار جهنم في الآخرة!! لم يمر علينا نبي أو قاضي إلاَّ وكان فاسقًا أو كافرًا... فما الحكمة في أن جعل اليهود معظم أنبيائهم يستحقون غضب الله والموت على جرائمهم؟ وما الحكمة التربوية والدينية أن يذكر الرب في كتابه هذه المخازي؟ أيفتخر بانتقائه أشر خلقه؟ أم يدعوكم لإتباعهم والتآسي بسنتهم؟ أين القدوة في هؤلاء الأنبياء رموز التقوى والورع والهداية عند الله والناس؟(1).

ويقول الدكتور محمد حجازي السقا " وأما قولهم (قول المسيحيين): أن الأنبياء ليسوا بمعصومين من غير تبليغ رسالات الله. فإنه قول فاسد لأنهم (الأنبياء) هم وحدهم أقدر الناس على مقاومة الشيطان باعتبارهم قدوة، وأنهم كملح الأرض كما يقول عيسى عليه السلام {ولكن إن فسد الملح فبماذا يُملح، لا يصلح بعد لشيء إلاَّ لأن يطرح خارجًا ويُداس من الناس} (مت 5: 13)"(2).

كما يقول الدكتور حجازي " ويريد (الكاتب) أن يبين: أن شرب الخمر مباح للأنبياء، لأن حياتهم للذة، لا للدعوة إلى الله - في نظره -"(3).

ويقول الدكتور مصطفى محمود " والقراءة المتأنية للتوراة المتداولة لا يخرج منها القارئ بأنه أمام كتاب أوحي به الله. فالأنبياء الذين تعارفنا على إجلالهم واحترامهم نراهم في التوراة عصبة من الأشرار سكيرين ولصوصًا وزناة وكذابين ومخادعين وقتلة... أما الأنبياء فقد قارفوا جميع الخطايا. نقرأ عن نوح عليه السلام أنه شرب خمرًا حتى سكر وتعرى داخل خبائه"(4).

كما يقول الدكتور مصطفى محمود " لم ينجح واحد من الأنبياء الأول الأكابر من التلطيخ... فنوح يسكر ويفقد وعيه... ولوط يضاجع أولاده وهو سكران... ويعقوب يسرق البركة والنبوءة والأغنام والمواشي... ويهوذا يزني بامرأة ابنه... وداود يشتهي زوجة الضابط أوريا فيزني بها يرسل زوجها للقتل للتخلص منه. أما بيت داود النبي فهو أشبه ببيت سري... الأخ يغتصب الأخت. والابن يضاجع زوجات أبيه في عين الشمس وأمام جميع إسرائيل. أما سليمان فيختم حياته المجيدة بعبادة الأصنام... وهارون يصنع العجل الذهبي ويعبده... حتى موسى تقول التوراة إنه خان ربه ولم يقدسه... ولهذا يحرمه الرب من دخول الأرض الموعودة... حتى أيوب نقلوا على لسانه أنه ينكر البعث والقيام من القبور"(5).

وأيضًا يقول الدكتور مصطفى محمود " كيف نقود قطيعًا من الخراف الضالة بكبش ضال مثلهم... أليس طبيعيًا أن يكون القائد قدوة طيبة ونموذجًا حسنًا. كيف يدعو الأنبياء إلى الوصايا العشر وفي أولها: لا تقتل لا تسرق لا تزن... ويكونون هم أول من يقتل ويسرق ويزني؟ أنا لم أقل أن الأنبياء يجب أن يكونوا آلهة وإنما قلت أن من الطبيعي أن يكون النبي قدوة طيبة ونموذجًا حسنًا بحكم كونه المختار من ملايين... حْرص اليهود على تخريب كل شيء، جعلهم يقتلون حتى ذكرى هؤلاء الأنبياء ويشوهون سيرتهم ويتابعون أعمالهم وأقوالهم بالتحريف.."(6).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The drunken Noah with his sons (Genesis 9:22-23): Noe lies in the foreground, Sem and Japhet are half turned away and hold a large cloak in front of them, while Ham laughs over his father who exposed himself in drunkenness, and his brothers cover him. - from: Mirror of Human Salvation manuscript (image 100) (Speculum Humanae Salvationis), (Cologne or Westfalia, c1360) - Universitäts-und Landesbibliothek, Darmstadt, Germany, Hs 2505. صورة في موقع الأنبا تكلا: سكر نوح وحوله أبناؤه (التكوين 9: 22-23): نوح مستلقيًا، وحوله سام ويافث معطيانه ظهرهما وهما ممسكان بعباءة أمامهما، بينما حام يقف ضاحكًا أمام أبيه العاري. - من مخطوط مرآة خلاص البشرية (صورة 100)، صدر في كولونيا أو وستفاليا بألمانيا، 1360 م. تقريبًا - جامعة دارمشتات التقنية، ألمانيا.

St-Takla.org Image: The drunken Noah with his sons (Genesis 9:22-23): Noe lies in the foreground, Sem and Japhet are half turned away and hold a large cloak in front of them, while Ham laughs over his father who exposed himself in drunkenness, and his brothers cover him. - from: Mirror of Human Salvation manuscript (image 100) (Speculum Humanae Salvationis), (Cologne or Westfalia, c1360) - Universitäts-und Landesbibliothek, Darmstadt, Germany, Hs 2505.

صورة في موقع الأنبا تكلا: سكر نوح وحوله أبناؤه (التكوين 9: 22-23): نوح مستلقيًا، وحوله سام ويافث معطيانه ظهرهما وهما ممسكان بعباءة أمامهما، بينما حام يقف ضاحكًا أمام أبيه العاري. - من مخطوط مرآة خلاص البشرية (صورة 100)، صدر في كولونيا أو وستفاليا بألمانيا، 1360 م. تقريبًا - جامعة دارمشتات التقنية، ألمانيا.

ج: 1- أرجوك يا صديقي أن تنظر إلى أسلوب النقد المتحيز هذا، لتدرك هدف هؤلاء النُقَّاد، ومدى تحاملهم على الكتاب المقدَّس، ولي الحقائق، وطمس جزء كبير من الحقيقة، وتركيز الأضواء على سقطات الأنبياء، والتغافل تمامًا عن النقاط البيضاء الكثيرة في حياة رجال الله هؤلاء...

أين بر نوح، وطاعته لله، وصبره وطول أناته وهو يبني الفلك على مدار مائة عام، وإنذاره لجيله وهو يظهر كمختل في أعينهم..؟! أين قداسة لوط البار الذي عاش وسط شر سدوم وعمورة وحفظ نفسه طاهرًا؟! وأين شجاعته ودفاعه عن ضيوفه؟! أين تحذيره لأصهاره رغم أنه ظهر كمازح في أعينهم..؟ أين إيمان إبراهيم مضرب الأمثال عندما رفع السكين ليذبح ابنه طاعة لله..؟! أين صبر موسى، وغيرته المقدَّسة، وأمانته، وشفاعته عن شعبه، وقيادته الحكيمة لشعب عنيد أربعين سنة في الصحراء؟! وأين إيمانه الذي شق البحر، وفجر الماء من صخرة صماء وهزم عماليق؟!

لماذا لم يحاول هؤلاء النقاد التأمل في الفضائل الكثيرة لرجال الله هؤلاء الذين تكلم معلمنا بولس الرسول عن إيمانهم العظيم وختم كلامه قائلًا " الذين بالإيمان قهروا ممالك صنعوا برًّا نالوا مواعيد سدوا أفواه أسود. أطفأوا قوَّة النار نجوا من حد السيف تقوَّوا من ضعف صاروا أشداء في الحرب هزموا جيوش غرباء... وآخرون عُذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل. وآخرون تجرَّبوا في هزء وجلد ثم في قيود أيضًا وحبس. رُجموا نُشروا جُرّبوا ماتوا قتلًا بالسيف طافوا في جلود غنمٍ وجلود معزى معتازين مكروبين مُذلين. وهم لم يكن العالم مستحقًا لهم تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض" (عب 11: 33 - 38).

 

2- لو طبقنا أسلوب النقد الذي اتبعه هؤلاء النقاد فلن نجد إنسانًا قط يستحق الحياة... هل لأن الإنسان أخطأ مرة تقطع رقبته؟! هل لأن إنسان كذب مرة يطلقون عليه الكذاب المستبيح؟! وهل لأن إنسان زنى مرة يطلقون عليه الفاسق الشرير الكبش الضال؟! وهلم جرا...

 

3- الأنبياء من نفس عجينة البشرية لهم أخطاءهم وضعفاتهم، ومع هذا فإنهم أناس أمناء أحبوا الله من كل قلوبهم، قدموا توبة قوية عن كل خطية سقطوا فيها، ولكن النُقَّاد يلذ لهم تضخيم أخطاء هؤلاء الأنبياء القديسون، مع تغافل توبتهم تمامًا، ونحن لا نؤمن بعصمة الأنبياء في حياتهم الشخصية، لأن "الجميع زاغوا وفسدوا معًا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد" (رو 3: 12) فلا يوجد إنسان بلا خطية "إن قلنا أننا لم نخطئ نجعله كاذبًا وكلمته ليست فينا" (1يو 1: 10) إنما نؤمن بعصمتهم أثناء تسجيل كلمات الوحي الإلهي فقط.

 

4- كتابنا المقدَّس لا يُجمّل الصورة، إنما يذكر كل شيء بصراحة تامة وصدق كامل بدون تهويل ومبالغة، وبدون استهتار وتهاون، فالكتاب لم يكتب من أجل تمجيد الإنسان، إنما لتمجيد الله الذي يكره الخطية ويحب الخاطئ، ولذلك ذكر الأعمال الصالحة والطالحة، والأفعال البارة والخاطئة، وعندما ذكر أخطاء الأنبياء لم يذكرها كنوع من مدح الخطية، بل كنوع من إدانة الخطية، ولكيما نتعلم ونتعظ ونتحفظ لأنفسنا، ووجود هذه الأخطاء في الكتاب المقدَّس تعد دليلًا على عدم تعرضه للتحريف أو التبديل، لأنه لو تعرض للتحريف لحذف اليهود خطايا آبائهم وأنبيائهم الذين هم موضع افتخارهم... ألم يفتخر اليهود بأنهم أبناء إبراهيم؟! ولولا إيمان اليهود الكامل بالوحي الإلهي في تسجيل كلمة الله لحذفوا هذه الأخطاء من سطور الكتاب.

 

5- لم يتهاون الله ولم يتساهل مع أحد المخطئين برغم محبته الشديدة لهم، إنما نال كل منهم عقابه من الله، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى... ألم يُحرَم موسى من دخول أرض الموعد لمجرد أنه ضرب الصخرة في المرة الثانية ولم يكلمها..؟! ألم يُعاقب داود بشدة على خطيته؟! أما نوح فكان أول إنسان يسكر على وجه الأرض، فربما لم يكن يعلم أن الخمر ستُذهب عقله.

 

6- إن كان هؤلاء النُقَّاد يشمئزون من خطايا الأنبياء التي ذكرها الكتاب المقدَّس، فما بالهم بخطايا الأنبياء التي جاء ذكرها في القرآن والأحاديث، وما أكثرها؟! بل إن القرآن نسب أحيانًا أخطاء لرجال الله لم يرد لها ذكر في التوراة، فمثلًا جاء في سورة يوسف عن محاولة امرأة فوطيفار إسقاطه "ولقد همَّت به وهمَّ بها" (يوسف 24) أي أنها قصدت الخطأ معه وهو كذلك قصد الخطأ، والشروع في الخطأ يعتبر خطأً، بينما جاء عنه في سفر التكوين رفضه للشر منذ اللحظة الأولى قائلًا " كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله" (تك 39: 9) ومثل آخر أنه جاء عن نوح في القرآن أنه دعا على أهل زمانه قائلًا "ولا تزد الظالمين إلاَّ ضلالًا. ولا تزد الظالمين إلاَّ تبارًا" (نوح 24، 28) بينما ذكر الكتاب المقدَّس أن نوح " كان كارزًا للبر" (2بط 2: 5) ومثل ثالث أنه جاء في الحديث أن الشيطان أغوى آدم مرتين الأولى في الأكل من الشجرة المحرَّمة والثانية عندما سمى ابنه عبد الحارث، والحارث هو إبليس " قال ابن عباس لما وُلِد لآدم ولد أتاه إبليس فقال له إني سأنصح لك في شأن ولدك هذا تسميه عبد الحارث، وكان قبلًا يسمي أولاده عبد الله وعبد الرحمن، فقال آدم: أعوذ بالله من طاعتك. إني أطعتك في أكل الشجرة فأخرجتني من الجنة فلن أطيعك، فمات ولده، ثم وُلِد له بعد ذلك ولد آخر فقال أطعني وإلاَّ مات كما مات الأول فعصاه، فمات ولده، فقال (إبليس) لا أزال أقتلهم حتى تسميه عبد الحارث (وكان اسم إبليس الحارث) فأطاعه"(7).. ألم يقل رسول الإسلام " كل بني آدم خطاؤون، وأفضل الخطائين عند الله التوابون "؟!

 

7- الإدعاء بأن اليهود شوَّهوا صور جميع الأنبياء إدعاء غير صحيح، لأن هناك من رجال الله القديسين لم يذكر لهم العهد القديم أخطاء مثل أخنوخ البار، ويوسف الصديق، وصموئيل النبي، وإيليا النبي، ودانيال النبي... إلخ.

 

8- لم يكن لوط نبيًا، ولا يهوذا نبيًا، ولم ينكر أيوب البعث، بل آمن بالله والحياة الآخروية، وإن كان بعض النُقَّاد قد إتهموا اليهود بأنهم لطخوا سيرة أنبيائهم فإنهم لم يوضحوا ما الدافع لهذا ..؟ وإن قال بعض النُقَّاد أن ما قاساه اليهود في السبي دفعهم لتلطيخ ذكرى هؤلاء الأنبياء... كيف..؟ إن كان الإنسان الذي يضيع منه الحاضر يتمسك بشدة بالماضي، ويزداد فخره بآبائه، لأنه يحتسب مجد آبائه مجدًا له، فكيف يتنازل اليهود عن مجدهم ويفتخرون بخزيهم وخزي أبائهم؟! كما أن دعوى التحريف في النص أمر قد قتلناه بحثًا(8) ثم يجب الالتفات إلى أمر هام، وهو لا يصح الحكم على الذين عاشوا قبل الميلاد بعشرين قرنًا بمقاييس القرن العشرين.

 

9- يقول قداسة البابا شنودة الثالث عن أخطاء الأنبياء " حينما نقول إنهم أخطأوا، فلا نعني أن حياتهم كلها كانت خطية. بل السقطات كانت الوضع العابر الطارئ في حياتهم. أما القداسة فكانت الوضع الطبيعي الدائم0 إذ عرفنا أن داود في وقت ما، قد زنى وقتل. فليس معنى هذا أن حياته كلها كانت زنى وقتلًا. وليس معنى هذا أن يتطاول بعض الوعاظ على هذا القديس العظيم، ولا يتحدثون إلاَّ عن خطيئته بلون من الاستصغار!! وينسون أنه رجلا الصلاة والتسبيح والمزامير، رجل المزمار والقيثار والعشرة الأوتار، رجل الإيمان والوداعة، الذي قال عنه الرب بنفسه " فحصت قلب داود فوجدته حسب قلبي " إن الشر لم يكن طبيعة هذا البار، الذي حل عليه روح الرب، والذي هزم جليات، واحتمل شاول، وغفر لشمعي بن جيرا، وسبح للرب تسابيح جديدة... إنما هي صفات طارئة، سمح بها الرب ليعطي قديسيه انسحاقًا ودموعًا، ويصيره درسًا في التوبة، كما كان درسًا في الصلاة، وفي الوداعة، وفي الشجاعة.

وبنفس الوضع حينما نذكر أبينا إبراهيم، وقوله عن امرأته سارة أنه أخته... لا ننسى أبدًا إيمان الرجل، ونسكه، وشجاعته، وكرمه، وطاعته للرب حتى رفع السكين ليقدم وحيده المحبوب محرقة... ولا ننسى تركه لأهله وعشيرته وسعيه وراء الرب.."(9).

كما يقول قداسة البابا شنودة الثالث أيضًا عن خطايا الأنبياء " تؤمن المسيحية واليهودية أن العصمة من الخطية هي لله وحده. الله وحده هو القدوس الذي لا تتفق الخطية مع طبيعته الإلهية... أما عن البشر فقيل {ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد} (مر 14: 3)..

وقال القديس يوحنا الرسول " إن قلنا أنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا" (1يو 1: 8) ونحن نقول في صلواتنا " لأنه ليس أحد بلا خطية، ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض".

أما عن عصمة الأنبياء، فنؤمن أنهم معصمون فقط في نبوءاتهم فيما ينقلونه من كلام الوحي الإلهي، ولكنهم ليسوا معصومين في حياتهم الخاصة... نبوءات الأنبياء هي المعصومة، وليس أشخاصهم... الرسالة التي يحملونها من الله هي المعصومة، وليست أعمالهم... لو كان كل نبي معصومًا، لصار مثل الله، أو لاعتبرنا الأنبياء من طبيعة أخرى غير طبيعتنا البشرية. الأنبياء بشر مثل سائر بني آدم، ولكنهم في مستوى عالٍ من الفضيلة وعلى الرغم من ذلك يمكن أن يخطئ النبي مع ملاحظة أمرين: أن الخطية تكون عارضة عليه، وليست أسلوب حياة دائم. والأمر الثاني أنه سرعان ما يقوم من الخطية، فيتوب بسرعة ويندم...

من الظلم إذًا أننا نذكر خطيئة لداود، ولا نذكر صلواته وحبه لله. كما لو كنا نتصيد لإنسان غلطة! ولا نأخذ حياته في جملتها، وهي في غالبيتها كلها قداسة، والأخطاء فيها هي الندرة، على الرغم من فداحة الخطأ... ولا ننسى أن الشيطان حينما يحارب نبيًا يحاربه حروبًا قاسية جدًا، أشد بكثير جدًا من محاربته لباقي الناس الذين غالبًا ما يقودهم إلى الخطأ ويتركهم إلى شهوات أنفسهم... كذلك من الظلم أن نذكر خطيئة لداود، وننسى توبة داود ودموعه... نفس هذا الكلام أو ما يشبهه، نقوله عن باقي الأنبياء ورجال الله في أخطائهم، وبخاصة في عصر الوثنية وانتشار الفساد، الذي كان فيه هؤلاء الآباء مشاعل من نور، على الرغم من سقطات بعضهم. هذه السقطات قال عنها أحدهم {لا تشمتي بي يا عدوتي. فإني إن سقطت أقوم} (مي 7: 8).

سمح الله ببعض السقطات لهؤلاء القديسين، حتى لا ترتفع قلوبهم بسبب عمق برهم، وعمق صلتهم بالله، فيقعوا في البر الذاتي... وكان في سقوط هؤلاء الأنبياء درس لنا، لكي نحترس في سلوكنا، ونخاف لئلا نسقط نحن أيضًا... هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، حتى لا نكون قساة في معاملة الذين يسقطون. فنحن معرضون للسقوط"(10).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) البهريز جـ 1 س 383، 385، 189.

(2) نقد التوراة ص 236.

(3) المرجع السابق ص 240.

(4) التوراة ص 12،  13.

(5) التوراة ص 57،  58.

(6) المرجع السابق ص 59 - 61.

(7) راجع الهداية جـ 1 ص 12.

(8) راجع إجابة الأسئلة أرقام س 314 إلى س 318.

(9) شخصيات الكتاب المقدَّس - آدم وحواء ص 11، 12.

(10) سنوات أسئلة مع الناس - أسئلة لاهوتية وعقائدية (ب) ص 104 - 106.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/434.html

تقصير الرابط:
tak.la/xj4xg8a