St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1582- هل وصل الإنسان إلى أماكن لم ترها عين أسد ولا عين نسر (أي 28: 6، 7)؟

 

ج: 1- يقول أيوب " حَفَرَ مَنْجَمًا بَعِيدًا عَنِ السُّكَّانِ. بِلاَ مَوْطِئٍ لِلْقَدَمِ، مُتَدَلِّينَ بَعِيدِينَ مِنَ النَّاسِ يَتَدَلْدَلُونَ. أَرْضٌ يَخْرُجُ مِنْهَا الْخُبْزُ، أَسْفَلُهَا يَنْقَلِبُ كَمَا بِالنَّارِ. حِجَارَتُهَا هي مَوْضِعُ الْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ، وَفِيهَا تُرَابُ الذَّهَبِ. سَبِيلٌ لَمْ يَعْرِفْهُ كَاسِرٌ، وَلَمْ تُبْصِرْهُ عَيْنُ بَاشِق" (أي 28: 4-7)، والكاسر هنا إشارة للأسد، والباشق إشارة للنسر الحاد البصر، الذي يُحلق على ارتفاع عدة كيلومترات ويمكنه أن يرصد حركة أرنب صغير يلهو بين الحشائش، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولكن لا الأسد ولا النسر يستطيع أن يدخل إلى المناجم التي يحفرها الإنسان في أماكن نائية، ولا يستطيع أي حيوان أو طائر أن يستخلص الذهب من التراب والحجارة كما يفعل الإنسان، وهذا يوضح أفضلية الإنسان على الكائنات الأخرى.

 

2- يقول " لويس صليب": "الإنسان في سعيه وراء هذه الكنوز ينقّب في فجوات الأرض المظلمة على ضوء المصباح، جاعلًا للظلمة نهاية وهو يتغلغل إلى الأطراف القاصية في المناجم باحثًا عن " حجارة الظلمة " المحمَّلة بالتبر - الحجارة المخفاة في الظلمة، إن أحشاء الأرض تشبه ظل الموت، وكم قبرت في أغوارها السحيقة رجل المنجم الحديدي، ولا شيء يعيده. لكن الناس يبذلون حياتهم من أجل الذهب، لا يقنعون بتربة الأرض الخصبة التي تخرج خبزًا لحاجة الإنسان... فالثروة، الذهب، الجواهر... هذه جميعًا هي ما يسعى إليها الإنسان ومن أجلها هو على استعداد أن يستبدلها بحياته ونفسه.

سبيل لم يعرفه كاسر ولم تبصره عين باشق، أن الطيور الكواسر لا سبيل لها إلى هذه الأعماق، أنها تصعد إلى الأعالي وتطوف على سطح الأرض ولكنها لا تتجاسر على اقتحام المناجم، حيث يهبط الإنسان..."(1).

 

3- يقول "القمص تادرس يعقوب": "إن كان في قدرة الإنسان أن يستغل الأرض، فتنتج قمحًا ومزروعات لطعامه، وأن يستخرج من باطنها ومن صخورها الفضة والذهب والبترول والحجارة الكريمة، إلَّا أنه توجد حكمة أخرى لا تُعطى إلَّا لمن يطلبها، ألا وهي إمكانية التعرُّف على الأسرار الإلهيَّة... فمهما تمتع الإنسان ببصيرة حادة كبصيرة النسور وغيرها من الطيور الحادة البصر، لن يستطيع أن يرى الأمور الإلهيَّة بذاته.

اختار الطيور الجارحة لأنها تطير إلى مسافات بعيدة جدًا بحثًا عن الطعام، ويمكنها رؤية الفريسة وهي على ارتفاع شاهق، تنقض عليها ثم ترجع إلى عشها دون أن تضل الطريق، أو تخطئ في التعرُّف عليه حتى وإن كان شبيهًا بعشها... من أجل الغنى واقتناء الثروات لا يصعب على الإنسان أن يخترق طبقات الأرض خلال صناعة التعدين لينال فيضًا من المعادن النفيسة، ومن أجل الرغبة في الطعام لا يصعب على الأسود الكاسرة أن تتعرَّف على الطرق وسط الغابات والبراري لتقتنص فريسة لها ولصغارها، ولا تختفي عن بصيرة الطيور الجارحة الفريسة على أبعاد شاهقة، لكن تبقى أسرار الحكمة الإلهيَّة خفية عن الإنسان دون نعمة الله الفائقة"(2).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تفسير سفر أيوب جـ2 ص 72، 73.

(2)  تفسير سفر أيوب جـ3 ص 1004.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1582.html

تقصير الرابط:
tak.la/7dfqs7z