St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1558- هل يمكن لأي إنسان مهما بلغ شرُّه أن يمد يده على الله ويتجبر عليه: "لأَنَّهُ مَدَّ عَلَى اللهِ يَدَه، وَعَلَى الْقَدِيرِ تَجَبَّرَ" (أي 15: 25)؟

 

ج: 1- قال أليفاز التيماني عن الإنسان الفاجر الذي يتلوى كل أيامه، وصوت الرُّعب في أذنيه، ويعيش تائهًا متضايقًا لأجل الخبز: "لأَنَّهُ مَدَّ عَلَى اللهِ يَدَه، وَعَلَى الْقَدِيرِ تَجَبَّرَ " ومعنى القول أنه تحدى الله، وهذا ما فعله عماليق الشعب الهمجي، إذ تعدى على شعب الله عقب خروجه من أرض مصر، وهو مُنهك، ولم يتعظ من الضربات التي أصابت فرعون وشعبه، فاعتبر موسى أن عماليق قد رفع يده على كرسي الله " وَقَالَ: إِنَّ الْيَدَ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ. لِلرَّبِّ حَرْبٌ مَعَ عَمَالِيقَ مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ" (خر 17: 16)، فالمقصود بالشرير الفاجر الذي مدَّ يده على الله هو الإنسان الذي يتحدى وصايا الله وأوامره ويحطم كلامه ويسير بحسب الشهوات الجسدية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولذلك قال الكتاب: "لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ ِللهِ" (رو 8: 7)، والمقصود بقوله: "عَلَى الْقَدِيرِ تَجَبَّرَ " أي أنه تحدى السلطان الإلهي، فذهب يعيث في الأرض فسادًا، ومخافة الله لا تسكن في قلبه، ولهذا قال إشعياء النبي: "وَيْلٌ لِمَنْ يُخَاصِمُ جَابِلَهُ" (إش 45: 9) مع أن الخصام يكون بين طرفين متقاربين، وليس بين الخالق والمخلوق، ولا ننسى أن سفر أيوب كُتب بأسلوب شعري يتميز بالاستعارات والكنايات والمحسنات البديعية... إلخ...

 

2- يقول " متى هنري": "مَن الجنون المُطبق أن يتحدَّى الخطاة الجريئون المتغطرسون الله القادر على كل شيء... هذا وصفًا آخر لجرأة الخطاة ووقاحتهم (ع 26). " عاديًا عليه " على الله نفسه، لمقاومته شخصيًا، ومقاومة وصاياه وأعمال عنايته، و"مُتصلّب العنق " كمحارب جريء عندما يجد نفسه أنه عاجز عن الوقوف أمام خصمه، فأنه يهبَّ في وجهه، حتى وإن سقط على طرف سيفه أو على ترسه الحاد. الخطاة بصفة عامة يهربون من الله، أمَّا الخاطئ الجريء الذي يُخطئ بتعمد، فأنه يجري فوق (ضد) الله، يحاربه ويتحداه، ويمكن بسهولة أن نتنبأ عن مصيره"(1).

 

3- يقول " القمص تادرس يعقوب": "إذ يمد الشرير يده على الله، ويتجبَّر على القدير، يسحق نفسه بنفسه. يقول " الأب هيسيخيوس الأورشليمي " بأن أليفاز يُشبّه أيوب بالواشي (الشيطان) الذي كان قائدًا عظيمًا، يحتل الرتبة الأولى بين السمائيين وقد سقط (رؤ 12: 7-9). لقد رفع يده ضد الرب، ففقد عقله بمقاومته لله. ابتلعه الوهم، أي امتلأ بالكبرياء. وأخذ موقفًا معاديًا لله بالغطرسة. أنه مثل الشيطان الذي يضرب في المعركة ويختبئ... أيضًا تنطبق هذه العبارات في رأي " البابا غريغوريوس" (الكبير) على الإنسان الشرير الذي يتسلَّح بالسلطة، فيتشامخ على الله، ويأخذ موقفًا ضد وصايا الحق. يتجاهل غنى الله، ويتسلَّح بالغنى الباطل للأمنيات، يغطي وجهه بالشحم، حيث يطلب شحم الخيرات الزمنية، دون أي تكون فيه مخافة الرب، يضايق الفقراء، ويتشامخ بقوة المجد الزمني...

ويقول القديس أغسطينوس:

يحارب الأشرار الله، فتتحطم الأواني الخزفية وتصير كسرًا، هكذا ينتفخ البشر معتمدين على قواتهم الذاتية، هذا هو الدرع الذي يتحدَّث عنه أيوب بخصوص الشرير. " يجري ضد الله على عنقه المتصلّب لدرعه". ما هو " العنق المتصلب لدرعه "؟ ذاك الذي يعتمد بالأكثر جدًا على حمايته الذاتية"(2).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير سفر أيوب جـ2 ص 17.

(2) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 615، 616.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1558.html

تقصير الرابط:
tak.la/ps8hm3w