St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1553- هل كان الله مصدر رعب لأيوب، حتى أنه يقول له: "أَبْعِدْ يَدَيْكَ عَنِّي، وَلاَ تَدَعْ هَيْبَتَكَ تُرْعِبُنِي" (أي 13: 21)؟

 

ج: 1- كان أيوب يشعر دائمًا بأنه في الحضرة الإلهيَّة، ولهذا عندما قارن بين معاملة الله معه، ومعاملات الله مع أصدقائه قال لهم: "تَوْبِيخًا يُوَبِّخُكُمْ إِنْ حَابَيْتُمُ الْوُجُوهَ خِفْيَةً. فَهَلاَّ يُرْهِبُكُمْ جَلاَلُهُ، وَيَسْقُطُ عَلَيْكُمْ رُعْبُهُ؟" (أي 13: 10، 11) فمتى أخطأتم فإن الله يبكتكم ويُوبخكم عن طريق ضمائركم، أما أنا فإني ماثل أمامه فلو أخطأت يرهبني جلاله. إنني قد رأيت الله في غضبة من خلال النكبات التي حلَّت بي، وأشد ما يقلقني إحساسي العميق بأنه غاضب عليَّ بدون مبرر لهذا. ثم اتجه أيوب لله ملتمسًا منه أمرين: "إِنَّمَا أَمْرَيْنِ لاَ تَفْعَلْ بِي، فَحِينَئِذٍ لاَ أَخْتَفِي مِنْ حَضْرَتِكَ. أَبْعِدْ يَدَيْكَ عَنِّي، وَلاَ تَدَعْ هَيْبَتَكَ تُرْعِبُنِي. ثُمَّ ادْعُ فَأَنَا أُجِيبُ، أَوْ أَتَكَلَّمُ فَتُجَاوِبُنِي" (أي 13: 20-22)... أبعد يدك عنِّي، أي أرفع ضرباتك عنِّي، كما قال من قبل: "لِيَرْفَعْ عَنِّي عَصَاهُ وَلاَ يَبْغَتْنِي رُعْبُهُ. إِذًا أَتَكَلَّمُ وَلاَ أَخَافُهُ" (أي 9: 34)، وفيما بعد قال: "أَتُرْعِبُ وَرَقَةً مُنْدَفَعَةً، وَتُطَارِدُ قَشًّا يَابِسًا؟" (أي 13: 25) وبعد مرور مئات السنين سيأتي داود النبي ويصرخ نفس الصرخة: "ارْفَعْ عَنِّي ضَرْبَكَ. مِنْ مُهَاجَمَةِ يَدِكَ أَنَا قَدْ فَنِيتُ" (مز 39: 10)، وعندما تحدّث أليهو إلى أيوب قال له: أنت اشتهيت أن يُكلِّمك إنسان عوضًا عن الله، فهأنذا أُكلِّمك وأنا إنسان من طين: "هُوَذَا هَيْبَتِي لاَ تُرْهِبُكَ وَجَلاَلِي لاَ يَثْقُلُ عَلَيْكَ" (أي 33: 7)، فواضح جدًا مدى حساسية أيوب ومشاعره المرهفة في الحضرة الإلهيَّة.

 

2- يقول " متى هنري": "لاَ تَدَعْ هَيْبَتَكَ تُرْعِبُنِي": أي دع إعلانات حضرتك آليفة عندي، أو أعني لكي أحتملها بدون ارتباك أو انزعاج. لقد ارتعب موسى نفسه أمام الله، وهكذا فعل إشعياء، وحبقوق، " مَخُوفٌ أَنْتَ يَا اَللهُ مِنْ مَقَادِسِكَ" (مز 68: 35). كان لسان حال أيوب يقول: يا رب لا تسمح بأن تزعج روحي وأنا أعاني من هذه الآلام الجسدية"(1).

 

3- يقول " ى. س. ب هيفينور": "يشرع (أيوب) في الاستغاثة ليسمعه الله بإنصاف. هذا يعني رفع اليد الثقيلة التي عليه الآن، والشعور المُخيف أمام الهيبة الإلهيَّة (20، 21)... الواقع أنه يجهل التُّهمة المُوجهة ضده، أنه يستوضح في عبارة واضحة تُبيِّن سبب الجفاء الإلهي ضده، الذي أصدر مثل هذا الحكم العنيف. أيمكن أن يكون أن الله يجعله يتعذَّب الآن من أجل طياشات الصبا"(2).

 

4- يقول " القمص تادرس يعقوب": "أَبْعِدْ يَدَيْكَ عَنِّي. وَلاَ تَدَعْ هَيْبَتَكَ تُرْعِبُنِي": ربما عنى بالأمرين الآتي:

(1)  أَبْعِدْ يَدَيْكَ عَنِّي: ربما طالبه لا أن ينزع التجربة عنه، بل أن يخفّفها، ففي تخفيفها يجد فرصته للهدوء، والتحرُّر من الانزعاج، فيتفرغ للحديث مع الله. فهو لا يطلب تخفيف آلامه لكي يفتخر أمام أصدقائه أنه ليس بشريرٍ كما ادعوا، وأن ما يشغله هو الوقوف في حضرة الله.

(2)    يعلم أيوب هيبة الله، هذه المهابة مبعث فرح وبهجة للمؤمن الأمين وليست مبعث رعب!"(3).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير سفر أيوب جـ1 ص 199.

(2) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقَّدس جـ3 ص 31.

(3) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 546.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1553.html

تقصير الرابط:
tak.la/c9c2xpp