St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1550- هل الله يقطع كلام الأُمناء (أي 12: 20) أم أنه يقطع كلام الأشرار؟! وهل الله يُلقي هوانًا على الشرفاء (أي 12: 21) أم على الأشرار؟! ومَن الذي يقطع كلام الأُمناء ويُلقي هوانًا على الشرفاء، الله (أي 12: 20، 21) أم الشيطان؟!

 

             وما معنى أن الله يكشف العمائق مِن الظلام، ويُخرج ظلَّ الموت إلى النور (أي 12: 22)(5)؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- قال أيوب البار عن الله أنه: "يَقْطَعُ كَلاَمَ الأُمَنَاءِ. وَيَنْزِعُ ذَوْقَ الشُّيُوخِ. يُلْقِي هَوَانًا عَلَى الشُّرَفَاءِ، وَيُرْخِي مِنْطَقَةَ الأَشِدَّاءِ. يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ مِنَ الظَّلاَمِ، وَيُخْرِجُ ظِلَّ الْمَوْتِ إِلَى النُّورِ" (أي 12: 20-22).

     وفي " الترجمة السبعينية": "هو الذي يغيّرُ شفاه الأمناء، وهو الذي يعرفُ فطنةَ الشيوخ. وينشرُ بالخزي على الشرفاءِ، ويشفي المُذَلينَ. هو الذي يُخرج الأشياء العميقة من الظلماتِ، ويُخرج ظل الموت إلى النورِ".

     وفي " الترجمة القبطية": "يقطع كلام الأُمناء، ويَعْلَم فَهْم الشيُوخ. يصبُ الهوان على الشُّرفاء، ويشفي المنسحقين. ويكشفُ الأعماق مِنَ الظَّلام، ويُخرجُ ظلَّ الموتِ إلى النُّور".

     وفي " الترجمة اليسوعية": "يَقطَعُ السِنَةَ الثّقات، ويَسلُبُ ذوقَ الشيُّوخ. يَصُبُّ العارَ على الكُرماء، ويُرضي مَناطِقَ الأقوياء. يُجلّى مِنَ الظلمةِ أعماقَها، ويُبرزُ ظِللُ الموتِ إلى النُّورِ".

     وفي " ترجمة كتاب الحياة": "يَحرمُ الأُمَنَاءَ مِنَ الكَلامِ، ويُبطلُ فطنةَ الشيُّوخَ. يُصِيبُ الشُّرفَاءَ بالهوَانِ، ويُرضِي مِنْطَقةَ القويّ. يُكشِفُ الأغوارَ في الظلامِ، ويُبرزُ الظلُّماتِ المُتكاثِفة إلى النُّورِ".

     وفي " الترجمة العربية المشتركة": "يُلقي كلامَ الفصحاء، ويَسلبُ الشُّيوخِ تعقُّلهُم. يصُبُّ الهوانَ على الأكارِمِ، ويُزيلُ تفوُّق الجبابِرةِ. يِكشِفُ من الأعماق ظلامَها، ويُخرِجُ ظِلالَ الموتِ إلى النُّورِ".

 

     2- في الأصحاح السابق اتَّهم صوفر النعماتي أيوب بأنه رجل مهذار مُتصلِّف أثيم، ولذلك أصابته تلك البلايا، ونصحه بأن يتوّب لكيما تأتي أوقات الفرج من عند الله، فقال له: "إِنْ أَبْعَدْتَ الإِثْمَ الَّذِي فِي يَدِكَ، وَلاَ يَسْكُنُ الظُّلْمُ فِي خَيْمَتِكَ، حِينَئِذٍ تَرْفَعُ وَجْهَكَ بِلاَ عَيْبٍ، وَتَكُونُ ثَابِتًا وَلاَ تَخَافُ" (أي 11: 14، 15) فردَّ عليه أيوب بأنه ليس شرطًا أن المصائب تحلُّ بالأشرار فقط، بل أن هناك أشرار يتمتعون بالطمأنينة والسلام: "خِيَامُ الْمُخَرِّبِينَ مُسْتَرِيحَةٌ، وَالَّذِينَ يُغِيظُونَ اللهَ مُطْمَئِنُّونَ، الَّذِينَ يَأْتُونَ بِإِلهِهِمْ فِي يَدِهِمْ!" (أي 12: 6). فالكوارث تحلُّ بالأبرار أيضًا، وقال أيوب لزوجته: "أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟" (أي 2: 10)، وهوذا أيوب يوضِّح بعض الكوارث التي تحلُّ بالأبرار، فقال: أن الله يقطع كلام الأُمناء... فبالرغم من أنَّهم أُمناء إلاَّ أنَّهم يتعرضون للكوارث، فالحمامة البسيطة البريئة قد تقع فريسة للنسر الجارح، والغزال البريء الرائع قد يقع فريسة بين أنياب أسد جائع.

ويقول " متى هنري": "والذين اشتهروا بفصاحة الكلام، والذين اؤتمنوا على الأعمال الصالحة، يخرسون بكيفية عجيبة ولا يجدون ما يقولونه (ع 20) " يقطع كلام الأُمناء " فلا يقدرون على التكلُّم بما يريدون، ولا على التكلُّم كما كانوا يتكلَّمون بفصاحة ووضوح، بل يتعثرون في الكلام، فلا تكون نتيجة لكلامهم. أو لا يقدرون أن يُعبِّروا عما يقصدون، بل يتكلَّمون عكس ما قصدوا، كما كان الحال مع بلعام الذي بارك من دُعيَ لكي يلعنهم. فعلى الخطباء الفصحاء أن لا يفتخروا بفصاحتهم، أو يستخدموها في أغراض شريرة، لئلا ينتزعها الله منهم، فهو الذي صنع الفم للأسنان"(1).

ويقول " القمص تادرس يعقوب": "يقطع كلام الأُمناء. وينزع ذوق الشيوخ": إذ يعتز أصحاب الفصاحة والخطابة والفلسفات على إبداعهم اللغوي أو جاذبية شخصياتهم، هؤلاء يقفون أحيانًا كخُرس، ليس من كلمة في فمهم، لأنهم أهانوا الذي وهبهم العقل وأعطاهم موهبة الكلمة وخَلَقَ أفواههم"(2).

 

3- يقول أيوب: "يَنْزِعُ ذَوْقَ الشُّيُوخِ" وفي " الترجمة اليسوعية: "ويَسلُبَ ذوق الشُّيوخ " وفي " ترجمة كتاب الحياة": "ويُبطلُ فِطنةَ الشُّيوخِ " وفي " الترجمة العربية المشتركة": "ويَسلُبُ الشُّيوخ تعقُّلهم". بينما جاءت في " الترجمة السبعينية": "وهو الذي يعرف فطنة الشيوخ " ومثلها " الترجمة القبطية": "ويَعْلَم فَهمْ الشُّيوخ"، فالله يعلم فهم وفطنة الشيوخ، فإن كان هؤلاء الشيوخ أبرار فإن الله يمنحهم ثباتًا في فهمهم وفطنتهم، أمَّا إن سلكوا في طريق الشر فإن الله يُبطل ويسلب فطنتهم وتعقلهم.

 

4- قال أيوب البار: "يُلْقِي هَوَانًا عَلَى الشُّرَفَاءِ " فالذين يظنّون في أنفسهم أنهم شُرفاء وهم يسلكون في طريق الشر فإن الله يكشفهم أمام الجميع، ويقول " متى هنري": "إن كان الشُرفاء أنفسهم يهينون الله ويحتقرونه، إن كانوا يحقِرون شعب الله ويدوسونهم، فإنهم يلقون الازدراء، ويسكب الله هوانًا على رؤوسهم. انظر (مز 107: 40) وبصفة عامة لا يوجد أشخاص دنيئون وخسيسون في أنفسهم، ومحتقرون في نظر الناس عندما يذلون، بقدر أولئك المتكبرين الوقحين لمَّا يكونون في مراكز السلطة والنفوذ القوي"(3).

 

5- يقول أيوب: "يُرْخِي مِنْطَقَةَ الأَشِدَّاءِ " ومثلها جاء في اليسوعية، وترجمة كتاب الحياة، والترجمة العربية المشتركة. بينما جاء في " الترجمة السبعينية": " ويشفي المُذَلّين " ومثلها في " الترجمة القبطية": "ويشفي المنسحقين"، فعندما يقف الله ضد الأشداء الظالمين فأنه يُرخي قوتهم وسلطانهم على المُذَلين المنسحقين، وهو بهذا يشفي هؤلاء المُذَلّين المنسحقين.

 

6- يَسُوس الله خليقته بحكمة إلهيَّة عجيبة، وقد يتصرَّف تصرفًا معينًا في موقف معين، ويتصرَّف على النقيض مع موقف مخالف، فتارة يكشف العمائق أو الأعماق أو الأغوار مِن الظلام، وتارة أخرى يُخرِج ظلَّ الموت أو الظلمة المتكاثفة إلى النور، تارة يُكثر الأمم وتارة أخرى يُبيدها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويقول "الأب هيسيخيوس الأورشليمي": "يكشف الأعماق مِن الظلام": ما هي الأعماق؟ الأمور المخفية، الأفكار التي لا تظهر في بهاء النهار. هذا هو السبب في أن أيوب يتحدّث عن الظلام. فإن المسيح نفسه يستخدم نفس الكلمات لكي يقرَّ ويثبت كلمات أيوب عندما يقول للرسل: "لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ" (مت 10: 26).

وَيُخْرِجُ ظِلَّ الْمَوْتِ إِلَى النُّورِ: ظل الموت هو الخطية، بنفس الطريقة كما أن الظل يكشف عن الجسم الذي له الظل، هكذا الخطية تعني " أمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فهي الْخَطِيَّةُ" (1كو 15: 56)، وخاصيتها المميزة لها(4).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير سفر أيوب جـ1 ص 189.

(2) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 509.

(3) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير سفر أيوب جـ1 ص 189.

(4) أورده القمص تادرس يعقوب - تفسير سفر أيوب جـ1 ص 512.

(5) البهريز جـ1 س201، جـ3 س 102.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1550.html

تقصير الرابط:
tak.la/ppy4t23