St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1541- هل أيوب كان يعتقد بفناء الإنسان جسدًا وروحًا لذلك قال: "الْكَامِلَ وَالشِّرِّيرَ هُوَ يُفْنِيهِمَا" (أي 9: 22)؟

 

ج: 1- قال أيوب البار: "كَامِلٌ أَنَا. لاَ أُبَالِي بِنَفْسِي. رَذَلْتُ حَيَاتِي. هي وَاحِدَةٌ لِذلِكَ قُلْتُ: إِنَّ الْكَامِلَ وَالشِّرِّيرَ هُوَ يُفْنِيهِمَا" (أي 9: 22)، وبلا شك أن أيوب لا يقصد فناء الإنسان جسدًا وروحًا، إنما كان يتحدث عن الموت الجسدي فقط، ولو أنه آمن بفناء الروح فماذا كان يمنعه من الانتحار؟ وعندما تكلَّم عن الموت تكلَّم عن تسليم الروح وليس فنائها: "لِمَ لَمْ أُسْلِمِ الرُّوحَ؟" (أي 3: 11)... " حِينَئِذٍ كُنْتُ نِمْتُ مُسْتَرِيحًا" (أي 3: 13)، أي أنه نظر للموت على أنه راحة ووجود حقيقي بالروح، ولو أن الروح تُفنى فكيف يكون له وجود بعد الموت وأنه سيستريح؟!، وبحكمة فرَّق أيوب بين النَفَس والروح قائلًا: "الَّذِي بِيَدِهِ نَفَسُ كُلِّ حَيٍّ وَرُوحُ كُلِّ الْبَشَرِ" (أي 12: 10) فالنَفَس تُعبّر عن الحياة الجسدية، فالجسد طالما هو حي لا يكف عن التنفُس، وبين الروح التي لا تموت ولا تفنى... وهكذا في السفر تجد عديد من الإشارات لإيمان أيوب بالبعث وخلود الروح ولنا عودة لهذا الأمر في سؤال آخر.

 

2- المقصود بفناء الكامل والشرير الموت الجسدي، وهذا ما عبَّر عنه سليمان الحكيم عندما قال: "حَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لِلصِّدِّيقِ وَلِلشِّرِّيرِ، لِلصَّالِحِ وَلِلطَّاهِرِ وَلِلنَّجِسِ" (جا 9: 2)... فهل سليمان أيضًا لم يؤمن بخلود الروح؟!! وما رأيك في قول الله نفسه عن أورشليم المدينة العاصية وسكانها: "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكِ، وَأَسْتَلُّ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ فَأَقْطَعُ مِنْكِ الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ" (حز 21: 3)... إن الله هو المتحكم في حياة الصديق وأيضًا هو المتحكم في حياة الشرير، فإن الله الذي " يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ" (مت 5: 45) هو المتحكم في حياة هؤلاء وأولئك.

 

3- لقد ساءت حالة أيوب وصارت حياته مرذولة وكريهة، والذي زاد الطين بلة أنه كان يشعر باستقامته وكماله، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. أمَّا الآن فيشعر بأن حياته التي عاشها بلا عيب عديمة الجدوى، حتى أن الكامل والشرير يتساويان، ولذلك قال " الْكَامِلَ وَالشِّرِّيرَ هُوَ يُفْنِيهِمَا"، وكان أيوب تحت ضغطة الألم فاندفع وقال للرب: أنه لا فرق عندك بين إنسان كامل وآخر شرير، ومع نهاية السفر قدَّم توبة قوية عمَّا بدر منه من مثل هذه العبارات التي تفوَّه بها.

 

4- يقول " متى هنري": "يجب الاعتراف بأن ما قاله أيوب هنا صحيح إلى درجة كبيرة جدًا، وهو أنه عندما تُرسَل النكبات الوقتية تحل بالصالحين والأشرار، وإن الملاك المُهلك يندر أن يميز بين بيوت إسرائيل وبيوت المصريين، ولو أن هذا حدث مرّة واحدة. صحيح أن في التأديب الذي حلَّ بسدوم، الذي دُعي " مُكَابِدَةً عِقَابَ نَارٍ أَبَدِيَّةٍ" (يه 7) قال إبراهيم لله: "حَاشَا لَكَ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ هذَا الأَمْرِ، أَنْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ" (تك 18: 25)، أما القصاصات الوقتية فإن الأبرار يأخذون منها نصيبهم، وفي بعض الأحيان يأخذون النصيب الأوفر: "السَّيْفَ يَأْكُلُ هذَا وَذَاكَ" (2صم 11: 25) يأكل يوشيا الملك الصالح كما يأكل آخاب الملك الشرير. هكذا نرى أن " الْكَامِلَ وَالشِّرِّيرَ هُوَ يُفْنِيهِمَا " يجمعهما معًا في إفناء واحد. لقد أرسل الصالحون والأشرار معًا إلى بابل (إر 24: 5، 9)"(1).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير سفر أيوب جـ1 ص 144، 145.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1541.html

تقصير الرابط:
tak.la/2mth76t