St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1540- هل الله يخطف (أي 9: 12)؟ هل أخُذ سفر أيوب من الأساطير "أَعْوَانُ رَهَبَ" (أي 9: 13)؟

 

ج: قال أيوب: "إِذَا خَطَفَ فَمَنْ يَرُدُّهُ؟ وَمَنْ يَقُولُ لَهُ: مَاذَا تَفْعَلُ؟ اللهُ لاَ يَرُدُّ غَضَبَهُ. يَنْحَنِي تَحْتَهُ أَعْوَانُ رَهَبَ" (أي 9: 12، 13).

أولًا: إِذَا خَطَفَ فَمَنْ يَرُدُّهُ؟

1- قول أيوب عن الله إذا خطف إنسان أي أماته وتصرف معه بسرعة خاطفة فمن يردُّه؟! وبنفس المعنى قال " صوفر النعماتي": "إِنْ بَطَشَ أَوْ أَغْلَقَ أَوْ جَمَّعَ، فَمَنْ يَرُدُّهُ؟" (أي 11: 10). وقال "إشعياء النبي": "وَيْلٌ لِمَنْ يُخَاصِمُ جَابِلَهُ...  هَلْ يَقُولُ الطِّينُ لِجَابِلِهِ: مَاذَا تَصْنَعُ؟" (إش 45: 9)، ويقول بولس الرسول: "بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟" (رو 9: 20).

 

2- يقول " القمص تادرس يعقوب " تعليقًا على (أي 9: 12): "الله صاحب السلطان، ليس من خليقة لها أن تراجعه فيما يعمل. نضع ثقتنا فيه، ونقبل مشيئته، حتى وإن بدت مُرّة بالنسبة لنا. إذا خطف حتى نفوسنا من يقدر أن يقاومه، أو يدخل في مناقشته؟ مَنْ يقول: ماذا تفعل؟ أو لماذا تفعل هكذا؟"(1).

 

ثانيًا: أَعْوَانُ رَهَبَ:

1- تشير "رَهَبَ" في المفهوم الكتابي إلى مصر، وأيضًا تشير لفكر أسطوري كان منتشرًا حينذاك، وهنا أيوب يُعلن سلطة الله على كل شيء، سواء في أرض الواقع أو في الأساطير، ويقول " هيفينور": "أَعْوَانُ رَهَبَ": ربما الإشارة هنا إلى أسطورة سارة تحدثت عن إخماد ثورة في السماء قام بها الوحش البحري رهب وأعوانه"(2).

ويقول " ديفيد أتكنسون": "يشير أيوب في كلامه إلى التنين " رَهَبَ" (أي 9: 13) وهو اسم وُجِد في بعض الكتابات الأدبية القديمة، عن أنثى حيوان، يعيش حسب تصوُّرهم في المحيطات. وأيوب من خلف إشارته إلى هذا المخلوق الرهيب، يؤكد على قوة الله الخالقة، وعلى قدرته لحفظ النظام في العالم بإعاقة هذه القوى الفوضوية (أي 26: 12، 28: 8-11). ومن هنا يُعلن أيوب: إن كان -رَهَبَ- التنين لا يقدر أن يقف أمام الله، وينحني تحته أعوان رهب (أي 9: 13) فأي رجاء ليّ حينما أقف أمام الله في مجلسه؟! وإن كان من جهة القوة يقول هآنذا، وإن كان من جهة القضاء يقول من يحاكمني (أي 9: 19)، وهكذا، فعلى الرغم من كوني بريئًا (أي 9: 15) إلاَّ أنني لا أملك أن أقول شيئًا يغير من الموقف، وكل ما أرجوه هو أن أُلقي بنفسي في رحمة الله"(3).

 

2- الأصل العبري لكلمة "رَهَبَ" يحمل أيضًا معنى كبرياء، وبما أن الكبرياء نُسبت في الكتاب إلى مصر لذلك جاءت رهب إشارة لمصر، فمعنى " أَعْوَانُ رَهَبَ " أي أعوان مصر، وهم من أشد المعارضين لشعب الله، ولذلك قال الله على لسان المُرنِّم: "أَذْكُرُ رَهَبَ وَبَابِلَ عَارِفَتَيَّ" (مز 87: 4). وعندما وبخ الله شعبه لأنهم اعتمدوا على مصر قال: "فَإِنَّ مِصْرَ تُعِينُ بَاطِلًا وَعَبَثًا، لِذلِكَ دَعَوْتُهَا رَهَبَ الْجُلُوسِ" (إش 30: 7).

وفي " ترجمة كتاب الحياة": "لأنَّ عونَ مِصرَ باطل لا طائلَ منه، لذلك دعوْتَها " التَنيَنَ العَاصِي"... وعندما ذكَّر الرب شعبه بالخروج من أرض مصر قال: " اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي قُوَّةً يَا ذِرَاعَ الرَّبِّ! اسْتَيْقِظِي كَمَا فِي أَيَّامِ الْقِدَمِ، كَمَا فِي الأَدْوَارِ الْقَدِيمَةِ. أَلَسْتِ أَنْتِ الْقَاطِعَةَ رَهَبَ، الطَّاعِنَةَ التِّنِّينَ؟" (إش 51: 9). كما أشار المُرنِّم لعبور بني إسرائيل البحر الأحمر بأعجوبة عظيمة وتحطم جيش فرعون وقواته، قائلًا: "أَنْتَ شَقَقْتَ الْبَحْرَ بِقُوَّتِكَ. كَسَرْتَ رُؤُوسَ التَّنَانِينِ عَلَى الْمِيَاهِ. أَنْتَ رَضَضْتَ رُؤُوسَ لِوِيَاثَانَ. جَعَلْتَهُ طَعَامًا لِلشَّعْبِ لأَهْلِ الْبَرِّيَّةِ" (مز 74: 13، 14).

 

3- يرى " القس وليم مارش " أنه كما أن " رَهَبَ " تشير إلى مصر في كبريائها، فهي تشير إلى البحر في هيجانه، فيقول: "والاسم رهب منسوب إلى البحر الهائج لكبريائه كما في (أي 26: 12): "بقوته يزعج البحر، وبفمه يسحق رَهَب". كل من ينظر إلى البحر الهائج في رياح شديدة تعج أمواجه وتعلو كأنها تهاجم الغيم الحائم فوقها، يفهم... تشبيه أعداء الله بالبحر"(4).

 

4- جاء في " دائرة المعارف الكتابية": "رَهَبَ: كلمة عبرية تعني " عاصفة " أو " عجرفة أو رهبة" (فهي شبيهة بالكلمة العربية " رهبة " لفظًا ومعنى) وهي:

(1) أساسًا اسم وحش بحري خرافي أو كائن شيطاني، ويستخدم الاسم في الكتاب المُقدَّس مجازيًا لبيان قدرة الله وسلطانه على الطبيعة، فهو الذي تحته ينحني " أَعْوَانُ رَهَبَ" (أي 9: 13)، " بِقُوَّتِهِ يُزْعِجُ الْبَحْرَ، وَبِفَهْمِهِ يَسْحَقُ رَهَبَ" (أي 26: 12).

(2) يُطلق الاسم مجازيًا أيضًا على "مصر" فيقول إشعياء النبي: "فَإِنَّ مِصْرَ تُعِينُ بَاطِلًا وَعَبَثًا، لِذلِكَ دَعَوْتُهَا رَهَبَ الْجُلُوسِ" (إش 30: 7) في إشارة إلى عجرفة ملوكها وجبروتهم، وكيف قضى الرب على قوتها عند عبور شعبه قديمًا البحر الأحمر، فيقول النبي " اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي قُوَّةً يَا ذِرَاعَ الرَّبِّ..! كَمَا فِي أَيَّامِ الْقِدَمِ...  أَلَسْتِ أَنْتِ هي الْمُنَشِّفَةَ الْبَحْرَ، مِيَاهَ الْغَمْرِ الْعَظِيمِ، الْجَاعِلَةَ أَعْمَاقَ الْبَحْرِ طَرِيقًا لِعُبُورِ الْمَفْدِيِّينَ؟" (إش 51: 9، 10).

ويقول المُرنِّم: "أَذْكُرُ رَهَبَ وَبَابِلَ" (مز 87: 4)، وأيضًا " يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ، مَنْ مِثْلُكَ؟ قَوِيٌّ،...  أَنْتَ مُتَسَلِّطٌ عَلَى كِبْرِيَاءِ الْبَحْرِ. عِنْدَ ارْتِفَاعِ لُجَجِهِ أَنْتَ تُسَكِّنُهَا. أَنْتَ سَحَقْتَ رَهَبَ مِثْلَ الْقَتِيلِ. بِذِرَاعِ قُوَّتِكَ بَدَّدْتَ أَعْدَاءَكَ" (مز 89: 8-10)"(5).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 344.

(2) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ3 ص 26.

(3) سلسلة تفسير الكتاب المقدَّس يتحدث اليوم - سفر أيوب ص 103.

(4) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ5 ص 186.

(5) دائرة المعارف الكتابية جـ4 ص 140.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1540.html

تقصير الرابط:
tak.la/4gbxmak