St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1528- هل أليفاز تعامل مع الهواجس والأرواح (أي 4: 12-16)؟ وهل الروح التي كان يتعامل معها روح شريرة لذلك ارتعب وارتعد وارتجف واقشعر جسده؟

 

ج: 1- قال أليفاز: "ثُمَّ إِلَيَّ تَسَلَّلَتْ كَلِمَةٌ، فَقَبِلَتْ أُذُنِي مِنْهَا رِكْزًا. فِي الْهَوَاجِسِ مِنْ رُؤَى اللَّيْلِ، عِنْدَ وُقُوعِ سَبَاتٍ عَلَى النَّاسِ، أَصَابَنِي رُعْبٌ وَرَعْدَةٌ، فَرَجَفَتْ كُلَّ عِظَامِي. فَمَرَّتْ رُوحٌ عَلَى وَجْهِي، اقْشَعَرَّ شَعْرُ جَسَدِي. وَقَفَتْ وَلكِنِّي لَمْ أَعْرِفْ مَنْظَرَهَا، شِبْهٌ قُدَّامَ عَيْنَيَّ. سَمِعْتُ صَوْتًا مُنْخَفِضًا" (أي 4: 12-16) فيبدو أن أليفاز عندما بلغته أخبار أيوب، أو عندما رأى أيوب وصُدم من هيئته رأى هذه الرؤيا في أيام صمته فقصَّها على أيوب في بداية حديثه معه ليقنعه بأن ما ينطق به ليس من عندياته، بل هو من عالم الروح، والكلمة العبرية التي تُرجِمت هنا إلى "روح" لها معنى آخر وهو "ريح" أو "نفخة"، ويقول " القس وليم مارش": " فمرَّت روح: الكلمة الأصلية تفيد النفس كنفس الإنسان أو نسمة، ولعل أليفاز شعر بشيء غير منظور كنفس إنسان أو نسمة مرّت على وجهه، ثم رأى شبحًا قدام عينيه كأنه خيال وسمع صوتًا منخفضًا"(1).

     وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "يروي أليفاز خبرة غامضة مخيفة تعرَّض لها في حلم مدَّعيًا أنه من خلالها استقبل إعلانًا إلهيًّا، وبنى عليه نصائحه التي وجهها إلى أيوب"(2).

 

2- يقول " متى هنري": "يظن البعض أن أليفاز رأى هذه الرؤيا عندما جاء لأيوب، فوضع في فمه كلمات يحاججه بها، وكان خليقًا به أن يتمسك بفحوى هذه الرؤيا، وفي هذه الحالة كانت تصلح لتوبيخ أيوب بسبب تذمره، لا لإدانته كمراءٍ. ويظن الآخرون أنه رأها من قبل، لأن الله بهذه الطريقة كان يتحدث إلى عقول بني المشرق في الأجيال السحيقة (أي 33: 15). ولعل الله قد أرسل هذه الرسالة إلى أليفاز لكي يهدئ نفسه، إذ كان في حالة نفسية ثائرة متذمرة... لم تكن لشعب الله أية كلمة مكتوبة للاقتباس منها، ولذلك كان الله في بعض الأحيان يعلن لهم الحقائق العامة بطرق ورؤى غير عادية...

الرسول الذي وصلت على يديه هذه الرسالة " روح" (ع 15) أحد الملائكة الصالحين الذين يُستخدَمون ليس فقط في إتمام أعمال العناية الإلهيَّة، بل في خدمة كلمة الله أيضًا. أمَّا بخصوص هذه الروح التي رآها أليفاز هنا (ع 15، 16) فإننا نرى:

(1)  إنها كانت حقيقية لا وهمية: "شبه قدام عيني " فرآه جليًّا. وفي بداية الأمر جازت هذه الصورة قدام عينيه، ثم عادت، تحركت إلى فوق وإلى أسفل، وأخيرًا " وقفت " لا تتحرك، لكي تتكلَّم إليه.

(2)  ولم تكن واضحة تمام الوضوح: "ولكني لم أعرف منظرها " ولذلك لم يكوّن عنها فكرة صحيحة ولم يستطع وصفها. وكان الأمر يحتاج لإيقاظ ضميره وتزويده ببعض المعلومات، لا لإشباع حب الاستطلاع.

(3)  أنه صار في حالة فزع شديد: "أقشعر شعر جسدي " منذ سقط الإنسان صار مفزعًا له أن يتقبل رسالة أو رسولًا من السماء كأنه شاعر في نفسه أنه لا يتوقع أنباء طيبة من هناك"(3).

 

3- يقول " القمص تادرس يعقوب": "يبدو أنه قبل أن يشاهد الرؤيا شعر برعدة تهز كل عظامه، امتلأ قلبه بمخافة الرب، وأدرك عظمته، وشعر بأنه أصغر من أن يعاتب الله. بهذا تهيأ لقبول الرسالة الإلهيَّة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... مرَّ بأليفاز روح، غالبًا ما كان ملاكًا مرسلًا من قِبل الله، لخدمة الكلمة. وقد اقشعر شعر جلده، إذ صار السمائيين موضع رعب للإنسان منذ سقوط آدم، يخشى بلوغه رسالة مؤلمة، لا يتوقع أخبارًا طبية...

رأى أليفاز الملاك بصورة جليّة، جاز به قدامه كما لو كان خيالًا، "شبه قدام عيني"، أو كمن يرى في مرآة، لا يقدر أن يصفه " لم أعرف منظرها"... حمل أليفاز أفكارًا جسدانية مُرَّة من نحو أيوب، لذلك إذ عَبَرَ به الروح لم يستطع بفكره الجسداني أن يرى الأمور الروحية، إنما رأى ما هو أشبه بخيالات، ولم يقدر أن يميز صوت الروح الذي كان منخفضًا، لم تقدر أذناه على تمييزه. هكذا اعترف أليفاز دون أن يدري أنه فقد سلامه، فصارت رؤى الليل هواجس مزعجة، لم يستطع أن ينام ويستريح بينما كان البشر نائمين في سباتٍ. ارتجفت عظامه، واقشعر شعر جسمه، وارتبك ذهنه بخيالات. هذا ثمر الإنسان الفاسد الذي يحوّل الحق إلى باطل، ويفتري على إخوته ظلمًا"(4).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ5 س 174، 175.

(2) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 1197.

(3) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 74-76.

(4) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 178، 179.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1528.html

تقصير الرابط:
tak.la/6w47as5