St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1506- هل أيوب شخصية أسطورية؟ وهل سفر أيوب مجرد رواية ألَّفها أحد الأشخاص ولم تحدث في أرض الواقع؟

 

     قال بعض النُقَّاد أن " هورن " قال أن العالِم اليهودي " مايمونيدس " قال أن قصة أيوب قصة رمزية، ووافقه القول بعض العلماء المسيحيين مثل آدم كلارك، ومايكل، وسملر، وأستوك. وقال " يوليوس فلهاوزن " أن قصة أيوب مقتبسة من قصة شعبية(4).

     ورفض " ثيؤدور " أسقف مبسويست القول بتاريخية السفر، وقال " كانن سل": " قال لوثيروس (مارتن لوثر) حينئذ إني أنظر إلى سفر أيوب كله كتاريخ صحيح لا أعتقد أن كل ما فيه جرى كما هو مكتوب بل أن رجلًا عالِمًا وتقيًّا قد وضعه على هذه الصورة"(1).

     كما قال بعض النُقَّاد أنه لم يكن هناك شخص حقيقي يُدعى "أيوب" حلَّت به النوائب والبلايا، وأحداث سفر أيوب مُجرّد رواية تحمل فكر المؤلف الذي وضع الأقوال على أفواه أشخاص الرواية، فهي قصة رمزية صيغت في قالب شعري جميل، خرجت لنا كملحمة شعرية لها هدف معين، وهو اقتناء فضيلة الصبر والاحتمال أمام نوازل وكوارث هذا الدهر.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- وردت قصة أيوب في الكتاب المُقدَّس وشغلت سفرًا كاملًا، ولا يظهر أي مؤشر في القصة يشير إلى أنها قصة رمزية، إنما وردت على أنها قصة حقيقية وبطلها أيوب ورد اسمه في أسفار أخرى مع أشخاص حقيقيين، مثلما ورد اسمه مع نوح ودانيال (حز 14: 14، 20) أكثر من مرّة، فهل نوح ودانيال أيضًا شخصيات أسطورية خرافية؟! أيضًا ورد اسم أيوب في سفر طوبيا (2: 12، 15) وفي رسالة يعقوب في العهد الجديد (يع 5: 11) فأين الحقيقة وأين الأسطورة هنا..؟! ألاَّ يرى الناقد هنا أن قوله بأن أيوب شخصية أسطورية يدخلنا في متاهات ويخلط الحابل بالنابل؟ نحن نثق تمامًا في كتابنا المُقدَّس، ونثق أن كل الكتاب مُوحى به من الله، وما دام الكتاب ذَكَر قصة أيوب على أنها قصة حقيقية، فلن نصدق أي إنسان يقول بعكس هذا.

 

2- القول بأن شخصية أيوب أسطورية وسفره قصة رمزية يرجع إلى حسد بعض اليهود له، لأنه ليس يهوديًا، فكيف ينال إنسان أممي مثله مديحًا من الله كهذا؟!، وكيف يوجد إنسان بارٌ وهو ليس من نَسل إبراهيم؟! وليس معنى هذا أن كل اليهود يتنكرون لأيوب وقصته، إنما قبلوا سفره وحافظوا عليه حفاظهم على أعينهم، ويقول " القمص تادرس يعقوب": "نظرًا لأهمية سفر أيوب اهتم التلموديون Talmudists اهتمامًا زائدًا بالشخصية الرئيسية للسفر. كل الحاخامات باستثناء اثنين فقط يؤكدون أن أيوب شخصية تاريخية واقعية، وإن كانوا قد اختلفوا في تحديد الزمن الذي عاش فيه كما اختلفوا في تحديد جنسيته"(2).

فكل من اليهود والمسيحيين والمسلمين يؤمنون بأن أيوب شخصية حقيقية وسفره ليس رواية مؤلَّفة، إنما شمل أحداثًا حقيقية، فالعهد القديم حوى السفر، كما جاء ذكر اسم أيوب كمثال لاحتمال التَّجارب في العهد الجديد (يع 5: 11)، وذُكر عدَّة مرّات في القرآن (سورة النساء 4: 63، سورة الأنعام 4: 84، وسورة الأنبياء 21: 83، 84، وص 38: 41-44) وأيضًا في التراث الإسلامي(5).

 

3- هذه القصة قصة حقيقية تاريخية حدثت على أرض الواقع بدليل:

أ- ذكرت أحداثًا وقعت في السماء، عندما تراءى الشيطان أمام الله ليطعن في صلاح أيوب ويشتكي عليه (أي 1: 6؛ 2: 1).

ب- حدَّدت القصة عدد أولاد أيوب بسبعة أولاد وثلاث بنات، وممتلكاته من الغنم 7000، ومن الجمال 3000، ومن البقر 500 فدان، ومن الحمير 500 أتان (أي 1: 2، 3)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. كما ذكرت الخيرات التي حازها أيوب بَعد التجربة إذ تضاعفت ممتلكاته من الغنم 14000، ومن الجمال 6000، ومن البقر 1000 فدان، ومن الحمير 1000 أتان، فلو كانت مُجرّد رواية فمن المنطقي أن يزيد عدد الأبناء، أو يختلف عدد الأولاد وعدد البنات عما كان عليه أولًا، ولكن جاء العدد سبعة أولاد وثلاث بنات، وذكر اسماء البنات، وقال أنهن كنَّ جميلات جدًا، بينما لم يقل هذا بالنسبة للبنات اللاتي كُنَّ لأيوب قبل التجربة.

جـ- حدَّد السفر مكان سكنى أيوب، وهي " أرض عوص" (أي 1: 1) وهي موجودة في أرض الواقع، وذكرها إرميا بعد مئات السنين (مرا 4: 21)، كما جاء ذكر اسم " عوص " كشخص في سفر التكوين (تك 22: 20، 21)، وأيضًا حدَّد السفر عدد السنين التي عاشها أيوب بعد التجربة وهي مائةً وأربعين سنة (أي 42: 16) بينما لا تهتم الأسطورة بذكر المكان ولا الزمان.

د- جاء في السفر ذكر بعض الشعوب مثل " السبئيين والكلدانيين" (أي 1: 15، 17).

هـ- جاء في السفر اسم أصدقاء أيوب (أي 2: 11) وهي أسماء حقيقية، ونَسَب كل منهم معروف.

و- ليس من طبيعة اليهود على الإطلاق تأليف قصص أسطورية وإضافتها للأسفار المُقدَّسة.

 

4- قال " هورن " أن: "سفر أيوب قصيدة بليغة تتكلَّم عن شخص له وجود حقيقي، إلاَّ أن بعض العلماء قالوا أن هذه القصيدة رواية رمزية غايتها التربية والتهذيب، وردت في قالب مثَل، وأول من ذهب إلى هذا الرأي " مايمونيدس " أحد علماء اليهود، ووافقه على ذلك بعض علماء المسيحيين، ولكن بصرف النظر عن اجماع بعض علماء اليهود والمسيحيين على أن أيوب كان شخصًا له وجود حقيقي، فقد أقام العلماء الأدلة والبراهين على أنه كان شخصًا حقيقيًا"(3).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) ترجمة القس يوسف فليحان والقس يعقوب خضر - مُقدّمة لسفر أيوب ص 9.

(2) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 26.

(3) شُبهات وهمية حول الكتاب المقدَّس ص 176.

(4) راجع الشيخ رحمت الله بن خليل العثماني - إظهار الحق طبعة 1978م ص 63، وأ. د. محمد خليفة حسن - مدخل نقدي في أسفار العهد القديم ص 195، وعبد الوهاب النجار - قصص الأنبياء - مكتبة دار التراث ص 415، 416.

(5) راجع الموسوعة العربية العالمية جـ3 ص 566.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1506.html

تقصير الرابط:
tak.la/93g23yk