St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1497- مَنْ هو كاتب السفر؟ وهل يرجع السفر للتراث العربي؟ وهل أيوب كان عربيًا؟

 

     يرى "عاطف عبد الغني" أن سفر أيوب كُتِبَ أصلًا باللغة العربية، فيقول: أيوب ليس عبرانيًا: ويفاجئنا بنيامين جرين في تلخيصه التاريخي للعهد القديم برأيه في سفر أيوب، فيقول: إن السفر أقدم من النبي موسى نفسه وبالتالي فهو أقدم من التوراة(13). وكان قد سبق جرين في رأي مشابه الفيلسوف الفرنسي "فولتير " حيث قال: إن السفر كان من تراث العرب ونقله العبريون إلى لغتهم، ويستدل جرين وفولتير على صحة رأيهما ببعض الملاحظات منها أن الشيطان الذي يشغل مكانًا رئيسيًا في السفر ويشارك في تحريك الأحداث، لم يعرف العبريون اسمه، وأصل الكلمة كلدانية، وأن أيوب ينتسب إلى أرض عوص التي تقع شمال شبه جزيرة العرب، أمَّا أصدقاء أيوب الذين ورد ذكرهم في السفر فيُنسَبون إلى أسماء ومناطق عربية، وكذلك لاحظ بعض الباحثين ذكر الجِمال ضمن ثروة أيوب وهي لحوم مُحرَّمة على اليهود ولم تُذكر بين ثرواتهم حتى عند ذكر دواب الحمل، ثم أن الحادثة الرئيسية التي تبدأ بها القصة وهي المنافسة بين الرب والشيطان على أيوب تردنا إلى عقائد الفرس التثنوية، وكانوا فيها يساوون في المنزلة بين إله الشر أو الظلمة وإله الخير أو النور وهو ما يتعارض مع شريعة التوحيد التي جاء بها موسى"(1).

     ويقول "عبد المجيد همو":

     1- قال أكثر النُقَّاد: إنَّ أيوب عربي، وسفر أيوب عربي أصيل، ثم نقله، ونسخه اليهود.

     2- مما يثبت عروبة أيوب وجوده في القرآن الكريم، وهو أحد الرُّسل الخمسة والعشرين الذين ورد اسمهم في القرآن الكريم"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The Holy Bible: Book of Job, by tabbyisnotacat. صورة في موقع الأنبا تكلا: سفر أيوب من الكتاب المقدس، لتابيسنوتاكات.

St-Takla.org Image: The Holy Bible: Book of Job, by tabbyisnotacat.

صورة في موقع الأنبا تكلا: سفر أيوب من الكتاب المقدس، لتابيسنوتاكات.

ج: أولًا: كاتب السفر:

     كاتب السفر غير معروف على وجه التحديد، لأنه لا يوجد أي نص صريح في السفر يخبرنا عن الكاتب، وعندما اقتبس البعض من السفر قال: "مكتوب " ولم يذكر اسم الكاتب، فبولس الرسول اقتبس في (1كو 3: 19) ما جاء في (أي 5: 13) والقديس يعقوب عندما قال: "قد سَمِعتُمْ بِصَبرِ أيُّوبَ ورَأيتُمْ عاقِبةَ الرَّبِّ" (يع 5: 11) لم يذكر اسم كاتب السفر. ومن الواضح أن الكاتب رجل يؤمن بالإله الواحد، يتميز بالتقوى والصلاح، مُرهف الحس، استخدم التشبيهات المجازية والمحسنات البديعية، وأيضًا له دراية بجغرافية المنطقة فيعرف مصر والبلاد المجاورة، وما يجب التأكيد عليه هو قانونية السفر، فالسفر كُتب بوحي وإرشاد الروح القدس، ولذلك قبلته الكنيسة سواء في العهد القديم أو العهد الجديد على أنه سفر قانوني، وانحصرت الآراء تقريبًا في أن كاتب السفر هو أيوب أو أليهو أو كاتب يهودي (موسى أو سليمان) فواحد منهم هو كاتب السفر:

 

1-   أيوب: لأن ما يخصه من أقوال يمثل جزءًا كبيرًا من السفر، وقول: "مَنْ لي بِمَنْ يَسمَعُنِي؟ هُوذا إِمضَائِي" (أي 31: 35) يُعد دليل غير مباشر على أنه كاتِب السفر، ولا سيما أنه عاش 140 سنة بعد التجربة، وقال الدارسون أن موسى هو الذي وضع مقدمة السفر (أي 1؛ 2) وكذلك خاتمة السفر (أي 42: 7-17)، وقدَّم السفر لبني جنسه الذين يرزحون تحت العبودية المُرّة في أرض مصر، فجاءت المقدمة والخاتمة بصورة نثرية، وأيضًا يوجد تقليد يهودي يخبرنا بأن هناك رابطة دم بين أيوب ويثرون حَمى موسى، ومن هنا نستطيع أن نفسِّر كيف وصل السفر الشعري (من ص 3 إلى 42: 6) ليد موسى النبي.

 

2-   أليهو: الذين قالوا أنه هو كاتب السفر اعتمدوا على أنه عاصر الحدث كاملًا وجيدًا، وقال عن أصدقاء أيوب: "تَحَيَّرُوا. لَمْ يُجِيبُوا بَعْدُ. انْتَزَعَ عَنْهُمُ الْكَلاَمُ" (أي 32: 15)، ويُعلِّق "متى هنري" على هذا قائلًا: "لعل كلمات أليهو هنا تبيِّن أنه هو الذي كتب هذا الشعر، وأنه كتب كمؤرِّخ يروي ما حدث، وبعد أن لفت أنظارهم في الآيات السابقة للاستماع إليه " تحيّروا" ولم يعودوا يهمسون في آذان بعضهم بعضًا، ولم يحرموه من حرية الكلام، بل وقفوا صامتين ليسمعوا ما يقول، لأنهم ذهلوا كثيرًا من المزيج العجيب من الجرأة والأدب والاحتشام التي ظهرت في مقدمة كلامه"(3).

 

3-   كاتب يهودي: يقول "القس صموئيل يوسف": "ويؤكد جينسبرج Ginsberg  أن الكاتب يهودي مائة في المائة. وتأكيده هذا مبني على فزع الكاتب من الظلم الحادث في العالم كما عبَّر عنه في (أصحاح 21 من عدد 6) الذي يعكس حساسية إسرائيل نحو الظلم... لماذا تحيا الأشرار... وجاء في التلمود Baba Bathra 14b أن كتابة السفر تُنسب إلى موسى. كما يوجد تقليد يهودي يربط بين أيوب ويثرون، وما تضمنته المقدمة والخاتمة يشبه إلى حد بعيد قصص الآباء الواردة في سفر التكوين"(4).

ويقول "فرانسيس أندرسون": "وكاتب سفر أيوب لم يكن حساسًا وذكيًا فقط بل كان ذي تجربة ومثقفًا... في المقام الأول فأنه يتفق مع تقليد شعبه، أنه إسرائيلي في الجوهر والعقيدة وفي نفس الوقت فهو عالمي في إنسانيته، فهو عينة من نوع الأدب السائد في العالم القديم والذي كان أدبًا عالميًا في طبيعته، وذلك الأدب الذي يُسمَّى على نطاق واسع بأدب الحكمة"(5).

وجاء في هامش "الكتاب المقدَّس الدراسي": "على الرغم من أن أغلب الكتاب هو سرد لكلمات أيوب وأصدقائه، إلاَّ أن أيوب نفسه ليس هو الكاتب. لكن من المؤكد أن الكاتب من بني إسرائيل، لأنه هو، وليس أيوب أو أصدقائه، يستخدم اسم الله (يهوه   " الرب "). وفي المقدمة أي الفصلين (1، 2) وفي الإعلانات الإلهيَّة (38: 1-42: 6) وفي الخاتمة (42: 7-17) تظهر كلمة (الرب أو يهوه) 25 مرّة، بينما لا تظهر في بقية الكتاب (الفصول 3-37) إلاَّ مرّة واحدة في (12: 9)"(6).

وقال بعض الدارسين: إن كاتب السفر هو سليمان الحكيم الذي اهتم بالمشاكل الحياتية، وقد أشار السفر للمشيرين والقضاة والكهنة والملوك (أي 12: 17-21) وهذا يخص عصر سليمان، كما ذكر السفر أيضًا " ذَهَبَ أُوفِيرَ" (أي 22: 24، 28: 16) كما أشار للأشجار والحيوانات والعلوم الطبيعية التي طالما شغلت الملك سليمان (1مل 4: 33)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. كما أن لغة السفر تشبه إلى حد بعيد لغة سفر الأمثال، ولأن سليمان كان منفتحًا على الأمم الأخرى لذلك لم يجد غضاضة في تسجيل قصة رجل أممي غير إسرائيلي، لأنه تميز بالتقوى والاستقامة والكمال كشهادة الله له. ولكن يقف ضد هذا الرأي القائل بأن سليمان هو كاتب السفر أن السفر لم يحمل أي إشارة لعمل الله المعجزي مع شعبه، ولا أي إشارة للكهنوت اللاوي والهيكل العظيم، وأيضًا المشيرون والقضاة والكهنة والملوك عُرِفوا في الحضارات القديمة قبل عصر سليمان، مثل الحضارة السومرية، والحضارة البابلية الأولى، وكذلك عَرِف " ذَهَبَ أُوفِيرَ" قبل عصر سليمان بزمن بعيد.

 

ثانيًا هل يرجع سفر أيوب للتراث العربي؟

1-   لا أحد من الدارسين المدقّقين ينكر أن أيوب لم يكن يهوديًا من نسل إبراهيم، ومع هذا فأنه كان يؤمن بالإله الواحد خالق كل شيء وضابط الكل، ومن البديهي أن العرب حينذاك لم يصلوا إلى الوحدانية، ومن الأدلة التي اعتمد عليها النُقَّاد في ادعائهم بأن أصل السفر من التراث العربي:

أ-  كلمة " شيطان " التي جاء ذكرها في السفر، ذُكرت في مواضع أخرى من العهد القديم (مز 109: 6، زك 3: 1، 2، مت 4: 10، 16: 23... إلخ.). إذًا استخدام كلمة " شيطان " لا تعني أن السفر يرجع للتراث العربي.

ب- أرض عوص، وبحسب قول الناقد نفسه أنها تقع شمال الجزيرة العربية. إذًا هي لا تقع في الجزيرة العربية حيث يعيش العرب، ولنا عودة لهذا الأمر ثانية.

جـ- يقولون أن أصدقاء أيوب عرب لأن أسمائهم عربية، وهذا غير حقيقي لأنهم من نسل إبراهيم وتارح أبيه كما سنرى نسبهم فيما بعد.

د- قال الناقد أن اليهود لم يستخدموا الجِمال بل حرَّموا لحومها، وإن كانت شريعة موسى قد حرَّمت أكل لحوم الجِمال، لكنها قبل الشريعة لم تكن مُحرَّمة، وقد استخدمها الآباء في تنقلاتهم، وهذا واضح من قصة سفر لعازر الدمشقي إلى آرام النهرين ليخطب زوجة لإسحق فقد استخدم الجِمال (تك 24: 14، 19، 31، 32، 63) وكانت الجِمال من ممتلكات أبينا يعقوب (تك 30: 43) وأيضًا في عودة يعقوب من عند خاله لابان كانت راحيل تجلس على ظهر جَمَل (تك 31: 34) وحتى بعد شريعة موسى لم يكف اليهود عن استخدام الجِمال، فكانت من ضمن ممتلكات داود الملك (1أي 27: 30).

هـ- يقول الناقد أن المنافسة بين الله والشيطان في سفر أيوب تُعدّ صدى للإيمان الفارسي بالثنائية إله الخير وإله الشر، والحقيقة أن السفر يوضح الحقيقة بجلاء أن الله هو مالك الكون والمُسيطر على كافة الأمور، وليس للشيطان مُطلق الحرية في التصرُّف، إنما كل تصرُّفاته داخل دائرة الضبط الإلهي، ولو افترضنا جدلًا (وهذا غير حقيقي) أن السفر مرتبط بعقيدة فارسية، فهل هذا يعني أن السفر يرجع إلى تراث عربي؟! ومتى كان الفرس من العرب؟!!

 

2-   لم يكن " بنيامين جرين " و"فولتير " هما فقط اللذان قالا بأن أصل السفر عربي، بل سبقهما في هذا "إبرآهام بن عزرا " كما قال بنفس الرأي "جان جاك روسو"، ويقول " فرنسيس أندرسون": "من الصعب أن نصدق أن كتابًا إسرائيليًا في الجوهر، ووفقًا لتقليد الحكمة الكتابية قد أُنتج في مكان آخر غير الوطن الإسرائيلي وباللغة العبرية"(7).

 

3-   لم يرد في الشعر العربي الجاهلي أن نوع من قصائد الشعر تشابه قصة أيوب، ولو كان أيوب عربيًا لتناول شعراء العرب قصته بالشعر، وتغنوا ببطولته وصبره، ولكن هذا لم يحدث، ويشهد " أحمد سوسة " في كتابه " العرب واليهود والتاريخ " جـ8 ص 373 أنه تم العثور ضمن مخطوطات قمران على نسخة من سفر أيوب باللغة الآرامية، بينما لم يتم العثور على أي مخطوط قديم باللغة العربية لهذا السفر، ويقول " د. أسدرستم": "وقد وُجِد سفر أيوب في نسختين إحداهما بالخط المربع المتأخر، والأخرى بالخط العبري القديم. وإذا كانت النسخ الأمهات قد كُتبت بهذا الخط فإنه سيسهل عندئذ حل بعض مشاكل النص المسوَّر"(8).

 

4-   لم يكن أيوب عربيًا، والدليل الذي ذكره " عبد المجيد همو " مردود عليه من ذاته، حيث قال أن الدليل على أن أيوب كان عربيًا أن اسمه ورد في القرآن ضمن 25 من الرُّسل، وانتهى بنتيجة أنه ما دام اسم أيوب ورد في القرآن ضمن الرُّسل والأنبياء إذًا لا بد أن يكون عربيًا، فما رأيه في بقية الآباء والأنبياء الذين وردت أسمائهم في القرآن مثل نوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى وإيليا ويونان والسيد المسيح..؟ هل جميع هؤلاء كانوا مُسلِمين بدليل أن أسمائهم وردت في القرآن؟! وكيف يتفق هذا مع قول القرآن: "ولَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ" (الجاثية 45: 16)... " وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ" (العنكبوت 29: 27)؟! فالنبوءة حُصرت في نَسل يعقوب بن إسحق أي في اليهود، وليس في نسل إسماعيل أبو العرب.

 

5-   لقد كُتب أصل السفر باللغة العبرية واستخدام قواعد نحو صعبة، حتى أن بعض العبارات ظهرت وكأنها غير مترابطة مما دفع المُترجمون إلى محاولة الوصول إلى صيغة سهلة مُستساغة، ويقول " فرانسيس أندرسون": "نجد التعبيرات فيها توتر وقواعد النحو صعبة لدرجة عدم الترابط، وقد ضيع المُترجمون تأثير هذه الصيغ بمحاولة جعلها سهلة مستساغة، تلك الملامح التي تبدو كصعوبات أمام الباحث، تحتفظ بالمؤثرات المقصودة للكاتب ولا يصح أن يوجه لها اللوم على أنها السبب في ضعف النص. في السطور الأولى من القصيدة نواجه صعوبات جمة كالتي ذكرناها فالعبارات المتوازية شعريًا ليست متقابلة، فكلمة يوم غير مُعرَّفة في الأصل، ولكن أضاف إليها المُترجمون أداة التعريف لتتقابل مع الليل وهي معرَّفة، والأفعال متغيرة الصيغ، ومعظم المشاكل التي من هذا النوع يمكن حلها دون تعديل النص"(9).

ويقول " ستيفن م. ميلر وروبرت ف. هوبر " أن القديس جيروم في ترجمته لسفر أيوب رأى أن هذا السفر يميل للغموض، فقال: "أن السفر كله يتميز بالغموض وعدم الوضوح حتى في العبرية وكما يقول الخطباء في اليونانية أنه مزخرف العبارات، فبينما يقول شيئًا فأنه يفعل شيئًا آخر كأنك تقبض على الهواء أو على سمكة زلقة، كلما ضغطت قبضتك تسلك منها"(10).

     وجاء في مقدمة السفر في " الكتاب المُقدَّس الدراسي": "تصعب ترجمة أيوب في العديد من الأماكن بسبب احتوائه على العديد من الكلمات غير المألوفة بسبب أسلوبه الأدبي، وهو السبب الذي جعل الترجمات الحديثة لهذا السفر تختلف بشكل كبير في بعض الأحيان. وحتى الذين ترجموا كتاب أيوب قبل المسيحية إلى اللغة اليونانية (الترجمة السبعينية) وغيرهم يبدو أنهم تعرضوا للحيرة كثيرًا في أثناء الترجمة. ونظرًا لصعوبة اللغة المكتوب بها كتاب أيوب وجد القائمون بالترجمة السبعينية حيرة في بعض الأمور. كما واجه مترجموا الترجمة السريانية (البشيتا Peshitta) والأرامية (الترجوم Targum) واللاتينية (الفولجاتا Vulgata) نفس الصعوبات تقريبًا"(11).

     فالصعوبات التي بالسفر تعكس لنا مدى أمانة المُترجمين، ومع تقدم الاكتشافات والدراسات صار السفر واضحًا لدرجة كبيرة، ولا سيما أن السفر يُعتبر دائرة معارف مصغَّرة، فيقول " فرنسيس أندرسون": "فالصعوبات التي تواجهنا هي دليل على أمانة الكتبة اليهود الذين فضلوا أن ينسخوا نصًا غامضًا بكل احترام على أن يحاولوا إيضاح النص بالقيام بمحاولة تعديله، وفي هذا الصدد كانوا أكثر تواضعًا وأكثر علمًا من النُقَّاد العصريين. في بداية النقد الذي وصل ذروته في مطلع القرن الحالي (العشرين) كان الدارسون يسرعون إلى الاستنتاج بأن النص الذي لا يستطيعون فهمه لا بد أن يكون محرَّفًا فيقومون بتصحيحه... والاكتشافات العديدة وبخاصة تلك المبنية على علم الحفريات تمكننا الآن من فهم النص كما هو، فالكثير من التعديلات المقترحة لجيل سابق من الدارسين يجب تركها الآن كشيء لا ضرورة له. ومع ذلك وبالرغم من التقدُّم الهائل الذي أحرزه الإنسان فكثير من النصوص في سفر أيوب تمثل مشكلة مستعصية على الفهم. وهذه النصوص يجب أن تخضع لكل أجهزة العلم المعاصر: كآخر ما وصل إليه التقدم في تحليل هجاء الكلمات في العبرية القديمة ومعاني الكلمات النادرة (وهي متوفرة في سفر أيوب) والتراكيب النحوية وأشكال الشعر العبري وكل أنواع الأدب الموجود في إطار هذا السفر. إن سفر أيوب دائرة معارف صغيرة للحياة قديمًا في الشرق الأدنى ولذا فإن بناءه الثقافي، وخلفيته الاجتماعية تسهمان في تفسير الكثير من النصوص"(12).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) أساطير التوراة ص 120.

(2) ترجمة وتدقيق إسماعيل الكردي - اليهودية بعد عزرا وكيف أقرت ص 35.

(3) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير سفر أيوب جـ3 ص 86.

(4) المدخل إلى العهد القديم ص 301.

(5) التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - أيوب ص 20، 21.

(6) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 1185.

(7) التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - أيوب ص 59.

(8) مخطوطات البحر الميت وجماعة قمران ص 50.

(9) التفسير الحديث للكتاب المُقدَّس - أيوب ص 106، 107.

(10) تاريخ الكتاب المُقدَّس منذ التكوين وحتى اليوم ص 45.

(11) الكتاب المُقدَّس الدراسي ص 1185، 1186.

(12) التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - أيوب ص 13، 14.

(13) الفكر الديني اليهودي - د. حسن ظاظا ص 55.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1497.html

تقصير الرابط:
tak.la/ynsc2da