St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1491- كيف يصدر الملك أحشويروش أمره بتكريم مردخاي اليهودي (أس 6: 10) بعد أن أصدر أمرًا بإبادة جميع اليهود (أس 3: 8-11)؟ وكيف يحكم الملك على هامان الرجل الثاني في المملكة وأبيه الروحي بالإعدام ولم يكتفِ بتأديبه (أس 7: 7-9)؟

 

St-Takla.org Image: So Haman had to robe Mordecai, put him on a horse and lead him through the city proclaiming, ‘This is what is done for the man the King honours!’ (Esther 6: 11) - Esther, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأخذ هامان اللباس والفرس وألبس مردخاي وأركبه في ساحة المدينة، ونادى قدامه: «هكذا يُصنع للرجل الذي يسر الملك بأن يكرمه»" (أستير 6: 11) - صور سفر أستير، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: So Haman had to robe Mordecai, put him on a horse and lead him through the city proclaiming, ‘This is what is done for the man the King honours!’ (Esther 6: 11) - Esther, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأخذ هامان اللباس والفرس وألبس مردخاي وأركبه في ساحة المدينة، ونادى قدامه: «هكذا يُصنع للرجل الذي يسر الملك بأن يكرمه»" (أستير 6: 11) - صور سفر أستير، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ج: 1- أوضح التاريخ شخصية الملك أحشويروش المتردد والمتقلقل، قصير النظر في اتخاذ القرارات، الذي تسيطر عليه الأهواء والشهوات، وكان إنسانًا قاسيًا لا يعرف الرحمة، فقد توسّل إليه صديقه "ليسياس" أن يعفي ابنه الأكبر من الذهاب للحرب، لأنه قدّم للجيش خمسة أبناء له من قبل، فلم يكتفِ أحشويروش برفض طلبه، إنما أمر بشق هذا الابن نصفين، ودعى الجيش يمر بين شطري هذا الابن ليعرف الجميع حزم الملك وصرامته، وعندما أعدَّ أسطولًا عظيمًا من السفن لغزو بلاد اليونان، فصنع جسرًا من السفن على بوغاز الدردانيل، وأمام الزوابع وهياج البحر تحطّمت هذه السفن فأمر بجلد البحر، وقطع رؤوس المهندسين الذين شيدوا هذه السفن، وتعرّض لهزيمة نكراء سنة 480 ق. م. في موقعة سلاميس البحرية على أيدي اليونانيين، فعاد يجر أذيال الخيبة والعار إلى بلاده.

 

2- وضع أحشويروش ثقته الكاملة في هامان فعظَّمه وجعل كرسيه فوق جميع الرؤساء الذين معه، حتى جعل الجميع يسجدون له، وعندما استصدر هامان فرمانًا ملكيًا بإبادة الشعب اليهودي قال للملك: "شَعْبٌ مَّا مُتَشَتِّتٌ ومُتَفَرِّقٌ بيْنَ الشُّعُوب" (أس 3: 8) وتغافل تمامًا أن يذكر اسم هذا الشعب، كما تغافل أن يذكر الأسباب التي دفعته لهذا الانتقام الرهيب من هذا الشعب، ولم يأتِ بذكر اسم مردخاي أمام الملك، ولفرط ثقة الملك فيه لم يسأله أي شعب هذا؟ ولكن إرادة الله كانت لهامان بالمرصاد إذ "طَارَ نَوْمُ المَلِكِ، فَأَمَرَ بأن يُؤتَى بسِفرِ تَذكَارِ أخْبَارِ الأَيَّام" (أس 6: 1) فقرأوا أمامه الحادثة التي تعرَّض فيها للمؤامرة وكيف أنقذ مردخاي حياته، فسأل: "أَيَّةُ كَرَامَةٍ وعَظَمَةٍ عُمِلَتْ لِمُرْدَخَايَ لأَجْلِ هذا؟ فَقَال غِلْمَانُ المَلِكِ الذينَ يَخْدِمُونَهُ لَمْ يُعْمَلْ مَعَهُ شَيْءٌ" (أس 6: 3) فاستشار هامان: "مَاذَا يُعْمَلُ لِرَجُل يُسَرُّ المَلِكُ بأن يُكْرِمَه؟ُ" (أس 6: 6) وظن هامان في نفسه أنه هو الرَّجُل الذي يريد الملك أن يكرمه فبالغ في الأمر، مقترحًا بأن يُلبسونه اللباس السلطاني، ويُركبونه على فرس المَلك، ويضعون على رأسه تاج المُلك وينادون أمامه، فهكذا يُصنع للرجل الذي يسرُّ الملك به، فطلب منه الملك أن يفعل هكذا بمردخاي، فصُدِم هامان صدمة عظيمة، ولا سيما أنه جاء إلى القصر مبكّرًا ليستأذن الملك في صلب مردخاي وكان قد جهّز له صليبًا تتضاءل بجواره بقيّة الصلبان، إذ بلغ طوله ستون ذراعًا، هذا من جانب ومن جانب آخَر أن الملك لم يدرك أن الشعب الذي أصدر أمرًا بإبادته هو الشعب اليهودي، ومنه مردخاي الرجل الأمين وأستير الملكة المحبوبة.

 

3- بعد أن أقامت أستير وليمتين للملك أحشويروش، وسألها الملك للمرة الثالثة عن طلبتها، كشفت له عن أن حياتها مهدّدة بالموت، وليس هي فقط، بل هي وكل بني جنسها، فثارت نخوة الرجولة لدى الملك، فهو زوجها وهو المسئول عن حمايتها، فمن يجرؤ أن يمس هدب ثوبها؟! وسريعًا ما سألها: "من هو؟ وأين هو هذا الذي يتَجَاسرُ بِقَلْبِهِ على أن يَعْمَلَ هكذا"(أس 7: 5) فلا يوجد إنسان على وجه الأرض يستطيع أن يفعل هذا، أو يفكر هكذا، وكانت الصدمة الكبرى لهامان عندما وجد الملكة تشير إليه وتصفه قائلة: "رَجُلٌ خَصْمٌ وعَدُوٌّ، هذا هَامَانُ الرَّديءُ"(أس 7: 6) فأدرك الملك أنه سقط في أحبولة وأنه ارتكب حماقة، بل قد صار شديد الغباء إذ صار ألعوبة في يد هامان، هذا الذي وثق فيه كل الثقة، بينما هو رجل خصم، عدو، ورديء، فغضب واغتاظ جدًا، وخرج إلى جنة القصر ليتدبّر الأمر، وعندما عاد وجد هامان "مُتَوَاقِعٌ على السَّرِيرِ الذِي كَانَتْ أستير عليه قال المَلِكُ هل أيضًا يَكْبِسُ المَلِكَة معي في البيْتِ؟" (أس 7: 8)، فالذي كان يريد أن يقتلها ليس ببعيد عليه أن يحاول اغتصابها، وبالرغم من أن الملك لم ينطق صراحة بإعدامه، لكن عبيد الملك أدركوا قصده، فأسرعوا وغطوا وجه هامان، فهو إنسان خصم عدو رديء لا يستحق أن ينظر وجه الملك، أمّا "حربونا" الذي كان على دراية بمقاصد هامان الشريرة فقال للملك: هوذا الخشبة التي عملها هامان لمردخاي، وهنا قدَّم الدليل المادي الدامغ على صدق كلام أستير الملكة، فأمر الملك بأن يُصلب عليها، وهكذا: "مَنْ يَحْفِرُ حُفْرَةً يَسْقُطُ فِيهَا، ومَنْ يُدَحْرِجُ حَجَرًا يَرْجعُ علَيهِ" (أم 26: 27) و"أَنَّ الحُكْمَ هو بلا رَحْمَةٍ لِمَنْ لم يَعْمَلْ رَحْمَةً" (يع 2: 13) "فَإِنَّ الذي يَزرَعُهُ الإِنْسَانُ إيَّاهُ يَحْصُدُ أيضًا" (غل 6: 7) لقد خرَّ هامان الشجاع تحت أقدام أستير اليهودية لتشفع له عند الملك، أما الملك فقد أصدر حكمه بالإعدام دون أن يستشير مشيريه، لأنه لم يستشرهم عندما أصدر أمره الغبي بإبادة شعب بريء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أصدر الملك أمره بصلب هامان وأن تأخذ أستير بيته وممتلكاته وثرواته عوضًا عما لحقها منه من أذى وضيق وألم.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1491.html

تقصير الرابط:
tak.la/4pp3a26