St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1451- لماذا الاهتمام الزائد في سفر عزرا ببناء الهيكل وعيد الفصح (عز 3: 8؛ 6: 22) أكثر من أي شيء آخر؟

 

ج: 1- لم يكن مسموحًا لشعب الله إقامة هيكل أو مذبح للرب في أرض بابل أو غيرها، لأن الهيكل الذي اختاره الرب هو في أورشليم فقط، وولد عزرا في أرض السبي، وبالرغم أنه من أصل كهنوتي إلاَّ أنه لم يتمكن من ممارسة عمله الكهنوتي، رغم اشتياقاته الشديدة لهذا العمل وعودة مجد إسرائيل وأمجاد الهيكل، ولذلك اهتم عزرا جدًا بإعادة بناء الهيكل أكثر من أي شيء آخر. لقد اهتم عزرا الكاتب ببناء الهيكل، حتى صار هذا الأمر محور تفكيره، وصار ما يكتبه يركز على تاريخ الهيكل أكثر من تركيزه على تاريخ شعب الله، فالهيكل الذي دُمّر سنة 586 ق. م. أُعيد بناءه سنة 520 ق. م.، وهو يمثل مركز الحياة الدينية، وشريان الحياة للشعب اليهودي، وهو الذي سيجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد، ويعطي مجدًا وكرامة وعزة للعائدين من السبي بنفس منسحقة، فيعيد لهم تاريخ آباءهم وأمجاد داود وسليمان، ولذلك في تأسيس الهيكل ارتدى الكهنة ملابسهم الكهنوتية وحملوا الأبواق وكأنهم خارجون للحرب: "إِذَا ذَهَبْتُمْ إِلَى حَرْبٍ فِي أَرْضِكُمْ عَلَى عَدُوٍّ يَضُرُّ بِكُمْ، تَهْتِفُونَ بِالأَبْوَاقِ، فَتُذْكَرُونَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكم، وتُخَلَّصُون مِنْ أَعْدَائِكُمْ" (عد 10: 9) بل فعلًا هم في حرب روحية شرسة مع عدو الخير وأعوانه، وكان الاحتفال مهيبًا وعمت الفرحة القلوب كرد فعل للقهر الذي تعرضوا له، ومذلّة السبي التي ذاقوها، وهم الآن يشعرون أنهم يتمَّمون مشيئة إله السماء، وأن الهيكل سيوحّدهم في كيان واحد، وعرفوا أن نبوءة إرميا تتحقق: "هكذَا قَالَ الرَّبُّ: سَيُسْمَعُ بَعدُ في هذَا المَوضِعِ الَّذِي تَقُولُونَ إنَّهُ خَرِبٌ بِلا إنْسَان وبلا حَيَوَانٍ، في مُدُن يَهُوذَا، وفي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ الخَرِبَة بلاَ إِنسَان ولا سَاكنٍ ولا بَهِيمَةٍ، صَوْتُ الطَّرَبِ وصَوْتُ الفَرَحِ، صَوْتُ العريسِ وَصَوْتُ العَرُوس، صَوْتُ الْقَائِلِينَ: احْمَدُوا رَبَّ الْجُنُودِ لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ، لأَنَّ إلى الأبَدِ رَحْمَتَهُ. صَوْتُ الَّذِينَ يَأْتُونَ بِذَبِيحَةِ الشُّكْرِ إلى بَيْتِ الرَّبِّ، لأَنِّي أَرُدُّ سَبْيَ الأَرْضِ كَالأَوَّلِ، يَقُولُ الرَّبُّ" (إر 33: 10، 11)، وفعلًا في حفل التأسيس: "غَنَّوْا بِالتَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ لِلرَّبِّ، لأَنَّهُ صَالِحٌ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ عَلَى إِسْرَائِيلَ. وَكُلُّ الشَّعْبِ هَتَفُوا هُتَافًا عَظِيمًا بِالتَّسْبِيحِ لِلرَّبِّ" (عز 3: 11).

ولكن محاولات أعداء الخير أوقفت العمل لمدة ستة عشر عامًا (536 - 520 ق. م) فأرسل الله اثنين من أنبيائه وهما حجي وزكريا فحرَّكا الموقف الساكن، فبدأ العمل والتهب على مدار نحو أربع سنوات "وكَمِلَ هذَا الْبَيْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ شَهْرِ أَذَارَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ مُلْكِ دَارِيُوسَ الْمَلِكِ. وَبَنُو إِسْرَائِيلَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ وَبَاقِي بَنِي السَّبْيِ دَشَّنُوا بَيْتَ اللهِ هذَا بِفَرَحٍ" (عز 6: 15، 16). هكذا كان احتفالًا عظيمًا مهيبًا فرح فيه الجميع بالهيكل الذي عاد إليهم بعد غيبة استمرت عشرات السنوات. لقد زال عنها السُخط الإلهي إذ رضى الرب عنهم، وردَّ سبيهم، وبنى لهم الهيكل الذي يجتمعون فيه معه.

 ويقول "ديريك كيدنر": "أن الكلمة التي تُقابل " تدشين أو تكريس " هي الكلمة العبرانية Ranknuka والتي أصبحت فيما بعد اسمًا يُطلق على الاحتفال بذكرى إعادة تكريس الهيكل في سنة 165 ق. م. بعد أن دنَّسه أنطيوخس أبيفانس (قارن يوحنا 10: 22 - 23). ولكنها الآن تُطلق على أي شيء يُعمل جديدًا ويكرَّس من أجل الله سواء أكان مذبحًا أو بيتًا لشخص (تث 20: 5) أو سور مدينة (نح 12: 27). وحتى تعليم الطفل وتهذيبه يمكن التعبير عنه بمثل هذه اللغة (أم 22: 6 في العبرية)"(1).

 

2- ركز الكاتب على عيد الفصح الذي يُذكّر شعب الله بأول عيد للفصح قبيل الخروج من أرض العبودية، فعيد الفصح هو عيد العبور من العبودية للحرية، ومن الموت للحياة، ويُذكّرهم بعيد الفصح الذي أقاموه في البرية بعد خروجه للحياة والحرية، وقبل لقائهم بالرب على جبل سيناء (عد 9: 1 - 5) ويُذكّرهم بعيد الفصح الذي أقامه يشوع بعد عبورهم نهر الأردن والوصول إلى مشارف أرض الموعد (يش 5: 10) ويُذكّرهم بعيد الفصح الذي أقامه حزقيا في أورشليم بعد قيامه بإصلاحات دينية كبيرة وفرحة الشعب به حتى أنه لم يتم عيد مثل هذا منذ أيام سليمان (2أي 30: 21) وكان ذلك نحو 716 ق. م. بعد سقوط المملكة الشمالية، ويُذكّرهم بعيد الفصح العظيم الذي أقامه يوشيا بعد الإصلاحات الجبارة التي قام بها في المملكة الجنوبية وبقايا المملكة الشمالية أيضًا حتى أنه لم يقم عيد مثله منذ أيام صموئيل النبي (2أي 35: 1 - 19)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فعيد الفصح الذي أقامته البقية الراجعة من السبي في أورشليم وكأنها تستعد لخروج جديد بعيدًا عن العبودية وأرض الموت، ويتحقق قول إشعياء النبي: "لإِقَامَةِ أَسْبَاطِ يَعْقُوبَ وَرَدِّ مَحْفُوظِي إِسْرَائِيلَ. فَقَدْ جَعَلْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ. هكَذَا قَالَ الرَّبُّ فَادِي إِسْرَائِيلَ قُدُّوسُهُ لِلْمُهَانِ النَّفْسِ، لِمَكْرُوهِ الأُمَّةِ لِعَبْدِ الْمُتَسَلِّطِينَ" (إش 49: 6، 8).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - سفرا عزرا ونحميا ص 81.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1451.html

تقصير الرابط:
tak.la/ncfc3ay