St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1372- ما هو اسم السفر؟ ومتى كُتب سفر الأخبار؟ ومن هو الكاتب؟(8)

 

ج: أولًا: ما هو اسم السفر؟

دُعيَ السفر في الأصل العبري "ديبر هاياميم" Dibre Hayyamim ويمكن ترجمته إلى "الأحداث" أو السجلات التاريخية للأيام (أو السنين)(5) أي يمكن ترجمة اسم السفر إلى "أحداث الأيام" أو "أخبار تاريخية" أو "أقوال (أو أعمال) الأيام"، وهذا الاسم يحمل معنى سفر الأعمال اليومية المتعلّقة بالتاريخ، ولذلك فهو ينطبق على "سفر أخبار الأيام لملوك مادي وفارس" (أس 2: 23، 6: 1، 10: 2) فقد أُطلق على السجلات العامة سواء كانت هذه السجلات فارسية أو يهودية (1أي 27: 24، نح 12: 23) وفي الاسم دلالة على سجلات ملوك يهوذا وإسرائيل التي اُستخدمت كمصادر لسفر أخبار الأيام(6).

وفي الترجمة السبعينية لليونانية دُعيَ السفر "بارا ليبومينون" Para Leipomenon أي "عن أمور أُغفل ذكرها" أو "الأشياء المهملة والمتروكة" وبعض النُسخ أضافت "الخاصة بملوك يهوذا" وتسميته بالأشياء المحذوفة أو المتروكة ربما يتناسب مع هدف كتابة السفر، لأن الكاتب قد استخدم الأسلوب الانتقائي، فهو لم يسجل كل الأحداث ولم يذكر كل الأنساب، لكنه أغفل الكثير الذي لا يتفق مع قصد الله، مثل خطية داود العظيمة وسنوات حبرون السبع، وخطية سليمان لكي يصل بنا إلى فكرة أن الله إذا غفر خطايانا لا يعود يذكرها لنا، وربما يكون هذا قصده من تسميته بالأمور المنسية أو المحذوفة، فهو لم يذكر ما لا يتفق مع قصد الله.

 ويقول "هنري ل. روسييه": "نود أن نشير إلى أن المترجم للسبعينية قد أخفق في تسمية السفر بأنه الأشياء التي حُذفت أو نقصت في رواية الملوك. ذلك لأن للوحي غرضًا في أسفار صموئيل والملوك، بخلاف غرضه في أخبار الأيام"(1).

 وفي الترجمة البشيطة للسريانية دُعيَ سفر "دبريمين" أي" تدبير أيام ملوك يهوذا".

 وفي ترجمة الفولجاتا للغة اللاتينية دعاه "القديس جيروم": أخبار التاريخ المقدَّس الكامل " أو "أخبار التاريخ الإلهي كله" أو "مجموعة أخبار كل التاريخ الإلهي" لأنه رأى في سفري الأخبار خلاصة العهد القديم.

 واستقر الوضع في دعوة السفر بـ"سفر الأخبار" Chronicles.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثانيًا: متى كُتب سفر الأخبار؟

 هناك رأيان أحدهما يُرجِع تاريخ كتابة السفر إلى نحو سنة 250 ق. م.، والآخَر يُرجِع كتابة السفر إلى نحو سنة 400 ق. م.:

 الرأي الأول: أن سفر الأخبار كُتِب نحو سنة 250 ق. م: رجَّح بعض الدارسين أن سفر الأخبار كُتب خلال الفترة ما بين نهاية الحكم الفارسي سنة 350 ق. م.، وقبل فترة المكابيين سنة 250 ق. م.، معتمدين على أنه ورد بالسفر أسماء عدة أجيال بعد زربابل الذي عاد من السبي في الفوج الأول (1أي 3: 19-24)، ويقول "القس صموئيل يوسف": "ومع افتراض أن السفرين كُتبا بعد آخِر إشارة وردت في هذه الأنساب، يكون تاريخ الكتابة هو آخِر نظام الحكم الفارسي عام 350 ق. م.
(أو خلال العصر الهيليني عام 250 ق. م)
"
(2) والذين قالوا أن السفر كُتِب في وقت متأخر نحو 250 ق. م. اعتمدوا على ما جاء في النص اليوناني بأن "بنُو حَنَنيَا: فَلَطيَا ويِشْعِيَا، وبنُو رَفَايَا، وبنُو أُرنَانَ، وبنُو عُوبَديَا، وبَنُو شَكَنْيَا" (1أي 3: 21) فوصلوا إلى الجيل الحادي عشر بعد زربابل، ولكن الرأي الغالب (كما هو واضح في النص الأصلي العبري) أن من جاء ذكرهم في (1أي 3: 21) جميعهم إخوة أي أبناء لحننيا، فهم يمثلون جيلًا واحدًا وليس عدّة أجيال، وبذلك يكون عدد الأجيال من زربابل إلى هوداياهو ستة أجيال، فزربابل ولد حننيا، الذي وُلِد شكينا، الذي وُلِدَ شمعيا، الذي ولد نعريا، الذي ولد إليوعيني، الذي ولد هوداياهو (1أي 3: 19 - 24).

 

الرأي الثاني: أن سفر الأخبار كُتِب قبل سنة 400 ق. م: والذين قالوا هذا اعتمدوا على أن سفر الأخبار ذكر ستة أجيال بعد زربابل (1أي 3: 19 - 24) وأن جد زربابل هو يكنيا، فيكنيا ولد فدايا، الذي ولد زربابل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أما يكنيا فقد وُلِد نحو سنة 614 ق. م.، وبحساب الأجيال من يكنيا إلى هوداياهو آخِر جيل جاء اسمه في سفر الأخبار، يبلغ عدد الأجيال ثمانية أجيال، ولو افترضنا أن كل شخص من هذه السلسلة قد أنجب ابنه وهو له من العمر نحو 25 عامًا، فالمدة التي استغرقتها هذه الأجيال من يكنيا إلى هوداياهو 8 × 25 = 200 سنة. إذًا السفر كُتب نحو سنة (614 - 200) = 414 ق. م.

 ويبدو أن سفري عزرا ونحميا مع سفري الأخبار كانوا يمثلون سفرًا واحدًا، وجاء في "دائرة المعارف الكتابية": "الحقيقة الواضحة هي أن سفر أخبار الأيام كان قد اكتمل في حياة نحميا وليس بعده، أي ليس بعد 400 ق. م. ولإثبات ذلك، لا يمكننا تجاهل أن أسفار أخبار الأيام وعزرا ونحميا تعتبر سفرًا واحدًا أو سلسلة واحدة... وهناك دلائل داخلية أيضًا تؤيد الاستنتاج القائل بأن سفر "أخبار الأيام" قد كُتب قبل موت نحميا. ولعل الوجود الغزير للكلمات الفارسية والحقائق الكثيرة عن فارس، مع غياب الكلمات والحقائق اليونانية، هي برهان حاسم على حقيقة أن سفر الأخبار قد استُكمِل قبل فتوحات الإسكندر التي أخلت الساحة أمام سيطرة النفوذ اليوناني"(3). وما ورد في السفر من تعبيرات عن النقود وعن التقويم يدل على أن اليهود كانوا تحت سيطرة الحكم الفارسي وقبل الحكم اليوناني.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثالثًا: من هو كاتب سفر الأخبار؟

 قال بعض الدارسين أن كاتب سفر الأخبار غير معروف، ولكن من المتعارف عليه أن السفر كتبه شخص واحد وليس عدة أشخاص، فجاء في مقدمة الطبعة الكاثوليكية للكتاب المقدَّس: "جرت العادة بأن تُنسب مجموعة أسفار الأخبار وعزرا ونحميا إلى كاتب واحد لا يُعرف اسمه ويُقال له "محرّر الأخبار" أي الرأي القائل بتعدد كتَّاب هذه الأسفار لا يؤبَه به"(4).

 وهذا الكاتب لا تعوزه الحقائق والمعلومات، وهو يعرف جيدًا ما يريد أن يكتبه، ويجيد توظيف أحداث الكون والتاريخ لتحقيق هدفه، وينسب التقليد اليهودي سفري أخبار الأيام مع سفري عزرا ونحميا لكاتب واحد، وهو عزرا الكاهن والكاتب الماهر في شريعة الرب، ومما يؤكد هذا أن الآيات الأخيرة في نهاية السفر (2أي 36: 22، 23) تكرَّرت بذات اللفظ في بداية سفر عزرا (عز 1: 1 - 3)، كما أن أسلوب السفر وتعبيراته متفقة تمامًا مع أسلوب سفر عزرا، وقد عاصر عزرا مرحلة الرجوع من السبي، وبحكم كونه كاتبًا ماهرًا فقد احتفظ بسجلات الأنساب واهتم بها وخصَّص لها الإصحاحات التسعة الأولى من سفر الأخبار الأول، وبحكم كونه كاهنًا اهتم جدًا بالهيكل والكهنوت والعبادات، حتى أنه عندما ذكر تاريخ سليمان في تسعة أصحاحات خصص منها سبعة أصحاحات لبناء وتدشين الهيكل، وهكذا ربط بين الملوك الأبرار والهيكل والعبادة الحقَّة، واهتم بمملكة يهوذا وملوكها لأنها احتضنت الهيكل بينما صرف النظر عن مملكة إسرائيل التي غرقت في عبادات الأوثان النجسة. فإن لم يكن عزرا كاتب كل سفري الأخبار، فأقل الإيمان أنه شارك بشكل كبير في الكتابة(7).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تأملات في سفر أخبار الأيام الأول ص 7.

(2) المدخل إلى العهد القديم ص 262.

(3) دائرة المعارف الكتابية جـ 3 ص 228.

(4) الكتاب المقدَّس - الطبعة الكاثوليكية - العهد القديم - إصدار دار المشرق بيروت سنة 1998م ص 728.

(5) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 942.

(6) راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 3 ص 223.

(7) راجع الكتاب المقدَّس الدراسي ص 942.

(8) تمّت الإجابة على 1371 سؤالًا من خلال الأجزاء العشرة السابقة من النقد الكتابي.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1372.html

تقصير الرابط:
tak.la/7pgwg69