St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1340- كيف يرتكب "ياهو" مبعوث العناية الإلهيَّة هذه المذبحة الرهيبة، فيجبر أهل السامرة على ذبح أبناء أخآب السبعين (2مل 10: 7) ثم يذبح جميع عبدة البعل (2مل 10: 23-25) وبعد كل هذا يعبد هو الأصنام (2مل 10: 31)؟

 

          يقول " شفيق مقار": "فالمسألة مسألة استيلاء على السلطة في ظل معبد مُكرَّس لإله بعينه ومسألة صراع على " كرسي إسرائيل " بين بيت ياهو (في ظل يهوه) وبيت أخآب (في ظل بعل) أشبه بالصراع الذي نشب في مصر بين آمون وآتون وبلغ ذروته في عهد إخناتون والتشبيه مع الفارق العظيم، وقد كانت مذبحة عبدَّة بعل على يد ياهو أشبه بمذبحة المماليك في القلعة على يد محمد علي، مذبحة سياسية لتصفية الخصوم والإنفراد بالمُلك"(1).

          كما يقول " شفيق مقار " عن ارتداد ياهو لعبادة الأصنام: "فبعد ما كتبوه من أن يهوه قال لياهو: "برافو. الآن يحوز بيتك السلطة للجيل الرابع " قال كتبة سفر الملوك الثاني: "وَلكِنْ يَاهُو لَمْ يَتَحَفَّظْ لِلسُّلُوكِ فِي شَرِيعَةِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ مِنْ كُلِّ قَلْبِهِ. لَمْ يَحِدْ عَنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ... ابْتَدَأَ الرَّبُّ يَقُصُّ إِسْرَائِيلَ" (2مل 10: 31، 32) ومن الواضح، ابتداءً، أن يهوه (المفروض أن يعلم المستقبل ويعرف ما سيفعله أي إنسان حي وإن كان ملكًا لإسرائيل) انخدع في ياهو وفرح به وقال له " سيجلس أبناؤك إلى الجيل الرابع " لكنه ما لبث - طبقًا لرواية سفر الملوك الثاني - أن أكتشف أن ياهو كان يضمر الغدر به في قلبه وأنه كان ينوي طيلة الوقت، بعد أن يتخلص من منافسيه (بيت أخآب)، أن يفعل ما فعله يربعام الذي جعل إسرائيل يخطئ"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- أرسل أليشع أحد بني الأنبياء ليمسح ياهو ملكًا على إسرائيل، فانفرد به ومسحه وقال له: "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: قَدْ مَسَحْتُكَ مَلِكًا عَلَى شَعْبِ الرَّبِّ. فَتَضْرِبُ بَيْتَ أخآب سَيِّدِكَ. وَأَنْتَقِمُ لِدِمَاءِ عَبِيدِيَ الأَنْبِيَاءِ، وَدِمَاءِ جَمِيعِ عَبِيدِ الرَّبِّ مِنْ يَدِ إِيزَابَلَ. فَيَبِيدُ كُلُّ بَيْتِ أخآب.." (2مل 9: 6 - 8) فقتل ياهو يورام ملك إسرائيل، وأرسل يهدد أهل السامرة فقطعوا رؤوس أبناء أخآب السبعين وأرسلوها إلى ياهو فأمر بوضعهم كومتين في مدخل الباب " وَفِي الصَّبَاحِ خَرَجَ وَوَقَفَ وَقَالَ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنْتُمْ أَبْرِيَاءُ. هأَنَذَا قَدْ عَصَيْتُ عَلَى سَيِّدِي وَقَتَلْتُهُ، وَلكِنْ مَنْ قَتَلَ كُلَّ هؤُلاَءِ؟ فَاعْلَمُوا الآنَ أَنَّهُ لاَ يَسْقُطُ مِنْ كَلاَمِ الرَّبِّ إِلَى الأَرْضِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَى بَيْتِ أخآب، وَقَدْ فَعَلَ الرَّبُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ إِيلِيَّا" (2مل 10: 9، 10) فعندما سأل ياهو: من قتل كل هؤلاء؟ كان يقصد أنه لم يقتلهم، بل قتلهم أهل السامرة بناء على أوامر إلهية بسبب شرورهم وشرور أبيهم أخآب وجدتهم إيزابل الذين أفسدوا في إسرائيل ونشروا عبادة البعل، أما الشعب فهو برئ من جريمة القتل هذه، لأنه كان ينفذ العدل الإلهي 

ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "وقف ياهو في الصباح عند مدخل المدينة وقال للشعب أنه يعترف بأنه عصى على الملك يهورام وقتله، وأراد أن يبرئ نفسه من قتل الأمراء السبعين مع أنه هو الذي أمر بقتلهم فقال " وَلكِنْ مَنْ قَتَلَ كُلَّ هؤُلاَءِ؟ " ويقصد من سؤاله هذا بأنه لم يقتلهم من نفسه بل الله هو الذي قضى بهلاكهم لكي يبيد بيت أخآب كما تنبأ بذلك إيليا النبي بعدما قتل أخآب نابوت اليزرعيلي واستهان بعبادة الرب وعبد البعل مع شعبه (1مل 21) ولعل ياهو كان يتذكر أيضًا نبوة النبي الشاب الذي أرسله أليشع لمسحه بإقامته ملكًا على إسرائيل وتنبؤه عنه بأنه يبيد جميع نسل أخآب (2مل 9: 4 - 10)"(3).        

          قتل ياهو كل أهل بيت أخآب وكل عظمائه وكهنة البعل جميعًا، وطوَّح بإيزابل رأس الحيَّة من الكوة، ومدحه الله قائلًا: "مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَحْسَنْتَ بِعَمَلِ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيَّ، وَحَسَبَ كُلِّ مَا بِقَلْبِي فَعَلْتَ بِبَيْتِ أخآب، فَأَبْنَاؤُكَ إِلَى الْجِيلِ الرَّابعِ يَجْلِسُونَ عَلَى كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ" (2مل 10: 30) فما أمر به الله ونفذه ياهو ما هو إلاَّ قضاء عادل بعد أن أطال الله أناته جدًا على عائلة عمري التي نشرت الشر والفساد وعبادة البعل في إسرائيل، وكان من المفروض توقيع العقوبة في حياة أخآب، ولكن الله أطال أناته أكثر فأكثر فأعطى فرصة أخيرة لأخآب وابنه يهورام، وللأسف فأنهم استكملوا مسيرتهم الشريرة.

 

2- استخدم ياهو الحيلة في الوصول إلى كل كهنة البعل إذ أطلق دعواه قائلًا: "إِنَّ أخآب قَدْ عَبَدَ الْبَعْلَ قَلِيلًا، وَأَمَّا يَاهُو فَإِنَّهُ يَعْبُدُهُ كَثِيرًا. وَالآنَ فَادْعُوا إِلَيَّ جَمِيعَ أَنْبِيَاءِ الْبَعْلِ وَكُلَّ عَابِدِيهِ وَكُلَّ كَهَنَتِهِ. لاَ يُفْقَدْ أَحَدٌ، لأَنَّ لِي ذَبِيحَةً عَظِيمَةً لِلْبَعْلِ. كُلُّ مَنْ فُقِدَ لاَ يَعِيشُ. وَقَدْ فَعَلَ يَاهُو بِمَكْرٍ لِكَيْ يُفْنِيَ عَبَدَةَ الْبَعْلِ" (2مل 10: 18، 19) وهذا ذكاء من ياهو لكيما يقضي على جميع كهنة البعل الذين كانوا مثل الوباء في إسرائيل، وكان يجب الخلاص منهم طبقًا لأحكام الشريعة التي أوصت بقتل من يجذب الآخرين بعيدًا عن عبادة الله الحي، ويظل ياهو مسئولًا عن كذبه، لأن الله لم يوصه بهذه الحيلة ولم يطلب منه أن يكذب.

 

3- كانت غيرة ياهو قوية جدًا، فأخرج تماثيل بيت البعل وأحرقها، وحطم تمثال البعل، وهدم معبد البعل وجعله مذبلة " وَاسْتَأْصَلَ يَاهُو الْبَعْلَ مِنْ إِسْرَائِيلَ" (2مل 10: 28) ولكن خطية ياهو أنه ترك عجلي الذهب اللذين أقامهما يربعام، وهذا ما أشار إليه الكتاب بوضوح فقال: "وَلكِنَّ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ لَمْ يَحِدْ يَاهُو عَنْهَا، أَيْ عُجُولِ الذَّهَبِ الَّتِي فِي بَيْتِ إِيلَ وَالَّتِي فِي دَانَ. وَلكِنْ يَاهُو لَمْ يَتَحَفَّظْ لِلسُّلُوكِ فِي شَرِيعَةِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ مِنْ كُلِّ قَلْبِهِ. لَمْ يَحِدْ عَنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ" (2مل 10: 29، 31)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لقد أبقى ياهو عجلي الذهب بهدف سياسي كما فعل يربعام من قبل، فلو أزالهما فربما يعود الشعب إلى هيكل أورشليم وإلى الأعياد والعبادات والذبائح ويشدهم الحنين إلى هيكل الرب، وينصرفون عن ياهو، فيؤول حكم مملكة إسرائيل إلى مملكة يهوذا، ولهذا أبقى على هذين العجلين، وقد عاقبه الله على هذا، فترك حزائيل ملك آرام يثأر من بني إسرائيل " فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ يَقُصُّ إِسْرَائِيلَ، فَضَرَبَهُمْ حَزَائِيلُ فِي جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ" (2مل 10: 32) وتحقَّقت نبوءة أليشع النبي عندما قال لحزائيل: "إِنَّكَ تُطْلِقُ النَّارَ فِي حُصُونِهِمْ، وَتَقْتُلُ شُبَّانَهُمْ بِالسَّيْفِ، وَتُحَطِّمُ أَطْفَالَهُمْ، وَتَشُقُّ حَوَامِلَهُمْ" (2مل 8: 12).

     ويقول " القس وليم مارش": "يقصُّ إسرائيل: كان حزائيل آلة كمقص بيد الرب وبه قصَّ الرب من مملكة إسرائيل كل ما كان شرق الأردن من عروعير التي كانت على تخم آرام في أقصى الشمال. وكانت تلك القطائع مخصبة جدًا وفيها مزروعات كحوران الحالية ومراعٍ وأحراج ومياه غزيرة. وتمَّت نبوءة أليشع في حزائيل (2مل 8: 12) ولكن كان غضب الرب من أجل عمله هذا (عا 1: 3) لأنه وإن كان آلة بيد الرب فقد عمل عمله بطمع وقساوة وليس حسب إرادة الرب"(4).

 

4- جاء في " التفسير التطبيقي: "كانت لياهو المواصفات الأساسية التي يمكن أن تجعل منه شخصًا عظيمًا ناجحًا، فمن وجهة نظر بشرية، كان في الواقع ملكًا ناجحًا، فقد ظلت أسرته على عرش المملكة الشمالية مدة أطول من أي أسرة أخرى، وقد استخدمه الله أداة لعقاب أسرة أخآب الشريرة، كما حارب عبادة البعل بشراسة، وأوشك أن يكون ملكًا من النوع الذي يريده الله. ولكن في تهوره تجاوز أوامر الله، وفشل في مواصلة أعمال الطاعة التي بدأ بها حكمه. فعلى مرمى من النصر، عزم على شق طريق الوسط. كان ياهو رجل ذا اتجاه ولكن بلا هدف... لقد محا شكلًا من أشكال الوثنية، وهو عبادة البعل، ولكن تمسك بها بشكل آخر، وذلك بالاستمرار في عبادة العجلين اللذين أقامهما يربعام"(5).

 

5- يقول " القمص تادرس يعقوب": "كان مشغولًا بإبادة البعل، لكن بلا غيرة على عبادة الله في قداسة ونقاوة! يقول يعقوب الرسول: "لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ" (يع 2: 10)، خاصة إن كانت هذه الخطية ليست عن ضعف، بل عن عمد لتحقيق مصلحة شخصية. لقد أخطأ ياهو في حق الله والناس، لأنه لم يحد عن عجول الذهب التي في بيت إيل ودان، ولأنه في إبادة بيت أخآب الشرير تحرك بروح العنف نحو كثيرين ليسوا من بيت أخآب، ففقد طبيعة الحب... أما غاية ياهو فكانت التخلص من كل الذين يعترضون مطامعه فقط، فتعامل مع الشر حسبما يناسب مطامع قلبه، لذلك نراه يقضي على بيت أخآب وخطاياه، ولا يتعرض مطلقًا لخطايا بيت يربعام. لقد هدم بيت البعل، لكنه أبقى عجول الذهب. لقد أشهر حربه ضد أعداء الرب مندفعًا بميوله الشخصية، ولم يكن يبالي بشريعة الرب... خطية ياهو ليس فقط أنه تمم عملًا صالحًا ولم يتمم عملًا آخر، وإنما لم يبالِ بنقاوة قلبه، يؤكد الكتاب: "لم يتحفظ للسلوك... من كل قلبه". يؤكد الكتاب المقدَّس الاهتمام بالقلب"(6).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) قراءة سياسية في التوراة ص 272.

(2) قراءة سياسية في التوراة ص 272، 273.

(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الثاني ص 124.

(4) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 4 (ب) ص 400، 401.

(5) التفسير التطبيقي ص 799.

(6) تفسير سفر الملوك الثاني ص 293، 294.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1340.html

تقصير الرابط:
tak.la/b63cdwp