St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1305- هل تحوَّل الله إلى مظاهر الريح والزلزلة والنار في ظهوره لإيليا (1مل 19: 11، 12) أم أن هذه مجرد أسطورة؟

 

يقول " جيمس فريرز": "وربما اتضح أثر هذا التحوَّل في الحكاية التي تحكي عن ظهور الرب للنبي "إيليا" عند جبل "حوريب" فربما تحوَّل الرب المُتمنّع في الشكل الأصلي لهذه الحكاية الجليَّة إلى ريح وزلزال ونار على التوالي لكي يهرب من النبي، ولكنه هُزم أمام إصراره، وكشف له عن نفسه في صوت خافت رقيق"(1).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: A torch of fire - from the book: Picture puzzles, or, How to read the Bible by symbols, by Beard, Frank, 1899. صورة في موقع الأنبا تكلا: مشعل نار - من كتاب ألغاز مصورة: كيف تقرأ الكتاب المقدس من خلال الرموز، فرانك بيرد، 1899 م.

St-Takla.org Image: A torch of fire - from the book: Picture puzzles, or, How to read the Bible by symbols, by Beard, Frank, 1899.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مشعل نار - من كتاب ألغاز مصورة: كيف تقرأ الكتاب المقدس من خلال الرموز، فرانك بيرد، 1899 م.

ج: 1- جاء في سفر الملوك أن الرب طلب من إيليا أن يقف على الجبل " وَإِذَا بِالرَّبِّ عَابِرٌ وَرِيحٌ عَظِيمَةٌ وَشَدِيدَةٌ قَدْ شَقَّتِ الْجِبَالَ وَكَسَّرَتِ الصُّخُورَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي الرِّيحِ. وَبَعْدَ الرِّيحِ زَلْزَلَةٌ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي الزَّلْزَلَةِ. وَبَعْدَ الزَّلْزَلَةِ نَارٌ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي النَّارِ. وَبَعْدَ النَّارِ صَوْتٌ مُنْخَفِضٌ" (1مل 19: 11، 12).

          وعندما صعد موسى الجبل ليتسلم الوصايا الإلهيَّة: "غَطَّى السَّحَابُ الْجَبَلَ، وَحَلَّ مَجْدُ الرَّبِّ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ، وَغَطَّاهُ السَّحَابُ سِتَّةَ أَيَّامٍ... وَكَانَ مَنْظَرُ مَجْدِ الرَّبِّ كَنَارٍ آكِلَةٍ عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ أَمَامَ عُيُونِ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (خر 24: 15 - 17). وعندما كان حزقيال في الأرض التي عند خابور ورأى السموات وقد انفتحت وصار في الحضرة الإلهيَّة، يقول: "فَنَظَرْتُ وَإِذَا بِرِيحٍ عَاصِفَةٍ جَاءَتْ مِنَ الشِّمَالِ. سَحَابَةٌ عَظِيمَةٌ وَنَارٌ مُتَوَاصِلَةٌ وَحَوْلَهَا لَمَعَانٌ" (حز 1: 4).

          فالسحاب والريح العظيمة والزلزلة المرعبة والنار الآكلة، كل هذه مظاهر من مظاهر الحضرة الإلهيَّة، ولكن ولا واحدة منهم إلهًا، وأيضًا لم يتحوَّل الله لواحد منها، ولو تحوَّل الله إلى سحاب ونار في أيام موسى كما ظهر في عمود السحاب والنار، وفقد كيانه كإله، فكيف عاد يتكلم مع إيليا، ولو تحوَّل إلى ريح وزلزلة ونار في أيام إيليا فكيف عاد وتكلم مع حزقيال النبي، ويقول " القس وليم مارش": "ريح... زلزلة... نار... صوت منخفض: جميع القوى الطبيعية بيد الرب وفيها يُظهر قوَّته غير المحدودة كما في ضربات مصر وفي البحر الأحمر حينما عبر بنو إسرائيل، وفي نزول النار على ذبيحة إيليا. وربما هنا إشارة أيضًا إلى الحروب وانقلاب الممالك. ولكنه كلَّم إيليا بالصوت المنخفض وعلَّمه أن ملكوته هو ملكوت روحي وصوت الله للناس هو في العقل والضمير فيقنعهم ويجذبهم إليه"(2).

          ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "وإذا بالرب عابر: أي أن الرب اجتاز فعلًا أمامه، وهذا تعبير بلغتنا البشرية لأن الرب حاضر دائمًا في كل مكان، وإنما هذا التعبير يعني أن الرب كشف لعبده إيليا أنه حاضر ليعلن له مجده ومقاصده وأشعره بذلك. وقد صحب عبور الرب أربعة ظواهر فظهرت أولًا ريح عظيمة وشديدة قد شقَّت الجبال وكسَّرت الصخور، ثم ظهرت " زلزلة " ثم " نار " و" لم يكن الرب " في هذه كلها، أو التعبير مجازي أيضًا وبلغتنا البشرية لأن الرب كائن في كل شيء، وإنما معناه أن الرب لم يتكلَّم فيها إلى إيليا ولم يعلنه بقدومه، وبعد كل هذه " كان صوت منخفض خفيف " علم إيليا أن الرب يكلمه في هذا الصوت... ولعل الرب أراد أن يعلن لإيليا ألاَّ يضطرب أو يخاف من اضطهادات الملك والملكة له، ومن اضطرابات الشعب وقيام الدنيا ضده حتى إن كانت هذه وتلك عنيفة كالريح العاتية ومدمرة كالزلزلة ومحرقة كالنار، وبينما الأشرار يكونون في غضبهم وصياحهم يعمل الرب في هدوء على نجاة الشعب"(3).

          ويقول " القمص تادرس يعقوب": "الآن يتعامل الله مع إيليا تقريبًا بذات الطريقة التي تعامل بها مع موسى النبي، فقد وقف إيليا في نفس الموضع الذي وقف فيه موسى عندما أعلن الله ذاته له عند تسليمه الشريعة (خر 19: 9، 16) إذ عبر به الرب كان أشبه بريح عظيمة وشديدة شقت الجبال وكسَّرت الصخور أمام الرب، أعد الله الطريق بالريح العظيمة والزلزال والنار، لكن الله لم يعلن عن ذاته وسط كل هذه الظواهر، لقد هيأت لإيليا النبي الطريق ليسمع الرب في وسط الهدوء. هذه الظواهر بعينها حدثت في أيام موسى أثناء لقائه مع الله. يريد الله أن يلتقي مع مؤمنيه خلال الجو الهادئ لا العلاقات العنيفة للطبيعة"(4).

 

2- لقاء إيليا مع الله حقيقة وليس أسطورة، وقد سبق مناقشة هذا الموضع عندما ادَّعى شفيق مقار أن يهوه إله بركاني، فيُرجى الرجوع هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت(5).

 

3- لاحظ قول جيمس فريزر " فربما تحوَّل الرب " فهكذا النُقَّاد يبنون استنتاجاتهم على الاحتمالات والتخمينات والتصوُّرات، فتصوَّر جيمس فريزر أن الرب ربما تحوَّل إلى ريح وزلزال ونار لكيما يهرب من النبي... من يعقل هذا..؟ هل الله يحاول الهرب من النبي..؟ ولو كان الرب يريد أن يهرب من إيليا فلماذا بدأ الحديث معه..؟ ولماذا سأله: مالك هنا يا إيليا..؟ ولماذا طلب منه أن يخرج ويقف على الجبل..؟! ثم يسترسل جيمس فريزر في تصوُّراته، فيتصوَّر أن الله هُزم أمام إصرار إيليا... فهل الخالق يقف مهزومًا أمام المخلوق ونسمة حياة إيليا في يده؟ وعندما هُزم الله من إيليا اضطر للكشف عن نفسه في صوت خافت دقيق، ليقل لنا فريزر: من أين أتى بهذه التصوُّرات..؟ هل يوجد في الكتاب المقدَّس أي دليل على أن الله هُزم من إيليا، وأنه اضطر أن يكشف عن نفسه للنبي..؟! أعد قراءة (1مل 19: 11، 12) لتجد أن مظاهر الحضرة الإلهيَّة متصلة بدون انفصال، فظهرت الريح، ثم الزلزلة، ثم النار، ثم الصوت المنخفض. ولم يكن هناك فاصل بين الثلاث ظواهر الأولى والظاهرة الرابعة، وفي هذا الفاصل (الذي تصوَّره الناقد) حاول الله الهرب من إيليا النبي.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) ترجمة د. نبيلة إبراهيم - الفولكلور جـ 2 ص 237.

(2) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 4 (ب) ص 341.

(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الأول ص 226، 227.

(4) تفسير سفر الملوك الأول ص 425، 426.

(5) إجابة س 1300.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1305.html

تقصير الرابط:
tak.la/86da7s2