St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1262- هل يسكن الله في الضباب (1مل 8: 12) أم في هيكل سليمان (1مل 8: 13) أم في السماء (1مل 8: 30) أم في النور (1تي 6: 16)؟ وهل توحيد سليمان كان مشوبًا بالنقصان، أي أنه كان يؤمن بآلهة أخرى بجوار إيمانه بيهوه؟

 

          يقول " الخوري بولس الفغالي": "وأطلق سليمان صلاته، فذكَّر الله بعهده... ليس إله مثلك... تعبير ناقص عن وحدانية الله (خر 15: 11، تث 3: 24، مز 86: 8) هناك يهوه وهناك آلهة أخرى، ولكن يهوه أفضل منها. أما التعبير المُطلق لوحدانية الله، فنجده في إشعياء... قال الرب: أنا الأول وأنا الآخر، ولا إله غيري (أش 44: 6، 45: 5 - 6، 21، 22، 46: 9)"(1).

          ويقول " دكتور سيد القمني": "من الطريف إيراد عبارة جاءت في كتاب (روجيه جارودي) " فلسطين أرض الرسالات السماوية " وهو كتاب جاء بعد إشهار إسلامه، وترجمه إلى العربية الداعية الإسلامي المعروف (الدكتور عبد الصبور شاهين) حيث يقول (جارودي): "إما أن سليمان كان يعدد الآلهة، فأمر لا شك فيه " أما الأطرف فهو تعقيب المترجم الداعية وهو يبدي دهشته في الحاشية من (روجيه) المُسلم بقوله " غريب أن يذهب المؤلف مع هذا الرأي، رغم أنه يختلف عما قرَّره القرآن الكريم، فسليمان نبي كريم من أنبياء الله، ولا يمكن أن يخامر المسلمين شك في توحيده، ولكن لهذا الكتاب المقدَّس مواقف مهينة كاذبة عن الرسل، لا تدل على حقيقتهم بقدر ما تدل على جانب الوضع والتحريف فيه""(2)(3).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- الله روح بسيط، لا تركيب فيه، لا ينقسم ولا يتجزأ، أزلي أي ليس له بداية، وأبدي أي ليس له نهاية، فهو الإله السرمدي الدائم منذ الأزل وإلى الأبد، غير محدود وغير متناه، كائن في كل مكان وكل زمان، ولا يخلو منه مكان ولا زمان، كائن في السموات وعلى الأرض، السموات هي مسكنه والأرض موطئ قدميه، كائن في السماء وفي الضباب وفي النور وفي هيكل سليمان فالله كائن في أي مكان، ولكنه يعلن عن حضوره أحيانًا في أماكن معينة، مثلما أعلن ذلك عندما حلَّ على جبل سيناء في صورة رعود وبروق وسحاب ثقيل وصوت بوق شديد جدًا، حتى صار الجبل يدخن وصعد دخانه كالأتون وارتجف (خر 19: 16-20) ومثلما حلَّ في هيكل سليمان عن طريق السحاب حتى أن الكهنة لم يستطيعوا أن يقفوا للخدمة بسبب السحاب لأن مجد الرب ملأ البيت (1مل 8: 11). ولكن لا الجبل ولا الهيكل ولا أي قوة تستطيع أن تحدُّ أو تحيّز الله في مكان دون الآخر، وقال القديس أسطفانوس: "لكِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ... السَّمَاءُ كُرْسِيٌّ لِي، وَالأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ. أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي؟ يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَيٌّ هُوَ مَكَانُ رَاحَتِي؟" (أع 7: 48، 49).. هذا هو إيماننا جميعًا سواء كنا يهود أم مسيحيين أم مسلمين... هو قال عن نفسه:

" هكذا يقول الرب ملك إسرائيل وفاديه رب الجنود. أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري" (أش 44: 12).

" اِسْمَعْ لِي يَا يَعْقُوبُ، وَإِسْرَائِيلُ الَّذِي دَعَوْتُهُ: أَنَا هُوَ. أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ" (أش 48: 12).

" أَمَا أَمْلأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟" (أر 23: 24).

          وجاء في القرآن:

" وسع كرسيه السموات والأرض" (البقرة 2: 255).

" فأينما تولوا فثم وجه الله أن الله واسع عليم" (البقرة 2: 115).

 

2-    الله كائن في السحاب والضباب، وقال المرنم: "السَّحَابُ وَالضَّبَابُ حَوْلَهُ. الْعَدْلُ وَالْحَقُّ قَاعِدَةُ كُرْسِيِّهِ" (مز 97: 2).

والله كائن في هيكل سليمان، فصلى سليمان قائلًا: "إِنِّي قَدْ بَنَيْتُ لَكَ بَيْتَ سُكْنَى، مَكَانًا لِسُكْنَاكَ إِلَى الأَبَدِ" (1مل 8: 13) وقال يعقوب عن المكان الذي رأى فيه رؤياه: "حَقًّا إِنَّ الرَّبَّ فِي هذَا الْمَكَانِ... مَا أَرْهَبَ هذَا الْمَكَانَ. مَا هذَا إِلاَّ بَيْتُ اللهِ، وَهذَا بَابُ السَّمَاءِ" (تك 28: 16، 17)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. والأخوة المسلمون يدعون أماكن العبادة اليهودية والمسيحية والإسلامية أنها بيوت الله، وجاء في القرآن: "لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيرًا" (الحج 22: 40).

     ومن البديهي أن الله كائن في السموات... " هُوَذَا اللهُ فِي عُلُوِّ السَّمَاوَاتِ" (أي 22: 12) وصلى سليمان: "أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، لَيْسَ إِلهٌ مِثْلَكَ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَلاَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ... هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ" (1مل 8: 23، 27) وقال المرنم: "إِلَيْكَ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ يَا سَاكِنًا فِي السَّمَاوَاتِ" (مز 123: 1) والسيد المسيح علمنا قائلًا: "مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (لو 11: 2).

     وجاء في القرآن:

" ألم تعلم أن الله له مُلك السموات والأرض" (سورة البقرة 2: 107).

" وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم" (سورة الأنعام 6: 3).

"وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم" (سورة الزخرف 43: 84).

"له مُلك السموات والأرض يحيي ويميت" (سورة الحديد 57: 2).

     والكل يعرف أن الله نور ساكن في النور تسبحه ملائكة النور، قال عنه المرنم: "اللابس النور كثوب" (مز 104: 2).

     وقال عنه بولس الرسول "سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ" (1تي 6: 16).

     وجاء في القرآن:

"الله نور السموات والأرض" (سورة النور 24: 35).

     والله النور أعطانا التوراة والإنجيل نورًا وهدى: "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور... وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور" (سورة المائدة 5: 44، 46).

 

3- يقول " الأب متى المسكين": "الكلمة التي حيرَّت وأضلت كثيرًا من الناس فهي كلمة "يسكن" بمعنى أن الله يقيم شخصيًا في الهيكل -كما يقيم الصنم جالسًا في هيكله- حاشا، فهي كلمة مفهومة خطأ وهي مشتقة أصلًا من كلمة shakan شاكان، أي يسكن، ومنها اُشتقت كلمة "شاكيناه" و"سكينة" أي حضرة الله، والهدوء والسلام الذي يتأتى في حضرة الله. هذه الكلمة العبرية هي واردة أصلًا من استخدام البدو الرُحَّل غير المقيمين بمعنى " خيمة " و" يُخيّم " وهنا يقتصر المفهوم على الوجود المؤقت مثل الوارد في مفهوم "خيمة الاجتماع" أي وجود الله المؤقت مع الناس وليس الإقامة الدائمة، فبمجرد ذكر اسم الله في الصلاة بالعبادة القلبية الصادقة والمخلصة، فالله يتراءى ويوجد، أو بالحري وبالأصلح يتجلَّى، بمعنى أن الله الموجود في كل الوجود يعلن وجوده"(4).

 

4- كتابنا المقدَّس صادق وأمين يذكر الحق ولا يذكر إلاَّ الحق، عندما كان سليمان في بداية مُلكه كان إيمانه بالله عظيمًا ومحبته لله كبيرة، فبنى له بيتًا استغرق سبع سنوات وضع فيه كل إمكاناته، وشهد الكتاب لسليمان خلال هذه الفترة قائلًا: "وَأَحَبَّ سُلَيْمَانُ الرَّبَّ سَائِرًا فِي فَرَائِضِ دَاوُدَ أَبِيهِ" (1مل 3: 3) وعندما أخطأ سليمان وعبد آلهة أخرى لم يصمت الكتاب إنما ذكر بكل صراحة ووضوح وبدون أية مواربة، وذكر غضب الله عليه (1مل 11: 4 - 11).

     وعندما وقف سليمان في الهيكل يصلي صلاته الشفاعية الرائعة قال: "أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، لَيْسَ إِلهٌ مِثْلَكَ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَلاَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ" (1مل 8: 23) وهو في هذا يريد أن يرد على القائلين بأن يهوه مجرد إله، مثله مثل بقية الآلهة، فأوضح سليمان أن الله هو الوحيد المتفرد بالألوهة، ولا يمكن أن نستنتج من قوله هذا بأنه يوجد آلهة أخرى يؤمن بها سليمان، بل أن هناك آلهة وثنية شيطانية سقط الكثيرون في عبادتها مثل بعل وعشتروث وملكوم وكموش، فهذه الآلهة تعجز عن أن تعطي وعودًا وتعجز تمامًا عن تحقيق هذه الوعود. أما الله الحقيقي فهو صاحب الوعود، ولذلك أكمل سليمان نفس الآية قائلًا: "حَافِظُ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَةِ لِعَبِيدِكَ السَّائِرِينَ أَمَامَكَ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ" (1مل 8: 23).

     ويقول "الأرشيدياكون نجيب جرجس": "يستهل سليمان صلاته بتمجيد الرب والإقرار بوحدانيته وأمانته:

(أ) لأنه ليس إله مثله "فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَلاَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ" وليس معنى هذا وجود آلهة غير الله، ولكنه تنديد بالآلهة الكاذبة الباطلة التي تتعبد لها الشعوب بعضها مما في السماء كالشمس والقمر والنجوم وبعضها من الكائنات التي تعيش على الأرض.

(ب) والرب في أمانته " حَافِظُ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَة " لعبيده، ولكن لمن من العبيد؟ للسائرين أمامه بكل قلوبهم، لأن مواعيد الرب ومراحمه مشروطة دائمًا بسير الإنسان في طريق الرب وطاعته.

     ولقد بدأ سليمان صلاته بذكر مواعيد الرب لأنه تذكر مواعيد الرب للآباء القديسين إبراهيم وإسحق ويعقوب وليجعل منهم شعبًا مقدسًا له، ثم لعبده داود ليجعله سراجًا لشعبه"(5).

 

5-  عندما قال موسى النبي: "مَنْ مِثْلُكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ؟" (خر 15: 11).. " فَإِنَّهُ أَيُّ إِلهٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ يَعْمَلُ كَأَعْمَالِكَ وَكَجَبَرُوتِكَ" (تث 3: 24) لم يكن يشوب إيمانه بالتوحيد شائبة، لأنه هو الذي نقل لشعبه وصية الله: "لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي" (خر 20: 3) وهو الذي علَّم شعبه: "إِنَّكَ قَدْ أُرِيتَ لِتَعْلَمَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الإِلهُ. لَيْسَ آخَرَ سِوَاهُ" (تث 4: 35).. " فَاعْلَمِ الْيَوْمَ وَرَدِّدْ فِي قَلْبِكَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الإِلهُ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَعَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ. لَيْسَ سِوَاهُ" (تث 4: 39).. " اُنْظُرُوا الآنَ. أَنَا أَنَا هُوَ وَلَيْسَ إِلهٌ مَعِي" (تث 32: 39) وهكذا سليمان لم يشك قط في وحدانية الله، لأن وحدانية الله كانت أمرًا مفروغ منه في العهد القديم.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 421.

(2) فلسطين أرض الرسالات الإلهيَّة ص 87.

(3) الأسطورة والتراث ص 270، 271.

(4) تاريخ إسرائيل ص 100.

(5) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الأول ص 112.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1262.html

تقصير الرابط:
tak.la/2yyp66x