St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1178- كيف يرقص داود النبي والملك أمام تابوت العهد (2صم 6: 14) حتى يتعرض لاحتقار زوجته له (2صم 6: 16، 20)؟ وهل عندما رقص داود تكشَّفت أعضاءه التناسلية؟ وهل الرقص أمام الآلهة مقتبس من عبادات قدماء المصريين؟

 

يقول "علاء أبو بكر": "ما الهدف الأخلاقي والنتيجة التربوية التي تستفيدها بناتنا وأولادنا عندما يقرأون أن نبي الله يرقص، وخاصة إذا علموا أن رقص الرجال مُجلِب للعار والاحتقار بين الناس؟"(1).

يقول "الخوري بولس الفغالي": "لبس داود لباس الكهنة (تنطق بأفود من كتان) فرقص أمام التابوت وقدم الذبائح (2صم 6: 17) ولكن امرأته ميكال ابنة شاول، لم تَرضَ عما فعله زوجها حين تعرّى. ولكن الشريعة ستحتاط للأمر فتمنع بناء درجات للمذبح (خر 20: 26) وتفرض على الكهنة أن يلبسوا السراويل (خر 28: 42، 43).. في ذلك اليوم " سَكِرَ " داود، فرقص حتى نسى نفسه"(2).

St-Takla.org Image: The Levites were clothed in fine white linen, as was David. Kenaniah was in charge of the choir who led the singing. (2 Samuel 6: 14-15) (1 Chronicles 15: 22, 28) - "King David brings the Ark to Jerusalem" images set (2 Samuel 5:1 - 2 Samuel 6:23, 1 Chronicles 11, 13, 15): image (14) - 2 Samuel, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "وكان داود متنطقا بأفود من كتان. فأصعد داود وجميع بيت إسرائيل تابوت الرب بالهتاف وبصوت البوق" (صموئيل الثاني 6: 14-15) - "وكننيا رئيس اللاويين على الحمل مرشدا في الحمل لأنه كان خبيرا.. وكان داود لابسا جبة من كتان، وجميع اللاويين حاملين التابوت، والمغنون وكننيا رئيس الحمل مع المغنين. وكان على داود أفود من كتان" (أخبار أيام الأول 15: 22، 28) - مجموعة "داود الملك يحضر تابوت العهد إلى أورشليم" (صموئيل الثاني 5: 1 - صموئيل الثاني 6: 23, أخبار الأيام الأول 11, 13, 15) - صورة (14) - صور سفر صموئيل الثاني، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: The Levites were clothed in fine white linen, as was David. Kenaniah was in charge of the choir who led the singing. (2 Samuel 6: 14-15) (1 Chronicles 15: 22, 28) - "King David brings the Ark to Jerusalem" images set (2 Samuel 5:1 - 2 Samuel 6:23, 1 Chronicles 11, 13, 15): image (14) - 2 Samuel, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وكان داود متنطقا بأفود من كتان. فأصعد داود وجميع بيت إسرائيل تابوت الرب بالهتاف وبصوت البوق" (صموئيل الثاني 6: 14-15) - "وكننيا رئيس اللاويين على الحمل مرشدا في الحمل لأنه كان خبيرا... وكان داود لابسا جبة من كتان، وجميع اللاويين حاملين التابوت، والمغنون وكننيا رئيس الحمل مع المغنين. وكان على داود أفود من كتان" (أخبار أيام الأول 15: 22، 28) - مجموعة "داود الملك يحضر تابوت العهد إلى أورشليم" (صموئيل الثاني 5: 1 - صموئيل الثاني 6: 23, أخبار الأيام الأول 11, 13, 15) - صورة (14) - صور سفر صموئيل الثاني، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ويقول "ليوتاكسل": "ويبدو في غمرة فرحه ومرحه رفع ساقه أكثر مما يجب فبان... ما لا يجب أن يظهر منه، ولم تخفِ زوجته الأولى ميكال أفكارها في هذا الصدد، فبعد أن أوصل الصندوق إلى المكان الذي أُعدَّ له، رجع داود ليبارك بيته، فخرجت ميكال بنت شاول لاستقباله وقالت {ما كان أكرم ملك إسرائيل اليوم حيث تكشَّف في أعين إمائه وعبيده كما يتكشَّف أحد السفهاء} (2صم 6: 20). أما فيما يخص يهوه، فقد كان راضيًا عن رشاقة داود الرضى كله، ولذلك عاقب ميكال... {فلم يكن لميكال بنت شاول ولد إلى يوم موتها}.."(3).

ويقول "جوناثان كيرتش": "قاد الملك داود مهرجان الثلاثين ألفًا من الجنود والرهبان والموسيقيين والراقصين الذين رافقوا التابوت في رحلته البطيئة والجليلة إلى أورشليم، وقام الملك بنفسه بالاستعراض وهو نشوان {يطفر ويرقص أمام الرب} (2صم 6: 16)، وفي الواقع كان الملك نشوان جدًا -والمئزر الرهباني (الأيفود) الذي ارتداه كان قصير جدًا- إلى حد أن داود انتهى إلى عرض أعضائه التناسلية على الحشود التي احتشدت لتشاهد المشهد المقدَّس. وُبِخ من قِبل زوجته ميكال، ابنة الملك السابق، التي شهدت الاحتفالات من نافذة القصر ووبخته على عرضه الفاجر والاستفزازي"(4).

ويقول " ناجح المعموري": "يصوّر لنا النقش البارز على جدران المعابد المصرية من كل العصور الملوك وهم يرقصون أمام أزوريس وغيره من الآلهة... وفي المزامير التي يضمها العهد القديم نجد ذلك التقليد المأخوذ من عبادة أزوريس مجسَّدًا بوضوح في فكرة المزامير نفسها، ودعوتها المتكررة " رنموا للرب. أهتفوا للرب وغنُّوا".. " سبحوه بصوت الصور سبحوه برباب وعود. سبحوه بدفٍ ورقص. سبحوه بأوتار ومزمار. سبحوه بصنوج التصويت سبحوه بصنوج الهتاف" (مز 150: 3 - 5) " أهتفوا ورنموا وغنوا. رنموا للرب بعود. بعود وصوت نشيد. بالأبواق وصوت الصور. أهتفوا قدام الملك الرب".. " أرنم ترنيمة جديدة برباب ذات عشرة أوتار" (مز 144: 9).. " ليبتهج بنو صهيون بملكهم. ليسبحوا اسمه برقص. بدف وعود ليرنموا له... تنويهات الرب في أفواههم وسيف ذو حدين في أيديهم. ليصنعوا نقمة في الأمم وتأديبات في الشعوب" (مز 149: 2، 3، 6، 7)"(5).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- سبق مناقشة هذا الموضوع(6).

 

2- الرقص أنواع، فهناك الرقص الخليع مثل رقص سالومي ابنة هيروديا، والذي ترتب عليه سفك دماء المعمدان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وهناك الرقص الإيقاعي مثل الرقص الذي يؤديه رجال الصعيد على صوت المزمار، أو رقص الذين يلعبون لعبة التحطيب، وشتان بين الرقص الخليع وهذا الرقص الهادئ الموزون بحركات معينة. إذًا ليس كل رقص للرجال مجلب للعار والاحتقار كقول علاء أبو بكر، ولا أحد يظن أن داود رقص رقصًا خليعًا لا يليق لأنه كان ماثلًا أمام الجميع، وبالأكثر أمام تابوت العهد الذي يعبر عن الحضرة الإلهية. إذًا داود رقص رقصًا إيقاعيًا يعبر عن فرحته بتابوت العهد، لقد كان رقصه مشابهًا لرقص مريم النبية: "فأخذت مريم النبيَّة أخت هرون الدف بيديها. وخرجت جميع النساء وراءها بدفوف ورقص" (خر 15: 20) ومثل رقص ابنة يفتاح عندما خرجت لاستقبال أبيها بعد انتصاره على بني عمون: "ثم أتى يفتاح إلى المصفاة إلى بيته وإذا بابنته خارجة للقائه بدفوف ورقص (قض 11: 34) كما كان رجال اليهود يؤدون رقصات إيقاعية أثناء تقديم خروف الفصح، وجاء في سفر النشيد: "ماذا ترون في شُولميث؟ مثل رقص صفَّين" (نش 6: 13) ورقص صفَّين أي خورسين مقابلين لبعضهما بعضًا، كل خورس يتكوَّن من بعض الرجال، والجميع يؤدون رقصة إيقاعية منظمة، قد تحكي قصة معينة من خلال ما ينشدون أو يسبحون.

 

St-Takla.org Image: The people of Israel brought the ark to Jerusalem with shouts of joy and the sound of rams’ horns, trumpets, cymbals, lyres and harps. (2 Samuel 6: 15) (1 Chronicles ) - "King David brings the Ark to Jerusalem" images set (2 Samuel 5:1 - 2 Samuel 6:23, 1 Chronicles 11, 13, 15): image (15) - 2 Samuel, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأصعد داود وجميع بيت إسرائيل تابوت الرب بالهتاف وبصوت البوق" (صموئيل الثاني 6: 15) - "فكان جميع إسرائيل يصعدون تابوت عهد الرب بهتاف، وبصوت الأصوار والأبواق والصنوج، يصوتون بالرباب والعيدان" (أخبار أيام الأول 15: 28) - مجموعة "داود الملك يحضر تابوت العهد إلى أورشليم" (صموئيل الثاني 5: 1 - صموئيل الثاني 6: 23, أخبار الأيام الأول 11, 13, 15) - صورة (15) - صور سفر صموئيل الثاني، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: The people of Israel brought the ark to Jerusalem with shouts of joy and the sound of rams’ horns, trumpets, cymbals, lyres and harps. (2 Samuel 6: 15) (1 Chronicles ) - "King David brings the Ark to Jerusalem" images set (2 Samuel 5:1 - 2 Samuel 6:23, 1 Chronicles 11, 13, 15): image (15) - 2 Samuel, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأصعد داود وجميع بيت إسرائيل تابوت الرب بالهتاف وبصوت البوق" (صموئيل الثاني 6: 15) - "فكان جميع إسرائيل يصعدون تابوت عهد الرب بهتاف، وبصوت الأصوار والأبواق والصنوج، يصوتون بالرباب والعيدان" (أخبار أيام الأول 15: 28) - مجموعة "داود الملك يحضر تابوت العهد إلى أورشليم" (صموئيل الثاني 5: 1 - صموئيل الثاني 6: 23, أخبار الأيام الأول 11, 13, 15) - صورة (15) - صور سفر صموئيل الثاني، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

3- الرقص في الكتاب المقدَّس هو تعبير عن الفرح، وأشار الكتاب إلى نوعين من الرقص:

أ - الرقص الجماعي: مثل رقص نساء إسرائيل عندما خرجنَّ " بالغناء والرقص للقاء شاول الملك بدفوف وبفرح وبمثلثات" (1صم 18: 6) وكانت هذه من عادات ذلك الزمان، وفي المتحف البريطاني نحت أشوري يمثل موكب من أحد عشر موسيقيًا يتقدمهم ثلاثة رجال يرقصون، وقد خرجوا لاستقبال الحاكم الجديد.

ب - الرقص الديني: ويعتبر جزء من العبادة، ومن أمثلة هذا الرقص رقص نساء إسرائيل بقيادة مريم النبية بعد عبور البحر الأحمر (خر 15: 20) وأيضًا رقص بني إسرائيل حول العجل الذهبي (خر 32: 6، 19) وكما رقصت بنات شيلوه في الاحتفال السنوي بعيد الرب (قض 21: 19 - 21) وجاء في المزامير " ليسبحوا اسمه برقص" (مز 149: 3).. " سبحوه بدف ورقص" (مز 150: 4) وكان الرجال يرقصون معًا، والنساء معًا، فكان هناك فصل بين هؤلاء وأولئك كقول الكتاب: "حينئذ تفرح العذراء بالرقص والشبان والشيوخ معًا" (أر 31: 13) وقد أستمر هذا الرقص الديني لدى اليهود حتى بعد مجيء السيد المسيح(7).

 

4- انتعشت روح داود وأخذ يرقص حيث امتلأ قلبه بالفرح وهو يرى الموكب الذي يضم اللاويين والكهنة وأصوات الهتاف تدوي والأبواق والصنوج والرباب ومشهد رؤساء الألوف والشيوخ وجمهور إسرائيل، فالجو كله فرح، فلم يتمالك نفسه فأخذ يطفر ويرقص بمشاعر الإنسان الطبيعي معبرًا عما يشعر به في أعماقه الداخلية.

ورقص داود دليل على بساطة قلبه وتواضعه فهو لم يبق في قصره بل نزل وخلع الجبة الملوكية فأصبح كإنسان عادي وارتدى الأفود (علامة النقاوة) فقد كان الأنقياء يلبسون الأفود في المناسبات الدينية ولا يلبسها الإنسان إلا وهو في حضرة الله ويؤدي أعمالًا دينية، فكيف يقول المعترض أن داود عرى جسمه.

والدليل على أن رقص داود رقصًا مقدسًا وأنه فرحة وحُب لله وليس رقصًا عالميًا كما يظن المعترض، أن الرب رضى عما فعله داود ولم يعاقبه، وفي الوقت نفسه نراه يعاقب ميكال لأنها احتقرت الملك، فأصابها بالعقم طوال حياتها، وقد كان العقم عارًا ومكروهًا عند اليهود.

 

5- ليس عند الله ملك أو غفير فالكل سواء في التعبير عن مشاعرهم، فالإنسان هو الإنسان في عواطفه ومشاعره، ودعنا نسأل المعترض: هل لأن داود نبي وملك فلابد له دائمًا أن يكبت مشاعره وغير مسموح له في أن يعبر عن فرحته..؟! فإذا كان الله قد سمح لكل كاتب من كاتبي الكتاب المقدَّس أن يعبر بأسلوبه وألفاظه التي يختارها فما المانع أن يفرح النبي والملك من أجل إحضار التابوت؟!

لقد أورد الكتاب المقدَّس كل شيء عن الأنبياء من أخطاء وتجاوزات وانتصارات كما نقل إلينا بكل صدق مشاعرهم بلا خجل، فقد خاف موسى عندما دعاه الله للذهاب لفرعون وهكذا أرميا.

 

6- الذي يدَّعي أن داود تعرى أثناء الرقص لم يدفع بدليل كتابي واحد يساند خياله الجامح هذا، فقط اعتمدوا على رد فعل ميكال التي قالت لزوجها: "ما كان أكرم ملك إسرائيل اليوم حيث تكشَّف اليوم في أعين إماء عبيده كما يتكشَّف أحد السفهاء" (2صم 6: 20) والحقيقة أن قولها " تكشَّف " لا يعني على الإطلاق أنه تعرى وظهرت أعضائه التناسلية، إنما المقصود هو خلع الجبة الملكية، لأنه كان " متمنطقًا بأفود من كتان" (2صم 6: 14) وهو ثوب من الكتان النقي كان يرتديه الكهنة أثناء خدماتهم الدينية، وكان داود يرتدي فوقه الجبة فخلعها حتى تسهل حركته ويستطيع أن يرقص بكل قوته، فمعنى قول ميكال " تكشَّف " أي أنه خلع الجبة وظهر بالأفود البسيط، وهذا من وجهة نظرها لا يليق بمجد الملك، ولعل محبة ميكال لداود قد فترت ولاسيما بعد موت أبيها وأخوتها وانتقال المُلك من بيت أبيها إلى داود النبي، عابت ميكال على زوجها داود، وتناست أبيها شاول عندما " خلع هو أيضًا ثيابه وتنبأ هو أيضًا أمام صموئيل وانطرح عريانًا ذلك النهار كله وكل الليل" (1صم 19: 24) ولذلك دعاها الكتاب هنا " ميكال بنت شاول" (1صم 6: 16) وليس المقصود بالطبع أن شاول قد خلع كل ملابسه إنما خلع فقط ملابسه الملوكية.

 

7- كيف يتصوَّر الخوري بولس الفغالي أن داود سكر في ذلك اليوم؟! وهل سيسكر داود في وضح النهار؟! وهل سيسكر في وسط موكب هام جدًا جدًا مثل هذا وربما لن يتكرَّر ثانية؟! وهل سيسكر داود وهو ماثل في الحضرة الإلهيَّة أمام تابوت العهد..؟! وكيف يتصوَّر ليوتاكسل أن داود كان يرقص وفي غمرة فرحه ومرحه رفع ساقه أكثر مما يجب مما أدى لتكشف أعضاءه التناسلية..؟! أليس هذا تصوُّر مريض يفتقر كثيرًا للدليل؟! وإذ كانت ميكال لم تكن في الموكب بل أشرفت من الكوة أي من مكان مرتفع " أشرفت ميكال بنت شاول من الكوة" (2صم 6: 16) فكيف تسنى لها رؤية الأعضاء التناسلية لزوجها وهو في الموكب؟! وكيف يتصوَّر جوناثان أن الموكب ضم رهبانًا مع أن الرهبنة هي وليدة العهد الجديد؟! ولماذا ارتدى داود مئزر رهباني وهو ليس براهب؟! وهل رأى جوناثان المئزر الرهباني القصير جدًا؟! ولماذا يرتدي الرهبان مئزر قصير جدًا؟!

 

8- ليس المصريين وحدهم الذين كانوا يرقصون أمام آلهتهم، بل كثير من الشعوب كانت تمارس الرقص أمام آلهتها، ولا ننسى أنبياء البعل عندما قدموا الذبيحة لألههم على جبل الكرمل " ودعوا باسم البعل من الصباح إلى الظهر قائلين يابعل أجبنا. فلم يكن صوت ولا مجيب. وكانوا يرقصون حول المذبح الذي عُمل" (1مل 18: 26) وجاء في " دائرة المعارف الكتابية": "ولاشك في أن الرقص الديني كطقس من طقوس العبادة كان منتشرًا في الشرق القديم، وهناك مثيل في تاريخ مصر لرقص داود أمام تابوت العهد، فقد جاء عن كل من سيتي الأول إلى الملك رمسيس الثاني، وثلاثة ملوك آخرين من الفراعنة، أنهم رقصوا أمام الآلهة، كما تؤكد الآثار الأسيوية وجود هذه العادة في أماكن أخرى من العالم"(8).

 

9- قال البعض أن أصل " الزغرودة " كانت تسبحة " هللويا " فيقول " ناجح المعموري": "وكانت النسوة في فلسطين والبلدان العربية، تُطلق زغرودة مُعبّرة عن فرحهن وسعادتهن، وأشار الأستاذ (فوزي العنتيل) بأنها بدأت كتسبحة خاصة بالإله "يهوه" وأصل هذه الزغرودة " هللويا".. وقد حرَّفها الإغريق فأصبحت بلا معنى عندما صارت " اللويا " وقد أصبحت كلمة مقدَّسة بالاستعمال، ثم تطوَّرت أخيرًا إلى الصوت المعروف " لو لو لو".."(9).

 

10- يقول " القمص مكسيموس وصفي": "كان الموكب يضم اللاويين والكهنة بملابسهم البيضاء، ولم نسمع هنا عن العجلة الجديدة أو جيش الجبابرة، أما سير الجماعة فقد تقدم من الأمام المرنمون والمغنون ومن وراء ضاربوا الأوتار وفي الوسط الفتيات ضاربات الدفوف، وضمت المسيرة رؤساء الألوف والمئات والشيوخ وجمهور إسرائيل، كان المشهد جليلًا هادئًا بدون ضجة أو ضوضاء، وكانت المسيرة مسيرة صلاة وتسبيح، وأثار هذا المشهد في نفس داود روح البهجة مما دفعه أن يطفر فرحًا وخلع ثيابه الملكية ولبس جبة كواحد من العامة ولبس أفود الكتان الكهنوتية وذبح ذبائح وسبح الرب حاسبًا عبادته أكثر مجدًا من مقامه الملكي، وأخذ داود يرقص أمام التابوت وأخذوا ينشدون المزامير وهم صاعدون على سفح الجبل وكانوا يرنمون لإله إسرائيل"(10).

 

11- يقول " القمص تادرس يعقوب": "لقد كانت الجبة علامة العظمة أما الأفود الكتانية فعلامة النقاوة، وكان داود قد خلع كل مظاهر الأبهة لكي يعلن في اتضاعه عن نقاوة داخلية وعن تهليله بحضرة الرب. لقد رقص داود أمام التابوت مُعبّرًا بذلك عن أعماقه الداخلية التي تهتز في تهليل أمام الرب، لكننا لا نسمع عن صموئيل النبي أنه فعل ذلك ليس لأن الأخير لم يكن متهللًا من أعماقه إنما كل مؤمن يعبر عن حبه وفرحه بما يناسب ظروفه. لذا يقول القديس أمبروسيوس: {رقص داود أمام التابوت أما صموئيل فلم يرقص. داود لم يُلَم، ومُدح صموئيل} عبَّر الطوباوي داود عن فرحه بالتابوت في مزموره الثلاثين...

يقول داود المرتل: "لأن للحظة غضبه، حياة في رضاه " مشيرًا إلى الغضب الإلهي الذي تحقق إلى لحظة عندما سقط عُزَّة ميتًا أمام التابوت لأنه تجاسر فلمسه، كان ذلك للحظة، لكن خلال هذا التابوت تمتع الشعب بالحياة إذ نالوا رضا الله... يقول داود المرتل: "حولت نوحي إلى رقص لي".. فقد ناح داخليًا عندما مات عُزَّة وأرتبك للغاية، لكنه رقص في أعماقه كرقصات يوحنا المعمدان في أحشاء أمه أليصابات عندما أدرك المسيح المتجسد في أحشاء البتول مريم... رقص داود أمام التابوت لأنه رآه رمزًا للمسيح القادم إلى العالم، ليحل بين البشرية ويرد لهم الحياة بعد الموت، والفرح عوض النوح...

كانت ميكال تحب داود (1صم 18: 20).. لكنها لم تكن قادرة أن تشاركه حبه لله وغيرته وإيمانه، لذا رأت في خلعه لجبته الملوكية ورقصه أمام التابوت نوعًا من السفاهة. استقبلته باحتقار... ما أبعد الفارق بين داود وميكال، الأول أنسحب بكل كيانه الداخلي ليرى خلال التابوت تجسد الكلمة وحلول المسيا بين شعبه وتقديم عمله الخلاصي، أما ميكال فتعلق قلبها بالجبة الملوكية التي خلعها داود فرأته سفيهًا وعاريًا كما قالت له!! يبدو أن ميكال كانت تنتظر من رجلها كملك أن يبقى في قصره ويأتي إليه الكل يهنئونه بوصول التابوت، لا أن ينزل من القصر ويخلع جبته الملوكية ويرقص أمام التابوت في حضرة الجماعة"(11).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 1 س306 ص 217.

(2) التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 325، 331.

(3) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 343.

(4) ترجمة نذير جزماتي - حكايا محرَّمة في التوراة ص 321، 322.

(5) موسى وأساطير الشرق ص 282، 283.

(6) فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ 6 س 638.

(7) راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 4 ص 124 - 126.

(8) دائرة المعارف الكتابية جـ 4 ص 126.

(9) موسى وأساطير الشرق ص 277.

(10) دراسات في سفر صموئيل الثاني ص 67.

(11) تفسير صموئيل الثاني ص 44 - 47.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1178.html

تقصير الرابط:
tak.la/223tmwf