St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1170- ما هذه الحماقة التي أرتكبها أبنير ويوآب، إذ يدفع كل منهما باثني عشر رجلًا، فيقتتل الرجال ويُقتلون جميعًا؟ وهل شعب إسرائيل لم يصدقوا أن الله وعد داود بخلاص إسرائيل إلاَّ بعد حديث أبنير معهم (2صم 3: 17، 18)؟

 

يقول " محمد قاسم محمد": "لقد كان أبنير وشعب إسرائيل يعرفون كلام الرب إلى داود، منذ كان شاول حيًّا، ومع ذلك كانوا يحاربونه، فهل لم يصدقوا كلام الرب إلاَّ حينما أخبرهم أبنير"(1).

ويقول " علاء أبو بكر": "العجب العُجاب في قصة شاول مع داود، أن الشعب كان يعلم أن الرب كلَّم داود وأختاره نبيًا، وأن الرب رفض شاول وطرده من رحمته، وشهدت على ذلك المرأة التي كانت تُحضّر الجان، والرجلان الذين أخذهما شاول معه وذهبا إليها، وعلى الرغم من علم الشعب بذلك إلاَّ أنك تجد بني إسرائيل كانت تحارب نبي الله في صف من رفضه الله. فهل كانوا يحاربون الرب أم أعلنوا عصيانهم والخروج على إرادته، وهل هذا شعب يعرف الله أو يهابه؟ وأين القدوة التي يقدمها الإسرائيليون لأبنائهم في هذه القصة؟ وهل أمثال هؤلاء الذين يحاربون الرب سيرضى الرب عنهم ووعدهم بأرض من النيل إلى الفرات أم هو الاستعمار الذي يجري في دمائهم؟"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- بالرغم من أن داود مُسح مرتين ملكًا، مرة في السر بيد صموئيل النبي في بيت لحم، ومرة أخرى في العلَّن في حبرون بعد موت صموئيل النبي، فأنه ظل يحكم سبط يهوذا فقط، ولم يفكر داود أبدًا في إثارة حرب ضد بقية الأسباط، أما أبنير بن نير رئيس جيش شاول فقد كان مغترًا معتزًا بقوة جيشه وأراد الخلاص من داود، وضم سبط يهوذا إلى مملكة أيشبوشث، تلك الشخصية المهزوزة التي تتيح لأبنير أن يكون المتصرف الأول في شئون المملكة، فجرَّ أبنير جيشه ضد يهوذا، فأضطر رجال يهوذا الخروج للقائه، ولم يخرج معهم داود الذي يرفض محاربة أخوته، وأصطف الجيشان على ضفتيّ بركة جبعون، وكان رئيس جيش يهوذا هو يوآب أبن صروية أخت داود، "فقال أبنير ليوآب ليقم الغلمان ويتكافحوا أمامنا. فقال يوآب ليقوموا" (2صم 2: 14) فخرج من كل جيش أثنى عشر رجلًا، ربما بعدد أسباط إسرائيل، لأن الفريق المنتصر سيملك مَلِكه على الأسباط الاثني عشر، ولكن الذي حدث أن " أمسك كل واحد برأس صاحبه وضرب سيفه في جنب صاحبه وسقطوا جميعًا" (2صم 2: 16).. وهناك عدة احتمالات لتفسير هذا الحدث المأسوي:

أ - ربما أعتبر أبنير ويوآب أن هذا نوع من أنواع البطولات، ولكيما يكسروا جمود الموقف فاقترح أبنير هذا الاقتراح الرديء كنوع من اللهو، وهذا احتمال بعيد.

ب - أراد كل من أبنير ويوآب أن يكتشف قوة محاربيه، ولذلك وافقا على خروج هؤلاء الرجال للمبارزة، ليثبت قوة جيشه، ويفاخر برجاله، وهذا الأمر أقل احتمالًا.

جـ - أراد كل من أبنير ويوآب أن يجنبا جيشهما مغبة الحرب وسفك الدماء الكثيرة، ولذلك اختاروا فريق من كل جيش، من خيرة الشباب، ليتصارعوا. والفريق الفائز هو الذي يملك مَلَكه على كل إسرائيل، وكان هذا أمر متعارف عليه حينذاك، فهكذا فعل جليات الجبال الذي " وقف ونادى صفوف إسرائيل وقال لهم لماذا تخرجون لتصطفوا للحرب. أما أنا الفلسطيني وأنتم عبيد شاول. اختاروا لأنفسكم رجلًا ولينزل إليَّ. فإن قدر أن يحاربني ويقتلني نصير لكم عبيدًا. وإن قدرت أنا عليه وقتله تصيرون أنتم لنا عبيدًا وتخدموننا" (1صم 17: 8، 9). وهذا هو الاحتمال الغالب، ولذلك عندما قُتل الجميع ليس بينهم منتصر ومنهزم احتدمت نيران الحرب بين الجيشين. وتكلم أبنير بحكمة، إذ وضع الله الكلام على لسانه، فذكَّر الشعب بعاقبة الحرب، وأن الطرفان أخوة، وهكذا يتدخل الله في الوقت المناسب.

ويقول "القمص مكسيموس وصفي": "كانوا قديمًا يلجأون إلى هذه المبارزة لتجنب سفك الدماء، وخرج اثنا عشر رجلًا من يهوذا، وأثنى عشر رجلًا من بنيامين، وبيت بنيامين هم أعظم سند لشاول، وبدأت المبارزة شديدة وسقط الأربعة وعشرون رجلًا قتلى، وسرعان ما برقت السيوف واشتعلت الحرب، وعلى الأرجح أن زهو أبنير وكبرياءه دفعه أن يشعل هذه الحرب الأهلية الشاملة، وهو يستند على جيشه الأكثر عددًا وأعظم قوة.. فأسفرت الحرب عن انكسار جيش أبنير الذي أنسحب هو ورجاله عبر التلال، وكان مشهدًا محزنًا أن يقف أبناء الشعب الواحد في القتال ضد بعضهما البعض ونسوا أنهم أخوة، ونلاحظ أن داود لم يكن راضيًا عن هذا الصراع ولم يتقدم ليحارب في تلك الحرب الأهلية المخزية، وقد أدرك أبنير سفاهة فكرة الحرب التي أشعلها وما تركته من ضحايا وخسائر فنادى بنداء يطلب الهدنة"(3).

 

2- يقول الكتاب: "وكان كلام أبنير إلى شيوخ إسرائيل قائلًا قد كنتم منذ أمس وما قبله تطلبون داود ليكون ملكًا عليكم. فالآن أفعلوا. لأن الرب كلَّم داود قائلًا إني بيد داود عبدي أخلص شعبي إسرائيل من يد الفلسطينيين ومن يد جميع أعدائهم" (2صم 3: 17، 18) وقد كان أبنير يدرك هذه الحقيقة من قبل ولذلك عندما عاتبه أيشبوشث لأنه دخل إلى "رصفة بنت أيَّة" سرية شاول - وكان هذا مؤشرًا لطمعه في الحكم - قال أبنير لأيشبوشث: "هكذا يصنع الله بأبنير وهكذا يزيده أنه كما حلف الرب لداود كذلك اصنع له. لنقل المملكة من بيت شاول وإقامة كرسي داود على إسرائيل وعلى يهوذا من دان إلى بئر سبع" (2صم 3: 9، 10) أما عن شعب بني إسرائيل فكان كخراف بلا راعٍ، يعيش في حالة روحية مترديَّة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فاستطاع أبنير بن نير أن يقتاده نحو أيشبوشث بن شاول، ولاسيما أن الشعب كله يعرف أن شاول هو الملك الرسمي الممسوح من صموئيل النبي قبل موته، وأنه قُتل هو وأولاده الثلاثة من أجلهم، لذلك فقد تعاطفوا مع ابنه الرابع، وهو الأكبر أيشبوشث الذي نجا أو فرَّ من المعركة، وربما لم يخرج للمعركة أصلًا، وبسبب هذا التعاطف تشايعوا له، بالإضافة للنزعة العنصرية بين أسباط الشمال وأسباط الجنوب، وأيضًا كان سبط بنيامين يتعاطف مع أسرة شاول لأنها من نفس السبط، ولكن عندما كلَّم أبنير شيوخ إسرائيل وأقنعهم بالخضوع لإرادة الله تحركت الجموع من جميع الأسباط نحو داود في حبرون: "كل هؤلاء رجال حرب يصطفون صفوفًا أتوا بقلب تامٍ إلى حبرون ليملّكوا داود على كل إسرائيل. وكذلك كل بقية إسرائيل بقلب واحد لتمليك داود" (1أي 12: 38) وظلوا ثلاثة أيام يأكلون ويشربون " لأنه كان فرح في إسرائيل" (1أي 12: 40).

 

3- كانت آمال رؤساء الشعب منذ زمن طويل أن يملك عليهم داود الذي خلصهم من جليات وحارب حروب الرب بشجاعة منقطعة النظير (1صم 18: 30، 19: 8، 25: 28) ولكن لم تكن الظروف مناسبة لتحقيق طلبهم هذا، فحتى بعد قتل شاول وأولاده الثلاثة، كان الرجل الأول والأقوى في المملكة أبنير بن نير، ولكن عندما انقلب أبنير على أيشبوشث كلَّم شيوخ إسرائيل قائلًا: "قد كنتم منذ أمس وما قبله تطلبون داود ليكون ملكًا عليكم" (2صم 3: 17) فهذه هي رغبة الشعب الكامنة التي أتاح لها أبنير الفرصة لتطفو على السطح.

ويقول " القمص مكسيموس وصفي " عن أبنير أنه " اتجه نحو شيوخ إسرائيل ليقنعهم أن خلاصهم من أعدائهم الفلسطينيين هو بيد داود وهو يذكّركم أنهم قد سبق وطلبوا أن يكون داود ملكًا عليهم وكان وقتها أبنير يعمل على تثبيت مملكة أيشبوشث وربما كان قد قاومهم آنذاك، ولكن بعد أن ساءت العلاقة بينه وبين أيشبوشث عاد يطلب منهم أن يفعلوا ما كان قد طلبوه أولًاَ، ونرى مدى تقلب أبنير إذ أخذ يقنعهم بأن ذلك هو وعد إلهي لداود.. ولم يكن الأمر سهلًا على أبنير أن يكسب ولاء إسرائيل إلى جانب داود خاصة بنيامين ذلك السبط الذي كان منه الملك شاول وابنه الملك أيشبوشث، ولكن أبنير الذي صمم أن يقوّض مملكة أيشبوشث ويدعم حكم داود على كل إسرائيل ويهوذا قد بذل جهدًا كبيرًا في إقناع شيوخ إسرائيل ومعهم بيت بنيامين (3: 19) وهو يؤكد أن خلاصهم بيد داود"(4).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 383.

(2) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 1 س397 ص 280.

(3) دراسات في سفر صموئيل الثاني ص 29، 30.

(4) دراسات في سفر صموئيل الثاني ص 38، 39.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1170.html

تقصير الرابط:
tak.la/hs9c4bw