St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1116- كيف يُصدّق الله على نذر شاول، وهو نذر غير صحيح، ولهذا لا يجيب على تساؤل شاول (1صم 14: 36، 37)؟ وكيف يتراجع شاول عن نذره، ويعفي عن ابنه يوناثان، الذي وقعت عليه اللعنة (1صم 14: 45)؟

 

يقول "ليوتاكسل": "ووضع شاول أذنه على "تابوت العهد" الذي أمر الكاهن الأكبر أخيا أن يُؤتي به إلى المكان، ولكنه عبثًا حاول أن يسمع صوت يهوه منه، فقد حَرَدَ هذا الأخير ولم تصدر عنه نأمة. عندئذ أدرك شاول بأن أمرًا ما قد وقع فأثار غضب العجوز العنيد. ما الذي أثار ضيق ربّ الجنود..؟ يوناثان الذي لعق العسل، لم يكن على علم بلعنة أبيه، ولذلك فهو بار على أغلب الظن، أضف إلى هذا أنه لم يكن واضحًا ما إذا كان يهوه قد أقرَّ لعنة شاول التي لا معنى لها قط، لأن منع الأكل عن الجيوش في يوم المعركة، هو ضرب من الغباء"(1).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- أحيانًا بسبب قسوة الظروف وطياشة العقل وفقدان البصيرة ينذر الإنسان نذرًا خاطئًا، بل قد يكون هذا النذر ضد وصايا الله، وهذا ما رأيناه في سفر القضاة في نذر يفتاح الجلعادي بتقديم أول من يلقاه بعد عودته ذبيحة بشرية، بالرغم من الأوامر الإلهيَّة الصارمة بالنهي عن تقديم ذبائح بشرية، وكان من الأفضل أن يتراجع يفتاح عن نذره الخاطئ الذي يغضب الله، ولكنه نفذ نذره خوفًا من التراجع، ووعد هيرودس سالومي ابنة هيروديا التي رقصت أمامه بأن يهبها أي شيء تطلبه حتى نصف المملكة، وعندما طلبت رأس يوحنا المعمدان، حزن، وكان من الأفضل له التراجع عن سفك هذا الدم الذكي، ولكن من أجل الأقسام والحاضرين ارتكب جريمته البشعة، فأمر بذبح المعمدان وقدم لها رأسه على طبق. أما داريوس ملك فارس فعندما اكتشف براءة دانيال وشهادة الأسود الجائعة له، على الفور أطلق سراحه، محطمًا شريعة مادي وفارس التي لا تُنسخ، وبعد أن أصدر حكمه بموت كل من يطلب أي شيء من إله غيره، عاد وأعترف بإله دانيال، وبهذا أحسن التصرف.

 

2- أسرع شاول إلى ساحة الحرب، وأظهر غيرة قوية خاوية من الحكمة، فلعن كل من يأكل خبزًا حتى المساء خوفًا من انشغالهم بالطعام وتوقفهم عن طرد الفلسطينيين، وعندما لعن من يأكل حتى المساء كدر الكثيرين وأضعف قوتهم، ولم يكن نذر شاول لصالحه ولا لصالح شعبه، ولكن المشكلة أن شاول نذر هذا النذر والشعب قد وافقه " لأن شاول حلَّف الشعب قائلًا ملعون الرجل الذي يأكل خبزًا إلى المساء حتى أنتقم من أعدائي" (1صم 14: 24) فشاول أخطأ في نذره، بل أخطأ في نظرته للموضوع ككل، فرأى الأعداء أعداءه هو، والنصر خاص به، ولم يرَ أن الحرب للرب ومسيحه، ولم يعد تمجيد اسم الله ونجاة الشعب هو الهدف الأول في حياته... بسبب هذا النذر الخاطئ كاد شاول أن يفقد ابنه يوناثان الذي أشعل فتيل الحرب بإيمانه الحي لولا تدخل العناية الإلهيَّة: "أيموت يوناثان الذي صنع هذا الخلاص العظيم في إسرائيل" (1صم 14: 45).

 

3- لم يرد الله أن يجيب شاول لكيما يلقنه درسًا قويًا، ويذكّره بعدم الاستهانة بالوصية، فقد أوصى الله قائلًا: "لا تنطق باسم الرب إلهك باطلًا. لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلًا" (خر 20: 7)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فكان على شاول أن يعرف أن نذره هذا هو قريب من مخالفة هذه الوصية، هذا النذر المتسرع الأناني، ولذلك لم يجب الله شاول، وظن شاول أن هناك خطية كامنة في الشعب مثل خطية عخان بن كرمى، فتسرَّع ثانية وقال: "حي هو الرب مُخلّص إسرائيل ولو كانت في يوناثان ابني فإنه يموت موتًا" (1صم 14: 39) وكان يوناثان شجاعًا واعترف بما فعله وهو يعلم أن هذا سيقوده حتمًا للموت " وقال ذقت ذوقًا بطرف النشابة التي بيدي قليل عسل فهانذا أموت" (1صم 14: 43).. فهل يموت يوناثان يا شاول؟!!

 

4- جاء في " التفسير التطبيقي": "نذر شاول أول نذر من نذريه المتعجلين (1صم 14: 24 - 26) لأنه كان متلهفًا على هزيمة الفلسطينيين، وأراد أن يضع أمام جنوده حافزًا للانتهاء من المعركة سريعًا. ولم يطلب الله في الكتاب المقدَّس من الناس أن ينذروا نذورًا، ولكن متى نذروا، فإنه ينتظر منهم أن يفوا بنذورهم (لا 5: 4، عد30). ولم يكن نذر شاول مما يرضى عنه الله، ولكنه في ذلك كان نذرًا واجب الوفاء. ومع أن يوناثان لم يكن يعلم شيئًا عن نذر شاول، إلاَّ أنه كان مذنبًا في كسر النذر، لقد نذر شاول نذرًا جازف فيه بحياة ابنه كما فعل يفتاح. ولكن من حسن حظ شاول أن تدخل الشعب وأنقذوا حياة يوناثان"(2).. لا يقبل الله التعدي على النذر، حتى لو كان المتعدي يوناثان المحبوب بطل الإيمان.

 

5- يقول "الأرشيدياكون نجيب جرجس":" (أ) كان شاول قد أخذته نشوة الفرح بالنصر، فأراد أن يواصل الحرب إلى النهاية، وأقسم قسمًا مصحوبًا بلعن ألاَّ يتناول أحد طعامًا إلى المساء حتى يتم انتقامه من العدو، والقسم المصحوب باللعن يعني تحريم (قتل) من كان يحنث فيه، وقوله (حلَّف الشعب) بتشديد اللام في حلَّف يعني أنه أشركهم معه في الحلف فنطق هو بالحلف واللعن وآمَّن الشعب على كل ما نطق به دليلًا على موافقتهم عليه...

(ب) كان هذا عملًا متطرفًا وخاطئًا من شاول لأنه قَسَمْ تهوُّر، وأستعجل فيه ونطقه بدون روية أو حكمة، وقد فعل هذا لا لقصد الصوم، بل خوفًا من أن ينشغل الناس في ذبح الأبقار والأغنام التي غنموها، وفي الأكل والشرب فيتعطلوا عن الحرب أو يتراخوا فيها. وكان من الحكمة أن يمنعهم من ذبح الحيوانات والاكتفاء بتناول الطعام العادي البسيط بسرعة مع مواصلة أعمالهم الحربيَّة، ولكن منعه لهم عن تناول أو حتى ذوق أي طعام عرَّضهم لأن يضنكوا حتى كادوا أن يخوروا... ووقع الشعب في تورط عظيم لأن يوناثان كان معرضًا لينفذ فيه حكم الموت لولا افتداء شعبه له"(3).

 

6- أما عن تساؤل الناقد: كيف يتراجع شاول عن نذره ويعفي عن ابنه الذي وقعت عليه اللعنة..؟ فالحقيقة أنه لم يكن لشاول خيار أن يتراجع أو لا يتراجع، لأن الشعب كله وقف بجوار يوناثان معترضًا على قتله، فلم يجرؤ شاول المندفع أن يصوب نحوه رمحه أو يدق عنقه بسيفه، لأن في هذا كانت ستكون نهاية شاول نفسه. كان الدافع لشاول في قتل يوناثان أن يبر بوعيده وتهديده عندما قال " هكذا يفعل الله وهكذا يزيد أنك موتًا تموت يا يوناثان" (1صم 14: 44) ولكن الشعب أوجد له المنفذ عن طريق فداء يوناثان.

 

7- لم يكن الإنسان يعرف المشيئة الإلهيَّة عن طريق وضع أذنه على التابوت وسماع همس يهوه، لأن الله نهى عن لمس التابوت، ويوم تجرأ أهل بيت شمس وتطلعوا للتابوت ولمسوه وربما فتحوا الغطاء وتفحَّصوا محتوياته مات منهم كل هذا العدد الهائل. لم يكن مسموحًا للدخول إلى قدس الأقداس إلاَّ لرئيس الكهنة مرة واحدة في السنة في عيد الكفارة العظيم ويداه تقطران بدم الذبيحة، أما "ليوتاكسل" فقد تجاهل كل هذا وراح يسخر من الله تبارك اسمه، لقد أخضع ليوتاكسل نفسه لعدو الخير الذي استغله كلسان له ناطقًا بالتجاديف... نعم كان منع الجيش عن الطعام في يوم المعركة هو ضرب من الغباء، ولكن من المسئول عن هذا الغباء..؟! هل الله أم شاول الذي نذر نذره والقى باللعن على من يخالفه؟!، فلماذا يخلط " ليوتاكسل " الأمور، ويتهم الله اتهامات باطلة؟!

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 287، 288.

(2) التفسير التطبيقي ص 592.

(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر صموئيل الأول ص 133.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1116.html

تقصير الرابط:
tak.la/kp4dazs