St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1070- هل مدارس الأنبياء مأخوذة من الديانات الكنعانية الوثنية وتهتم بالعرافة والتنبؤ؟ وهل روادها من أشباه المجانين المتسولين المتسكعين الذين يعذبون أجسادهم؟ وهل النبوءة تُدَّرس في مدارس أم أنها اختيار ووحي إلهي؟

 

يقول " الخوري بولس الفغالي " عن رواد هذه المدرسة أنهم " جماعة من الأنبياء (1صم 10: 5) كانوا يعيشون معًا، وعلى أنغام الموسيقى يقومون بحركات تنتقل إلى الحاضرين كالعدوى (1صم 19: 20 - 24، 1 مل 22: 10) هذا النوع من الممارسة الدينية المنحطة عرفه الكنعانيون (1 مل 18: 25 - 29) وكهنة البعل، وعرفه بنو إسرائيل (2 مل 2: 3، راجع 4: 38) وتأثير أليشع عليهم.."(1).

ويقول " زينون كوسيدوفسكي " عن صموئيل النبي: "كانت الأحلام تتتابع عليه، وأشتغل بالعرافة والتنبؤ، وأعلنها حربًا ضروسًا على آلهة الكنعانيين، وأسَّس مدرسة للأنبياء، حيث يغني ويرقص، وتلاميذه، على أصوات الموسيقى والطبول، حتى يصلوا إلى ذروة النشوة الدينية، وطالما تنبأ في تلك الحالة بالنصر القريب ليهوه على مُضطهدي إسرائيل، فعمت مشاعر كراهية للفلسطينيين في البلاد بسرعة"(2).

كما يقول أيضًا " كوسيدوفسكي": "لقد كان أعضاء تلك المدرسة متعصبين وأشباه مجانين... أن نوبات النشوة الدينية لم تكن غريبة على صموئيل وشاول وداود، فشاول واجه عند عودته من رامتايم إلى البيت مجموعة من الأنبياء جرَّته بسهولة إلى الرقص والغناء الدينيَّين، وقد جاءته نوبة الجنون الثانية بعدما تلقى نبأ محاصرة مدينة يابيش، فقطَّع عندها ثورين كان يحرث بهما الأرض إربًا إربًا، وأصابته النوبة الثالثة في رامتايم حين جاء يطارد داود، فقد خرج للقائه صموئيل وأنبياؤه وأثَّر عليه مغناطيسيًا بالرقص والغناء والصراخ وأشركه في خورسه... يؤكد هذا الوصف على أن مجموعات من المتعصبين الدينيَّين، الذين يشبهون إلى حد بعيد دراويش المسلمين، كانت تجوب البلاد طولًا وعرضًا. كان أولئك الأنبياء يرتدون مسوحًا من الشعر، ويتمنطقون بأحزمة خاصة ويتسولون، وقد تضمنت طقوسهم عدا الرقص والغناء والتنبؤ وضرب النفس وتعذيب الجسد بمختلف ضروب التعذيب... إن ظاهرة التنبؤ الجماعي تلك لم تكن إسرائيلية المنشأ، ولا يزال أصلها مجهولًا. غير أن القناعة السائدة تعيد أصل تلك الظاهرة إلى كنعان، حيث أخذها الإسرائيليون من هناك مع طقوس بعل وعشتار وآلهة فينيقية أخرى... ويذكر سفر الملوك الأول (1 مل 18: 19) أن أربعمائة نبي فينيقي كانوا يأكلون على مائدة الملكة إيزابيل"(3).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- خدم صموئيل النبي في عدة أماكن:

أ - الرامة: وتقع شمال غرب أورشليم بنحو عشرة كيلومترات، وكانت مكان القضاء لصموئيل، ففيها سكن وعاش ومات ودُفن.

ب- بيت إيل: تقع شمال الرامة Rama بنحو 8 كم.

جـ- شيلوه: تقع شمال الرامة بنحو 25 كم، وشمال أورشليم بنحو 35 كم، وكانت من نصيب سبط أفرايم، وكانت مركز العبادة، ففيها استقرت خيمة الاجتماع وتابوت العهد (يش 18: 1) نحو 300 سنة، وإليها كان يصعد بنو إسرائيل ليقدمون ذبائحهم وعبادتهم، وفيها خدم عالي الكاهن، وعندما أخذ الفلسطينيون تابوت العهد ولم يعد إليها صارت مهملة، حتى أن أرميا النبي قال فيما بعد: "لكن أذهبوا إلى موضعي الذي في شيلو الذي أسكنت فيه اسمي أولًا وانظروا ما صنعت به من أجل شر شعبي إسرائيل" (أر 7: 12) وخلال الفترة 1926 - 1929م اكتشفت بعثة أثار دانمركية أثار شيلو على مسافة 22 كم جنوب مدينة شكيم، واكتشفوا أن الأنقاض التي ترجع إلى القرن 11 ق.م. تحمل أثار واضحة لحريق ودمار مقصودين، مما لا يقبل الشك أن الفلسطينيين قد دمروا وأحرقوا هذا الموضع(5).

د - مصفاة: تقع غرب الرامة بنحو 5 كم، وفيها أقام صموئيل حجر المعونة بعد النصرة على الفلسطينيين، قائلًا " إلى هنا أعاننا الرب" (1صم 7: 12).

هـ- بيت لحم: جنوب الرامة بنحو 20 كم، وفيها وُلِد داود النبي.

و - يعاريم: تقع جنوب غرب الرامة بنحو 14 كم، وفيها وُضع تابوت العهد بعد أن أعاده الفلسطينيون، فظل في بيت أبيناداب عشرين سنة (1صم 7: 1، 2) ثم نُقل إلى بيت عوبيد أدوم الجتي لمدة ثلاثة أشهر (2صم 6: 11) ثم نُقل إلى أورشليم.

ز - جبعون: وتقع في منتصف الطريق بين الرامة وأورشليم، فخيمة الاجتماع ومذبح المحرقة قد نُقلا من شيلوه بعد تدميرها، إلى مدينة " نوب " مدينة الكهنة، ثم نُقلا إلى جبعون، بينما أستقر تابوت العهد في أورشليم.

 

2- أسَّس صموئيل النبي مدارس الأنبياء في عدة مدن مثل الرامة وبيت إيل وأريحا والجلجال، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فكان الشباب الذين يلتحقون بها يتعلمون القراءة والكتابة والعزف على الآلات الموسيقية، يعيشون حياة البساطة والصلاة والتسبيح، يدرسون الشريعة والناموس والتاريخ، وكان الملتحقون بهذه الدراسة يعملون في أي مهنة حتى يعولوا أنفسهم، فقد كانوا يعيشون عيشة الكفاف، وكانوا يدعون بجماعة الأنبياء أو بنو الأنبياء، وأُعطيت لكثير منهم موهبة النبوءة، فمثلًا عندما أرسل شاول جنوده إلى الرامة للقبض على داود، فإن هؤلاء الجنود " لما رأوا جماعة الأنبياء يتنبأون وصموئيل واقفًا رئيسًا عليهم كان روح الرب على رسل شاول فتنبأوا هم أيضًا" (1صم 19: 20) وتكرَّر الموقف ثانية وثالثة (1صم 19: 21)، وعندما مرَّ إيليا وتلميذه أليشع على بيت إيل " خرج بنو الأنبياء الذين في بيت إيل إلى أليشع وقالوا له أتعلم أنه اليوم يأخذ الرب سيدك عن رأسك" (2مل 2: 3) وتكرَّر نفس الموقف مع بني الأنبياء الذين في أريحا (2مل 2: 5) وعندما تعرَّض بنو الأنبياء للخطر من جراء الطعام المسموم، أنقذ أليشع حياتهم (2مل 4: 38 - 41).

 

3- يقول " الأب متى المسكين": "وعلى يد صموئيل تتلمذ أنبياء كثيرون دفعة واحدة: {ولما جاءوا إلى هناك إلى جبعة إذا بزمرة من الأنبياء لقيته فحلَّ عليه وعلى شاول روح الله فتنبأ في وسطهم} (1صم 10: 10) وهكذا امتدت الروح النبوية حتى إلى أفراد الشعب... وفي وسط أنصاب الضلال والأوثان تنبثق نار النبوَّة... عجيب حقًا أن تنبثق هذه الروح النبوية القوية، وتنتشر بهذه السرعة والبساطة، وسط اضمحلال القوة واليأس الذي عمَّ الشعب"(4).

 

4- شتان بين العبادات الكنعانية الوثنية الشريرة المنحطة وبين ما مارسه بنو الأنبياء من صلوات وتسابيح وموسيقى راقية، بعيدة تمامًا عن الموسيقى الصاخبة مثل موسيقى الروك الشيطانية، فكانت تبتهج نفوسهم وتهيم في الحب الإلهي، وأيضًا شتان بين التنبؤ والعرافة، فالتنبؤ هو موهبة إلهيَّة من مواهب روح الله القدوس، أما العرافة فهي استعانة بالأرواح الشريرة لمحاولة الإطلاع على المستقبل، وبلا شك أن أحدًا لا يعلم شيئًا عن المستقبل إلاَّ الله وحده، لذلك فالنبوءات صحيحة متى كانت من الله، أما العرافة فهي تعتمد على فراسة الإنسان والشيطان وتوقع ما سيحدث، وهذه قد تصيب وقد تخيب، وفي كلتا الحالتين هي عمل شيطاني نهى الله عنه بشدة: "لا يوجد فيك... لا من يعرف عرافة ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر... بسبب هذه الأرجاس الرب إلهك طاردهم من أمامك... إن هؤلاء الأمم الذين تَخْلُفهم يسمعون للعائفين والعرافين... وأما أنت فلم يسمح لك الرب إلهك هكذا" (تث 18: 1 - 14).

St-Takla.org Image: Calling the prophets of Baal, and the prophets of Asherah (1 Kings 18) - 1 Kings, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: دعوة أنبياء البعل وأنبياء السواري (الملوك الأول 18) - صور سفر الملوك الأول، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Calling the prophets of Baal, and the prophets of Asherah (1 Kings 18) - 1 Kings, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: دعوة أنبياء البعل وأنبياء السواري (الملوك الأول 18) - صور سفر الملوك الأول، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

5- من قال أن هؤلاء الأنبياء كانوا أشباه المجانين؟! وهل معنى الاندماج في الصلوات والتسابيح والهيام الإلهي يعد ضربًا من الجنون ..؟! عندما سمع شاول بأن ناحاش ملك بني عمون يريد أن يقوّر العين اليمنى لأهل يابيش جلعاد لتكون علامة عار على كل إسرائيل، احتد وحمى غضبه جدًا، لكنه لم يصب بالجنون، وعندما قطَّع البقر الذي كان عائدًا به من الحقل ووزعه على الأسباط مهددًا كل من لا يخرج وراءه بأنه سيفعل هكذا بأبقاره هبَّ الشعب من غفوته و" وقع رعب الرب على الشعب فخرجوا كرجل واحد" (1صم 11: 7) واجتمع إليه 330 ألفًا فقاد معركته ضد الفلسطينيين وانتصر عليهم، أما كوسيدوفسكي فأنه ينظر إلى هذا الحدث على أنه ضرب من الجنون!! وربما استلهم شاول هذا العمل مما فعله سابقًا اللاوي الذي قطَّع أمته التي اعتدى عليها أهل جبعة ليستنهض الأسباط ضدهم وحدث ما حدث (قض 19: 29).

 

6- كان بنو الأنبياء يعيشون حياة البساطة والتقشف والدراسة والجد والاجتهاد، ولم يكن أحد منهم قط مثل الدراويش الذين يجوبون البلاد طولًا وعرضًا بثياب مهلهلة، ولم يكونوا من المتسولين المتكاسلين المتقاعسين، فقد قيل عنهم أنهم اصطحبوا معهم أليشع النبي إلى نهر الأردن لينشئوا مكانًا متسعًا أكثر يكفي لإقامتهم، وكانوا يعملون بجد حتى أن فأس أحدهم وهو يقطع في أغصان الشجر سقط في الماء وصنع أليشع معجزة عندما جعل الحديد يطفو على سطح الماء (2مل 6: 1 - 7) ولم نقرأ قط أن أحد من الأنبياء كان يعذب جسده بمختلف ضروب التعذيب، وشتان بين هؤلاء الأنبياء الذين أحبوا الله من كل قلوبهم وعاشوا حياة التعقل، وبين أنبياء البعل الذين كانوا يصرخون ويجرّحون أجسادهم صارخين لآلهتهم، فضلوا وأضلوا الشعب، حتى استحقوا الذبح على يد إيليا النبي الناري.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) المرجع السابق ص 266.

(2) ترجمة د. محمد مخلوف - الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 224.

(3) المرجع السابق ص 280، 281.

(4) تاريخ إسرائيل ص 71، 72.

(5) راجع زينون كوسيدوفسكي - الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 276.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1070.html

تقصير الرابط:
tak.la/tj9a67v