St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1059- كيف توصي نعمي كنَّتها راعوث بالاضطجاع مع بوعز في البيدر (را 3: 4)؟

 

يقول " ليوتاكسل " عن النُقَّاد " فهم يرون سمات سلوك غريب فيم رآه مؤلف القصة أمرًا عاديًا عندما أرغم امرأة شابة أن ترتكب فاحشة دون أن تشعر بأي درجة من درجات الخجل، ويقولون أيضًا: إذا كان على بوعز أن يتزوج راعوث لأنه قريب زوجها، ألم يكن على نعمي التي تقوم مقام والدتها، أن تزوجها له بطريقة شرعية؟ ألم يكن من واجبها ألاَّ تدفع كنَّتها إلى سلوك لا يليق بامرأة شريفة؟"(1).

ويقول " جوناثان كيرتش": "ونفذت راعوث تحت إلحاح حماتها إغواءً متقنًا لصاحب أرض غني فوق أرض دراسة الحنطة"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- كانت راعوث موضع حب واعتزاز ورعاية وعناية نعمي، حتى أنها كانت تدعوها بابنتها، وكانت تشعر بمشاعرها هي وسلفتها عرفة فقالت لهما: "لا يا بنتيَّ فإني مغمومة جدًا من أجلكما لأن يد الرب قد خرجت عليَّ" (را 3: 13) وعندما أرادت راعوث أن تذهب لتلتقط بعض السنابل مع فقراء الأرض استأذنت حماتها قائلة " دعيني أذهب إلى الحقل وألتقط سنابل وراء من أجد نعمةً في عينيه" (را 2: 2) وعندما علمت نعمي فيما بعد أنها ذهبت إلى حقل بوعز قالت لها: "حسن يابنتي أن تخرجي مع فتياته حتى لا يقعوا بك في حقل آخر" (را 2: 22).

 

St-Takla.org Image: Ruth - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493. صورة في موقع الأنبا تكلا: راعوث - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

St-Takla.org Image: Ruth - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493.

صورة في موقع الأنبا تكلا: راعوث - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

2- كانت نعمي تعلم أن كنَّتها " راعوث " امرأة فاضلة تقيَّة، فاقت بنات إسرائيل في الإيمان والكمال، كما كانت نعمي تعلم أيضًا أن " بوعز " رجلًا فاضلًا مستقيمًا تقيًّا ورعًا عفيفًا، ولهذا ائتمنته على راعوث، وما فعلته راعوث لم يكن أمرًا نشاذًا إنما كان من عادات ذلك الزمان، ولم تقصد نعمي على الإطلاق أن تدفع براعوث، التي تحبها كابنتها، إلى الرذيلة، بل كان كل قصدها أن تتزوج من هذا الولي الصالح لتقيم نسلًا مقدَّسًا للزوج المتوفي.

 

3- أوصت نعمي راعوث قائلة " فاغتسلي وتدَّهني وألبسي ثيابك" (را 3: 3) أي أن تخلعي عنك ثياب الحزن والترمل، وأن تتطيبي علامة انتهاء الحداد، ثم قالت لها عن بوعز " ومتى اضطجع فاعلمي المكان الذي كان يضطجع فيه وأدخلي واكشفي ناحية رجليه واضطجعي وهو يخبرك بما تعملين" (را 3: 4) ومعنى قولها " اضطجعي " أي نامي، فمعنى اضطجاع أي رقاد ونوم، ولم تقل نعمي لراعوث " اضطجعي معه " بل قالت لها " اضطجعي"، ولم تقل أن الرجل سيضطجع معك، إنما أخبرتها بأن الرجل سيخبرها بما عليه أن تفعله.

 

4- عندما شعر بوعز براعوث، وعرف من هي، قالت له " فابسط ذيل ثوبك على أمتك لأنك وليّ " أي أبسط حمايتك عليَّ، وكان من عادة ذلك الزمان أن الرجل اليهودي عندما يتزوج يبسط طرف ثوبه على عروسه علامة على دخولها تحت حمايته ورعايته، وأنه صار مسئولًا عنها بعد والديها.

 

5- بينما كان بوعز نائمًا في الحقل اقتربت راعوث منه في هدوء شديد ونامت تحت قدميه وقد تغطت بطرف رداءه، ولم تستسلم للنوم، وعندما تنبه بوعز من نومه، ووجد امرأة مضطجعة تحت قدميه سألها " من أنتِ؟ " أجابت راعوث على الفور بأسلوب راقٍ ونفس منسحقة: "أنا راعوث أمتك. فابسط ذيل ثوبك على أمتك لأنك وليّ" (را 3: 9) فهي تدعو نفسها مرتين أنها أمته أي عبدته، وأدرك بوعز قصد راعوث، فجاوبها باحترام شديد وأعلمها أنه فعلًا وليّ للزوج الميت، ولكن يوجد وليّ آخر أقرب منه، ومدحها على حسن سلوكها قائلًا: "إنكِ مباركة من الرب يا بنتي لأنك قد أحسنتِ معروفكِ في الأخير أكثر من الأول، إذ لم تسعي وراء الشبان فقراء كانوا أو أغنياء. والآن يا بنتي لا تخافي. كل ما تقولين أفعل لكِ. لأن جميع أبواب شعبي تعلم أنكِ امرأة فاضلة.0 حي هو الرب. اضطجعي إلى الصباح" (را 3: 10 - 13).. عجبًا... إن بوعز يدعو راعوث بأنها المباركة من الرب وأن الجميع يعلمون أنها امرأة فاضلة أما الناقد فيرى في راعوث أنها إنسانة زانية تفعل الفحشاء..!! بوعز يشهد لراعوث أنها لم تسعى وراء الشبان فقراء كانوا أو أغنياء، والناقد يرى أنها إنسانة منحلة... وأيضًا بوعز الرجل الفاضل الذي يشعر بوجود الله أمامه في كل حين ويقول لراعوث " حي هو الرب " ينظر إليه الناقد على أنه إنسان زانٍ... لقد قدَّر بوعز واحترم هذه السيدة الفاضلة وطلب منها أن تظل للصباح لأنه من الخطورة أن تعود إلى بيتها في منتصف الليل.

 

6- لم يكن بوعز بمفرده في البيدر، بل كان رجاله نائمين في مكان آخر بالقرب منه، وهم يثقون فيه، ويرون فيه صورة الرجل الفاضل المستقيم فكيف يزني أمامهم..؟! لقد كان الأمر أمامهم وعلموا كل شيء، ولذلك أوصاهم " وقال لا يُعلم أن المرأة جاءت إلى البيدر" (را 3: 14). وكان أمرًا طبيعيًا أن بعض النسوة مع الأطفال يبيتون في البيدر مع رب الأسرة.

 

7- ما حدث هو مشهد مهيب تسعى فيه فتاة كانت أممية إلى إقامة قوانين الشريعة الإلهيَّة، أما " ليوتاكسل " فيرى في هذا فحشاءً، تلك الكلمة التي تُطلَّق على زنا الذكور بعضهم ببعض، فيالها من نظرة سوداوية!!.

 

8- لا يمكن أن نقيس عادات وتصرفات عصر مضى وولى منذ نحو ثلاثين قرنًا بمقاييس وعادات اليوم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ويقول " ماكدونالد": "هنا يلزم التأكيد بأن هذه الأمور إنما هي لمحة فقط من عادات وتقاليد ريفية لا نعرف عنها شيئًا. ومن العبث أن نناقشها في ضوء عادات وتقاليد المدينة الحديثة والحضارة في القرن العشرين"(3).

وجاء في " التفسير التطبيقي": "تبدو لنا مشورة نعمي غريبة، ولكنها لم تكن ترسم خطة إغراء، بل كانت توجه راعوث للقيام بما يتفق مع العادات والشريعة الإسرائيلية، وكان من المعتاد أن ينام الخدم عند أقدام سادتهم، بل ومقاسمتهم في غطائهم. وكان على راعوث أن تطبق هذه العادة على شريعة " القريب الولي"، وهكذا تنبه بوعز إلى مسئوليته في البحث لها عن زوج أو أن يتزوجها هو بنفسه. لقد كان موضوعًا عائليًا لا رومانسية فيه... ربما بدت نصيحة نعمي لراعوث غريبة، لأنها لم تكن إسرائيلية، ولكن راعوث أطاعتها لأنها كانت تعلم أن نعمي تشفق عليها وأنها جديرة بالثقة، وذات خلق مستقيم"(4).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 257، 258.

(2) ترجمة نذير جزماتي - حكايا محرَّمة في التوراة ص 286.

(3) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 2 ص 78.

(4) التفسير التطبيقي ص 546.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1059.html

تقصير الرابط:
tak.la/3yf9k6p