St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1049- كيف يأمر الله بذبح نساء وأطفال يابيش جلعاد (قض 21: 10)؟(1)

 

ج: 1- ما جاء في سفر القضاة واضح وضوح الشمس، فالله لم يأمر قط بني إسرائيل بارتكاب مثل هذه المذبحة البشعة إنما كان هذا تصرف بشري متسرِّع وقرار خاطئ يفضح مدى الجهل الذي حلَّ بالشعب الإسرائيلي حينذاك. وكلام الكتاب المقدَّس واضح إذ قال " فأرسلت الجماعة إلى هناك اثني عشر ألف رجل من بني البأس وأوصوهم قائلين اذهبوا وأضربوا سكان يابيش جلعاد بحد السيف مع النساء والأطفال" (قض 21: 10) فواضح أن القرار قرار جماعة بني إسرائيل التي أوصت الجيش بقتل النساء والأطفال.

وعند بحث ملابسات الحادث نجد أن بني إسرائيل قد أقسموا قسمين، وكليهما لا يتفق مع الشريعة الإلهيَّة، والقسم الأول ينهي عن إعطاء بني إسرائيل بناتهم زوجات لرجال بنيامين " حلفوا في المصفاة قائلين لا يسلّم أحد منا ابنته لبنيامين امرأة (قض 21: 1) والقسم الثاني هو قتل من لم يشارك في الحملة ضد بنيامين لأنه لم يبالِ بمقاومة الشر والقضاء على الرذيلة " لأنه صار الحلف العظيم على الذي لم يصعد إلى الرب إلى المصفاة قائلًا يمات موتًا" (قض 21: 5) وعندما حلت الكارثة بسبط بنيامين وفنى كله باستثناء 600 رجل شعر بنو إسرائيل بالندم الشديد، وأرادوا أن ينقذوا هذا السبط من الفناء، وعندما وجدوا أن رجال يابيش جلعاد لم يشاركوا في الحملة ضد بنيامين لذلك طبقوا عليهم القسم الثاني بأنهم يستحقون الموت، ولكن لأنهم يرغبون في الفتيات ليزوجوهن برجال بنيامين لذلك أوصوا باستحيائهن.

 

2- لقد ارتكب بنو إسرائيل حماقة، لا يمكن أن نحتسبها على الكتاب المقدَّس الذي عوَّدنا على ذكر الحقائق كما هي بحلوها ومرها، ولا أحد يستطيع أن يبرر بني إسرائيل فهم الذين اتخذوا القرار وهم الذين يتحملون وزره، وجاء في " كتاب السنن القويم": "وهذا العمل مخالف للشريعة وليس فيه شيء من الصواب. مثل هذه الأعمال لا تُسلّم بها الشريعة، بل تُوجب اللعنة على مرتكبيها بحكم الشريعة الإلهيَّة العادلة. وما الحامل عليها إلاَّ الجهل والكبرياء"(2).

وجاء في " التفسير التطبيقي": "خرج بنو إسرائيل من مأزق إلى مأزق، بسبب نذر متسرع صدر في قمة الانفعال (قض 21: 5) فقد دمروا الآن مدينة أخرى. ولعل بني إسرائيل برَّروا تصرفهم بالحجج الآتية:

(1) أن القسم لا يمكن أن يُنقض، وقد نذر إسرائيل أن كل من لم يساعدهم في محاربة سبط بنيامين، لا بد أن يُقتل.

(2) حيث أن كل النساء من بنيامين قد قُتلن، أصبح الرجال القلائل الباقون في حاجة إلى زوجات حتى لا يبيد السبط، فبدأ أن الحل الصحيح هو الإبقاء على كل فتاة لم تتزوج من أهل يابيش جلعاد. ولسنا نعرف كل الظروف التي أحاطت بالمذبحة الوحشية التي حدثت في يابيش جلعاد، ولكن يبدو أن سائر إسرائيل نهجوا نهج بنيامين، فوضعوا الولاء للسبط فوق أوامر الله وبرَّروا تصرفاتهم الخاطئة لتصويب أخطاء سابقة"(3).

 

3- كلَّفت جماعة بني إسرائيل الجيش بارتكاب هذه المذبحة، وهذا ما جاء في سفر القضاة، ولم يذكر السفر أن الجيش فعل هكذا، بل كل ما جاء في السفر " فوجدوا من سكان يابيش جلعاد أربع مئة فتاة عذارى لم يعرفن رجلًا بالاضطجاع مع ذكر وجاءوا بهنَّ إلى المحلة إلى شيلوه" (قض 21: 12) فربما حدث تفاهم بين الجيش وسكان يابيش جلعاد، وارتضى هؤلاء السكان أن يسلَّمن بناتهم للزواج من رجال بنيامين الذي حلت بهم الكارثة، ولاسيما أنهم في عصر شاول، حاول "ناحاش" ملك بني عمون أن يستعبدهم، وأن يقور العين اليمنى لكل منهم، فصرخوا لبني إسرائيل، فأنقذهم شاول، وهو من سبط بنيامين (1 صم 21: 1 - 11) وعندما قُتل شاول وبنوه الثلاثة بيد الفلسطينيين الذين سمَّروا أجسادهم على سور بيت شأن قام رجال البأس من يابيش جلعاد وأخذوا الأجساد ودفنوها (1 صم 31: 11 - 13) فاستحقوا البركة من داود النبي والملك " فأرسل داود رسلًا إلى أهل يابيش جلعاد يقول لهم مباركون أنتم من الرب إذ فعلتم هذا المعروف بسيدكم شاول فدفنتموه. والآن ليصنع الرب معكم إحسانًا وحقًا وأنا أيضًا أفعل معكم هذا الخير لأنكم فعلتم هذا الأمر" (1 صم 2: 5، 6).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) البهريز جـ 3 س 509، وجـ 4 س 189.

(2) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 3 ص 407.

(3) التفسير التطبيقي ص 536.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1049.html

تقصير الرابط:
tak.la/fwqt3hh