St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1039- هل تقديس الفضة لله يعني صنع تماثيل بها (قض 17: 3، 4) بينما الوصية منعت صنع التماثيل والصور (خر 20: 4)؟ وهل دليلة هي أم ميخا؟

 

ويقول " محمد قاسم": "1- إن كانت مكافأة القبض على شمشون ألفًا ومائة شاقل فضة، وقد رويت هذه القصة بعد قصة شمشون مباشرة، فهل كانت دليلة هي أم ميخا وندمت على تسليم شمشون فقدَّست الفضة؟

2- في الوصايا العشر {لا يكن لك آلهة أخرى أمامي. لا تصنع تمثالًا منحوتًا ولا صورة ما..} وتقديس الفضة للرب لعمل تماثيل منحوتة أو مسبوكة يدل على مدى اضطراب العقيدة والبُعد عن الشريعة"(1).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- جاءت قصتي سقوط الشعب في عبادة الأوثان، وأيضًا قصة سرية اللاوي كملحق بسفر القضاة، فهذه الأحداث لم تحدث بعد موت شمشون بل قبل ذلك ربما بسنوات طويلة، ولكنها وُضعت في آخر السفر لتكشف لنا عن مدى الفساد الأدبي والخُلقي الذي وصل إليه شعب بني إسرائيل في هذه الفترة، فالأحداث هنا ليست مرتبة ترتيبًا زمنيًا إنما ترتيبًا أدبيًا، ففي هذه الإصحاحات الخمس الأخيرة لا نعد نرى شعبًا مقهورًا يصرخ لله فيرسل له قاضيًا لكيما ينقذه، إنما نقف أمام قصتين إحداهما توضح كيف دخلت عبادة الأوثان لسبط كامل، وهو سبط دان، والثانية تعبر عن مدى الانحدار الخُلقي لسبط آخر، وهو سبط بنيامين وكيف انتهى الأمر بإبادته باستثناء عدة مئات من رجاله.

لقد اختلس ميخا من أمه 1100 شاقل فضة، ولعنت أمه من اختلس الفضة، فاستيقظ ضميره واعترف بجريمته، فباركته أمه، وقامت بعمل في ظاهره تقوى وفي جوهره ارتداد عن الرب، فقد قدَّست الفضة المستردة للرب، فعملت تمثالين قدمت لهما العبادة بجوار إله إسرائيل " فقالت أمه تقديسًا قدَّست الفضة للرب من يدي لابني لعمل تمثال منحوت وتمثال مسبوك. فالآن أردَّها لكِ0 فردَّ الفضة لأمه فأخذت أمه مئتي شاقل فضة وأعطتها للصائغ تعملها تمثالًا منحوتًا وتمثالًا مسبوكًا وكانا في بيت ميخا. وكان للرجل ميخا بيت للآلهة فعمل أفودًا وترافيم وملأ يد واحد من بنيه فصار له كاهنًا" (قض 17: 3 - 5). والتمثال المنحوت مصنوع من الخشب ومطلي بالفضة، أما التمثال المسبوك فهو من الفضة الخالصة، وإن كان الكتاب لم يذكر شكل التمثالين، لكنهما كانا غالبًا على شكل ثور، مثلما فعل بنو إسرائيل عقب خروجهم من مصر إذ صنعوا عجلًا من ذهب وعبدوه، وربما كانوا يظنون أن الثور أو العجل لا يمثل يهوه ولكنه يمثل الكرسي أو العرش الجالس عليه الله، ووضع ميخا التمثالين في بيت الآلهة أي المعبد الذي يذهب إليه الناس ليعرفوا الإرادة الإلهيَّة في أمور حياتهم.

 

2- يقول " القمص تادرس يعقوب " عن أم ميخا " إن كان البعض يرى أنها لم تقصد العبادة الوثنية وإنما عبادة الله الحي من خلال التمثالين. بهذا ظنت أنها تنزع اللعنة عن ابنها، وتجعل من بيته مقدَّسًا للرب. فعمل ميخا أفودًا أي ثياب للكهنة، كما عمل ترافيم وهي تماثيل أشورية تستخدم كآلهة خاصة بكل عائلة، وملأ ميخا يد واحد من بنيه أي أعطاه تقدمات يقدمها للرب ككاهن للرب، وهكذا أُقيم أحد أبناء ميخا كاهنًا ليس من قبل الرب بل من قبل أبيه، فكان العمل كله يكشف عن جهل العائلة وغباوتها سواء في إقامة آلهة أو ملابس الكهنة أو الكهنة أنفسهم. لكن ما حدث في هذه العائلة كان مثالًا للفساد العام... فرح ميخا إذ صار لديه الآلهة والأفود والكاهن لاويًا... صورة مؤلمة للفساد الذي دب في حياة إسرائيل في ذلك الوقت، كثمرة لالتصاقهم بالوثنيين ومشاركتهم عبادتهم متجاهلين الشريعة الإلهيَّة"(2).

وهكذا عبدت هذه الأم وأهل بيتها الأوثان بجوار عبادتهم لإله إسرائيل، ولم تكن هذه حالة فريدة، إنما وضع كثير من بني إسرائيل في بيوتهم بعض الأوثان (الترافيم) معتقدين أنها تجلب لهم الخير، بل واستأجروا اللاويين ليقيموا لها العبادة بجوار إله إسرائيل. وهذه العبادة أشر من العبادة المباشرة للأوثان، لأنها عبادة خادعة خبيثة تخدّر الضمير وتقنّن الشر، وليس هناك شر أكثر من تقنين عبادة الأصنام، وكانوا يشركون الكهنة واللاويين في هذه العبادة النجسة مستغلين احتياجاتهم المادية، فقد هجر الكهنة واللاويين خدمتهم في خيمة الاجتماع، وفي تعليم الشعب، لأن الشعب كفَّ عن دفع العشور للاويين، واللاويون كفوا عن دفع العشور للكهنة، وبعد أن كان للاويين 48 مدينة منتشرة في أرجاء أرض إسرائيل لتعليمهم طريق الرب (يش 21: 41) ترك بعضهم مدنهم وجالوا للبحث عن مصدر للرزق، حتى ولو عملوا كهنة خصوصيين لدى الأثرياء، وعلى نفس المنوال وجد ميخا شابًا لاويًا يبحث عمن يستأجره فاستأجره ليعمل كاهنًا خصوصيًا مقابل عشرة شواقل فضة في السنة وحلة ثياب وقوته اليومي، وإذ لم يجد اللاوي فرصة أفضل من هذه وافق ميخا الذي فرح بأن أصبح له آلهة وكاهن وظنَّ أن الله سر به لذلك أرسل له هذا اللاوي ليقيم العبادة في البيت الذي خصصه للآلهة، وتغافل أنه حطم الوصية الإلهيَّة " لا تصنع لك تمثالًا منحوتًا ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهنَّ" (خر 20: 4، 5).. " لا تلتفتوا إلى الأوثان وآلهة مسبوكة لا تصنعوا لأنفسكم أنا الرب إلهكم" (لا 19: 4).. " ملعون الإنسان الذي يصنع تمثالًا منحوتًا أو مسبوكًا" (تث 27: 15) بل حتى المذبح لا يُقام من أحجار مصقولة " وإن صنعت لي مذبحًا من حجارة فلا تبنه منها منحوتة. إذا رفعت عليها أزميلك تدنسها" (خر 20: 25). وقد عقَّب كاتب السفر على هذا التصرف الشرير قائلًا " وفي تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل. كان كل واحد يعمل ما يحسن في عينه" (قض 17: 6).

 

3- لم تكن دليلة هي أم ميخا، لأن دليلة فلسطينية بينما كانت أم ميخا من بني إسرائيل، وأيضًا لم تتقاضى دليلة 1100 شاقل فضة فقط مقابل تسليم شمشون، إنما تقاضت من كل رجل من أقطاب الفلسطينيين الخمسة 1100 شاقل، فكانت حصيلتها من هذه الصفقة 5500 شاقل فضة، فلا علاقة بين هذه القصة وتلك.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 323.

(2) تفسير سفر القضاة ص 139، 140.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1039.html

تقصير الرابط:
tak.la/94k392f