St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   satan
 
St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   satan

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب هل للشيطان سلطان عليك؟ للقديس يوحنا ذهبي الفم - إعداد: القمص تادرس يعقوب ملطي

7- العناية الإلهية والتأديب

 

3. العناية الإلهية والتأديب

هل التأديبات شر؟

يوجد شر هو بالحقيقة شر: الزنا، والدعارة، والطمع، وغير ذلك من الأمور المهلكة غير المحصية، هذه التي تستحق توبيخًا صارمًا وعقابًا عنيفًا. ويوجد شر، هو بحق ليس شرًا، إنما يدعى كذلك: المجاعات، والكوارث، والموت، والمرض، وما على شاكلته. هذه ليست بشرورٍ، إنما تدعى كذلك. فلو أنها شرور، ما كان يمكن أن تكون مصدرًا لخيرنا، إذ تكبح كبرياءنا، وتنخس كسلنا، وتلهب غيرتنا، وتزيد يقظتنا. وكما قيل: "إذ قتلهم طلبوه، ورجعوا وبكَّروا إلى الله" (مز 78: 34).

يدعو ما يؤدبهم به وينقيهم ويشعل غيرتهم ويقودهم إلى حب الحكمة شرًا...! وهذا ليس من عمل الله، بل نتيجة اختلاف إرادتنا... يدعوه "شرًا" من قبيل آلامنا التي نتحملها في التأديب.

فالتأديبات ليست شرًا من حيث طبيعتها، بل من وجهة نظر الإنسان... وهكذا يدعوها الله أيضًا شرًا من حيث أنها وجهة نظرنا. هذا ما أوضحه الله في إشعياء قائلًا: "أنا الرب... صانع السلام وخالق الشر" (إش 45: 7). وهذا ما أشار إليه السيد المسيح أيضًا، قائلًا لتلاميذه: "يكفي اليوم شره" (مت 6: 34)، أي أحزان اليوم ومآسيه.

St-Takla.org Image: Judgment day - Jesus Christ is on His throne among the victorious who will not be subjected to the second death. The evil wait for their eternal punishment. - Bible Clip Arts from NHP صورة في موقع الأنبا تكلا: يوم الدينونة - حيث السيد المسيح جالس على العرش وسط الغالبين الذين لا يتسلط عليهم الموت الثاني. أما الأشرار فينتظرون عقابهم الأبدي. - صور الإنجيل من إن إتش بي

St-Takla.org Image: Judgment day - Jesus Christ is on His throne among the victorious who will not be subjected to the second death. The evil wait for their eternal punishment. - Bible Clip Arts from NHP

صورة في موقع الأنبا تكلا: يوم الدينونة - حيث السيد المسيح جالس على العرش وسط الغالبين الذين لا يتسلط عليهم الموت الثاني. أما الأشرار فينتظرون عقابهم الأبدي. - صور الإنجيل من إن إتش بي

من الواضح إذًا من كل الجوانب، إنه يدعو التأديب شرًا، ويوقعه علينا، مُقدِّمًا لنا جانبًا عظيمًا من عنايته.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أمثلة:

الطبيب - القضاة - الكرامون

 

1. الطبيب

لا يُمدَح الطبيب فقط عندما يوصي المريض بالذهاب إلى الحدائق والمروج أو حتى الحمامات وأماكن السباحة ولا عندما يُقدِّم للمريض مائدة حسنة مملوءة، بل يُمدَح أيضًا عندما يأمر المريض بالامتناع عن الطعام، مثقلًا عليه بالجوع، ويتعبه بالعطش، ويأمره بعدم مغادرة فراشه، جاعلًا من منزله سجنًا له، مانعًا إياه من النور، طالبًا أن تظلل حجرته بستائر، بل وأيضًا عندما يقطع ويكوي ويقدم أدوية مُرَّة... هو أيضًا طبيب.

فكيف يكون من الصواب أن تدعو ذاك الذي يصنع هذه (الشرور) طبيبًا، بينما تُجَدِّف على الله إن استخدم شيئًا من هذا، في وقت من الأوقات، متى جلب مجاعة أو موتًا، رافضًا عنايته في كل شيء؟! مع أنه الطبيب الحقيقي وحده للأرواح والأجساد.

على هذا الأساس كثيرًا ما يُقَدِّم لطبيعتنا المنغمسة في الترف وهي تعاني من حمى الخطية، الاحتياج والجوع والموت وغير ذلك من الضيقات الأخرى، تلك الأدوية التي يعرف الله أنها تشفينا من المرض.

قد يقول قائل: ولكن الفقير هو وحده الذي يعاني من الجوع.

الله لا يؤدب فقط بالجوع، بل هناك طرق أخرى كثيرة لا حصر لها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فذاك الذي في فقر يؤدَّب بالجوع، والغني الذي في ترف يؤدَّب بالمخاطر والأمراض والموت المبكر. فإن لدى الله مصادر وأدوية كثيرة تُستخدَم لخلاصنا.

 

2. القضاة

هذا أيضًا ما يصنعه القضاة، فهم لا يكرمون سكان المدينة ويكللونهم فحسب، ولا يقفون عند مجرد تقديم عطايا، بل وغالبًا ما يصلحونهم أيضًا (بالتأديب)، مستخدمين في ذلك السيف والعذابات المعدة ودولاب (الإعدام) وأدوات التعذيب وغير ذلك من طرق التأديب غير المحصية.

فالجوع في نظر الله، كأداة التعذيب في يد القاضي، يستخدمه لإصلاحنا لكي يقودنا بعيدًا عن الرذيلة.

 

3. الكرَّامون

هكذا أيضًا يمكنك أن ترى نفس الأمر في حالة الكرَّامين، إذ لا يقف عملهم عند مجرد حفظ جذور الكروم أو حفظ فروعها، بل يقلمونها أيضًا، ويقطعون الكثير من فروعها... إنهم يستخدمون المنجل أيضًا للقطع. ومع هذا لا نجد خطأ في عملهم هذا نتمسك به عليهم، بل بالعكس نُعجب بهم عندما نجدهم يقطعون الكثير مما هو غير مفيد، ويزيلون ما هو زائد، مقدمين حفظًا أعظم للبقية.

إذن، كيف يكون من الصواب هذا في حالة الأب والطبيب والقاضي والكرَّام، فلا تنتقد الأب عندما يطرد ابنه من بيته، أو الطبيب عندما يقدم مرارة لمرضاه، والقاضي عندما يصلح (بالتأديبات)، بينما نلوم الله ونوجه ضده اتهامات لا حصر لها عندما يثير علينا شيئًا من هذا القبيل... وكأن عقلنا قد اختل بسبب سكرنا من الشر سكرًا شديدًا!

كيف لا يُحسَب هذا جنونًا مطبقًا عندما لا نبرر الله (في تأديبه لنا)، بينما نبرر زملاءنا العبيد؟!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لا ترفس مناخس!

أقول لأولئك الذين يلومون الله خائفين من هذه الأمور، ألا يرفسوا مناخس، فتدمى أقدامهم، وألا يلقوا بحجارة نحو السماء، فترتد على رؤوسهم، وتسبب لهم جراحات.

أريد أن أقول ما هو أكثر من هذا. إنني أولًا كنت أقول بأنه مادام الله يأخذ منا لأجل خيرنا ليس لنا أن نتكلم... لكنني أقول بأنه وإن أخذ أيضًا ما قد أعطانا، فإننا حتى في هذا ليس لنا أن نلومه، فهو السيد له أن يتصرف فيما يخصه.

فلو ائتمننا البعض على مالٍ، وأقرضونا فضة، فإننا نشكرهم من أجل الفترة التي سمحوا لنا بها في القرض، وليس لنا أن نسخط عندما نرد إليهم ما هو ملكهم. فهل نلوم الله الذي يريد أن يسترد منا ما يخصه؟! أليس في هذا غباء فاحش؟!

حقًا إن أيوب النبيل لم يصنع شيئًا من هذا. فإنه قدم لله تشكرات عظيمة، ليس فقط عندما نال منه، بل وعندما سحب منه أيضًا، قائلًا: "الرب أعطى، الرب أخذ، ليكن اسم الرب مباركًا" (أي 1: 21).

أخبرني أي عذر لنا إن اتخذنا روحًا مضادًا، فلم نحتمل الله مع أنه يلزمنا أن نتعبد له، ذاك الذي هو لطيف ومحب ومهتم بنا وأحكم من كل طبيبٍ، وأكثر حنوًا من أي أبٍ، وأعدل من أي قاضِ، وأكثر غيرةً من أي كرَّامٍ، في شفاء نفوسنا؟!

من هم أكثر اختلالًا في عقولهم، وفقدانا لإنسانيتهم، مثل أولئك الذين يقولون بأنهم محرومون من عناية الله، مع إنهم هم في وسط نظام (دقيق) كهذا...؟!


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/satan/discipline.html

تقصير الرابط:
tak.la/ntr9bz9