St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   satan
 
St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   satan

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب هل للشيطان سلطان عليك؟ للقديس يوحنا ذهبي الفم - إعداد: القمص تادرس يعقوب ملطي

16- سرّ صلاح الإنسان وشره هو هدفه

 

على هذا الأساس يترك الله العبيد مع بعضهم البعض، حتى يدين البعض الآخرين. وإذ يُدان الآخرون من بعض البشر لا يعودون قادرين على اتهام السيد. لهذا يقول: "فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته" (مت 16: 27). انظر إلى مساواته للآب في المجد، بل يأتي في مجد أبيه، ويجمع كل الأمم.

الاختلاف بين الخراف والجداء
الاختلاف بين العذارى الحكيمات والجاهلات
بين رجال نينوى واليهود الأشرار
بين ملكة سبأ واليهود الجاحدين
الاختلاف بين آدم وأيوب
هل كان لحواء عذر؟
موقف أيوب

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الاختلاف بين الخراف والجداء

مخيف هو كرسي القضاء، ومرعب بالنسبة للخطاة والذين هم تحت الدينونة. أما بالنسبة للمتيقظين لأنفسهم بالأعمال الصالحة، فإن كرسي الحكم موضع شوقهم، ويكون رقيقًا بالنسبة لهم.

"فيقيم الخراف عن يمينه، والجداء عن اليسار" (مت 25: 33). كلاهما بشر، فبالحقيقة لماذا هؤلاء خراف وأولئك جداء؟! لا لكي نتعلم وجود فارق في طبيعتهم، بل بسبب اختلاف الهدف.

St-Takla.org Image: Sheep in the Fields at Night (Luke 2:8) - from "Standard Bible Story Readers", book 1, Lillie A. Faris صورة في موقع الأنبا تكلا: خرفان في الحقل ليلا (لوقا 2: 8) - من كتاب "قراء قصص الكتاب المقدس الأساسية"، الكتاب الأول، ليلي أ. فارس

St-Takla.org Image: Sheep in the Fields at Night (Luke 2:8) - from "Standard Bible Story Readers", book 1, Lillie A. Faris

صورة في موقع الأنبا تكلا: خرفان في الحقل ليلا (لوقا 2: 8) - من كتاب "قراء قصص الكتاب المقدس الأساسية"، الكتاب الأول، ليلي أ. فارس

ولكن لماذا يحسب الذين لا يظهرون حنوًا جداء؟ لأن هذا الحيوان بالنسبة لأصحابه غير مثمر، لا يساهم بنصيبٍ لا من جهة إنتاج اللبن أو إنجاب نسل أو من جهة الشعر (الصوف). فإذ ليس لهم ثمر، قارنهم بالجداء، أما الذين عن اليمين فدعاهم "خراف"، لأن هؤلاء تَقْدِمتهم عظيمة، من صوف طبيعي، وإنجاب نسل، وإنتاج لبن. ماذا يقول لهم؟ "لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني. كنت غريبًا فآويتموني". مرة أخرى قال للآخرين العكس.

مع هذا فإن كلا الفريقين أناس متشابهون (كبشرٍ)، وكلاهما نالا نفس المواعيد، ووضعت المكافأة للجميع ليصنعوا خيرًا. وقد جاء نفس الشخص (الفقير) لهؤلاء وأولئك، بنفس العري، وجاءهم الجائع والغريب ذاته... إن كل الأمور مشابهة بالنسبة لهؤلاء أو أولئك. فلماذا لم تكن النهاية واحدة؟ لأن الهدف (ليس واحدًا)...

على هذا الأساس فريق يذهب إلى جهنم، والآخر إلى الملكوت. فلو كان الشيطان هو السبب في ارتكاب الخطايا، لما عين لهؤلاء العقوبة بينما (الشيطان) هو المخطئ والذي دفعهم (قسرًا) نحو الخطية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الاختلاف بين العذارى الحكيمات والجاهلات

يقول بأنه يوجد عشر عذارى (مت 25). هنا أيضًا توجد أهداف مستقيمة وأخرى خاطئة، كلاهما بجوار بعضهما جنبًا إلى جنب، خطايا البعض والأعمال الصالحة للآخرين...

هؤلاء وأولئك كانوا عذارى.

 هؤلاء خمس عذارى، وأولئك خمس مثلهم.

الكل ينتظر العريس.

لماذا دخل البعض (العرس) والآخرون لم يدخلوا؟ إلا لأن البعض كانوا بخلاء (غير محبين) والآخرين نبلاء ومحبين.

ألا ترى أن الهدف وليس الشيطان هو الذي قرر مصيرهم.

هل ترى أن (الظروف) كانت مشابهة وأن القرار نتج عن أولئك المشابهين لبعضهم البعض. هوذا يدين العبيد رفقاءهم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بين رجال نينوى واليهود الأشرار

هل تريد أن أورد لك مقارنة عن أمرٍ متناقض؟... إنه يقول: "رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه" (مت12: 41). الذين يدانون ليسوا مشابهين للذين يدينونهم، بل الأولون أمم والآخرون يهود.

واحد تمتع بالتعاليم النبوية، والآخر لم يكن له نصيب في التعاليم الإلهية.

وليس هذا هو الفارق الوحيد، فإنه في حالة (أهل نينوى) ذهب إليهم الخادم (يونان) كسيد (كان حديثه جافًا). وأما ذلك (الإله المتجسد) فقد أعلن بُشْرَى ملكوت السموات المفرحة. فنظن أيهما أكثر (قبولًا للكلمة)؟ البرابرة الجهلاء الذين لم تكن لهم شركة في التعاليم الإلهية أم أولئك الذين قد تدربوا منذ العصور الأولى على الكتب النبوية؟

من الواضح للكل أن اليهود كان يجب أن يكونوا أقرب إلى الإيمان، لكن حدث العكس. لقد رفضوا السيد عندما بشر بملكوت السموات، أما (أهل نينوى) فصدقوا العبد زميلهم عندما هدد بالدمار.

هذا يعلن صلاح (أهل نينوى) وغباء (اليهود) في درجة عظيمة.

هل الشيطان هنا (هو السبب)؟ أم الحظ؟ أم القضاء والقدر؟ أليس كل منهما (الشعبين) هما السبب في الشر أو الفضيلة؟!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بين ملكة سبأ واليهود الجاحدين

فلو لم يكن لهؤلاء أن يدينوا ما قال عنهم إنهم يدينون هذا الجيل، وما قال بأن ملكة التيمن (الجنوب South) ستدين اليهود، لأنه ليس فقط سيدين شعب شعبًا، بل ويمكن لإنسان أن يدين شعبًا. وذلك عندما لا ينخدع إنسان كان يمكن أن يُخدع، بينما أولئك كان يمكنهم أن ينتفعوا ويرجعوا إذا بهم يرفضوا...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الاختلاف بين آدم وأيوب

لهذا نشير إلى آدم وأيوب...

حقًا لقد هاجم (الشيطان) آدم بالكلام المجرد، أما أيوب فهاجمه بالأفعال. لأنه نزع عن واحدٍ كل ثروته وحرمه من أولاده، أما الآخر (آدم) فلم يأخذ كثيرًا أو قليلًا من ممتلكاته.

لنمتحن نفس الكلمات وطريقة الخطة. يقول (الكتاب): "فقالت (الحية) للمرأة أحقًا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة" (تك 3: 1). هنا نجد حية، أما بالنسبة لأيوب فنجد امرأة. بمعنى هناك فارق بين مقدمي المشورة. إحداهما حية، والأخرى شريكة حياة الرجل (أيوب)، أي معينته، أما الأولى فهي خاضعة تحت سلطانه.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هل كان لحواء عذر؟

1. حقًا لقد خدعته حواء الخادمة في الخضوع، لكن (أيوب) لم تقدر أن تهلكه ولا حتى شريكته ومعينته.

انظر ماذا تقول الحية؟ "أحقًا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة". انظر إلى خبث الشيطان، لقد قال بما لم ينطق به الله حتى يتعلم ماذا قال الله لهما.

ماذا فعلت المرأة؟ كان يجب عليها أن تصمت. كان يلزمها ألا تبادلها الحديث، ولكن في غباء كشفت قول السيد، وبذلك قدَّمتْ للشيطان فرصة عظيمة...

انظروا أي شر هذا، أن نُسَلِّم نفوسنا في أيدي أعدائنا والمتآمرين ضدنا؟! لهذا يقول السيد المسيح: "لا تعطوا القدس للكلاب. ولا تطرحوا دوركم قدام الخنازير (لئلا تدوسها بأرجلها) وتلتفت فتمزقكم" (مت 7: 6). وهذا ما حدث مع حواء. لقد أعطتْ القدس للكلاب والخنازير، فداست عليها بأرجلها والتفتت ومزقتْ المرأة.

2. انظروا كيف عمل الشيطان شرًا، بقوله لها "لن تموتا" (تك3: 4). التفت معي إلى هذه النقطة، فإن المرأة كان يمكنها أن تفهم الخديعة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. إذ أعلن الشيطان عداوته وحربه ضد الله، مناقضًا كلمات الله...

قبل هذا القول كنتِ تعلنين (قول الرب) لمن يريد أن يتعلم، ولكن لماذا تستمرين في الحديث مع من ينطق بما يضاد (قول الله)؟! لقد قال الله: "موتا تموت"، أما الشيطان فقد أجاب قائلًا: "لن تموتا". هل توجد عداوة أكثر من هذه؟! كيف يلزم على الإنسان أن يدرك العدو والخصم إلا من هذه الإجابة المناقضة لأقوال الله؟! كان يجب عليها أن تهرب للحال من الطُعْم، وتتراجع عن الشبكة.

لقد قال: "لن تموتا. بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله" (تك3: 4-5). لقد طرحت بالخير الذي في يدها على رجاء نوال وعدٍ أعظمٍ. لقد وعدها بأن يجعلهما إلهيْن، فطرحهما في جور الموت.

كيف إذًا تُصَدِّقين الشيطان يا امرأة؟ أي خير تشاهدينه فيه؟ ألم تكن ثقتك في معطي الوصية كافية لتؤكد لك أنه واحد هو الله، هو خالق العالم ومنظمه، والآخر هو شيطان وعدو؟!

3. وأنا لا أقول شيطانًا، فربما حسبته مجرد حية. فهل للحية أن تدَّعى المساواة (لحواء) حتى تطلب منها أن تعرف حكم الله؟

ها أنتم ترون أن حواء كان يمكنها أن تعرف الخديعة، لكنها هي التي لم ترد أن تعرف، وقد وهبها الله أدلة كثيرة عن إحساناته، وأظهر لها عنايته بعمل يديه. فقد خلق الإنسان الذي لم يكن له وجود من قبل، ونفخ فيه روحًا، وصوره على صورته، وأعطاه سلطانًا على كل ما على الأرض، ووهب له معينة، وغرس له الفردوس، وأوصاه أن يأكل من كل بقية الشجر، غير أنه لا يتذوق واحدة منها، وهذا التحريم ذاته كان لأجل خير الإنسان.

أما الشيطان فلم يظهر عملًا صالحًا، قليلًا كان أم كثيرًا، بل أغوى المرأة بالكلام المجرد ونفخها برجاءٍ باطلٍ، وهكذا خدعها. ومع هذا فإنها نظرت إلى الشيطان على أنه موضع ثقة أكثر من الله، مع أن الله أظهر إرادته الحسنة بأعماله.

لقد وثقت المرأة فيمن يمتهن الكلام المجرد.

هل رأيت كيف حدثت الغواية لا عن إلزام بالقوة، إنما كنتيجة للغباء والكسل؟ ولكي تتأكد من هذا بوضوح، استمع إلى اتهامات الكتاب المقدس للمرأة. "فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل... فأخذت من ثمرها وأكلت" (تك 3: 6).

يُلقى اللوم على عدم ضبطها للنظر، وليس فقط على الخداع الذي حدثه الشيطان.

لقد انهزمت من شهوتها المسيطرة، وليس بسبب شر الشيطان. لهذا لم يكن لها أن تنتفع بالأعذار، فرغم قولها: "الحية غرتني"، إلا إنها سقطت تحت العقوبة تمامًا. لأنه كان لها القدرة ألا تسقط...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

موقف أيوب

بالنسبة لأيوب نصب (الشيطان) فخاخه بعد هلاك ثروته وفقدان أولاده ونزع كل ممتلكاته. أما في الحالة الأخرى، فإنه لم يعانِ من دمار... بل كان ساكنًا في فردوس الترف، متنعمًا بكل صنوف الفواكه والينابيع والأنهار... حيث لا تعب ولا ألم ولا يأس ولا اهتمامات ولا توبيخات ولا سبَّ وغير ذلك من تلك الشرور التي أحاقت بأيوب، ومع هذا سقط آدم وانهزم. إذًا أليس من الواضح أن سبب انهزامه هو تراخيه؟!

أما الآخر فعندما أحاطت به كل هذه وأثقلت عليه، وقف ثابتًا في نبلٍ، ولم يسقط. أليس من الواضح إذًا أن ثباته كان بفعل يقظة نفسه؟


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/satan/aim.html

تقصير الرابط:
tak.la/28hb5zs