St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   grow
 
St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   grow

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

صرخة شبابية: كتاب دعوني أنمو! لمسات واقعية في عالم الشباب - القمص تادرس يعقوب ملطي

11- روح الشباب

 

محتويات

الشباب روح وفكر وليس سنًا معينًا، فقد تجد صبيًا صغيرًا حطمته شيخوخة النفس الداخلية بروح يائسة، بينما تجد شيخًا تمتلئ حياته شبابًا وحيوية.

سيرة القديس إكليمندس -من رجال القرن الثاني- في شبابه متعطشًا إلى ما يروي أعماقه ويشبع فكره وأحاسيسه وعواطفه. قام برحلات باهظة يطلب الشبع في كثير من دول العالم، وأخيرًا أستقر في الإسكندرية حيث ألتقي بالقديس بنتينوس الفيلسوف، خلاله أدرك "سر الشبع الحقيقي، إذ وجد السيد المسيح مُشبعًا لحياته الشابة الطموحة، فقال: (يحتاج المرضى إلى طبيب، والضالون إلى مرشد، والعميان إلى من يقودهم إلى النور، والعطاش إلى الينبوع الحيّ الذي من يشرب منه لا يعطش أبدًا، والموتى إلى الحياة، والخراف إلى راع، والأبناء إلى مُعَلِّم؛ تحتاج كل البشرية إلى يسوع (1)).

بلقائه مع السيد المسيح أحسّ هذا الفيلسوف الطموح في مسيحه سر شبع داخلي مع تجديد في المفاهيم، نذكر منها:-

 

1- روح الفرح بلا تشاؤم

St-Takla.org Image: Two Christian friends with the Holy Bible and the Cross, spiritual friendship, by Amgad Wadea صورة في موقع الأنبا تكلا: صديقان مسيحيان، الصداقة المسيحية، صداقة روحية، بجانب الصليب والكتاب المقدس - رسم أمجد وديع

St-Takla.org Image: Two Christian friends with the Holy Bible and the Cross, spiritual friendship, by Amgad Wadea

صورة في موقع الأنبا تكلا: صديقان مسيحيان، الصداقة المسيحية، صداقة روحية، بجانب الصليب والكتاب المقدس - رسم أمجد وديع

الشباب بروحهم الطموح يرون في العالم مجالهم للتمتع بحياة مفرحة بلا تشاؤم. وقد رأى القديس إكليمندس خلال نظرته الإنجيلية، يدّ الله الصالحة التي خلقت كل شيء لأجله، كل ما فيه جميل ومبهج. شعر بلمسات حب الله الفائق للإنسان، لا في خلقه العالم فقط، وإنما في تدبيره كل شيء من أجل فرح الإنسان وبهجة قلبه، حتى الأحداث التي تبدو قاسية ومرة بل وشريرة يحّولها الله لصالح الإنسان محبوبة (2). هذه النظرة الإنجيلية غير التشاؤمية المتسعة تحفظ للشباب روحه الطموح في قدسية مبهجة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2- كل شيء جميل

لم ير القديس إكليمندس شيئًا شريرًا في ذاته، بل كل ما خلقه الله حسن ومتناغم معًا. فالغنى والممتلكات والفلسفة والمعرفة إلخ... هذه جميعها هبات إلهية، إن تقدست قادت الإنسان إلى فرح حقيقي في الرب. ما أجمل عباراته: "الله يحب كل ما خلقه"، "الله لا يبغض شيئًا، ولا يحمل عداوة ضد شيء ما".

هكذا الشاب الحيّ الذي يسلك بروح مسيحه يحمل نظرة قدسية مفرحة نحو كل ما في العالم: نحو الجسد وأحاسيسه وعواطفه وطاقاته؛ نحو الزواج بعلاقاته القلبية والجسدية، نحو الحياة الاجتماعية إلخ... هذا ما يؤكده القديس إكليمندس بقوة بفكر إنجيلي.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3- الحرية الإنسانية

حدثنا القديس إكليمندس عن "الحرية الإنسانية" وتقديس الله لها، فقد خلق الإنسان كائنًا حرًا. قدم له الحرية في أكمل وجه. لا يُلزمه بعمل ما أو يمنعه عن تصرف معين، حتى ترك للإنسان الحرية إن أراد أن يقاوم الله نفسه أو يهاجمه أو ينكر وجوده. يتركه في كمال حريته، لكنه كأب محب يوجهه دون أن يُلزمه، يقدم له نعمته المجانية وإمكانياته القادرة على تجديد طبيعته حتى إرادته دون قهر.

شبابنا يطلب الحرية التي يحطمها أحيانًا حتى الآباء ورجال الدين بينما يبقى مسيحنا يطلب حريتهم! شبابنا في عوز إلى قوة تسندهم، ومسيحنا يترفق بهم في ودٍ يسندهم!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4- أبّوة!

أما ما سحب قلب القديس إكليمندس فهو "أبّوة الله" الفائقة، فنحن بالطبيعة غرباء عن اللاهوت، لكنه يحبنا، ويبقى في حبه يضمنا، ليقيمنا أبناء له، نقتنيه بالحب إذ يقتنينا هو أولا بحبه، نحمله فينا إذ يحملنا نحن إلى أحضانه، ينزل إلى قلوبنا ليعلن أبوته وصداقته ويرفعنا إلى أمجاده لنبقى معه أحبا إلى الأبد.

أيها الشاب، أيتها الشابة، مسيحنا مُحِب للشباب، لا ليكتم أنفاسهم أو يحكم حريتهم، بل ليقيمهم بالحق أبناء الله الأحرار (يو36:8)، يعاملهم كأشخاص لهم كيانهم وشخصياتهم ومواهبهم وقدراتهم الخاصة، يكشف لهم عن أبوته الحانية، يملأهم طموحًا، ويشبع حياتهم، ويروى كل ظمأ فيهم.

حقًا لقد كشف كثير من علماء النفس والمهتمين بشئون الشباب عن ما يتعرض له الشباب من متاعب خاصة من البالغين الذين لا يدركوا نفسية الشباب ورغبتهم في النمو المستمر والتمتع بالحرية الشخصية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أقول إن شبابنا في حاجة إلى شخص السيد المسيح نفسه القريب إلى كل نفس، أقرب إليها من كل صديق. هو سند لكل شاب، مُفرح القلوب، ومُقدس للطموح، ومُشبع لكل مطلب خفي وظاهر.

__________________

(1) Paedagogus 2:9.

(2) See our book: The Divine Providence, Ottawa 1987.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/grow/spirit.html

تقصير الرابط:
tak.la/r2bmyk4