St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   monasticism
 
St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   monasticism

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب كيف بدأت الرهبنة في المسيحية - الأنبا بيشوي

20- هل الرهبنة سلبية؟

 

إن تنفيذ الوصية في حياة الإنسان شيء يسعد قلب الله.

وردت القصة التالية في كتاب بستان الرهبان وهي تبين كم يفرح الله بتنفيذ وصيته:

قيل عن شيخ أنه كان كثير الرحمة، فحدث جوع عظيم، ولكنه لم يتحول عن فعل الرحمة حتى فقد ما له، ولم يبق عنده سوى ثلاث خبزات، فعندما أراد أن يأكل أحب الله أن يمتحنه، وذلك بأن قرع سائل على بابه، فقال لنفسه جيد لي أن أكون جائعًا، ولا أرد أخ المسيح خائبًا في هذا الغلاء، فأخرج له خبزتين، وأبقى واحدة لنفسه وقام يصلى ثم جلس ليأكل، وإذ سائل آخر يقرع الباب، فضايقته الأفكار من أجل الجوع الذي كان يكابده داخله، ولكنه قفز بشهامة وأخذ الخبزة وأعطاها للسائل قائلًا: أنا أؤمن بالمسيح ربى أنى إذا أطعمت عبده في مثل هذا الوقت الصعب، فإنه يطعمني هو من خيراته التي لم ترها عين التي أعدها لصانعي إرادته... فجاءه صوت من السماء قائلًا له: لأجل أنك أكملت وصيتي وغفلت عن نفسك وأطعمت أخاك الجوعان، لا يكون في أيامك غلاء على الأرض كلها.. ومن ذلك اليوم عم الرخاء الأرض كلها. (أنظر بستان الرهبان صفحة 448).

وانتهت المجاعة بسبب أن راهب نفّذ وصية الله، وهو في مكانه في مغارته في الجبل، دون أن ينزل إلى العالم، أو يعمل في مستشفى أو في ملجأ أو غيرها.. كان يصلى في مغارته، لكن تصادف أن استدعت الحاجة أن يعطى فأعطى.

تنفيذ الوصية ممكن أن يكون في أشياء كثيرة.

تنفيذ الوصية في حياة النقاوة..

تنفيذ الوصية في حياة الصلاة..

تنفيذ الوصية في حياة الكمال الروحي.

قال السيد المسيح "الَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي والَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي وَأَنَا أُحِبُّهُ وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي... إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كلاَمِي وَيُحِبُّهُ أَبِي وَإِلَيْهِ نَأْتِي وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلًا" (يو14: 21، 23).

الرهبنة هي السعي في طريق كمال تنفيذ الوصية، وهي سعى في طريق العشرة العميقة مع الله. هل يعقل أن من يريد أن يتمتع بالله إلى أقصى درجة، يكون هذا نتيجة أنه لا يريد أن يمارس المحبة؟!! إطلاقًا... بل حينما تأتى فرصة لاختبار محبته، يتضح أنه قادر أن يحب أكثر من الناس الذين يعيشون في العالم.

St-Takla.org Image: Coptic Monk standing صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة راهب قبطي واقف

St-Takla.org Image: Coptic Monk standing

صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة راهب قبطي واقف

هل ينظر الله إلى شكلية الموقف أم إلى جوهر القلب من الداخل؟!!

هناك من يخدمون الفقراء لكنهم يخدمون وليست لهم قدرة على بذل النفس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. بينما أعجب السيد المسيح بموقف المرأة التي أعطت الفلسين وقال "الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ. لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا. وَأَمَّا هَذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا كُلَّ مَعِيشَتِهَا" (مر12: 43، 44).

هناك أناس يؤدون خدمات كثيرة جدًا لكن ليس عندهم استعداد لتنفيذ الوصية في كمالها. أما الإنسان الذي يعيش في حياة الرهبنة فهو يسعى إلى الكمال.. أي كمال تنفيذ الوصية.

الذين يهاجمون الرهبنة يقولون أن الراهب مادام قد وصل إلى حالة روحية جيدة، فما المانع من نزوله إلى العالم لكي ينفّذ الوصايا التي جهّز نفسه لتنفيذها؟

للرد نقول: هل الوصية هي فقط العطاء للفقراء؟ يقول الكتاب أن من "نَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟ (1يو3: 17). من الممكن أن ينزل راهب أو راهبة في مأمورية من الدير فيتقابل بطريق الصدفة مع أحد في ضائقة مادية شديدة، فيعطيه ما معه من المال، المهم هو استعداد القلب من الداخل.

وهل تنفيذ الوصية هو في العطاء للفقراء فقط؟

هناك راهبات يعملون أعمالًا يدوية، ونحن نعطى من عائد عملهن للفقراء. على سبيل المثال كثير من إيرادات الأعمال اليدوية للراهبات في دير القديسة دميانة نعطيه للفقراء، دون أن تختلط الراهبات بالناس. فمن الممكن أن راهبة تتعب في عملها وتفرح بذلك لأنها تعلم أن الإيراد سوف يكون لفتاة محتاجة تريد الزواج أو مريض يحتاج إلى علاج.

عندما عمل السيد المسيح معجزة الخمس خبزات والسمكتين بارك وأعطى للرسل والرسل أعطوا الجموع، لم يوزع السيد المسيح للناس شيء بيده.. لم ينزل إلى الشعب، بل أعطى الرسل والرسل أعطوا للناس.

العمل هو من الأركان الأساسية في الرهبنة كما وضعها لنا الآباء الأولون في الطريق الرسمي للرهبنة.. الثلاثة أركان الأساسية في حياة الراهب هي الصلاة والقراءة والعمل.

هل تنفيذ الوصية هو في أن يخدم الإنسان في مدارس الأحد فقط؟!

هناك تنفيذ وصية الاتضاع مثلًا...

من الممكن أن يكون هناك خادم مشهور ويتكلم الجميع عنه وليس لديه اتضاع. عن مثل هؤلاء يقول السيد المسيح "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ!" (مت6: 2). لأنهم أخذوا مديح من الناس على خدمتهم فيكونوا قد استوفوا أجرهم.

أما الراهب فمن الممكن أن يعمل الفضائل في الخفاء، ويفرح بالمحقرة، ويعيش حياة الطاعة، لأن منهج الطاعة هو أحد أركان الحياة الرهبانية، والذي يعيش الطاعة يتمثل بالسيد المسيح، ويحارب الشياطين.

أحيانًا نتعب كثيرًا في الخدمة مع أشخاص معينين دون جدوى، فنصلى إلى الله ونقول هذه الحالة تعبنا معها كثيرًا وعملنا كل ما بوسعنا وليس لها إلا أن تعمل أنت معها، فسنتركها لك لعملك أنت، فالحالة يتضح منها أن عملنا نحن لن يأتي بأى نتيجة.. هذه الحالة تحتاج إلى صلاة. هذا الأمر يتكرر كثيرًا معنا في الخدمة..

وصدقوني في أحد الأيام سلّمت حالة إلى لله بعد أن عملت كل ما بوسعي دون جدوى، وإذ بي أفاجأ أنه في اليوم التالي مباشرة يصلني خطاب من هذه الحالة تقول فيه أنها ستنفذ كل ما طلبته منها وهو نفس ما كانت قد رفضت تنفيذه من قبل.

قد يتعب الخادم سنوات طويلة بلا ثمرة أو بلا تقدم. الخدمة ليست أن الخادم يفتقد أو يعظ أو يخدم الشخص خدمة مباشرة، فعمل الله من الممكن أن يكون شيء في الخفاء.. مثل صلوات تقدّم من أجل المخدومين.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bishoy/monasticism/negative.html

تقصير الرابط:
tak.la/cry6vq2