St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ
 
St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي (مع حياة وخدمة يسوع) - الأنبا بيشوي

267- عمل الروح القدس في أسرار الكنيسة

 

يتساءل البعض هل نحن نثبت في الرب بالتناول من جسده ودمه، أم في سر التثبيت أي المسحة المقدسة بواسطة زيت الميرون؟

ونجيب على ذلك بأننا نثبت في الرب يسوع المسيح في التناول من جسده ودمه الأقدسين حسب قوله: "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه" (يو6: 56).

كما أننا نثبت في الرب في سر المسحة المقدسة الذي يدعى سر التثبيت حسبما ورد في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس: "ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله الذي ختمنا أيضًا وأعطى عربون الروح في قلوبنا" (2كو 1: 21، 22). وقال القديس يوحنا الرسول: "وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم" (1يو2: 27). فالله الآب يعمل بواسطة الابن الوحيد، كما يعمل بواسطة الروح القدس لأن قدرة واحدة للثالوث وعطية واحدة، بالرغم من تمايز دور كل أقنوم في العمل الواحد.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ففي عمل الخلاص مثلًا يشترك الأقانيم الثلاثة معًا وكل أقنوم يقوم بدوره المتمايز:

فالله الآب أرسل ابنه الوحيد إلى العالم ليخلص العالم. ولكي يتجسد الابن الوحيد؛ هيأ له الآب جسدًا بواسطة الروح القدس في أحشاء العذراء مريم "أخبر باسمك إخوتي وفي وسط الكنيسة أسبحك.. ذبيحة وقربانًا لم تُرِد ولكن هيأت لي جسدًا. بمحرقات وذبائح للخطية لم تسر، ثم قلت هأنذا أجيء في درج الكتاب مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله" (عب: 2: 12، عب10: 5-7، انظر مز22: 22). فمع أن الابن الوحيد هو الذي تجسد إلا أن الآب والروح القدس قد اشتركا في تهيئة هذا التجسد.

St-Takla.org Image: Holy Bible with Eucharist Symbols, Coptic art صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتاب المقدس مع رموز سر الأفخارستية، فن قبطي

St-Takla.org Image: Holy Bible with Eucharist Symbols, Coptic art

صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتاب المقدس مع رموز سر الأفخارستية، الإفخارستيا، فن قبطي

كذلك عند صلب السيد المسيح، يقول معلمنا بولس الرسول: "المسيح الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب" (عب9: 14).. لقد قدّم السيد المسيح ذبيحة نفسه بلا عيب كرئيس كهنة أعظم إلى الآب بواسطة الروح القدس (بروح أزلي قدّم نفسه). وقد تقبّل الآب هذه الذبيحة تكفيرًا عن خطايا البشرية.

إذن لم يكن الآب ولا الروح القدس غائبين عن مشهد الجلجثة، ولا منفصلين عن الابن الوحيد (هذا الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة) (لحن فاي إيتاف اينف Vai etafenf) في طقس الجمعة العظيمة وفي طقس تسبحة يوم الأحد.

وأيضا في عمل الخلق اشترك الأقانيم الثلاث كخالق واحد في عمل الخلق كما هو مكتوب "بكلمة الرب صنعت السماوات وبنسمة فيه كل جُنودها" (مز33: 6).

وفي عمل الخلاص يعيد الرب خلقة الإنسان من جديد حسب قول معلمنا بولس الرسول: "إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو5: 17). وهذا يتم بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس. عن هذا كتب أيضًا معلمنا بولس الرسول إلى تلميذه تيطس فقال: "ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه، لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلّصنا، بغُسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس، الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا" (تى3: 4-6).

وهو في ذلك يقول عن الآب "مخلصنا الله".

وعن الابن "بيسوع المسيح مخلصنا".

وعن الروح القدس "خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس".

 وهذا يظهر اشتراك الأقانيم الثلاثة معًا في عمل الخلاص حتى نكرر ما قاله الآباء القديسون أن [كل ما يعمله الآب هو بواسطة الابن في الروح القدس]. أو [كل ما يعمله الآب هو من خلال الابن بواسطة الروح القدس]. فالله الآب يعمل دائمًا مع الابن ومع الروح القدس مثلما قال السيد المسيح: "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو5: 17). وقال: "الآب الحال فيَّ هو يعمل الأعمال" (يو14: 10).

لذلك لا نتعجب أننا ننال الثبات في المسيح بواسطة سر المسحة المقدسة بعد العماد الطاهر، وذلك بفعل الروح القدس. كما إننا نثبت أيضًا في المسيح بالتناول من جسده ودمه في سر التناول. فالآب يثبتنا في المسيح بواسطة الروح القدس في سر مسحة الميرون. وكذلك بواسطة الابن بتناولنا من جسده ودمه الأقدسين.

والثبات في المسيح يقترن بتنفيذ وصاياه المقدسة مثلما قال: "إن ثبتم فيَّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم.. إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي" (يو15: 7، 10).

لذلك قال معلمنا يوحنا الرسول "أما أنتم فما سمعتموه من البدء، فليثبت إذًا فيكم. إن ثبت فيكم ما سمعتموه من البدء، فأنتم أيضًا تثبتون في الابن وفي الآب. وهذا هو الوعد الذي وعدنا هو به: الحياة الأبدية. كتبت إليكم هذا عن الذين يضلونكم. وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم، ولا حاجة بكم إلى أن يعلّمكم أحد، بل كما تعلّمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء، وهي حق وليست كذبًا كما علمتكم تثبتون فيه" (1يو2: 24-27).

والرسول يقصد أن سر المسحة يجعل الروح القدس ساكنًا في الإنسان. وطالما يسكن الروح القدس فهو يرشد الإنسان إلى جميع الحق حتى يثبت في الحق. وقد وعد الرب يسوع المسيح تلاميذه بذلك فقال: "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلّمكم كل شيء" (يو14: 26). وقال أيضًا: "متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق.. ذاك يمجدني، لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو 16: 13، 14). حتى ما يخبرنا به الروح القدس فهو مما للمسيح لأنه هو عطية الثالوث القدوس.

"يرشدكم إلى جميع الحق" (يو16: 13).

 قال السيد المسيح لتلاميذه: "متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. كل ما للآب هو لي. لهذا قلت إنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو16: 13-15).

الروح القدس هو روح الحق فهو يشهد للحق. يشهد للمسيح الذي هو الحق المولود من الآب ينبوع الحق. والروح القدس هو الذي يعلن المسيح في داخلنا، ولا يستطيع أحد أن يقول أن المسيح رب إلا بالروح القدس (انظر 1كو12: 3).

وكما كان الروح يرف على وجه المياه في بداية الخليقة عندما كانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة. وقال الله: ليكن نور فكان نور (انظر تك1: 1-3). هكذا أيضًا أشرق نور معرفة الله في المسيح بعمل الروح القدس في الكنيسة "لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة، هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح" (2كو4: 6).

الذي أشرق في قلوبنا هو الروح القدس الذي أعطانا الاستنارة في المعمودية، ويرشدنا إلى جميع الحق بسكناه في قلوبنا. هو الذي يشرق فينا بمعرفة المسيح. ويمنحنا أن نفهم كلمة الله المدونة في الأسفار المقدسة. ويذكّرنا بوصايا السيد المسيح - بل ويحولها إلى حياة في داخلنا. وهو الذي يسكب محبة الله في قلوبنا. وهو الذي يربطنا بالمسيح كأعضاء في جسده المقدس. وبصفة عامة هو الذي يربطنا بالآب السماوي من خلال قبولنا وتمتعنا ببركات الفداء الذي صنعه السيد المسيح لأجلنا غافرًا خطايانا بدمه الطاهر الكريم.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/sacraments.html

تقصير الرابط:
tak.la/b7c8kqk