St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ
 
St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي (مع حياة وخدمة يسوع) - الأنبا بيشوي

214- يونان والسيد المسيح

 

مكث السيد المسيح في القبر ثلاثة أيام وكان اليهود قبل صلبه قد طلبوا منه أن يريهم آية فقال لهم: "جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تُعطى له آية، إلا آية يونان النبي. لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال" (مت12: 39، 40).

كان السيد المسيح قد صنع أمام اليهود آيات كثيرة. ولكن كثير منهم لم يمكنهم أن يؤمنوا بأنه هو الله الظاهر في الجسد. كذلك كانت التوبة بعيدة عن قلوبهم، ولم يفهموا مقاصد الله وتدابيره الحقيقية.

كذلك البشرية، كانت غارقة في ظلال الموت قبل إتمام الفداء. ولم تنفع معها كل الأدوية السابقة، وكل إعلانات الله ومعجزاته في وسطهم. ولم يتمكن الناموس الإلهي؛ الأدبي أو المكتوب -بالرغم من صدق المقاصد الإلهية- من تحرير الإنسان من ناموس الخطية والموت.

فمن جانب، لم يتمكن كثير من اليهود من التوبة والإيمان بالمسيح إلا بعد صلبه وقيامته. ولهذا قال لهم قبل الصلب: "متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو" (يو8: 28).

ومن جانب آخر لم تتمكن البشرية بصفة عامة من التحرر من سلطان إبليس، إلا بعد إتمام الفداء، والكرازة باسم المسيح لغفران الخطايا.

اتخذ السيد المسيح من قصة يونان في بطن الحوت وسيلة لإيضاح مقاصد الله في خلاص البشرية. مؤكدًا أن الآية المطلوبة لتحرير البشر من الخطية هي دفن المسيح وقيامته بعد ثلاثة أيام.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Jonah preaches in Nineveh. Dore. Jonah 3:4 - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909. صورة في موقع الأنبا تكلا: يونان النبي يعظ في نينوى يو 3: 4 - رسم الفنان جوستاف دوريه - من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909.

St-Takla.org Image: Jonah preaches in Nineveh. Dore. (Jonah 3:4) - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909.

صورة في موقع الأنبا تكلا: يونان النبي يعظ في نينوى (يو 3: 4) - رسم الفنان جوستاف دوريه - من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909.

إيمان أهل السفينة

 هرب يونان من الرب عندما أمره أن يذهب إلى نينوى المدينة الخاطئة، وينادي لها بالتوبة. وهاج البحر على السفينة وكادت تغرق. ووقعت القرعة على يونان أنه هو السبب في هياج البحر لسبب هروبه من المناداة على نينوى. وسأل الرجال يونان ماذا يقترح عليهم أن يفعلوه ليهدأ البحر عنهم، لأن البحر كان يزداد اضطرابًا. فقال لهم: "خذوني واطرحوني في البحر، فيسكن البحر عنكم" (يون1: 12).

بمعنى أن غضب الله على جميع ركاب السفينة يمكن أن يوفيه موت يونان كحامل للخطية.

وصرخ أهل السفينة إلى الرب قائلين: "آه يا رب، لا نهلك من أجل نفس هذا الرجل، ولا تجعل علينا دمًا بريئًا. لأنك يا رب فعلت كما شئت" (يون1: 14). ثم ألقوا يونان في البحر فهدأ البحر عنهم. "فخاف الرجال من الرب خوفًا عظيمًا، وذبحوا ذبيحة للرب ونذروا نذورًا" (يون1: 16).

وفهم أهل السفينة أن الغضب الإلهي لن يسكت إلا بعد أن يأخذ العدل الإلهي مجراه.

وآمن أهل السفينة بإله يونان ضابط الكون، وقدموا ذبيحة للرب "إله السماء الذي صنع البحر والبر" (يون1: 9).

وهكذا كان يونان وسيلة لإعلان قداسة الله وسلطانه ورفضه للشر وعدالته.. ووسيلة لإيمان أهل السفينة الذين لم يكونوا يعرفون الله.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

يونان في بطن الحوت

 من أجل إنقاذ أهل نينوى من خطاياهم، أُلقى يونان إلى البحر. ولهذا أعد الله حوتًا لابتلاع يونان. فكان يونان في عمق البحر وفي داخل الحوت في حكم الميت، كما رآه أهل السفينة، ولكنه كان محفوظًا بقدرة الله حيًا في نفس الوقت. فكان هو الميت الحي، أو الحي الميت (انظر رؤ1: 18).

بهذا كان يونان رمزًا للسيد المسيح الذي حمل خطايانا في جسده على الصليب، وأوفى العدل الإلهي حقه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وجاز معصرة سخط وغضب الله، ليرفع الغضب واللعنة عن البشرية. وذاق الموت فعلًا بحسب الجسد لهذا السبب. ولكنه في الوقت نفسه كان -بحسب لاهوته- حيًّا لا يموت، لا يقوى عليه الموت.. إذ لا يستطيع أن يمسكه. بل كان أقوى من الموت، إذ كانت الحياة التي فيه أقوى من الموت الذي علينا.. وكان البر الذي له أعظم من الخطية التي لنا. ولهذا قام من الأموات حيًا منتصرًا وقال عنه بطرس الرسول: "الذي أقامه الله ناقضًا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنًا أن يُمسك منه" (أع2: 24).

مات المسيح بسبب خطايانا ليوفي الدين عنا، وقام من الأموات ليعلن قداسته وبره وسلطانه الإلهي على الموت، واهبًا الحياة للذين يؤمنون به فاديًا ومخلّصًا لحياتهم.

مات بسبب خطايا الآخرين، وقام بسبب بره الشخصي غير المحدود، وهو الذي بلا خطية وحده، وليعلن سلطانه الإلهي على الموت.

إن الحوت كان رمزًا للقبر الذي وُضع فيه السيد المسيح. والبحر العميق كان رمزًا للجحيم أو الهاوية التي نزل إليها بروحه، بعد موته على الصليب ليكرز للأرواح التي في السجن (انظر1بط3: 19)، بإتمام الفداء، وتحرير المسبيين الذين انتظروا مجيئه ليخلصهم.

وهكذا تسهر الكنيسة ليلة السبت الكبير بعد طقوس الجمعة العظيمة سهرة لها طابع أخروي (إسخاطولوجى)، لتقرأ سفر الرؤيا حيث إعلانات الله عن الآخرة والعالم الآخر، وتسمى تلك الليلة باللغة اليونانية "أبوكالبسيس" أي الرؤيا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

يونان ونينوى

 خرج يونان من بطن الحوت ليكرز لأهل نينوى بالتوبة قائلًا: "بعد أربعين يومًا تنقلب نينوى" (يون3: 4). فآمن أهل نينوى بالله وصاموا وصلوا وصرخوا إلى الرب فسمع صراخهم وقبل توبتهم ورفع غضبه عنهم. وبالمثل خرج السيد المسيح من القبر ليكرز لتلاميذه ولليهود وللبشرية كلها بالإيمان والتوبة والحياة الجديدة..

رآه تلاميذه فقط (أكثر من خمسمائة أخ)، وآمنوا بالقيامة، ومنح الرسل سلطان الروح القدس لغفران الخطايا. وأرسلهم حاملين "كلمة المصالحة" (2كو5: 19) لدعوة الناس للتصالح مع الله.

وهكذا قال القديس بطرس الرسول للجموع الذين نخسهم الروح القدس في قلوبهم يوم الخمسين: "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس.. فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا" (أع2: 38، 41).

كان وجود يونان في بطن الحوت في عمق المياه، ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ هو رمز للمعمودية على اسم الثالوث القدوس التي بها يتم خلاص البشر. وهنا نرى الماء والرقم ثلاثة معًا مجتمعين.

كذلك كان وجود السيد المسيح في القبر ثلاثة أيام، هو رمز للمعمودية التي على اسم الثالوث والتي نتحد فيها مع المسيح في موته وقيامته، كقول معلمنا بولس الرسول: "فدفنا معه بالمعمودية للموت، حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة. لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته" (رو6: 4، 5).

وكما أعطى يونان لأهل نينوى أربعين يومًا مهلة للتوبة بأمر الرب، هكذا مكث السيد المسيح أربعين يومًا على الأرض بعد قيامته، وقبل صعوده إلى السماء ليؤكد حقيقة القيامة وليكرز باسمه للتوبة ومغفرة الخطايا. حقًا كان صلب السيد المسيح وقيامته هي الآية التي احتاجتها البشرية لتنال الخلاص.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/jonah.html

تقصير الرابط:
tak.la/34sm7kk