St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ
 
St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي (مع حياة وخدمة يسوع) - الأنبا بيشوي

75- من سألك فأعطه

 

قال السيد المسيح في تعليمه: "من سألك فأعطه ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده" (مت5: 42).

حينما سقط الإنسان بدأ التحول في إحساسه بقيمة الوجود مع الله وحياة الشركة معه، إلى الرغبة في امتلاك الأمور العالمية المنظورة. كان الإنسان في الفردوس لا يشعر بالرغبة في الامتلاك لأن الرب كان هو نصيبه وفي عطاياه الكفاية والشبع.

لم يشعر أنه سوف يحتاج، وبالتالي لم يفكر في اكتناز الأموال أو المقتنيات بل كانت الحياة تسري بصورتها الطبيعية.. فكل شيء في الطبيعة المحيطة به خاضع له، وفي خدمته. وكان يشعر بالاكتفاء، وكوكيل على الخليقة المنظورة كان يعمل في الجنة ليحافظ على جمال الطبيعة ورونقها.

لم يكن هناك صراع بين الإنسان وأخيه الإنسان، لا على المال ولا على الأرض ولا على خيراتها.. ففي الأرض متسع للجميع، والخير هو للجميع كل حسب احتياجه.. هكذا كان ينبغي أن يعيش الإنسان في ظل حب الله ورعايته.

وقد أراد السيد المسيح أن يعالج هذه الحالة المأساوية في حياة الإنسان، بتجريده من حب الاقتناء إلى الإتجاه بالحب نحو الآخرين، والرغبة في سد احتياجهم.

جاء كلمة الله متجسدًا لكي يحرر الإنسان من محبة العالم ولكي يرفع بصيرته نحو السمائيات ولكي يعيد الإنسان إلى الصورة التي خلق عليها.

St-Takla.org Image: Coloring picture of saint Adriana – mother of the poor صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة تلوين للقديسة أدرينا يوسف ملية الشهيرة بام عبد السيد والتى اسماها قداسة البابا شنودة الثالث بأم الغلابة ،

St-Takla.org Image: Coloring picture of saint Adriana – mother of the poor

صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة تلوين للقديسة أدرينا يوسف ملية الشهيرة بام عبد السيد والتى اسماها قداسة البابا شنودة الثالث بأم الغلابة ،

ولهذا قال: "من سألك فأعطه".. لأن ما يملكه الإنسان على الأرض هو ملك للرب، وهو وسيلة لتنمية علاقات الحب بين البشر.

الله يسمح أحيانًا للبعض بالاحتياج، ويسمح للبعض الآخر بالغِنى، وهنا تكمن القوة الدافعة لممارسة الحب بالعطاء.

الله قادر أن يغني الفقراء من عنده مباشرة. ولكنه يريد أن يرى تصرف الأغنياء كوكلاء على نعمة الله المتنوعة.

هناك إنسان غني في الأموال، وإنسان آخر غني في الإيمان، وآخر غني في المواهب.. وكل إنسان عليه أن يعطي مما أنعم به الرب عليه من العطايا والمواهب المتنوعة.

الكل يشكلون معًا جسدًا واحدًا في المسيح.. وفي الجسد الواحد يتكامل الأعضاء معًا.

إن الفم هو الذي يمنح الطعام لباقي أعضاء الجسد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولكن باقي الأعضاء ضرورية للفم لاستمرار حياته وقدرته على أداء واجبه. لو احتفظ الفم بالطعام داخله فلن يصل الغذاء إلى الدم وإلى القلب وإلى الأعصاب والعضلات والمخ وبالتالي فلن يمكن للفم أن يعمل ولا أن يعيش.

لهذا قال الرب في سفر الأمثال: "محتكر الحنطة يلعنه الشعب" (أم 11: 26). وقال أيضًا: "النفس السخية تسمن والمُروي هو أيضًا يُرْوَى" (أم11: 25).

كلما أعطى الإنسان، كلما ازداد الخير بين يديه. وكلما أعطى بسرور كلما زادت غبطة الرب به لأن "المعطي المسرور يحبه الله" (2كو9: 7).

إن إحساس البنوة لله يجعل الإنسان يتصرف كابن في بيت أبيه.. يتصرف بالخير نحو إخوته، عالمًا أن أبيه سوف يغبطه إن أحسن معاملة إخوته واعتنى بهم.

إن حالة التشرذم والتمزق بين البشر التي أنشأتها الخطية؛ قد جاء السيد المسيح ليزيلها ويعالجها بحيث يكون الجميع واحد، تربطهم مشاعر المحبة الصادقة على مثال المحبة بين أقانيم الثالوث القدوس.

عبارة "من سألك فأعطه" لا تعني أن يعطي الإنسان لغير المحتاج الذي يحاول استغلال هذه الوصية بطريقة خاطئة، بل ينبغي أن يكون العطاء بحكمة ولمن هو محتاج بالحقيقة. ومن الممكن مساعدة من لا نعرف حقيقة أمره مساعدة مؤقتة إلى أن يتم فحص احتياجه بالكامل.

كذلك فإن عبارة "من سألك فأعطه" لا تعني أن يعطي الإنسان لغيره ما يؤذى به نفسه. مثل من يأخذ نقودًا ليتعاطى مواد مُسْكِرة أو مواد مخدرة أو يسلك في طريق الخلاعة أو ما يشبه ذلك. في هذه الحالة العطاء يكون على صورة نصيحة للإنسان الراغب في الانحراف ليتراجع عن شره، أو مجهودات لعلاجه من الإدمان أو السلوك في طريق الشر أو الخطية.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/ask.html

تقصير الرابط:
tak.la/b6xrhv6