St-Takla.org  >   articles  >   fr-botros-elbaramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي - تاريخ المقال: 6 مارس 2015

62- من وحي الصوم الكبير (1): لا تكونوا ذوي لسانين

 

St-Takla.org Image: The tongue, talkative person, opinion. صورة في موقع الأنبا تكلا: لسان، شخص ثرثار، رأي.

St-Takla.org Image: The tongue, talkative person, opinion.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لسان، شخص ثرثار، رأي.

تعوَّد البعض على عدم الصدق والصراحة والوضوح في الكلام، وهذه هي شيمة أهل العالم الذين يراوِغون في التعامُلات والكلام، ويقلبون الموازين، ويُغَيِّرون في الحروف والمعاني والمفاهيم، ويتلاعَبون بالألفاظ، وينكرون كل ما يقولونه عندما يقعون في مُسائَلة أو مواجهة أو يقعون في خطأ يُحْسَب عليهم، فيلجئون إلى تغيير الكلام وتبديل الألفاظ وإلغاء المفاهيم الواضِحة وضوح الشمس، ويقولون: "لم نقصِد هذا، بل أنت بفهمك الخاطئ قد فهمت ما قيل خطأً".  ويتحوَّل النور إلى ظُلمة، ونجد ما تعلَّمناه وتربينا عليه كأنه وهم أو خيال، ونتشكَّك في نفوسنا: هل نحنُ الصواب أم هؤلاء،..  هل ما تَرَبينا عليه هو المفروض أم ما نراه ونسمعه هو المطلوب..  هل الصدق والصراحة في الكلام هو المُريح، أم المراوغة والكذب والتلاعُب بالألفاظ هو الأكثر استخدامًا وطلبًا بين الناس في هذه الأيام.

ولذلك نقول في تفاسير قِطَع عشية آحاد الصوم الكبير هذا التحذير لأنفسنا ولغيرنا: "لاَ تَكُونُوا ذَوِي لِسَانَيْنِ"، فَمَنْ هو كذلك لا تستطيع أن تمسك عليه خطئًا لأنه تعوَّد تغيير كلامه، أو قُل: احترف الكذب في كلامه..  فما يقوله معك ينكره مع غيرك، وما يقوله مع غيرك ينقِل كلامًا مخالِفًا تمامًا لك..  فيوقِع بين الأشخاص وبعضها، أو يتسبَّب في مئات المشاكل بين الأشخاص وبعضها..  والعجيب قد تجدهُ سعيدًا هنيء البال، لا يلومه ضميره على ما يفعله، لأنه قد أمات ضميره، وأطفأ شُعلة الروح القدس المتوهجة بداخِله، التي تبكته على كل هذه الأخطاء.

 وعن هذا السلوك الرديء، يحذرنا معلمنا يعقوب الرسول في رسالته من خطورة اللسان واستخدامه الخاطئ بقوله: "هكَذَا اللِّسَانُ أَيْضًا، هُوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ وَيَفْتَخِرُ مُتَعَظِّمًا. هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟  فَاللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ الإِثْمِ. هكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ" (رسالة يعقوب 3: 5، 6)، ويستكمِل الكلام قائِلًا: "وَأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا.  بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ.  مِنَ الْفَمِ الْوَاحِدِ تَخْرُجُ بَرَكَةٌ وَلَعْنَةٌ! لاَ يَصْلُحُ يَا إِخْوَتِي أَنْ تَكُونَ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا!  أَلَعَلَّ يَنْبُوعًا يُنْبِعُ مِنْ نَفْسِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ الْعَذْبَ وَالْمُرَّ؟" (رسالة يعقوب 3: 8-11).

* فاللسان يا أخوتي قد يوقِع الإنسان في النميمة والإدانة والكذب والشهادة الزور، والتجني على الآخرين والتهَكُّم عليهم، وفي كل الكلام الباطل العالمي، وفي الشتيمة والألفاظ الجارِحة، بل وفي القتل المعنوي وليس الفِعلي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى..  فقد تَتَكَلَّم كلمة خارِجة أو شتيمة قبيحة أو لفظًا خارِجًا يدخل مثل السكين القاتِل في نَفْس مَنْ يُوَجَّه إليه الكلام، فيُحْدِث جُرحًا نفسيًّا دامياً، لا تستطيع الأيام أو الاعتذارات دوائه وشفاءه، فنحن جميعًا نفسيات تتأثَّر بما تسمع أو أي كلام يُوَجَّه إليها..  فَمَن تعوَّد أن يغيِّر كلامه أو يراوِغ في الأسلوب أو ينكر ما يقول، فهو ذُو لِسَانَيْنِ: لِسان يَذِم ولِسان يَمْدَح، لِسان صادِق ولِسان كاذِب، لِسان لطيف ولِسان جارِح، لِسان مُهَذَّب ولِسان قبيح الألفاظ.

ولذلك أوصانا السيد المسيح أن نحتَرِس في كلامنا وندقق فيه بقوله: "بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ" (إنجيل متى 5: 37).  وجاء مُعَلِّمنا بولس الرسول يوجِه نصيحته لنا لكي يكون كلامنا مفيدًا، فقال: "لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحًا بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 4: 6).

فلينظُر كل منا أيها الأحِباء إلى كلامه ويُدَقِّق فيه، ليكون صاحِب لسان واحد وليس اثنين.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/two-tongues.html

تقصير الرابط:
tak.la/jfj52ad