St-Takla.org  >   articles  >   fr-botros-elbaramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي - تاريخ المقال: 9 مارس 2015

65- من وحي الصوم الكبير (4): لا تدعوا شيئاً يشغلكم

 

في هذا الوقت الذي نعيش فيه، كَثُرَت المُتطلبات وقَلَّت الإمكانيات، وأصبح الدخل الشهري لا يكفي المطلوب أو المفروض إيفاءه لِمَنْ هم تحت مسئوليتي.  ومع كثرة المتطلبات كَثُرَت الهموم التي تشغل فِكر الإنسان ليل نهار؛ فالمشغوليات نوعان:

1- المشغوليات الإيجابية:-

وتتمثَّل في توفير سُبُل الراحة والمعيشة الكريمة والتعليم للأبناء، وتوفير العِلاج المطلوب، والملبس الذي يعطي للإنسان رونق وجمالًا بين أصدقاءه وأحباءه و..

وهذه المشغوليات قد تقع على الأب والأم أكثر من غيرهم، فتجدهم منشغلين بتوفير كل ما هو مفيد لأفراد أسرته، ويفكر في كيفية توفير كل ذلك، الليل قبل النهار، حتى أثناء نومه تجد ذِهنه مشغولًا بذلك: كيف ومتى، لا يترك أحدًا تحت رعايته يحتاج لأي شيء..  وقَلَّما فكر الإنسان في نفسه، أو فيمَن هم محتاجين وليس لهم أحد يذكرهم إلا الله الذي لا ينسى أحدًا..  فيفكر الأب في كيفية زيادة دَخله، وتفكر الأم في كيفية توفير كل المتطلبات المنزلية والشخصية لأولادها وزوجها,... ومع هذه المشغولية التي قد تأخذ الإنسان من حياته الروحية، نقول مجازًا: قد تكون مشغولية إيجابية؛ لأن الإنسان ينشغل بغيره أكثر من نفسه.  وهذا نوع من العطاء والأمانة في وَزْنَة الأولاد والأسرة..

St-Takla.org         Image: Busy people working clipart صورة: كليبارت أشخاص مشغولين و يعملون، مشغولية

St-Takla.org Image: Busy people working clipart

صورة في موقع الأنبا تكلا: كليبارت أشخاص مشغولين و يعملون، مشغولية

أما الوجه الآخر من المشغولية والتي نسميها:

2- المشغوليات السلبية:

وهي المشغولية الضارة التي من الممكن أن تدمر الإنسان أو تضيع أبديته..

فقد ينشغِل البعض بالأموال، وفي كيفية زيادتها أيًّا كانت الطريقة شرعية أم غير شرعية، صحيحة أم خاطئة..  كل ما يهم الإنسان أنه يريد زيادة دَخله، بل الأكثر من ذلك زيادة في رأسماله أو ما يدخره في البنوك أو ما شابَه ذلك..  ينشغل بذلك ولا يفكر في خلاص نفسه.  وهذا يُذَكِّرنا بالغني الذي انشغل في كيفية توسيع مخازنه عندما "أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟  وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَلاَتِي وَخَيْرَاتِي، وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي!  فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟  هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ" (إنجيل لوقا 12: 16-21).

هذه القصة المتكررة مع البعض: قد ينشغِلون بالثروات، والأموال الكثيرة، والملابس الفخمة، والمجوهرات النادرة، ويوميًا يقضون وقتًا ليس قليلًا في إعادة حساباتهم في البنوك، ومتابعة نسبة الأرباح..  وينشغلون في ضرب نسبة الفوائد في المبالِغ الإجمالية، وينظرون هل هي في زيادة ملحوظة ومَرضي عنها، أم أنها تزيد بنسبة بسيطة..  ومَنْ يضعون أموالهم في البورصة، تجدهم طول اليوم ينشغلون في المُتابعة والحِسابات، فتتحوَّل الأموال إلى إله ينافس الله الكلي الصلاح، فلا يجد الإنسان وقتًا للصلاة أو التأمل أو القراءة في الكتاب المقدس والكتب الروحية، وبالتالي لا يجد وقتًا يراجع فيه نفسه ليكتشف الخطايا التي يقع فيها، ولا يسمح لنفسه أن يجلس في جلسة هادئة يقدم توبة لله  من قلبه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.  فالوقت والهدوء من أين يأتي والذِّهن والفِكر مشغول بالأموال والمقتنيات؟!  فتتحوَّل حياة الإنسان إلى أموال وثروات ومقتنيات بكافة أنواعها، فينشغل عن أبديته وخلاص نفسه، ويفقد حياته الأبدية من أجل انشغاله بالممتلكات الزائلة الفانية..

ولذلك، احذر أيها الحبيب أن يشغلك العدو الشرير عن خلاص نفسك وأبديتك.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/busyness.html

تقصير الرابط:
tak.la/2yr4hk6