St-Takla.org  >   Saints
 

القديس الأنبا توماس السائح

 

St-Takla.org Image: Saint Thomas the Anchorite. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس الأنبا توماس السائح.

St-Takla.org Image: Saint Thomas the Anchorite.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس الأنبا توماس السائح.

قال الأنبا ويصا (تلميذ الأنبا شنوده رئيس المتوحدين): "كان هناك سائح بار في شنشيف، اسمه "توماس". وقال أبي (الأنبا شنوده) عنه أنه لا يوجد مثله، وأن سيدنا يسوع المسيح تحدَّث معه، وجاءته الملائكة مرات عديدة.

 وعندما جاء وقت انتقاله، ذهب إلى الأنبا شنوده وتحدث معه عن عظائم الله. قال الأنبا توماس إلى الأنبا شنوده: "سوف أتركك لأن ملائكة الله أخبروني أنه في هذه الليلة سيذكرني الله. هذه هي آخر مرة أتحدث فيها معك بالجسد. وأخبرني الله كذلك بيومك، وهو يوم عيد ميلاد الأنبا كيرلس رئيس أساقفة الإسكندرية، ومار بقطر رئيس دير تبانسين. وفي مثل ذلك اليوم السابع من أبيب، سيأتي كثير من القديسين للقائك." فأخبره أبي الأنبا شنوده: "وكيف سأعرف يوم انتقالك؟"

 فأجابه الأنبا توماس: "سأعمل علامة عجيبة ألا وهي: سينشق الحجر الكبير الذي جلست عليه أنت خارج قلايتك كالكتاب المفتوح، في اللحظة التي ستفارق فيها روحي جسدي. وسترى رافائيل رئيس الملائكة (الذي رافق طوبيا ابن طوبيت في أرض غربته) وسيرافقك مع جموع القديسين الذين سيكونون معك إلى أن تصل إلى بيتي بدون قارب.. واصنع أغابي (محبة) `agapy محبة معي، وداري جسدي بالتراب، لأنه ليس لي سوى الله." فأجبه الأنبا شنوده: "لتكن إرادة الله." وقبلا بعضهما قبلة أبوية وقال أبي له: "أودِعَك الله، إلى أن أقابلك في كنيسة البتوليين."

 وذهب أبي إلى قلايته وازداد في الصلوات والتخشع. وبعد ثلاثة أشهر، بينما القديس الأنبا شنوده واقفًا يصلي بجانب الحجر، إنشق الحجر إلى نصفين -ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء- فتنهَّد وقال: "فقدت برية شنشيف منارتها." وعندما قال هذا رأى رئيس الملائكة رافائيل يشير إليه قائلًا: "السلام لك يا حبيب الله ولجميع القديسين. فلنذهب لنغطي جسد القديس (الأنبا توماس) لأنهم ينتظرونك."

 فتبعه وحضر إلى الدير ليلًا وقابل أخًا كان يُرتل المزامير قائلًا: "في منتصف الليل أقوم لأحمدك على أحكام برك.." (مز62:119)، فقال له الأنبا شنوده: "اتبعني"، ثم حضر إلى الأنبا يوساب الكاتب الحكيم، الذي كان يرتل قائلًا: "أما نحن فبإسم إلهنا نذكر، هم جثوا وسقطوا أما نحن فقمنا وانتصبنا." (مز7:20).

 فقال له: "اتبعني"، ثم جاءوا إلى الأخ أخنوخ القوي الشجاع، الذي كان يترنم: "بخوافيه يظللك، وتحت أجنحته تحتمي.. ترسٌ ومجنٌ حقه." (مز4:91) فقال له: "اتبعني". ودخل المذبح مع الأخوة الثلاثة وصلي ثم خرج. ومشى رئيس الملائكة رافائيل أمامهم حتى وصلوا بدون قارب، ولما وصلوا صلّوا كثيرًا، وكفَّنوه ودفنوه حيث كان. وحدثت معجزات كثيرة من خلال جسده. وتنيَّح بشيبة صالحة في 27 بشنس عام 168 ش. (452 م).

 ثم تحققت نبوءته بانتقال الأنبا شنوده رئيس المتوحدين في 7 أبيب، ومازالت كنيسته حتى الآن موجودة. إنها على بعد حوالي 5 كيلومترات شمال الصوامع، في الشمال الشرقي لأخميم. وفي ذلك المكان هناك ديرًا باسمه.

 بركة صلواته مع جميعنا آمين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مصدر آخر للسيرة:

 

ميلاد القديس:

+ولد القديس الأنبا توماس في قرية تدعى شنشيف (هي إحدى القرى القديمة شمال أخميم) من أبوين مسيحيين تقيين محبين للرب يسوع ربياه في مخافة ومحبة الله من كل القلب والفكر, وأدباه بآداب الكنيسة, فزهد أباطيل العالم وشهواته وأدرك مبكرًا أن" العالم يمضى وشهوته معه أما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد" ولذلك أشتاق لحياة الرهبنة والوجود الدائم مع الله.

+وترك القديس منزله وخرج إلى البرية حيث أختار إحدى المغائر في جبل شنشيف وعاش فيها يعبد الرب وقد تأثر الأنبا توماس بالأنبا أنطونيوس وبأسلوبه في الرهبنة من حيث العزلة الفردية.

 

جهاد القديس:

+ كان القديس العظيم مثلًا عاليًا في الجهاد والحكمة والمشورة الروحية حتى أن جبل شنشيف تقدس بدموعه وصلواته وحضور الملائكة والقديسين إليه. فقد كان مداومًا على الصلاة والتسبيح ليلًا نهارًا في حب للرب يسوع يفوق كل عقل.

+ وعلى الرغم من أنه كان محبًا لحياة الوحدة وعدم الانشغال بمخالطة الناس، إلا أنه كان لا يرفض مقابلة أحد وتقديم المشورة الروحية لكل من يسأله من آباء البرية والصلاة معهم.

+ وكان لا يعط لجسده راحة إذ كان يقضى الليل كله في الصلاة. وكان لصلاته مذاق خاص وهو يرددها بصوته الملائكي فيرتد الصوت إلى قلبه مرة أخرى فيزيده اشتعالًا وحبا بمخلصه واشتياقًا إلى أورشليم السمائية حيث مسكن الله مع الناس.

+ كان أيضًا رجل أصوام, حيث كان طعامه مرة واحدة كل أسبوع من البقول والأعشاب وذلك من أجل سد احتياجات جسده وليس من أجل إشباعه ولاشك أن صلاة القديس هي أحد الأسباب الهامة في انتصاره على الشياطين وخوفهم منه كقول الكتاب المقدس "هذا الجنس (أي الشيطان) لا يمكن أن يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم" (مر9 : 29).

 

فضائل القديس:

+ أقتنى القديس العظيم باقة من الفضائل المتعددة في مقدمتها المحبة ونقاوة القلب التي أهلته لأن يخاطب الرب يسوع فمًا لفم ويعاينه ويتمتع بالوجود معه.

كما كان يتميز ببساطة القلب التي هي من سمات أهل البرية تلك التي كان عليها أدم في جنة عدن قبل السقوط لذا أصبح كوكبًا من سكان السماء.

+ أقتنى أيضًا فضيلة القداسة وأصبحت إحدى الصفات التي ترتبط باسمه والتي شهد بها القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وتلميذه الأنبا ويصا وسجلها في مخطوطته.

والخلاصة هي أنه أقتنى ثمر الروح الذي عبر عنها القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل غلاطية "وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح، إيمان وداعة تعفف" (أنه كان كاملًا في الفضائل المسيحية).

 

مواهب القديس:

-إن مواهب الروح القدس متعددة "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد لكل واحد يعطى إظهار الروح للمنفعة فأنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة ولآخر كلام علم ولآخر إيمان ولآخر مواهب شفاء ولآخر إيمان ولآخر مواهب شفاء ولآخر أنواع ألسنة ولآخر ترجمة ألسنة ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء ( كو12 :4-11).

 وقد أختص الروح القديس الأنبا توماس بالنبوة ومعرفة بعض أحداث المستقبل, فقد سمح الرب لحبيبه بأن يعرف يوم نياحته.

ومع ذلك لم يشأ القديس الأنبا توماس أن يخبر القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بيوم انتقاله على وجه التحديد حتى يجنبه التفكير الطويل في هذا اليوم وألم انتظاره وهذا دليل على المحبة القوية التي تربطهما.

- ومن مواهبه العديدة أيضًا التعليم وتقديم المشورة لكل أحد وهى أمور مرتبطة بالحكمة وعمل النعمة معه والتي جعلت آباء البرية العظام أمثال القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وتلاميذه يتحملون مشقة السفر والذهاب إليه لكي يستزيدوا من كلام الحياة الأبدية ويعيشوا معًا كطغمة ملائكة على الأرض هدفهم واحد هو الحياة مع الرب يسوع ويرشدهم إليها القديس منيرًا لهم طريق هذه الحياة.

ومما لاشك أن روح الحكمة والمشورة الروحية العالية التي أختص بها الله القديس قد جاءت نتيجة عمل النعمة والجهاد وحفظ الكتب المقدسة عن ظهر قلب حيث كان يداوم على قراءة الكتاب المقدس لأن كلام الله ووصاياه هو "روح وحياة" منحة فهمًا واستنارة روحية ولذلك قال المرنم "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي"(مز 119 :105).

- ومن المواهب الروحية التي أختص بها الرب يسوع حبيبه الأنبا توماس صنع الآيات والعجائب حيث أعطاه سلطانًا على شفاء الأمراض وإخراج الشياطين وكان لأصوامه ولصلواته قوة واقتدار واستجابة لدى الرب يسوع. وكانت معجزاته يصعب حصرها حتى أن البعض لقبه بالطبيب, وهو لايرد سائلًا يطلب شفاعته ولذلك ظهرت أعماله المعجزية في العديد من المواقف التي يرويها الناس الذين حدثت معهم هذه المعجزات وبهذه الشفاعة صار للقديس ملايين الأحباء في داخل مصر وخارجها يطلبون صلواته عنهم ويرغبون في نوال بركته وزيارة ديره.

- ومن المواهب التي نالها مخاطبة الرب يسوع له فمًا لفم ولا شك أن هذه الموهبة جاءت نتيجة نقاوة القلب التي جعلته يعاين الرب كما كانت ثمرة لحياة الصلاة والتسبيح التي كان يحياها القديس.

- وكان حضور الملائكة عند القديس الأنبا توماس أمرًا مألوفًا أثناء حياته على الأرض وهو ما يشهد به الأنبا ويصا تلميذ الأنبا شنودة رئيس المتوحدين ومما لا شك فيه أن ذلك كان دليلًا وإعلان رسالة من الله له لتشجيعه في جهاده وتعبه أو لحراسته وإنقاذه من مكائد الشيطان أو لتعزيته.

- ولاشك أن القديس قد تدرب على عشرة جنود السماء وصداقتهم ولابد أن روحه صارت واحدا منهم يا لها من بركة عظيمة يصعب على المرء أن يصف أى لقاء أو حديث منها وكل منها وكل ما نقوله طوباك يا أنبا توماس السائح لأنك نلت هذا الشرف العظيم .

+ لقد كان الرب يسوع هو الهدف الوحيد في حياة القديس ووضع في قلبه منذ صغره قول الرب يسوع لمرثا "ولكن الحاجة إلى واحد" وقد عبر عن ذلك القديس الأنبا توماس بقوله للأنبا شنودة ليس لى سوى الله وحده "إذ كان الله هو الكل في الكل بالنسبة له".

 

نبوة القديس :

+ كان القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين يحرص على لقاء القديس الأنبا توماس من وقت لآخر حيث كان يأتي من ديره في الجبل الغربي قاصدًا زيارته في مغارته بشنشيف بالجبل الشرقي وكان لهذه اللقاءات مذاق وطابع روحي خاص فالحديث إلى الرب يسوع ومحبته هو لذتهما والأشواق إليه وإلى السماء والحياة الأبدية معه في هدفهما وسعادتهما.

+ وفى ذات يوم حضر القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين إلى القديس الأنبا توماس وكان هذا اللقاء آخر لقاء بينهما بالجسد عندئذ نظر القديس الأنبا توماس للأنبا شنودة وقال له:" ها أنا أفارقك لأن ملاك الرب أعلمني هذه الليلة أن الرب سيفتقدني قريبًا وهذه آخر مرة أخاطبك فيها بالجسد".

+ وأستكمل القديس الأنبا توماس حديثه وأعلن للأنبا شنودة رئيس المتوحدين عن نبوة أخرى حيث قال له :"أن الله أخبرني أيضًا عن يوم نياحتك أنت, فليرصد أولادك ذلك اليوم ليكون لهم آية إلى الأبد "وحدد القديس الأنبا توماس يوم نياحة القديس الأنبا شنودة إذ قال له :"وهذا اليوم يوافق يوم ميلاد كيرلس الحكيم رئيس أساقفة الإسكندرية ومار بقطر رئيس دير طفنس ليس ذلك فقط بل وفى نفس اليوم -كما هو معلوم ومقدس- السابع من شهر أبيب يخرج للقائك في تلك الساعة قديسون كثيرون ". ولاشك أن القديس الأنبا توماس السائح بعد نياحته كان في مقدمة القديسين الذين خرجوا لاستقبال روح القديس الأنبا شنودة وقت انتقاله إذ أن المحبة الكاملة ربطت بين روحهما إلى الأبد .

+ ما أروع هذا اللقاء السماوي حيث يشاهد القديسين كل الذين سبقوه إلى المجد ويروا كل المؤمنين اللذين كانوا قبلهم منذ آدم وحتى نهاية الدهر أي الذين يأتون بعدهم يجلسون على عروش المجد حيث يجلس القديسين كملوك وعظماء حول عرش الملك العظيم على كراسي ملكية كقول الرب "من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي" (رؤ3 :21) . ويسطعون كالشموس والأنوار اللامعة التي تستمد نورها من الرب يسوع.

+ وبعد أن انتهى القديس من نبوته سأله القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين قائلًا : لقد عرفتني يا أبى يوم نيا حتى ولكن كيف يمكنني معرفة ذلك اليوم الذي ستنتقل إليه فيه أنت إلى السماء. ولم يشأ الأنبا توماس أن يحدد له ذلك اليوم الذي سينتقل إليه في السماء، كما لم يشأ أن يتركه في حيرة ولذلك قال له : سأجعل لك علامة عجيبة من الحجر الذي تجلس عليه أنت خارج مسكنك وتنظر خطايا العالم بأسره إذ عندما يفرق بين نفسي وجسدي ينفلق هذا الحجر نصفين كمثل كتاب تفتحه.

+ وطلب القديس الأنبا توماس من الأنبا شنودة أن يأتي إليه في هذا اليوم ليدفنه حيث قال له:" والذي عال طوبيت بن طوبيا في أرض غربته الذي هو روفائيل رئيس الملائكة تنظره طوبيت بن طوبيا في أرض غربته الذي هو روفائيل رئيس الملائكة تنظره يسير قدامك أنت ومن تختارهم إلى أن تصل إلى مسكني بغير سفينة فأصنع محبة من أجل الرب وأستر جسدي المسكين لأني مسكين وليس لي سوى الله وحده" وفى تسليم كامل أجابه القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين:"لتكن إرادة الله".

+ ولا شك أن القديس الأنبا توماس لم يهدف من إعلام القديس الأنبا شنودة بهذه النبوة ستر جسده في التراب فقط فهذه المهمة كان من الممكن أن يقوم بها أحد الملائكة ولكن كان الهدف منها أيضًا تعزيه القديس الأنبا شنودة وتلاميذه ولكي يروا بأعينهم كيف تستقبل السماء القديسين الأبرار ولكي يأخذوا بركة لقاء الرب يسوع وملائكته أثناء حضوره وقت نياحة القديس. ويأخذون أيضًا بركة وداع القديس الأنبا توماس أثناء انضمام روحه الطاهرة إلى الكنيسة المنتصرة.

+ وفى نهاية هذا اللقاء تعانق القديس توماس مع الأنبا شنودة عناقًا حارًا وقبل كل منهم الآخر بقبلة مقدسة وقال الأنبا شنودة له : أستودعك الله من الآن حتى التقى بك في بيعة الأبكار" وبعد ذلك عاد الأنبا شنودة إلى ديره بالجبل الغربي وهناك زاد من نسكه وعبادته.

وفى نهاية هذا اللقاء تعانق القديس الأنبا توماس مع الأنبا شنودة عناقًا حارًا وقبل كل منهما الآخر بقبلة مقدسة وقال الأنبا شنودة له :"أستودعك الله من الآن حتى التقى بك في بيعة الأبكار".وبعد ذلك عاد الأنبا شنودة إلى ديره بالجبل الغربى وهناك زاد من نسكه وعبادته.

وعود الرب يسوع للقديس الأنبا توماس:

عند قرب انتقال القديس الأنبا توماس إلى السماء ظهر له الرب يسوع وعزاه وقواه ووعده بالوعود الآتية:-

-أن هذا المكان ستبنى فيه كنيسة على أسمك.

-أن الناس يأتون إلى كنيستك من جميع البلاد.

-أن أسمك يكون شائعًا في أقطار المسكونة كلها.

-بعد ثلاثة أيام ستترك هذا الجسد الفاني وتنال أكاليل المجد.

 

نياحة القديس الأنبا توماس:

+بعد عودة القديس الأنبا شنودة إلى ديره بالجبل الغربي ظل يفكر فيما قاله القديس الأنبا توماس السائح في آخر لقاء معه عن نبوة انتقاله من العالم وعن العلامة التي حددها له ليعرف بها وقت نياحته.

وبعد عدة أيام من هذا اللقاء وبينما كان القديس الأنبا شنودة واقفًا يصلى خارج قلايته رأى الحجر الذي يجلس عليه وهو ينظر خطايا العالم قد انشق إلى نصفين ففي الحال تنهد القديس الأنبا شنودة وقال:" لقد عدمت برية شنشيف سراجها المنير" فهو الذي ملأ تلك البرية الموحشة المظلمة صلاة وتسبيحًا وترتيلًا فصار يرتادها الناس للاسترشاد بآرائه والتزود بنصائحه وقدم لهم بسيرته مثالًا رائعًا لحياة التقوى والعفاف والقداسة والكمال فامتلأت هذه المنطقة بالقديسين الذين استهانوا بالموت واستشهدوا في سبيل التمسك بالرب يسوع ومنهم القديس الأنبا شنودة.

+ ورفع القديس الأنبا شنودة نظره إلى السماء قائلًا "صلى عنا يا أبانا القديس الأنبا توماس حتى يعيننا الله كما أعانك وأن يغفر لنا خطايانا". وبينما هو شاخص إلى السماء وإذا برئيس الملائكة الجليل روفائيل يقول له "السلام لك يا خليل الله وحبيب القديس الأنبا توماس هلم نستر جسد حبيب الله القديس العظيم الأنبا توماس هلم نستر جسد حبيب الله القديس العظيم الأنبا توماس وان الرب وملائكته ينتظرونك لنوال هذه البركة وأرسلني لكي أحملك لتوارى جسد القديس.

+ وتعزى القديس الأنبا شنودة من هذا الكلام وبدأ في السير مع رئيس الملائكة وكان الوقت ليلًا وفى أثناء سيرة التقى بالأنبا تمرينوس (أحد أبنائه الرهبان) وكان يصلى الخدمة الأولى لنصف الليل حيث كان يتلو مزامير داود النبي قائلًا في نصف الليل نهضت لأشكرك على أحكام عدلك" فقال له الأنبا شنودة: "اتبعني فتبعه في الحال إن طاعة في الرب ولاشك أن وجود رئيس الملائكة روفائيل بمنظره المهيب مع الأنبا شنودة رئيس المتوحدين جعل هذا الأب الراهب يعرف أن أمرًا جليلًا قد حدث ولذلك تبعه في هدوء وهو يستكمل صلاته ويردد مزاميره في قلبه.

وفى أثناء سيرهم بين قلالي الرهبان وجدوا الأنبا أخنوخ الذي كان معروفًا عنه بالشجاعة والقوة في الشهادة للحق وكان هذا الأب يردد المزمور القائل "الساكن في عون العلى يستريح في ظل السماء" فقال له الأنبا شنودة "اتبعني. وفى طاعة كاملة تبعه أيضًا وسار معهم.

+ وسار القديس الأنبا شنودة والأنبا تمرينوس والأنبا أخنوخ ويتقدمهم رئيس الملائكة الجليل روفائيل حتى جاءوا إلى الأنبا يوساب الكاتب الحكيم حيث كان يتلو المزمور القائل"نحن نهضنا وقمنا وباسم إلهنا انتصرنا" فقال له الأنبا شنودة: السلام أيها الثمرة الطيبة اتبعني. فتبعه وسار مع هذه الطغمة من القديسين.

+ ودخل الأنبا شنودة ومعه هؤلاء القديسين إلى المذبح وصلوا ثم انطلقوا....

وروفائيل رئيس الملائكة يسير أمامهم حتى وصلوا إلى باب مغارة القديس الأنبا توماس بغير سفينة وبطريقة معجزية.

ولما دخل القديس الأنبا شنودة إلى مغارة القديس الأنبا توماس السائح وجد الرب يسوع وملائكته (الشاروبيم والسيرافيم) ومعه داود النبي فأعطى السجود للرب يسوع وقال بصوت مرتفع:"بارك علىّ يا أبى". فسمع داود النبي يقول:"مبارك الآتي باسم الرب". فسجد الأنبا شنودة للرب يسوع مرة أخرى.

+ وابتدأ داود يرنم بقيثارته قائلًا: "امتلأت أفواهنا فرحًا ولأننا تهليلًا .

ولا شك أن مصدر هذا الفرح والتهليل هو الرب يسوع الذي قال لتلاميذه:

"ولكنى سأراكم أيضًا فتفرح قلوبكم، ولا ينزع أحد فرحكم منكم"(يو16 :22)

كما أن هذا الفرح والتهليل يأتي بمناسبة انضمام روح القديس الأنبا توماس الطاهرة إلى محفل الأبرار في الكنيسة المنتصرة. وبعد هذه التعزيات التي نالها جميع الحاضرين صعد الرب يسوع وملائكته للسماء بروح القديس العظيم الأنبا توماس.

إن مجيء الرب يسوع وقت ناحية القديس الأنبا توماس يذكرنا بوعود رب المجد الصادقة والأمينة، حيث قال لتلاميذه"وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىّ الجميع" (يو 12 :32)، وأيضًا قوله "أنا أمضى لأعد لكم مكانًا وأن مضيت وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىً الجميع"( يو12 :32)، وأيضًا وآخذكم إلى حيث أكون أنا توماس السائح مهيئًا لسكنى هذا المكان الذي أعده الرب يسوع له ولذلك جاء ليأخذه إليه ويكون معه في عرشه.

ومن خلال هذا الوعد وتحقيقه مع القديسين مثل ما حدث مع القديس الأنبا توماس ليتنا نسأل أنفسنا: هل أفواهنا وأفعالنا وسلوكنا وعلاقتنا مع الله تؤهلنا لسكنى هذا المكان الذي أعده الرب يسوع لكل واحد منا أم أننا نسير في الطريق المعاكس ونحرم أنفسنا من الحياة مع الرب ونترك هذا المكان الذي يهرب منه الحزن والكآبة والذي لا يوجد فيه جوع ولا عطش ولا حر ولا برد ولا غيرة ولا حسد ولا خصام لأن الرب يسوع يرعانا ويمسح كل دمعة من عيوننا وهو شبعنا ويقودنا إلى ينابيع الماء الحي وهو النور الأبدي الذي ينير المكان كله للمؤمنين.

تنيح القديس في اليوم السابع والعشرين من شهر بشنس سنة 168 للشهداء (حوالي سنة 452 م) عن عمر يزيد على 120 سنة وتحتفل الكنيسة في هذا اليوم بعيد نياحته ويأتي إلى ديره في هذا اليوم أعدادًا غفيرة من كل بقاع مصر وتحدث معجزات يصعب حصرها. وغالبًا ما يظهر القديس في هذا اليوم. بركة صلواته وشفاعته تكون معنا آمين.

 

رئيس الملائكة روفائيل يحضر دفن جسد القديس الأنبا توماس:

-بعد أن صعد الرب يسوع وملائكته إلى السماء بروح القديس الأنبا توماس لإتمام الرسالة التي كلفه بها رب المجد يسوع المسيح وهى حضور دفن جسد القديس الطاهر .

+ واقترب القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين والآباء الرهبان من جسد القديس الأنبا توماس فوجدوه راكعًا وكفتى يديه مفتوحتان نحو السماء (إذ أنه تنيح أثناء الصلاة). فسجد له الأنبا شنودة والآباء الرهبان وقبلوه وآخذوا بركته وقاموا بالصلاة طويلا حيث أنهم نالوا فيضًا من التعزيات والبركات ثم كفنوه بوقار وتجهيز عظيم ودفنوه في مغارته التي تحولت إلى دير عظيم يحمل أسمه بجبل شنشيف كوعد الرب يسوع له بأن هذا المكان ستبنى فيه كنيسة على أسمه ويكون اسمه شائعًا في كل أقطار الأرض وكل الذي يطلب شيئًا باسمه يستجاب له سريعًا.

+ ولقد تقدس هذا المكان بحضور رب المجد يسوع المسيح وملائكته إليه مررًا كثيرة كما تقدس بصلوات ودموع القديس الأنبا توماس السائح وانسحاقه أمام الرب يسوع طوال أيام حياته.

وبعد دفن جسد القديس الأنبا توماس السائح أشار رئيس الملائكة روفائيل إلى الأنبا شنودة والآباء الذين معه بالعودة إلى ديرهم بالبر الغربي وسار أمامهم رئيس الملائكة روفائيل وبيده قضيب من نار لينير لهم الطريق حيث كان الوقت ليلًا وعبروا النيل إلى الجبل الغربي بغير سفينة ولم يكلم أحدهم الآخر أثناء ذلك الموقف المهيب والحديث العظيم.

+ وعندما وصل الجميع إلى دير الأنبا شنودة (بالجبل الغربي) اختفى رئيس الملائكة من أمامهم ومجدوا الله الذي كرم حبيبه القديس الأنبا توماس أمام جميع الملائكة وقديسيه.

 

كيف عرفنا سيرة القديس:

+ لقد أراد الأنبا توماس أن يخفى فضائله مبتعدا عن المجد الزمني الباطل مفضلًا المجد الأبدي ومعرفة الرب يسوع وصداقة الملائكة عن معرفة الناس له ولذلك لم يكتب تاريخ حياته بالتفصيل وجهاده وفضائله ومواهبه ولكن الله أراد أن يظهر جهاده ومحبته لسيده وبره ونوره كقوله "أنتم نور العالم . لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل ولا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت" (مت 5 :13-14).

+ وهكذا أرسل الله في نهاية حياة القديس توماس طغمة من آباء الكنيسة العظام ليشهدوا بعظائم الأمور التي عاينوها بأنفسهم وقت نياحة القديس الأنبا توماس وكان على رأس هؤلاء الآباء القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين.

+ وقد جاءت قصة القديس الأنبا توماس من خلال الإشارة إلى زيارة الأنبا شنودة الأخيرة للقديس وما سبقها وصاحبها من إعلانات وأحداث عظيمة وذلك ضمن سيرة القديس الأنبا شنودة والتي كتبها تلميذة الأنبا ويصا.

صفحات ذات علاقة بنفس الموضوع

* إقرأ مديح الانبا توماس السائح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Saints/Saint-Thomas_.html

تقصير الرابط:
tak.la/hq5xgvn