St-Takla.org  >   News  >   Coptic-Papal-Messages
 

الرسالة البابوية في عيد الميلاد المجيد - يناير 2010

الرساله البابويه للبابا شنوده الثالث في عيد الميلاد المجيد - يناير 2006

 

أبنائي الأحباء في المهجر إكليروسًا وشعبًا،

أرسل لكم خالص محبتي لكل شخص منكم، راجيًا لكم حياة سعيدة في أرض غربتكم.  فليحفظكم الرب بلا عيب، مُحبين بعضكم بعضًا محبة حقيقية، بأن يحرص كل منكم على بناء أخيه، بلا عثرة.

وأُهَنِّئَكُم جميعًا ببدء العام الجديد، وبعيد الميلاد المجيد.  وليكن عامًا سعيدًا مُبارَكًا، يحمل لكم كل ما في ميلاد الرب من إيحاءات للنفس، ومن ذكريات روحية عميقة.

لقد جاء السيد المسيح مُخلصًا للعالم، كما قال الملاك للرعاة: "هَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ؛ أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ.. مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (إنجيل لوقا 2: 10، 11).  وقد قال الرب عن نفسه إنه: "جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ" (إنجيل لوقا 19: 10).

St-Takla.org              Coptic Nativity pictures  صور قبطية للميلاد المجيدولكن بالإضافة إلى هذا كله، كانت لهم رسالة هامة في التعليم، وفي قيادة الناس إلى معرفة الله.  حتى أنه قال للآب: "هذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ" (إنجيل يوحنا 17: 3).

وقال لهم أيضًا: "عَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ" (إنجيل يوحنا 17: 26).

فهل كان أولئك الناس لا يعرفون الله، حتى جاء المسيح لِيُعَرِّفَهُم به؟!  كلا، فإنهم بلا شك كانوا يعرفون اسمه العِبراني: ألوهيم، يهوة، أدوناي، أي الكائن الذي يكون، الله الرب، ولكن مُجرَّد هذه المعرفة العقلية ما كانت تكفي.

كانوا يعرفون أنه الله الوحيد، خالق السماء والأرض، صانع العجائب وحده.  ولكن لم تكن لهم به علاقة قلبية، حتى في صلواتهم!  لذلك قال الله عنهم: "هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا" (إنجيل متى 15: 8؛ إنجيل مرقس 7: 6).

كانت لهم عبادة مظهرية، بلا روح!  صلاة بغير صِلة!!  لذلك رفضها الله.  وقال لذلك الشعب: "حِينَ تَبْسُطُونَ أَيْدِيَكُمْ أَسْتُرُ عَيْنَيَّ عَنْكُمْ، وَإِنْ كَثَّرْتُمُ الصَّلاَةَ لاَ أَسْمَعُ. أَيْدِيكُمْ مَلآنَةٌ دَمًا.." (سفر إشعياء 1: 15).

كان الله يريد القلب النقي، المملوء بالحب من نحو الله والناس، لهذا قال السيد المسيح لله الآب: "عَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ.." (إنجيل يوحنا 17: 26).

لقد جاء السيد المسيح يُعَلِّم الناس الحب، بحياته وبكلِماته، لكي يعرفوا أن اللهَ مَحَبَّةٌ (رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 8، 16)، وأن كل فضيلة تخلو من المحبة، هي غير مقبولة عند الله..  وهكذا قال لتلاميذه: "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ" (إنجيل يوحنا 13: 34). (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وقال لهم أيضًا: "بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ" (إنجيل يوحنا 13: 35)، وقبل عنه أنه: "أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى" (إنجيل يوحنا 13: 1).

وعلَّمهم أن يحبوا الجميع، حتى الأعداء.  فقال: "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ" (إنجيل متى 5: 44).  وفسَّر ذلك بقوله: "إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟!" (إنجيل متى 5: 46).

ما دام الله محبة، إذن البعيد عن المحبة، بعيد عن الله..

وبهذا نفهم معنى الصلاة.  ليست هي مجرد حديث مع الله، أو مجرد فرض نؤديه.  إنما الصلاة هي اشتياق إلى الله، كما يقول المرنم في المزمور: "كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ..." (سفر المزامير 42: 1).

والصلاة التي تتميز بمحبة القلب لله، هي متعة روحية، يتمتع فيها القلب بعِشرة الله، وعلاقاتها بها إنه إذا بدأ الصلاة، يعزّ عليه أن ينهيها، ويود لو استمرَّ في متعة الحديث مع الله.  ويكون الانتهاء من الصلاة بالنسبة إليه، مثل نزع الرضيع عن ثدي أمه..

إن السيد المسيح قد قدَّم الله للناس باسم محبوب هو الآب السماوي، وعلَّمنا أن نُنادي قائلين: "أبانا الذي في السموات...".  إنه الآب المملوء حلوًا وإشفاقًا وهو مصدر كل خير..

نحب الله الذي يعطينا دون أن نطلب، وفوق ما نطلب نحبه لأنه الراعي الصالح، الذي فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنا، وإِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنا (سفر المزامير 23: 2).  هو الراعي الحقيقي الذي قال عن نفسه: "أَنَا أَرْعَى غَنَمِي وَأُرْبِضُهَا..  وَأَطْلُبُ الضَّالَّ، وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ، وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ، وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ" (سفر حزقيال 34: 15، 16)، بل هكذا جاء السيد المسيح راعيًا صالحًا، يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ (إنجيل يوحنا 10: 11، 15)، يعطي خِرافه حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ (إنجيل يوحنا 10: 28).

مباركٌ هو الرب في تجسُّده، وفي محبته لنا، وفي رعايته التي فيها البذل والفداء، نشكره على كل هذا، ونُمَجِّد اسمه من الآن وإلى الأبد، آمين.

وكل عام وجميعكم بخير،

قداسة البابا شنوده الثالث             

بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية

يناير - 2010 م                  

اضغط على هذا الزر لترسل هذه الصفحة لصديق:


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/News/Coptic-Papal-Messages/Christmas-Papal-Message-for-2010_.html

تقصير الرابط:
tak.la/6bcgdpw