St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   50-Hayat-El-Touba-Wal-Nakawa
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب حياة التوبة والنقاوة - البابا شنودة الثالث

77- تطور مراحل الخطية

 

وسنحاول أن نضرب أمثلة من الكتاب عن تطور مراحل الخطية:

 

كيف تطور الأمر في سقوط أمنا حواء؟

لنأخذ درسًا في حياتنا من هذه الخطية الأولى. هل سقطت حواء حينما قطفت من الشجرة فأكلت، وأعطت رجلها فأكل معها؟ كلا، فقد كانت هذه هي المرحلة الأخيرة من المأساة. وكانت تطورًا طبيعيًا جدًا لكل ما سبقها. وكان الأمر متوقعا...! فكيف ذلك؟

كيف تطور المر مع حواء، حتى قطفت من الشجرة؟

بدأت المشكلة حينما جلست مع الحية، فأسمعتها الحية كلاما عجيبًا "لن تموتا... يوم تأكلان تنفتح أعينكما، وتصيران مثل الله، عارفين الخير والشر" (تك 3: 4، 5).

وهنا دخل الشك في قلب حواء، ثم بدأت تفقد الإيمان في صدق كلام الله الذي قال "يوم تأكلان موتًا تموتًا". أو على الأقل بدأ إيمانها يتزعزع، ودخلها الشك... وأسلمها الشك إلى الشهوة، شهوة الألوهية، وشهوة المعرفة، وليس مجرد شهوة الثمرة. وهنا كان انفعالها الداخلي قد بلغ أقصاه. وفقدت حواء بساطتها، وفقدت نقاوتها الداخلية. ونظرت على الشجرة، فإذا هي: جيدة للأكل، وبهجة للعيون، وشهية للنظر (تك 4: 6).

St-Takla.org Image: Loth and His daughters running away from Sodom and Gomorrah, his wife turned to salt, Coptic icon by Tasony Sawsan. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوط وبناته يهربون من سدوم وعمورة، وامرأة لوط (زوجته) تتحول إلى عمود ملح.

St-Takla.org Image: Loth and His daughters running away from Sodom and Gomorrah, his wife turned to salt, Coptic icon by Tasony Sawsan.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوط وبناته يهربون من سدوم وعمورة، وامرأة لوط (زوجته) تتحول إلى عمود ملح.

كل يوم كانت حواء تمر على الشجرة، لأنها في وسط الجنة، ولم تكن تنظر إليها هكذا. فمن أين هذه النظرة؟

فِكْر غريب دخل إلى القلب، تحول إلى شهوة.

وسيطرت الشهوة على القلب، واستسلمت لها الإرادة.

وما كانت حواء قادرة في ذلك الحين، وما كان آدم قادرا، على الامتناع عن الأكل. فحالة قلبهما كانت قد تغيرت تمامًا عن وضع النقاوة والبساطة الأولى وحل الشك محل الإيمان. واشتد الإغراء جدًا. وضعفت الإرادة جدًا. وسقطت حواء وآدم معها.

كان يجب على حواء أن تبعد عن الخطوة الأولى.

فلا تجلس مع الحية وهي "أحيل حيوانات البرية". وإن جلست، فما كان يجب أن تسمع كلاما ضد وصية الله. وإن سمعت، كان يجب أن ترفضه ولا تصدقه. ولا تجعل الفكر الخاطئ يدخل إلى القلب، ويتحول إلى شهوة. وإن جاءتها مثل هذه الشهوة، كان يجب أن تقاومها...

ولكنها تركت الأمور تتطور في قلبها، وتقودها من خطية إلى أخرى، حتى وصلت إلى أقصى درجات السقوط... وما كان أغناها عن كل هذا، لو بعد منذ الخطوة الأولى...

أتريد أنت إذن ألا تسقط؟ ابعد عن الحية.

ابعد عن "المعاشرات الردية التي تفسد الأخلاق الجيدة" (1كو 15: 33) احترس من التأثيرات الخارجية الشريرة. واحترس من أن تنفتح عيناك لكي تبصر الخطية. ابعد عن هذه الخطوة الأولى، حتى لا تقودك إلى الضياع شيئًا فشيئا.

فبهذه السقطة عينها سقط شمشون. بسبب حية أخرى.

شمشون الجبار، القاضي العظيم، ذو الكرامة والهيبة، الذي كان روح الرب يحركه (قض 13: 25)، والذي حل عليه روح الرب (قض 14: 6). شمشون هذا، باح بسره، وكسر نذره، وأذله أعداؤه فقأوا عينيه، وجعلوه يجر الطاحون في بيت السجن (قض 16: 21). وقد تأثرت جدًا من هذا المنظر، وأنا شاب صغير، منذ حوالي أربعين سنة. وكتبت قصيدة على لسان شمشون أولها:

أنا الجبار أم شبحي،         أنا شمشون أم غيري

إذا ما كنت شمشونًا         فأين مهابة القدر؟

وأين كرامة القاضي         وأين مواكب النصر؟

وأين النور من عيني         وأين الطول من شعري؟

 ***

حنانك يا رحى الطاحون          هل تدرين ما سرّي؟

أجيبي إنني مصغٍ،         فقد حُيِّرتُ في أمري؟

أنا الجبار أم شبحي،         أنا شمشون أم غيري؟

St-Takla.org Image: Samson suddenly realised God’s power had left him. He was powerless. The Philistines captured him, gouged out his eyes, put him in chains and forced him to grind grain in prison. But before long, his hair began to grow back. (Judges 16: 21-22) - "The secret of Samson's strength is revealed" images set (Judges 16: 4-31): image (12) - Judges, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه، ونزلوا به إلى غزة وأوثقوه بسلاسل نحاس. وكان يطحن في بيت السجن. وابتدأ شعر رأسه ينبت بعد أن حلق" (القضاة 16: 21-22) - مجموعة "كشف سر قوة شمشون" (القضاة 16: 4-31) - صورة (12) - صور سفر القضاة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Samson suddenly realised God’s power had left him. He was powerless. The Philistines captured him, gouged out his eyes, put him in chains and forced him to grind grain in prison. But before long, his hair began to grow back. (Judges 16: 21-22) - "The secret of Samson's strength is revealed" images set (Judges 16: 4-31): image (12) - Judges, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه، ونزلوا به إلى غزة وأوثقوه بسلاسل نحاس. وكان يطحن في بيت السجن. وابتدأ شعر رأسه ينبت بعد أن حلق" (القضاة 16: 21-22) - مجموعة "كشف سر قوة شمشون" (القضاة 16: 4-31) - صورة (12) - صور سفر القضاة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

شمشون هذا: هل حُلَّت مأساته فجأة، أم لها تطورات؟

نعم لها تطورات، خطوة تقود إلى خطوة. أولها انه ذهب إلى غزة، وأخطأ هناك (قض 16: 1). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ثم تَعَرَّف على امرأة اسمها دليلة. وتطورت علاقته بها إلى أنه أحبها وتعلَّق بها، ثم أقام عندها. وفي كل هذا ما كان ضميره يتعبه! وأحس أعداؤه هذا فاستغلوها ضده. وحاولت أن تعرف سر قوته لتسلمه إلى أيدي أعدائه. وسألته أكثر من مرة، وكانت تخبر أعداءه، وهو يعلم هذا... ومع ذلك بقى على علاقته بها. ولكن ضاعت شخصيته معها... وتطور إلى أن أخبرها بسره، فباعته لأعدائه بالفضة. ورضى أن يسلمها رأسه لحلق شعره. وضاعت قوته، فأسروه.

ما كان أغناه عن كل هذا، لو أنه بعد عن الخطوة الأولى... أو لو أنه أستيقظ إلى نفسه في أية مرحلة من المراحل التي مرت عليه... قبل أن يصل إلى المأساة...

مأساة لوط، مرت أيضًا بمراحل وتطورات.

لقد هلكت سدوم، وهلك معها كل غِنَى لوط. وفقد كل شيء وجميع أقاربه، وفقد امرأته أيضًا. وكان يمكن أن يهلك مع المدينة لولا أن أخرجه مع ابنتيه ملاكان (تك 19).

وأنا عندما أُحَلِّل مشكلة لوط، إنما أرجع بعقارب الساعة إلى الخلف سنوات... حينما كان يعيش في صُحْبَة رجل الله أبرام، إلى جوار البر والمذبح. ثم بدأت المشكلة...

أحب لوط الغِنَى والاتساع، فاشتهى الأرض المعشبة.

وأدى به هذا المر إلى أن ينفصل عن رجل الله أبرام. وكانت أول خسارة له... ثم تطلع يبحث عن الأرض المعشبة، فرأى سدوم. وكانت أرض سقى "كجنة الله، كأرض مصر" (تك 13: 10). "فاختار لوط لنفسه". وكان هذا خطأ روحيًّا. "وكان أهل سادوم أشرارًا وخطاة لدى الرب جدًا" (تك 13: 13). ومع ذلك:

لم ينظر لوط إلى روحيات المكان، بل إلى خضرته!

فترك أبرام والمذبح، ليذهب إلى الأرض المعشِبة، في عشرة الأشرار. ذهب إلى المكان الذي فيه خير مادي، وليس إلى المكان الذي فيه الله! وبدا أن روحياته في الدرجة الثانية من اهتمامه "وكان البار -بالنظر والسمع، وهو ساكن بينهم- يعذب يومًا فيومًا نفسه البارة بالأفعال الأثيمة" (2بط: 2: 8).

ومع ذلك كله، تطور الحال به أسوأ.

فاختلط بشعب الأرض، وزوجهم من بناته. فقد هيبته الروحية بينهم، حتى أنه عندما أنذرهم بحكم الله فيما بعد "كان كمازح في أعين أصهاره" (تك 19: 40). وهجموا على بيته حين دخل عنده الملاكان... وانتهى الأمر بهلاك المدينة وفقد كل ما كان له.

وكان الأجدر أن ينتبه من البداية، ولا يترك أبرام.

كان عليه أن يحارب في قلبه الخطوة الأولى، وهي محبة الأرض المعشبة، محبة الغِنَى والاتساع. إذن ما كان يحدث له شيء من كل هذا الذي حدث.

لنتأمل إذن خطية داود. ونرى خطوتها الأولى.

لقد زنى داود، وقاده الزنى إلى القتل، ليغطي خطيئته. كما قاده الأمر إلى أسلوب من الكذب والالتواء لخداع أوريا الحثي (2صم 11: 8 - 13). فهل كان الزنى هو الخطوة الأولى؟ كلا. سبقها إنه رأى المرأة تستحم فاشتهاها. ومع ذلك لم تكن هذه هي الخطوة الأولى، إذ سبقها أن داود قام عن سريره، وتمشي على سطح بيت الملك، وتطلع على بيوت الناس وأسرار حياتهم الشخصية. ولكن سبقت هذه خطوة أخرى أساسية:

كانت الخطوة الأولى في سقطة داود، حياة الترف.

St-Takla.org Image: ‘You’ve been making fun of me and telling lies! Now tell me how you can be tied up securely,’ Delilah demanded.Samson replied, ‘If you were to weave the seven braids of my hair into the fabric on your loom and tighten it with the loom shuttle, I would become as weak as anyone else.’ (Judges 16: 13) - "The secret of Samson's strength is revealed" images set (Judges 16: 4-31): image (8) - Judges, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فقالت دليلة لشمشون: «حتى الآن ختلتني وكلمتني بالكذب، فأخبرني بماذا توثق؟». فقال لها: «إذا ضفرت سبع خصل رأسي مع السدى»" (القضاة 16: 13) - مجموعة "كشف سر قوة شمشون" (القضاة 16: 4-31) - صورة (8) - صور سفر القضاة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: ‘You’ve been making fun of me and telling lies! Now tell me how you can be tied up securely,’ Delilah demanded.Samson replied, ‘If you were to weave the seven braids of my hair into the fabric on your loom and tighten it with the loom shuttle, I would become as weak as anyone else.’ (Judges 16: 13) - "The secret of Samson's strength is revealed" images set (Judges 16: 4-31): image (8) - Judges, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فقالت دليلة لشمشون: «حتى الآن ختلتني وكلمتني بالكذب، فأخبرني بماذا توثق؟». فقال لها: «إذا ضفرت سبع خصل رأسي مع السدى»" (القضاة 16: 13) - مجموعة "كشف سر قوة شمشون" (القضاة 16: 4-31) - صورة (8) - صور سفر القضاة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

هذا الترف الذي يجعله يبيت في قصره، بينما الشعب منشغلا في الحرب في الصحراء، وهو لا يشاركهم حتى بشعوره. لقد كان أوريا أكثر نبلًا منه في هذه النقطة، إذا لما دعاه داود أن يذهب إلى بيته ويستريح، أجاب أوريا"... عبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء، وأنا آتي إلى بيتي، لآكل واشرب واضطجع مع امرأتي؟! وحياتك نفسك لا أفعل هذا الأمر" (2صم 11: 11).

قديمًا لم يكن داود هكذا. لقد تغيرت حياته.

كان مطاردًا من شاول، هاربًا من برية إلى أخرى. يسكن في المغارات، يحارب بنفسه، ويبيت على الأرض. ولم يخطئ وقتذاك. أما الآن فإنه في ترف، يسكن القصور، وله خدام وحشم وعبيد. ويرسل الجيش ليحارب، بينما هو في بيته على سريره، يقوم منه ليتمشي على السطوح، وينظر الناس وليست له مشاعر المشاركة مع جيشه المحارب...

وقادهُ الترف إلى الشهوة، ثم إلى الخطية ومحاولة تغطيتها.

وسقط في خطايا كثيرة، جعلته فيما بعد يبلل فراشه في كل بدموعه (مز 6). ولما أراد الله أن يعالجه من هذه الخطوة الأولى، سمح أن يقوم ضده أبشالوم ويخرج داود من قصره حافيا، (2صم 15: 3)، ويشتمه شمعي بن جيرا في الطريق، وبرده الرب إلى طقسه الأول...

فلنتأمل إذن كيف أمكن يبخر سليمان للأوثان.

سليمان أحكم أهل الأرض في جيله، الذي ظهر له الله مرتين وكلمه (1مل 11: 9). ومنحه الحكمة والجلالة وسعة الصدر، وكيف أمكن أن يسقط في هذه الجهالة العجيبة؟ إنها لم تأت فجأة ولا شك، إنما سلكت في تطورات.

وكانت الخطوة الأولى أن تزوج نساء غريبات (1مل 9: 16، 24).

وتطور الأمر إلى أن قال الكتاب "وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون: موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحيثيات" (1مل 11: 1). وكان هذا ضد وصية الله التي تمنع الزواج بالأجنبيات...

وتطور الأمر إلى أنه بَنَى مرتفعات على الجبال لآلهة هؤلاء النسوة الغريبات، كي يوقدون ويذبحن لآلهتهن" (1مل 11: 7، 8). وانتهى أمر سليمان في تطور الخطية معه بمأساة، إذ يقول الكتاب "وكان في زمان شيخوخته أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى... فذهب وراء عشتاروت إلهة الصيدونيين، وملكوم رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الرب" (1مل 11: 4 - 7).

كل ذلك تطور من الخطوة الأولى، الزواج بأجنبيات.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/50-Hayat-El-Touba-Wal-Nakawa/Life-of-Repentance-and-Purity-077-Development.html

تقصير الرابط:
tak.la/kj427gk