St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   38-Al-Rogoo3-Ila-Allah
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

1- الخطية انفصال عن الله

 

ما هي الحياة الروحية؟ أليست هي الالتصاق بالله، كما يقول المرتل في المزمور:

"أما أنا فخير لي الالتصاق بالرب" (مز 73: 28).

بل هي أكثر من هذا الالتصاق أيضًا. إنها الثبات في الرب، حسبما قال لنا "اثبتوا في وأنا فيكم" (يو 15: 4).

إنها حياة إنسان ثابت في الرب، يتمتع بعشرته، ويتمتع بمحبته. يحتفظ بالله في قلبه، ويعيش هو في قلب الله.

فهل الخاطئ إنسان ثابت في الله، وثابت في محبته؟

كلا، فالخاطئ له طريق آخر، غير طريق الله.

إنه قد انفصل عن الله في التصرف، وفي الأسلوب، وفي المشيئة. فأصبحت له مشيئة غير مشيئة الله. وصار يريد ما لا يريده الله. إنه إنسان يتحدَّى الله بلا خوف، ويكسر وصاياه. وفي كسره لوصايا الله، يكون قد انفصل عن محبته أيضًا. لأن الرب يقول: "إن كنتم تحبونني، فاحفظوا وصاياي" (يو 15: 15) "الذي عنده وصاياي ويحفظها، فهو الذي يحبني" (يو 15: 21).

St-Takla.org Image: Repent and Pray, by Sister Sawsan صورة في موقع الأنبا تكلا: توبة و صلاة، رسم تاسوني سوسن

St-Takla.org Image: Praying in repentance, Repent and Pray: A Coptic woman/girl praying and crying, with her hands up, along with a candle, by Sister Sawsan.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الصلاة بانسحاق، توبة و صلاة: امرأة/فتاة قبطية تصلي وتبكي، ويداها مرفوعتان، وخلفها شمعة، رسم تاسوني سوسن.

الخطية إذن هي انفصال عن محبة الله، وعن وصاياه.

هي حياة إنسان قد أعلن استقلاله عن الله وعن ملكوته، وصار يسلك حسب هواه، دون أن يضع الله أمامه.

إنه إنسان قد انفصل عن الله، وتمسك بأن تكون له شخصية قائمة بذاتها، بعيدة عن توجيه الله وقيادته، تفعل ما يحلو لها.. كما حدث حينما طلب بنو إسرائيل لهم ملكًا يحكمهم بدلًا من حكم الله لهم، فقال الله لصموئيل النبي:

"هم لم يرفضوك أنت، إنما إياي قد رفضوا" (1 صم 8: 7). "رفضوا أن أملك عليهم".. رفضوا حياة التسليم التي يحياها أولاد الله، في طاعة وخضوع لمشيئته.. والملك الذي صار لهم، شاول، سلك هو أيضًا حسب هواه، مستقلًا عن الله، لا يريد أن الله يدبر له أموره، أو يدير له أموره، بل كان يدير كل شيء بفكره الخاص، دون أن يسأل عن مشيئة الله أين هي!

فالخطاة ينفصلون عن إرادة الله، وينفصلون أيضًا عن إرادة الله.. وقد عبر الله عن هذا الانفصال بقوله: "رفضوني" و"تركوني".

فقال "تركوني أنا ينبوع الحياة الحية، وحفروا لأنفسهم آبارًا، آبارًا مشققة لا تضبط ماء" (أر 2:13). وقال أيضًا "رفضوني أنا الحبيب مثل الميت المرذول" (مز 37: 21).

نعم، إن الخطية هي انفصال عن الله، ترك له، ورفض له. الخاطئ لا يشعر بحب نحو الله، ولا بدالة معه.

إنه انفصل عن الله، ليس فقط في سلوكه وفي تصرفه، وإنما أيضًا في قلبه وفي حبه ومشاعره.

أصبح القلب يحب أشياء أخري، قد حلت محل الله فيه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ولم يعد الله في اهتمامه، بل صار يهتم بأمور أخري غير الله، هي التي تشغل الآن فكره، وتشغل وقته، وتشغل قلبه..!

ففي حالة الخطية، ينفصل القلب عن الله، علي قدر ما يحب العالم الحاضر. فإن صارت محبته للعالم كاملة، يكون انفصاله عن الله كاملًا، لأن "محبة العالم عداوة لله" (يع 4: 4)، "إن أحب أحد العالم، فليست فيه محبة الآب" (يو 2: 15).

لا يمكن إطلاقًا أن يجمع أحد بين ضدين: محبة الله، ومحبة الخطية. وعليه أن يختار: إما هذه، وإما تلك..

إن عشت مع الله، لا بد أن تنفصل عن الخطية،

وإن عشت في الخطية، تكون بالضرورة منفصلًا عن الله.

تنفصل عنه، وعن ملكوته، وعن مشيئته، وعن وصاياه، وعن محبته، وعن عمله، وعن الشركة معه.. وكما قال الرسول: "الله نور، ليست فيه ظلمة البتة. إن قلنا إن لنا شركة معه، وسلكنا في الظلمة، نكذب ولسنا نعمل الحق" (1 يو 1: 5، 6).

الله نور، والخطية ظلمة. وقد قال الكتاب:

"أية شركة للنور مع الظلمة؟!" (2 كو 6: 14).

الذي يعيش في الظلمة، يكون بلا شك قد انفصل عن النور، أي عن الله. والناس الذين انفصلوا عن السيد المسيح ورفضوه، قيل عنهم إنهم "أحبوا الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة" (يو 3: 19).

إذن فأنت بالخطية ترفض الشركة مع الله. وأية شركة؟

الحياة الروحية هي شركة مع الروح القدس، كما نسمع في البركة في آخر كل اجتماع (2 كو 13: 14). وبهذه الشركة نصير "شركاء الطبيعة الإلهية" (2 بط 1: 4)، لا نصير شركاء في شركاء في الجوهر أو في اللاهوت، حاشا.. إنما نصير شركاء في العمل. روح الله يشترك معنا في العمل، يعمل فينا، ويعمل معنا، ويعمل بنا.. فهل أثناء الخطية، يكون روح الله مشتركًا معك؟!

أم أنت تكون قد فضضت هذه الشركة، وانفصلت عن عمل الروح، وقلت للرب: لك طرقك، ولي طريق..؟!

وأصبحت بهذا الانفصال عن روح الله، تخالف التحذير الذي قال فيه الرسول "لا تطفئوا الروح" (1 تس 5: 19) "لا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم" (أف 4: 30).

إن الخاطئ لا ينفصل عن شركة الروح فقط، بل أنه بالأكثر يقاوم الروح، كما في التوبيخ الصادر من القديس إسطفانوس (أع 7: 51).

الخطية هي انفصال عن الروح القدس، وعن الابن أيضًا..

الابن الذي هو "حكمة الله" (1 كو 1: 23). لا بد أن تكون منفصلة عنه النفوس التي لقبت بالجاهلات، كما في مثل العذارى الجاهلات (مت 25: 2). فالتصرفات التي تصدر عن الخطاة، هي تصرفات جاهلة، منفصلة عن الحكمة الإلهية، نقول عنها للرب في القداس "جهالات شعبك". وهكذا قيل في سفر الجامعة إن "الجاهل يسلك في الظلام" (جا 2: 14).

الخطية هي انفصال عن المسيح إذن، أقنوم الحكمة.

المسيح الذي قال لنا "أنتم في، وأنا فيكم" (يو 14: 20).. كيف يمكن أن يكون فينا أثناء ارتكابنا للخطية؟! كيف يمكن أن نكون فيه، ونحن في الخطية في نفس الوقت. واضح أنه إن كانت الخطية فينا، نكون وقتذاك في حالة انفصال عن المسيح.

وكيف نكون أثناء الخطية هيكلًا للروح القدس؟!

كيف يكون روح الله القدوس ساكنًا فينًا (1 كو 3: 16). ونحن نرتكب الخطية، بينما هيكل الله مقدس هو (1 كو 3: 17).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/38-Al-Rogoo3-Ila-Allah/Return-to-God-01-Sin.html

تقصير الرابط:
tak.la/5tf4ryk