St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   27-Al-Khedma-Wal-Khadem-2
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -2 لقداسة البابا شنودة الثالث

6- قوة الخدمة

 

إن قوة الخدمة تكمن في عمق تأثيرها، وليس في كثرة المخدومين.

ليس المهم عدد السامعين، بل عدد التائبين منهم.

نعم، قوة الخدمة ليست في عدد التلاميذ، إنما في عمق الإيمان الذي فيهم.. إن العظة قد يسمعها عدد كبير من الناس. ولكننا لا ندري كم هم الذين تأثروا بها، وكم هم الذين حولوا هذا التأثير إلى حياة. وتحسب قوة العظة بمقدار الذين حولتهم إلى الحياة مع الله. واجتماع الخدام لا تحسب قوته بعدد المحاضرات أو الخدام الحاضرين.

إنما قوة اجتماع الخدام هي في عدد ما ينتجه من المكرسين.

والكنيسة التي لا تقدم مكرسين للخدمة، أو للكهنوت أو للرهبنة، بلا شك خدمتها ضعيفة. لأن الخدمة القوية هي خدمة ولود.. وهناك ملاحظة، وهي أن الخدمة قد لا تأتي بنتيجة سريعة‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

ولكنها لابد أن تأتي بنتيجة، ولو بعد حين..

St-Takla.org Image: Saint Hieromartyr Dionysius the Areopagite the Bishop of Athens. صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس ديونسيوس الأريوباغي أسقف أثينا.

St-Takla.org Image: Saint Hieromartyr Dionysius the Areopagite the Bishop of Athens.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس ديونسيوس الأريوباغي أسقف أثينا.

القديس بولس الرسول بكل عظمته الروحية، وبكل قوته في الخدمة: لما تكلم في أثينا عاصمة اليونان استهزأوا به، وتهكموا عليه قائلين "ماذا يريد هذا المهزار أن يقول؟!" (أع 17: 18).. ولم يخرج بنتيجة إلا بشخص واحد هو ديونسيوس الأريوباغي الذي صار أسقفًا لأثينا فيما بعد.. ولكن ما لبثت أثينا أن صارت كلها مسيحية بعد حين. السيد المسيح كانت له خدمة عامة وسط الجموع والآلاف. وكانت له أيضًا خدمة وسط سبعين رسولًا.

ولكن كانت هناك خدمة مركزة وسط الاثني عشر. وهذه ظهرت قوتها العظيمة في نشر الإيمان.

هؤلاء الذين لا قول لهم ولا كلام، إلى أقصى المسكونة بلغت أقوالهم (مز 19). وعلى أيديهم كان ملكوت الله قد أتى بقوة.. ومعهم أيضًا كانت القوة التي عمل بها القديس بولس بحسب النعمة الممنوحة له. هذا الذي قال "قد تعبت أكثر من جميعهم. ولكن ليس أنا، بل نعمة الله العاملة معي" (1 كو 15: 10). أتذكر إنني حينما كنت طالبًا في الكلية الإكليريكية، وكانت دفعتنا خمسة طلبة، أن وقف أحد الأساتذة في حفل التخرج وقال:

نحن لا ندرس خمسة طلبة في الكلية، وإنما خمس مدن.

كان يعتبر كل طالب منا مدينة، أي أنه بعد التخرج سيتكرس خادمًا للرب يتولى رعاية إحدى المدن. وللأسف لم يتكرس من دفعتنا سوى طالب واحد.. نعود إلى خدمة الآباء الرسل فنقول إن خدمتهم لم تكن تقاس بعدد الذين يسمعونهم، وإنما يقول الكتاب في ذلك:

"وكان الرب في كل يوم يضم للكنيسة الذين يخلصون" (أع 2: 47).

نعم، الذين يخلصون، وليس كل الذين يسمعون.. هنا قوة الكلمة التي تفتح الطريق إلى الخلاص.. وهكذا عندما توليت مسئوليتي الحاضرة، بدأت بتقسيم الإيبارشيات لكي يكون كل أسقف مسئولً عن منطقة محددة يستطيع فيها أن يخدم منطقة مركزة، تكون خدمته فيها قوية ومثمرة.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وقد كان.. في القديم كان المطارنة مسئولين عن إيبارشيات واسعة جدًا، لا يقوي المطران على رعايتها كلها. أما الآن فكل أسقف يستطيع أن يزور كل مدينة وكل قرية في إيبارشيته، ويرعَى الجميع..

ونفس الوضع نقوله بالنسبة إلى كل كاهن في كنيسته..

لم يكن صالحًا أن يكون أب كاهن وحده في كنيسته، يقوم برعاية عدة ألاف، يبلغون في بضع الكنائس خمسة عشر ألفًا أو أكثر. فكان لا بُد من سيامة كهنة جدد في الكنائس تتوزع عليهم الخدمة، فيقومون بها بجدية، يهتمون بكل فرد ويقودونه إلى حياة التوبة والنقاوة.

فليست قوة الخدمة في عدد التابعين لك، وإنما في عدد الذين توصلهم إلى معرفة الله ومحبته

بعض الطوائف قد يكثر عدد الحاضرين في اجتماعاتها، بسبب المعونات المادية التي تقدم لهم، بينما لا يكون الإيمان ثابتًا في قلوبهم، فإن توقفت المعونات، توقف الحضور إلى الكنيسة ‍‍‍!! فهل ندعو هذه خدمة؟!.

وهناك كنائس تهتم بالأنشطة وليس بالروحيات!!

فتجد في الكنيسة المشغل والمعرض لعمل السيدات، وتجد النادي للشباب، وبيتًا للمغتربين. وكذلك تجد بيتًا للمسنين، مع عدد آخر من المشروعات، دون الاهتمام بالحياة الروحية. ولكن حسنًا قال الرب "وكان ينبغي أن تفعلوا هذه ولا تتركوا تلك" (مت 23: 23).

أما الخدمة الروحية، فهي الخدمة القوية في تأثيرها.

St-Takla.org Image: Sunday School at one of Coptic Orthodox Churches in Maghagha village, Egypt - Photograph by Jayson Casper صورة في موقع الأنبا تكلا: خدمة مدارس الأحد في كنيسة في أحد القرى في مغاغة، مصر، تصوير جيسون كاسبر

St-Takla.org Image: Sunday School at one of Coptic Orthodox Churches in Maghagha village، Egypt - Photograph by Jayson Casper

صورة في موقع الأنبا تكلا: خدمة مدارس الأحد في كنيسة في أحد القرى في مغاغة، مصر، تصوير جيسون كاسبر

بطرس الرسول بعظة واحدة في يوم الخمسين، قد جذب إلى الإيمان ثلاثة آلاف نفس (أع 2). وهذه القوة التي تميزت بها العظة، كان سببها أن قائلها كان ممتلئًا بالروح القدس.

لم يقل الكتاب أن الناس تابوا نتيجة لعظته، وإنما نخسوا في قلوبهم وقبلوا الإيمان، واعتمدوا. بينما وعاظ كثيرين يلقون آلاف العظات، ولا يدخل في الإيمان شخص واحد..

بولس الرسول -وهو أسير- حينما كان يتكلم عن البر والدينونة والتعفف، ارتعب فيلكس الوالي (أع 24: 25).

السيد المسيح قال كلمة واحدة، جعلت سامعها يترك كل شيء ويتبعه.

كان متى جالسًا في مكان الجباية، فقال له السيد "اتبعني". فترك مكان الجباية وتبعه. ولم يقل له محاضرة في التكريس، وإنما كلمة واحدة، ولكنها قوية في تأثيرها وفي روحها جعلته يترك كل شيء ويتبعه.. وهكذا حينما قال لسمعان بطرس وأندراوس أخيه "هلما ورائي، فأجعلكما صيادي الناس".

المهم هو عمق الكلمة، وقوة تأثيرها.

وليس عدد العظات أو عدد المؤلفات، أو كثرة الأنشطة أو كثرة المؤسسات.. هذه هي الخدمة التي نريدها: أشخاص لهم قوة الروح، يكرزون كرازة لها قوة التأثير، وكلمتهم لا ترجع إليهم فارغة، بل تأتي بثمر، وثمر كثير..


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/27-Al-Khedma-Wal-Khadem-2/Spiritual-Ministry-and-Minister-II-06-Power.html

تقصير الرابط:
tak.la/n22nncw