St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   20-Makalat  >   2-Ahram
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد الموافق 2 أكتوبر 2011

ما هو الحق؟ وأنواعه؟ وماذا ضده؟

 

الحق هو اسم من أسماء الله تبارك وتعالي‏,‏ سواء في الإسلام أو في المسيحية‏,‏ لذلك فموضوع الحق موضوع خطير‏,‏ ينبغي أن نعطيه حقه من الاهتمام‏.

وكلمة الحق تعني أيضا الصدق, وضدها الكذب, فكل من يكذب بشتى ألوان الكذب هو ضد الحق, ونلاحظ أن الشاهد في المحكمة يقسم أن يقول الحق, كل الحق, ولا شيء غير الحق, وعبارة كل الحق تعني أيضًا أن أنصاف الحقائق قد لا تكون حقًا, لأنها تخفي جزءًا من الحق قد يطمس الحقيقة أحيانًا.

وكلمة الحق قد تعني أيضا العدل, وعبارة يجب أن تحكموا بالحق معناها أن تحكموا بالعدل, كما أن عبارة شخص حقاني تعني شخصا عادلا, يعطي كل ذي حق حقه, لا ينحاز إلى أحد, بل إذا اختصم إليه اثنان, يحكم بينهما بالمساواة, لا يحابي أحدهما, في حين يظلم الآخر, كما أن الإنسان الحقاني, لا يشهد علي أحد بالزور, ولا ينسب إلى أحد تهما باطلة.

وإن تكلمنا عن الحق, ينبغي أن يشمل كلامنا عدة أمور وهي: الحق في ذاته, وحق الغير عليك, وحقوق الله أيضا عليك, وكذلك حق ذاتك عليك, بل أيضا حقوق الإنسان بصفة عامة.

St-Takla.org Image: The right, word in Arabic صورة في موقع الأنبا تكلا: كلمة الحق

St-Takla.org Image: The right, word in Arabic

صورة في موقع الأنبا تكلا: كلمة الحق

فمن حقوق الله عليك: الإيمان به, والطاعة لكل وصاياه وأوامره, وعبادته والخشوع أمامه, حيث تنحني أمامه وتركع وتسجد, كذلك عليك أن تفعل الخير باستمرار, وتنفذ مشيئة الله, ولا تخطيء.

ومن حقوق الله عليك, أنك إن نذرت نذرًا أن توفي به, لأنك خير لك أن لا تنذر, من أن تنذر ولا تفي, والنذر هو عهد بينك وبين الله, لا يجوز أن ترجع عنه وهناك فروض أخري في الدين يجب مراعاتها.

أما عن حق ذاتك عليك, فهي أن تحفظ ذاتك سليمة في الدنيا والآخرة: لا تضر جسدك بتنجيسه, ولا تضر صحتك بالتدخين والمسكرات, كما عليك أن تحفظ قلبك نقيًا بعيدًا عن الخطايا التي مصيرها أن تهلكك في جهنم, لذلك عليك أن تضبط نفسك باستمرار, وتحيا حياة التوبة والفضيلة, بل تكون أيضا قدوة لغيرك.

أما من جهة حقوق غيرك عليك, فهي من الناحية الايجابية أن تساعده وتعينه علي قدر ما تستطيع, وتحاول باستمرار في معاملتك له أن تعطي أكثر مما تأخذ.. أما من الناحية السلبية: فمن حق غيرك عليك أنك لا تظلمه, فلا تمنع عنه حقه, ولا تنقصه حقه, ولا تهينه, ولا تسيء إليه والي سمعته, ولا تعتدي عليه, ولا تأمره بما لا طاقة له به, ولا تهمشه إن كان تحت سلطانك, ولا تضطهده, ولا تذله.. وغير ذلك كثير.

كل ما سبق فقلناه, هو من جهة الأفراد, لكن هناك حقوقا اجتماعية ينبغي أن نتعرض لها, فكما أن هناك ظلما قد يتعرض له الفرد, كذلك قد يوجد ظلم اجتماعي, وظلم سياسي، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.

فمن الظلم الاجتماعي مثلًا: وجود أطفال الشوارع الذين بلا مأوي, ويوجد مثل هؤلاء في أمريكا يسمونهم Homeless, والدولة ملزمة أن توجد لهم مأوي, وأن تدفع لهم مبلغًا ماليًا بسيطًا كل شهر يكفي للتغذية, ذلك لأن لهم حقا علي الدولة أن تعتني بهم.

نفس الكلام نقوله عن البطالة: كحالة الشاب الذي يبذل جهده للدراسة في الجامعة, حتى إذا ما نجح وتخرج, يجد نفسه عاطلا بلا عمل!! أليس من حقه أن يعيش, وأن يعمل, وأن يكون له إيراد, يمكنه به أن يكون له بيت, ويتزوج, وينفق علي عائلة؟!

أقول -وأنا متألم- إنه في إحدى المرات, أرسلت إلى أرملة تقول: إن لها أربعة أبناء, ومعاشها من زوجها المتوفى عبارة عن 130 جنيهًا, وعليها إيجار شقة, ومصروفات مدارس لأبنائها, ومصروف البيت!! وأمثال هذه الأرملة كثيرات, فما واجب المجتمع حيال الكل؟!

إن الله حينما خلق العالم, أوجد فيه من الخير ما يكفي جميع الناس, ولكن المشكلة هي في سوء التوزيع! فيوجد أشخاص يعيشون في ترف شديد, وآخرون لا يجدون القوت الضروري. فما هي حقوق كل هؤلاء؟ وكيف ينالونها؟! ومع ذلك يتحدث المجتمع عن الاشتراكية وعن المساواة!! كما تحدثوا قبلًا عن مجانية التعليم!!

إن الله حينما أعطانا المال, لم يعطنا إياه فقط لكي ننفقه, إنما بالأكثر لكي نكون وكلاء عليه, نتصرف فيه من جهة احتياجاتنا واحتياجات المجتمع الذي نعيش فيه.. أعطانا المال, ومعه وصية العطاء, والرفق علي الفقير والمسكين وعابري السبيل.

أيضا مرت علي العالم فترة, وجد فيها الرق والعبودية, وشراء الإنسان لأخيه الإنسان, بل بالأكثر ضربه وإساءة معاملته, كما يقول الشاعر:

لا تشتر العبد إلا والعصا معه        إن العبيد لأنجاس مناكيد

بل كان ممكنًا أن يبيع هذا العبد (الذي هو أخوه في البشرية) وأكثر من هذا له أن يقتله! باعتبار هذا الإنسان جزءًا من مقتنياته!!

أخيرًا أتكلم عن الظلم السياسي, ومن أمثلته معاناة السود من نتائج سياسية البيض في الـCommonwealth, وقد قاسي من الأمر غاندي حينما كان محاميًا في جنوب إفريقيا, إذ في إحدى المرات قطع تذكرة درجة أولي في القطار, فاحتجوا علي ذلك, لأنه لا يجوز أن رجلًا أسود يركب درجة أولي, وألقوه من نافذة القطار إلى الرصيف! كذلك ما لاقاه مانديلا من تلك السياسة, ولكن نشكر الله أن ذلك قد انقضي, وخرج مانديلا من السجن ليكون أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا, كما أن أمريكا تحتفل بتحرير السود بعد استعبادهم زمنًا.

أخيرا فإن حقوق الإنسان موضوع طويل. نكتفي الآن بما قد ذكرناه.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/20-Makalat/2-Ahram/CopticPope-Articles-268-Right-3.html

تقصير الرابط:
tak.la/t2x6fyk