St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   20-Makalat  >   2-Ahram
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام يوم الأحد 26 يونيو 2011

طاقات الإنسان‏..‏ استخدامها وتنميتها

 

إن الله في كرمه وجوده قد زود الإنسان بطاقات كثيرة‏,‏ كل منها لها اختصاصاتها وإمكانياتها‏.‏ ونذكر منها‏:‏ العقل والروح والنفس والضمير والإرادة والحواس‏.‏ يضاف إلي كل هذا ما يمنحه الله -تبارك اسمه- لكل إنسان علي حدة من مواهب‏.‏ ويختلف كل إنسان عن غيره في درجة هذه الطاقات كلها‏.‏

صدقوني إننا لم نعرف بعد مقدار عظمة كل هذه الطاقات البشرية العجيبة. من كان يتصور أن العقل مثلا, يمكن أن تصل طاقاته إلى اختراع سفن الفضاء, تصل إلى القمر مباشرة, ويتمشي الإنسان عليه.. أو أن يخترع أقمارًا صناعية تجول حول العالم, وتجمع أخبارا وترسل صورا عن كواكب في السماء!! ومن كان يتصور أن العقل البشري يستطيع أن يتوصل إلى اختراع عقل آلي, واختراع الكمبيوتر, والـMobilePhone, ويستعين بالآلة علي سرعة التفكير, وجمع المعلومات, واسترداد الحقائق!!

وليست طاقات العقل هذه ضد الدين في شيء. فالله هو الذي خلق العقل ومنحه طاقاته, وكل ما يصل العقل إليه, يرجع الفضل فيه أولًا وأخيرًا إلى الله -تبارك اسمه- فهو الذي وضع في العقل كل هذه القدرات حين خلقها. ويمكننا أن نقول أننا لم نصل بعد إلى اكتشاف كل طاقات العقل, الذي يمكنه أن يخترع أمورًا أخرى لا تخطر حاليًا علي فكر إنسان.

والروح في الإنسان لها أيضا طاقات عجيبة مذهلة, وكثير من الناس لا يعرفون كل طاقات الروح, لأنهم لم يكتشفوا تلك الطاقات ولم يستخدموها. ونحن حينما نقرأ عن تداريب الروح التي تجريها جماعات من الهندوس ومن اليوجا, وما وصلوا إليه من نتائج, نري عجبا. إنها ليست معجزات أو قدرات خارقة, ولكنها الطاقة الطبيعية للروح, التي لا نستخدمها نحن, لأننا نهمل ذلك أو لا ندركه.

كذلك طاقات الحواس لم نستخدمها كلها.. وذلك لعدم شعورنا بالاحتياج إليها فعدم استخدامها جعلها طاقات كامنة مختفية. تظهر حينما نفقد حاسة معينة, فنستعيض عنها بتنشيط حواس أخرى بديلة.

St-Takla.org Image: Human brain صورة في موقع الأنبا تكلا: المخ البشري

St-Takla.org Image: Human brain

صورة في موقع الأنبا تكلا: المخ البشري

مثال ذلك إنسان يفقد بصره. ويحاول أن يستعيض عنه بالسمع وباللمس, فتقوي عنده حاسة السمع وحاسة اللمس, وربما حاسة الشم أيضًا. لأنه اخذ يدرب هذه الحواس تدريبا دقيقا, فتكون له أبوابًا للمعرفة عوضا عن النظر. وهنا تظهر الطاقات الجبارة الموجودة في هذه الحواس, والتي كانت كامنة غير ظاهرة في حالة عدم استخدامها.

إن الإنسان الكامل في كل طاقاته, في عقله وروحه وحواسه, لم يوجد بعد. ويحتاج الإنسان إلى حرص واهتمام بحيث لا يفقد قوة طاقاته.

يلزم الإنسان أيضًا أن ينمي قدراته وطاقاته. وأن ينمي أيضًا المواهب التي يمنحها الله له.

لقد منحك الله عقلًا, ووهبك ذكاء خاصا في عقلك, أو وهبك لهذا العقل ذاكرة قوية.

فيلزمك ليس فقط أن تحافظ علي كل هذا, بل أيضًا أن تنمي عقلك وذكاءك وذاكرتك.

إن تمني قدرتك علي التفكير السليم, وعلي الاستنتاج, وعلي حل المشاكل...

فالتمارين الهندسية التي كنا ندرسها في المدارس, لم تكن لمجرد العلم أو بهدف التخصص.

إنما كانت لها فائدة أخرى في تدريب العقل علي التفكير.

خذ مثلا: اثنان يلعبان الشطرنج, وكل منهما صامت يفكر: ما هي الخطوة التي سيلعبها زميله, وكيف يرد عليها؟ وماذا سيكون رد زميله علي رده! وكيف سيتصرف وقتذاك! وكيف يمكنه أن يعرقل خططه! وكيف يضع هو خططا غير مكشوفة تصل به إلى النتيجة المطلوبة, ولو بعد مراحل؟ إنه تدريب علي الذكاء وليس مجرد لعبة للتسلية وقضاء الوقت.

الألغاز أيضًا وحلها, والمسابقات, كلها تداريب للتفكير.

وما أكثر تداريب الذكاء وتنمية التفكير. يمكنك أن تستخدمها لنفسك ولأولادك أيضًا ولتلاميذك, حتى ينشأوا بعقل قوي متدرب علي التفكير. وحتى إذا صادفته مشكلة, يكون عقله مستعدا لمواجهتها بغير اضطراب. وفي الحياة العملية أيضًا توجد تداريب علي الحكمة في التصرف أو تنمية الفكر عن طريق المشورة والانتفاع بخبرات الآخرين.

ضميرك أيضًا يحتاج إلى تنمية حتى يكون ضميرا صالحا في كل أحكامه. ذلك يذكرنا بان هناك ضمائر غير صالحة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فهناك مثلا ضمير واسع يستطيع أن يبرر كل خطأ! وضمير آخر ضيق قد يصل أحيانًا إلى الوسوسة, وتصور الشر حيث لا يوجد شر, أو يبالغ مبالغة شديدة في الحكم علي الأخطاء. كما يوجد ضمير مريض لا يميز بين ما هو خير وما هو شر, وما هو لائق وما هو غير لائق! ويوجد ضمير ضعيف تؤثر عليه العوامل الخارجية.

وأنت محتاج أن تغذي ضميرك بما تسمعه من وعظ وكلام روحي, والتأثر بالقدرة الصالحة. وبهذا ينمو ضميرك في المعرفة, وفي الحكم علي الأمور, وفي قيادة نفسك.

إن معارفك أيضًا تحتاج إلى تنمية: والمعروف أن هناك نموًا طبيعيًا في المعرفة خلال مراحل العمر. هناك نمو في المعرفة عن طريق الثقافة. والمعرفة تغذي عقل الإنسان, وتغذي ضميره, وتدفعه إلى السلوك السليم.. هذا إذا كانت معرفة سليمة.

وبعد, ألست تري معي أن هذا الموضوع يحتاج منا إلى تكملة لكي نلم بجميع عناصره!

فإلي اللقاء إذن في مقالات أخري.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/20-Makalat/2-Ahram/CopticPope-Articles-254-Capabilitiesof-Man-1-Use.html

تقصير الرابط:
tak.la/axyj95k