St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   20-Makalat  >   2-Ahram
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 14-2-2010

التساهل أم الحَزْم في حروب الشياطين

 

كثيرًا ما يسقط الإنسان في الخطية، بسبب تساهله وعدم حزمه في محارباته الروحية. فكيف ذلك؟ المعروف أن الخطية تبدأ بحرب من الخارج، وتريد أن تدخل وتسيطر. وبالتساهل معها تتحوَّل الحرب من الخارج إلى داخل القلب. فكيف يحدث هذا التطور؟ تكون الخطية في الخارج: شيئًا مثيرًا، وتصرف سيء من شخص ما، أو أي شيء يمكن اشتهائه أو اقتناؤه ثم يتساهل الإنسان مع حواسه، مع سمعه أو بصره، فيأتيه الفكر ضعيفًا في البدء، ويمكن طرده بسهوله. ولكن بالتساهل مع الفكر، ينزل إلى القلب، ويتحول إلى شعور. فإن استيقظ الإنسان إلى نفسه يمكنه التخلص من هذا الشعور، مؤقتا أنه يقوده إلى الخطيئة. بهذا الشعور الخاطئ هو خطية في حد ذاته. ولكن بالتساهل مع الشعور يتحول إلى انفعال أو شهوة. وهنا يكون الإنسان قد بدأ يخضع للفكر. وبدأ يدخل في صراع بين شهوته وضميره. والشهوة إن طردت بحزم، يمكن التخلص منها. ولكن بالتساهل تبدأ الشهوة أن تنتشر حتى تشمل فكر الإنسان وقلبه وحواسه.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

** وبالتساهل مع الشهوة، تحاول أن تعبر عن ذاتها عمليًا. فإن تساهل معها يصل إلى الخطية بالفعل والعمل، وتصبح الخطية كاملة. ثم لا تستريح الخطية بهذا، إنما تريد أن تتكرر. فإما أن يتوب الإنسان بعد سقطته، أو أنه يتساهل في عمل الخطية، فتتحول إلى عادة. وبهذا يخضع لسيطرتها ويصبح عبدًا لها. ويرتكب الخطية بغير إرادته أحيانًا ولا يملك السيطرة على نفسه... كمن يقع في الغضب تلقائيًا، ويثور دون أن يتحكم في أعصابه. أو كمن يخطئ في الكلام دون أن يتحكم في ألفاظه...

St-Takla.org Image: Justice صورة في موقع الأنبا تكلا: العدالة

St-Takla.org Image: Justice

صورة في موقع الأنبا تكلا: العدالة

أما الأبرار فهم في منتهى الحزم، لا يتساهلون مع أنفسهم. إنما لهم على أنفسهم رقابة شديدة جدًا: رقابة على كل فكر، على كل شعور، رقابة شديدة على حواسهم، في حزم. ورقابة على كل كلمة تخرج من أفواههم، وعلى كل تصرف. إنها رقابة من الضمير ساهرة في حرص، والنعمة تحفظها.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

** لا تتساهل إذن مع الخطية، اعتمادًا على قوتك. ثقة منك أن الشيطان لا يقدر عليك. فالذي لا يحترص، ولا يبعد عن العثرات، ولا يطلب معونة الله ليلًا ونهارًا، يمكن أن يسقط كما سقط من قبله أقوياء.

إنك تكون في ملء قوتك حينما تبدأ الحرب الروحية من الخارج. وتكون أيضًا في ملء عمل النعمة معك. ولكنك كلما تتساهل مع الخطية، تضعف قوتك، وتقل مقاومتك، ويزداد تأثير الخطية عليك، وتزداد سيطرتها على تفكيرك وشعورك وإرادتك. إذ يكون فكر الخطية قد ثبت أقدامه داخلك. وحينما تحاول أن تخرج من نطاقه ومن مجاله، تجد عقبات وتدخل في صراع. وباستمرار التساهل، تجد قوتك قد فرغت، واستسلمت. كقطعة من الحديد وجدت نفسها في مجال المغناطيس. وتريد أن تخرج منه فلا تعرف. وأحيانًا لا تريد. بل تجد نفسها بكل ما فيها منجذبة إليه!!

كما أن تساهلك مع الخطية -ولو بالفكر- معناه أن مثاليتك بدأت تهتز. بدأت تتنازل عن المستوى العالي، وتسمح بالشيطان بمكان داخلك. إن الشيطان في بدء حروبه معك، يحاول أن يختبرك ويجس نبضك، ليعرف نوعيتك: هل أنت سهل أمامه أم صعب؟ هل ترفض كل ما يعرضه عليك بحزم وبدون نقاش؟ أم تقبل؟ أم تتفاوض؟ أم تتساهل معه وتقابله في منتصف الطريق. لذلك نراك تتساهل مع أفكاره، حينئذ تسقط هيبتك أمامه، ويعاملك على أساس هذه الخبرة. وحينئذ يجرأ الشياطين ويتلاعبون بك. ويُسلِّمك كل واحد منهم إلى الآخر لكي يلهو بك. ككرة قد نزلت إلى الملعب، واللاعبون يمررونها بينهم. احترس إذن لنفسك. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فالذي يتساهل مع الخطية مرة، يتعوَّد التساهل ويتمادى فيه.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

** لا تتساهل مطلقًا مع الخطية مهما بدت أمامك بسيطة. فاعتبارك أنها بسيطة يقودك إلى التساهل. لا تحاول أن تقسم الخطايا إلى صغائر وكبائر. لا تقل هذا شيء بسيط، وهذا أمر تافه لا يزعج الضمير، وهذه ليست خطية؟ وهذا التَّصرُّف لا يعثرني، ولن يترك أثرًا في نفسي. واعلم أن كثيرين قد سقطوا لعدم تدقيقهم فيما يفعلونه. واعلم أيضًا أن الذي لا يحترص من الصغائر، يمكن أن يسقط في الكبائر. وكل خطية هي تمرُّد على الفضيلة، وانفصال عن العشرة مع اللَّه. والخطية عمومًا هي ضعف ودنس.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

** كثيرون مثلًا يعتبرون أن أخطاء اللسان هي أمور بسيطة لا تزعج ضمائرهم. بينما كل كلمة بطَّالة يتكلَّم بها الشخص، سوف يعطي عنها حسابًا أمام اللَّه. وليست الكلمة البطالة هي فقط التي في مستوى الكذب والشتيمة والتجديف. إنما الكلمة البطالة هي كل كلمة ليست للمنفعة، وليست للبنيان. ولا شك أن الإنسان الذي يُدقِّق في كلماته، ولا يتساهل مع أخطاء اللسان، فإنه بالتالي لم يتساهل مع العمل الخاطئ. والتدقيق الذي يتعوَّده يشمل كل حياته وكل تصرفاته. كُن مُدقِّقًا إذن في كل شيء. واعلم أن التساهل مع الشيء الصغير يجعله يكبر. والذي يتساهل في الخطوة الأولى يقع في الثانية ثم في الثالثة وإلى غير حد. واعلم أن التساهل قد يؤدي إلى اللامبالاة، وإلى عدم الخوف من كسر وصايا اللَّه. لأنك في تساهلك لست تتساهل فقط مع حروب الشياطين، أو مع نقاوة قلبك، إنما تتساهل بالأكثر في حقوق اللَّه عليك في وصاياه الإلهية.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

** وإن سقطت في خطية لا تتساهل في معاقبة نفسك عليها، وفي توبيخ ذاتك بل في معاقبة نفسك أيضًا. ولا تحاول أن تدلك ذاتك في سقطاتها وتلتمس لها عذرًا وتخفف عنها! لأن الذي يتساهل في توبيخ نفسه على خطاياه، ما أسهل أن يرجع إليها.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

** وإن تعودت عدم التساهل مع الخطية، سوف تتعوَّد أيضًا التدقيق في القيام بواجباتك الروحية، وفي حرصك باستمرار على خلاص نفسك والاستعداد لأبديتك.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/20-Makalat/2-Ahram/CopticPope-Articles-187-Mildness.html

تقصير الرابط:
tak.la/66sb4gp