St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   20-Makalat  >   2-Ahram
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 15-7-2007

مخافة الله.. لماذا وكيف؟

 

جميع الناس يحتاجون إلى مخافة الله وهى لازمة لهم لتصدهم عن ارتكاب الخطايا والذنوب والآثام: ليس فقط للذين يعيشون في حياة الخطية بكل استباحة واستهتار، ويكسرون وصايا الله بكل جرأة دون أي خوف أو حياء، بل أيضًا يثورون على القيم والمبادئ ويصل بهم الأمر إلى التذمر على الله... وإنما المخافة لازمة كذلك للذين يخطئون اعتمادًا على رحمة الله ومغفرته، ناسين أن الله عادل وأنه قدوس، ضد الخطية بكل صورها.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وعندما خلق الله الإنسان، كان هذا الإنسان لا يعرف الخوف. ولكن الخوف دخل إلى قلبه نتيجة للخطيئة، وأصبح ملازمًا لها: قبل الخطية وأثناءها وبعدها..

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

فالخوف الأول الذي يسبق الخطية، هو خوف السقوط، وهو يدفع صاحبه إلى الحرص والبعد عن كل أسباب الخطية ومصادرها، إذ أنها أوقعت كثيرين ومنهم من كانوا أقوياء. ولكن الشيطان كثير المكر والحيلة والخداع، والتخوف من خداعه نافع جدًا، لأنه يحمى الشخص من السقوط...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Arabic Bible verse: "The fear of the Lord Is the beginning of wisdom" (Sirach 1: 16) - Designed by Michael Ghaly for St-Takla.org. صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "رأس الحكمة مخافة الله" (يشوع بن سيراخ 1: 16) - تصميم مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org Image: Arabic Bible verse: "The fear of the Lord Is the beginning of wisdom" (Sirach 1: 16) - Designed by Michael Ghaly for St-Takla.org.

صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "رأس الحكمة مخافة الله" (يشوع بن سيراخ 1: 16) - تصميم مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

فإن أخطأ، يقع في خوف آخر، هو خوف الانكشاف. إذ يخاف أن يعرف الناس خطيئته وينكشف، ويقع في الفضيحة والعار، ويتعرض لألسنة الناس التي لا ترحم، وتصبح سمعته مضمضة في أفواههم..! لذلك يقول علماء النفس أن المجرم كثيرًا ما يحوم حول مكان جريمته، خائفًا من أن يكون قد ترك هناك أثرًا يدل عليه... وهذا العامل النفساني يستغله المحققون. فإن أشاروا إلى شيء من آثار الجريمة، قد يضطرب المجرم أو ينهار...

والخطاة يخافون من اليوم الأخير الذي تنكشف فيه الأعمال وتُفحص الأفكار والنيات... فأين يهربون في ذلك اليوم وأين يختفون..؟! وإن كانت خطاياهم لا تنكشف على الأرض بأسباب وحيل شتى، فلابد أنها ستنكشف أمام الديان العادل وأمام الكل في يوم الحساب...

بل ان هناك أمرًا آخر يخاف منه الإنسان الروحي، وهو أن خطاياه قد تكون مكشوفة أمام أرواح الذين انتقلوا من هذا العالم، سواء أمام أحبائه الذين كانوا يثقون به فيندهشون! أو أمام الذين كانوا ينتقدونه فيرون أنهم كانوا على حق..!

ولعل إنسانًا يسأل: وماذا تراني أفعل إذن؟ والجواب هو أن التوبة تمحو خطاياك، وكأنك لم تفعلها. ولا تعود لك خطايا تخاف أن تنكشف، بعد أن محاها الله بتوبتك. فإن كنت تخاف الانكشاف في اليوم الأخير، تُب من الآن.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نوع آخر من الخوف يرتبط بالخطيئة هو خوف العقوبة، أو الخوف من نتائج الخطيئة... والخاطئ يخاف من عقوبتين: إحداهما أرضية، والأخرى سماوية. والعقوبة السماوية رهيبة وأبدية...

أما العقوبةٍ الأرضية فهي على أنواع: إما عقوبة من المجتمع: فضيحة واحتقار، أو نبذ هذا الشخص إن كانت خطيئته بشعة، أو عدم الثقة به في المستقبل... أو عقوبة من القانون مثل السجن أو ما هو أشد. أو عقوبة يوقعها الله عليه بطريقة ما، أو لعنة...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وهناك خوف روحي يتابع الخاطئ، أو يخافه الإنسان المحترس من السقوط. إنه يخاف من غضب الله عليه إذا أخطأ، أو أن تتخلى عنه النعمة وتفارقه المعونة الإلهية. ويخاف -إن سقط- أن يأخذ الشيطان سلطانًا عليه، ويفقد حرية إرادته، وإذا بالشر الذي ليس يريده، إياه يفعل! وهكذا يخاف – إن سقط – أن يتوالى سقوطه، ويتحول الأمر معه إلى أسوأ... ويخاف أن يأتيه الموت فجأة، وهو غير مستعد لملاقاة الرب...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قال أحد القديسين "إني أخاف من ثلاثة أمور: أخاف من لحظة مفارقة روحي لجسدي. وأخاف من ساعة الوقوف أمام الديان العادل. كذلك من لحظة صدور الحكم علىّ"... فإن كان القديسون يخافون على الرغم من ارتفاعهم العجيب في حياة الفضيلة، فماذا نقول نحن الضعفاء عن أنفسنا؟!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إن الذي يخاف الله، لا يخطئ. أما الذي يخطئ فإنه شاهد على نفسه أنه لا يخاف الله... والذي يخاف الله، لا يعمل شرًا حتى في الخفاء. لأنه يعرف أن الله يرى كل شيء، ويسمع كل شيء، ويفحص حتى أعماق القلوب...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ولعل البعض يسأل "ما رأيك إذن في من يعمل الشر ولا يخاف؟" والجواب هو أن هذا الشخص قد وصل إلى حالة الاستهتار واللامبالاة. أو أن ضميره مريض أو متعطل عن العمل. أو أن دوامة العالم تجرفه، ولا تعطيه فرصة لمراجعة نفسه ولا للتفكير في أعماله. فهو في غيبوبة روحية: إن استيقظ منها، لابد سيخاف. وبعض من أمثال هؤلاء الناس، نراهم في ساعة الموت، أو إذا اقتربوا من الموت، لابد أن الخوف يرعبهم. لأنهم لم يعملوا لأجل تلك الساعة ولم يستعدوا لها. ويشعرون أنهم قد أضاعوا حياتهم... هؤلاء يقول عنهم المزمور إنهم لم يسبقوا أن يجعلوا الله أمامهم...

فإن كنت تريد إلا تخاف في اليوم الأخير، فلتخف الآن.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ونحن نشكر الله الذي منحنا المخافة التي تمنعنا من الخطية وبالتالي مما يتبعها. مخافة الله توصل الإنسان إلى التوبة والى تنفيذ الوصايا إنها بداية الطريق الروحي، وهى أيضًا سياج للحياة الروحية حتى لا تعثر ولا تنحرف. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فالذي يخاف الله، يطيع الله ويعمل كل ما يوافق مشيئته الإلهية. كما أن المخافة تعلم الإنسان الحرص والتدقيق في كل ما ينوى أن يفعله، وتعلمه ضبط النفس حتى لا يسقط. أما إذا لم توجد مخافة الله في القلب، فما أسهل أن ينطبق عليه المثل القائل "إذا لم تستح، فافعل ما تشاء"!!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ومخافة الله تقود أيضًا إلى الجدية في الحياة الروحية، وأن يكون الإنسان ملتزمًا على الدوام. أي حيث لا تكون هناك مخافة، فبالتالي لا توجد ضوابط، ويتحول الشخص إلى التسيب واللامبالاة... أما الإنسان الملتزم الجاد، فإنه يقول في نفسه "إن الله سوف يحاسبني على أدق الأمور. فلا يجوز أن أتهاون أو أتساهل..." لذلك فهو يحاسب نفسه على كل تصرف، بل أيضًا على كل أفكاره ونياته، وعلى كل صغيرة وكبيرة. ويشعر كما لو أنه واقف أمام جهاز تسجيل، يسجل عليه كل مشاعره وعواطفه... وهذا المسجل سيذاع في اليوم الأخير، أمام الملائكة وكل البشر.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وهكذا فإن المخافة تقود الإنسان إلى النمو الروحي، وما يلزم هذا النمو من الجهاد والتعب، لكي يتقدم في كل يوم عن سابقه، حتى يصل إلى الكمال النسبي المطلوب منه... وكلما رأى أن الطريق طويل أمامه، حينئذ يصل إلى اتضاع القلب، وتقوده المخافة إلى الخشوع، ليس في وقت الصلاة فقط، إنما في كل حين.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ومخافة الله تدعوه إلى مزيد من المعرفة، حتى لا يخطئ أو يقصّر عن جهل. ولهذا فإنه يلجأ إلى الاستفاضة في القراءة الروحية، وأيضًا إلى استشارة المختبرين فيما يحتاج إليه من معرفة أعمق. ويصلى كثيرًا لكي يرشده الله فيما ينبغي أن يفعله...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

والذي يخاف الله، لا يركز فقط على نفسه، بل يهتم كذلك بجميع أحبائه ومعارفه، حتى يقودهم معه إلى مخافة الله، حرصًا على أبديتهم وخلاص أنفسهم، ويبذل في سبيل ذلك ما يستطيعه من جهد...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/20-Makalat/2-Ahram/CopticPope-Articles-050-Fear-of-God.html

تقصير الرابط:
tak.la/hzbr46k